يمنيون يطلقون مبادرة لاستعادة ما نهبه الحوثيون

طالبوا بتعقب استثمارات الجماعة ومقاضاة قادتها أمام المحاكم الدولية

TT

يمنيون يطلقون مبادرة لاستعادة ما نهبه الحوثيون

مع استمرار الجماعة الحوثية المدعومة من إيران في السطو على أموال اليمنيين المناهضين لها وعقاراتهم، أطلق تجار ورجال أعمال وحقوقيون مبادرة مدنية مستقلة هدفها استعادة الأموال والممتلكات التي نهبتها الميليشيات الحوثية طيلة السنوات الماضية من عمر انقلابها على الشرعية.
وأكد بيان تأسيس «مبادرة استعادة» أن «الحقوق والممتلكات المنهوبة من قبل الجماعة المسنودة من طهران لم ولن تسقط بالتقادم»، مشيراً إلى أن المبادرة تأسست نتيجة «لحجم الجور والظلم والبطش المتكرر الذي أقدمت عليه الجماعة من خلال نهب الأموال ومصادرة الممتلكات والحقوق الخاصة واقتحام المنازل ثم تفجيرها من دون وجود أي رادع».
وتحدث رجال مال وحقوقيون وأكاديميون يمنيون إلى «الشرق الأوسط» عن أن المبادرة تهدف بالأساس إلى تعقب الأموال والاستثمارات الحوثية ومقاضاة قادة الجماعة أمام المحاكم الدولية، إلى جانب توعية المجتمع اليمني وتنبيهه من عمليات الاحتيال والفساد الحوثية وكيفية مواجهتها.
وتعد المبادرة، وفقاً لبيان التأسيس: «يمنية طوعية، أنشأت من أجل مساندة ومساعدة المتضررين من جرائم الانقلابيين لاستعادة حقوقهم وأموالهم التي ما زال يتعامل معها المجتمع الدولي والمحلي بصمت ضد جماعة مستمرة في عمليات نهب الزكاة والضرائب والجمارك والموارد العامة للدولة وإجبار المواطنين والسكان المحليين والتجار والموظفين بمناطق سيطرتها على دفع الإتاوات من دون حق، لتضعها أخيراً في حسابات قادتها في الداخل والخارج».
وأوضح عدد من الحقوقيون ورجال الأعمال في صنعاء أنهم يسعون إلى أن تكون المبادرة التي أطلقوها «بمثابة السند والعون والصوت الذي سيصدح في العالم لكشف جرائم وانتهاكات ونهب وسطو الميليشيات الحوثية». وأكدوا أن اهتمامات المبادرة «ستشمل من تعرضوا للسلب والسطو الحوثي المنظم كافة، بمن في ذلك كل من نهبت أمواله وممتلكاته الخاصة، وسرح من عمله ونهب راتبه، وفرضت عليه الجبايات والإتاوات غير القانونية عنوة».
وكشفوا عن أن أنشطة المبادرة ستتضمن «رصد وتوثيق جرائم النهب والسلب وعمليات الفساد الحوثية وتعقبها وتزويد المجتمع اليمني والدولي بتقارير دورية وبيانات موثقة ودقيقة»، إلى جانب «مقاضاة قادة الميليشيات ومشرفيها أمام المحاكم والمحافل الدولية».
ودعت المبادرة كل من تعرضوا إلى نهب حقوقهم وممتلكاتهم وأموالهم من قبل الجماعة إلى تزويدها بالمعلومات والوثائق والملفات والشكاوى الخاصة بهم حتى تتمكن من البدء بالإجراءات اللازمة.
في السياق نفسه، أشاد ناشطون يمنيون على شبكات التواصل الاجتماعي بإطلاق مبادرة استعادة أموال اليمنيين المنهوبة من قبل الميليشيات الحوثية، وعدوها «خطوة بمكانها الصحيح على طريق تشجيع المجتمع المغلوب على أمره القابع بمناطق السيطرة الحوثية، ليكشف عن الوجه القبيح لتلك الجماعة وما تمارسه من جرائم بحقه أمام الرأي العام العربي والعالمي».
وتمنى الناشطون أن ترافق تلك الخطوة حملة شعبية مماثلة على مواقع التواصل الاجتماعي مهمتها تعرية الميليشيات وفضح جرائمها وعمليات النهب والسطو المنظمة التي مارستها طيلة سنوات انقلابها ولا تزال ضد اليمنيين بمختلف فئاتهم وتوجهاتهم من جهة، وكذا بحق ممتلكات ومقدرات الدولة اليمنية ومؤسساتها المختلفة من جهة ثانية.
وعلى مدى الأعوام الستة الماضية من عمر الانقلاب على الشرعية، كشفت العشرات من التقارير المحلية والدولية عن سلسلة طويلة من جرائم العبث والنهب الحوثية المنظمة بحق أموال اليمنيين وممتلكاتهم ومقدرات مؤسساتهم الحكومية.
ومن بين تلك التقارير، على سبيل المثال، ما كشفه التقرير الأممي مطلع العام الحالي، عن حجم الأموال التي نهبها زعيم الانقلابيين عبد الملك الحوثي وعن كيفية تهريبها والجهة التي وصلت إليها تلك المبالغ المنهوبة. وتحدث التقرير عن نهب زعيم الميليشيات مليارات الريالات من جيوب اليمنيين ومدخراتهم وعائدات المؤسسات الحكومية الخاضعة تحت سيطرة ميليشياته، وقيامه باستثمارها في بنوك إيرانية.
وقال تقرير فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن الدولي إن «عبد الملك الحوثي يستثمر المليارات في البنوك الإيرانية، التي تم نقلها على دفعات منذ العام 2015 عبر ميناء الحديدة». وأشار إلى رصد عملية تهريب نشطة للعملة الصعبة عبر الحديدة والسواحل التي يسيطر عليها الحوثيون خلال العامين الماضيين، حيث يتم نقلها إلى سفن إيرانية ترسو في المياه الدولية. ولفت إلى أنه «في وقت تم إيقاف رواتب مئات الآلاف من الموظفين في مناطق الجماعة، وتعيش الغالبية وضعا بائساً، يقوم الحوثيون باستثمار مليارات الدولارات في إيران».
وكانت «وزارة العدل» في حكومة الجماعة الانقلابية أصدرت في وقت سابق قائمة بنحو 1200 اسم من خصومها من قيادات الدولة اليمنية، بهدف استصدار أحكام بمصادرة منازلهم وممتلكاتهم تمهيداً للاستحواذ عليها. وتضم القائمة 1142 شخصاً من القيادات المعارضة للانقلاب على السلطة الشرعية، بينها قيادات في الدولة والجيش وقيادات حزبية وشخصيات اجتماعية وأعضاء برلمان.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.