نواب في الكونغرس يسعون لعرقلة رفع السودان من «لائحة الإرهاب»

TT

نواب في الكونغرس يسعون لعرقلة رفع السودان من «لائحة الإرهاب»

يواجه إعلان الإدارة الأميركية نيتها رفع السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب عراقيل في الكونغرس الأميركي، قد تقيد من تحركات الإدارة في هذا المجال وتصعّب من إيفائها بوعودها التي تعهدت بها في الاتفاق بين البلدين. وفيما أكدت مصادر في الكونغرس لـ«الشرق الأوسط» أن الإدارة لم تبلغ المشرعين رسمياً بعد بقرارها رفع السودان من اللائحة، وهو ما ينص عليه القانون الأميركي، تساءلت المصادر نفسها ما إذا كانت تغريدة الرئيس الأميركي أول من أمس (الاثنين) تُعدّ الإبلاغ الرسمي للكونغرس «في هذا الزمن الاستثنائي» بسبب جائحة كورونا.
وأمام الكونغرس 45 يوماً للنظر في القرار، وفي حال عدم موافقته عليه، فينبغي على مجلسي الكونغرس تمرير مشروع قانون يناقض قرار الرئيس لعرقلته. لكن من غير المرجح حدوث عرقلة نظراً لسيطرة الجمهوريين على الأغلبية في مجلس الشيوخ، ودعم عدد كبير من الديمقراطيين للقرار، فأي قانون ناقض يتطلب أغلبية ثلثي الأصوات في المجلسين لإقراره وليتمكّن من تخطي الفيتو الرئاسي، وهذه أصوات لا يملكها المعارضون لقرار رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
لكن التحدي الكبير الذي تواجهه الإدارة هو قانون آخر جاء ضمن الاتفاق الثنائي بين البلدين، إذ على الكونغرس تمرير قانون يسمح بالإفراج عن التعويضات التي دفعتها السودان لضحايا هجمات السفارتين الأميركيتين في تنزانيا وكينيا في عام 1998 والمدمرة الأميركية «كول» في عام 2000. فهذه الأموال التي تم الإعلان عن تحويلها إلى «حساب معلّق»، بانتظار تمرير الكونغرس للقانون الذي يوفر للسودان الحصانة ضد دعاوى قضائية مرتبطة بهجمات إرهابية أخرى، مثل 11 سبتمبر (أيلول) 2001.
وهنا تكمن المشكلة إذ إن كبير الديمقراطيين في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، بوب منديز، أعرب عن معارضته لأي قانون يتضمن إعفاء السودان من الدعاوى القضائية التي قدمتها عائلات ضحايا 11 سبتمبر في محاكم أميركية. ولا تزال هذه القضايا معلّقة بانتظار صدور قرار فيها. وسيؤدي تمرير قانون من هذا النوع، وهو ضروري لرفع السودان عن اللائحة، إلى إسقاط هذه الدعاوى، وهو ما يعارضه منديز الذي حثّ وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في رسالة حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، على وجوب إدراج تعديلين أساسيين على نص القرار قبل إقراره، وهما أولاً الحرص على عدم إنهاء الدعاوى المقدمة ضد السودان من قبل عائلات ضحايا 11 سبتمبر بما أنه لم يتم التطرق إليها في المفاوضات بين البلدين. ثانياً، معالجة موضوع المعاملة المختلفة للضحايا غير الأميركيين للهجمات الإرهابية في أفريقيا والذين عملوا في السفارتين الأميركيتين عندما وقعت التفجيرات، والسعي لدفع تعويضات أكثر لهم.
وأكدت مصادر مطلعة أن السيناتور الديمقراطي مستعد للتفاوض بشكل منفتح مع الخارجية الأميركية لحسم الملف، خاصة أنه يعلم أهمية رفع السودان عن اللائحة بالنسبة للمصالح الأميركية. ويتسابق المشرعون والإدارة مع الزمن في هذا الملف، فالتعويضات التي حولها السودان والتي تبلغ 335 مليون دولار ستبقى في «الحساب المعلّق» إلى أن يحل المشرعون خلافاتهم ويصوتون على القانون. لكن في حال تأخروا فإن هذه التعويضات لن تبقى في الحساب لأجل غير مسمّى، إذ إن السودان قد يضطر إلى سحبها مجدداً إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بحلول العام المقبل. وقد تعهد السيناتور الديمقراطي كريس كونز بالعمل جاهداً لحل الخلافات، مشدداً على أهمية رفع السودان من اللائحة، قائلاً «على إدارة ترمب والكونغرس مضاعفة الجهود لتمرير قانون السلام القانوني للسودان، وذلك لتسليم التعويضات وتأمين العدالة لضحايا الإرهاب وعائلاتهم».
ويعيد القانون المذكور إحياء حصانة السودان في الولايات المتحدة بحق أي دعاوى قضائية لاعتداءات إرهابية سابقة بمجرد الإفراج عن التعويضات التي تعهدت بها البلاد. وكان السودان قد فقد حصانته بسبب إدراجه على لائحة الدول الداعمة للإرهاب. كما يتضمن الاتفاق بين واشنطن والخرطوم دعوة لتمرير القانون المذكور للحرص على إعفاء السودان من دعاوى قضائية مقدمة ضده في المحاكم الأميركية بصفته دولة راعية للإرهاب.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.