تونس قد تطلب تمويلاً من «النقد الدولي»

تتوقع تونس انكماش اقتصادها 7 % وأن يزيد عجزها المالي إلى أعلى مستوى في أربعة عقود (رويترز)
تتوقع تونس انكماش اقتصادها 7 % وأن يزيد عجزها المالي إلى أعلى مستوى في أربعة عقود (رويترز)
TT

تونس قد تطلب تمويلاً من «النقد الدولي»

تتوقع تونس انكماش اقتصادها 7 % وأن يزيد عجزها المالي إلى أعلى مستوى في أربعة عقود (رويترز)
تتوقع تونس انكماش اقتصادها 7 % وأن يزيد عجزها المالي إلى أعلى مستوى في أربعة عقود (رويترز)

قال مسؤول كبير بصندوق النقد الدولي، إن تونس ستجري مناقشات مع الصندوق في الأسابيع القليلة المقبلة، وقد تطلب مزيداً من التمويل.
واتفقت تونس مع صندوق النقد في أبريل (نيسان) على اقتراض 743 مليون دولار، للمساعدة في مواجهة الضرر الاقتصادي الناجم عن جائحة فيروس كورونا، وذلك بعد أن حل أجل برنامج سابق لقرض طويل المدى من الصندوق أيضاً.
وقال جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى لدى صندوق النقد، في تصريحات لـ«رويترز»، «قد يطلبون تسهيلات تمويل أخرى... لم يفعلوا ذلك حتى الآن». وتتوقع تونس انكماش اقتصادها سبعة في المائة هذا العام، وأن يزيد عجزها المالي إلى 14 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أعلى مستوى خلال نحو أربعة عقود. وتلقى البلد دعماً مالياً من الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي. وحتى قبل الجائحة، كانت تونس تعاني في ظل نمو بطيء وارتفاع البطالة وتراجع في الخدمات العامة منذ ثورة 2011.
وقال رئيس الوزراء التونسي هشام المشيشي، يوم الأحد، إن الحكومة ستضخ 1.5 مليار دولار في الشركات الحكومية، في إطار محاولة لإصلاح القطاع المتعثر، وستقدم دفعة جديدة من زيادات الأجور لموظفي الدولة.
وتتعرض البلاد أيضاً لضغوط من مقرضين دوليين لإصلاح الشركات العامة، وتجميد أجور القطاع العام - التي زادت إلى أكثر من 17 مليار دينار في 2020، من 7.6 مليار في 2010 - وذلك في إطار إجراءات لتقليل عجز الموازنة. وتواجه معظم شركات القطاع العام صعوبات مالية، وبعضها مهدد بالإفلاس نتيجة نقص الموارد المالية.
وقال رئيس الوزراء، في مقابلة مع التلفزيون الرسمي، إن الحكومة خصصت أربعة مليارات دينار للشركات العامة ضمن خطوات أولى لإصلاحها ومنحها «جرعة أكسجين».
وشركة الخطوط التونسية للطيران واحدة من أبرز الشركات التي تواجه مصاعب مالية. وقد تضاعفت هذه المصاعب بسبب وباء فيروس كورونا. وكانت الشركة طلبت من الحكومة هذا العام دعماً مالياً لمواجهة هذه المصاعب.
وقال المشيشي، إنه قرر أيضاً تقديم الدفعة الثالثة من زيادات الأجور لموظفي القطاع العام احتراماً لالتزام الحكومة أمام الاتحاد العام التونسي للشغل. وقال مسؤول بالحكومة لـ«رويترز»، يوم الجمعة، إن احتياجات البلاد من الاقتراض في العام المقبل تُقدر بنحو 19.5 مليار دينار (7.08 مليار دولار)، من بينها 6 مليارات دولار قروض أجنبية للمرة الأولى.
وفي غضون ذلك، كشفت وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي في تونس (حكومية) عن تراجع الاستثمارات الأجنبية في البلاد بنسبة 26.4 في المائة، خلال التسعة أشهر الأولى من السنة الحالية، وقدر حجم تلك الاستثمارات المتدفقة على الاقتصاد التونسي بنحو 1.506 مليار دينار مقابل 2.048 مليار دينار خلال الفترة ذاتها من السنة الماضية.
وقدرت تلك الاستثمارات من النقد الأجنبي بما لا يقل عن 531.3 مليون دولار و473 مليون يورو، وكان معظم التراجع المسجل على مستوى الاستثمار في البورصة التونسية، حيث كان بنسبة 68.1 في المائة، ولم يتجاوز حدود 47.7 مليون دينار، مقابل 149.8 مليون دينار مع نهاية التسعة أشهر الأولى من 2019.
وأكدت جنات بن عبد الله الخبيرة الاقتصادية التونسية، أن مثل هذا التراجع منتظرٌ في ظل الصعوبات التي يعرفها مناخ الاستثمار عامة في تونس، وتوقعت أن تستعيد الوجهة التونسية جاذبيتها بمجرد انقشاع الوباء، وعودة محركات الاقتصاد الأساسية للنشاط، على حد تعبيرها.
وحتى نهاية شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، تتصدر فرنسا قائمة الدول الأكثر استثماراً في تونس بحوالي 360 مليون دينار، ثم إيطاليا في المرتبة الثانية بـ110.7 مليون دينار، ولكسمبورغ الثالثة بـ107.2 مليون دينار، وألمانيا في المركز الرابع بنحو 68 مليون دينار، وبذلك تكون هذه الدول الأوروبية الأربع قد استحوذت على نسبة 43 في المائة من الاستثمارات الأجنبية المتدفقة على تونس.
وأكدت وكالة النهوض بالاستثمار الأجنبي أن كل القطاعات والأنشطة الاقتصادية قد عرفت تراجعاً مهماً في استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة متأثرة في هذا المجال بالتراجع اللافت للنشاط الاقتصادي العالمي، بسبب انتشار الجائحة.
وفي هذا السياق، سجلت الاستثمارات في مجال الطاقة تقلصاً بنسبة 23.5 في المائة، لتبلغ مع نهاية الشهر الماضي، ولم تتجاوز حدود 601.7 مليون دينار، ويفسر هذا التراجع في جانب منه بتدهور أسعار النفط في السوق الدولية خلال السنة الحالية، إضافة إلى الاحتجاجات والاعتصامات التي شهدتها أغلب مناطق الإنتاج، تحديداً ولاية (محافظة) تطاوين (جنوب شرقي تونس).
من ناحيته، شهد قطاع الصناعات المعملية، وهو أحد أهم ركائز الاستثمار الأجنبي في تونس، تقلصاً في نسق تدفق هذه الاستثمارات إذ لم يستقطب سوى 778.5 مليون دينار. وشمل التراجع كذلك قطاع الخدمات الذي عرف انخفاضاً بنسبة 47.7 في المائة، كما تراجع الاستثمار في القطاع الفلاحي بنسبة 20.3 في المائة، وبلغت القيمة المالية للاستثمارات في هذا المجال نحو 12.2 مليون دينار. وتتوزع الهيكلة القطاعية للاستثمارات الأجنبية على 53 في المائة لقطاع الصناعات المعملية، و41 في المائة بمجال الطاقة، و4.6 في المائة للخدمات، و0.8 في المائة بالقطاع الفلاحي.



«ترمب» يدفع بالدولار لأكبر قفزة في يوم واحد منذ 2016

دونالد ترمب خلال تجمع في هيندرسون بنيفادا يوم 31 أكتوبر 2024 (رويترز)
دونالد ترمب خلال تجمع في هيندرسون بنيفادا يوم 31 أكتوبر 2024 (رويترز)
TT

«ترمب» يدفع بالدولار لأكبر قفزة في يوم واحد منذ 2016

دونالد ترمب خلال تجمع في هيندرسون بنيفادا يوم 31 أكتوبر 2024 (رويترز)
دونالد ترمب خلال تجمع في هيندرسون بنيفادا يوم 31 أكتوبر 2024 (رويترز)

دفع التأكيد السريع على فوز دونالد ترمب في انتخابات رئاسة الولايات المتحدة بالدولار نحو الصعود الحاد، وضغط على اليورو؛ إذ يراهن المستثمرون على تداعيات سياسات ترمب التجارية، خصوصاً فرض الرسوم الجمركية على الواردات، الذي قد يؤثر سلباً على حركة التجارة العالمية. وفي المقابل، فإن التخفيضات الضريبية التي وعد بها ترمب قد تكون دافعاً لدعم الشركات الأميركية.

وحققت العقود الآجلة للأسهم الأميركية واحدة من كبرى قفزاتها خلال العام، بينما سجل الدولار ارتفاعاً يُعدّ الأكبر له في يوم واحد منذ يونيو (حزيران) 2016. في الوقت ذاته، وصلت عملة «بتكوين» إلى مستويات قياسية، في حين تضررت سندات الخزانة الأميركية وسط مخاوف من أن تؤدي سياسة ترمب إلى ضغوط تضخمية على الاقتصاد، وفق «رويترز».

الرئيس الجمهوري المنتخب دونالد ترمب يخاطب مؤيديه بمركز المؤتمرات في ويست بالم بيتش بفلوريدا (وكالة حماية البيئة)

وقد أثارت وعود ترمب بزيادة الرسوم الجمركية، وخفض الضرائب، وتخفيف اللوائح التنظيمية، حماسة المستثمرين الذين اشتروا أصولاً تبدو الأكثر استفادة من هذه السياسات. في المقابل، تحملت الأسواق، التي قد تتأثر سلباً بالتشديد الجمركي، مثل تلك المرتبطة ببعض الشركاء التجاريين الرئيسيين للولايات المتحدة، ضغوط بيع كبيرة، مما دفع بالعملة المكسيكية (البيزو) إلى أدنى مستوياتها منذ أكثر من عامين، وأبقى اليورو على مشارف أكبر انخفاض له في يوم واحد منذ مارس (آذار) 2020.

في هذا السياق، ساهم فوز الجمهوريين بالسيطرة على مجلس الشيوخ الأميركي في تعزيز الثقة بالأسواق، حيث يضمن ذلك لحزب ترمب السيطرة على مجلس واحد على الأقل من الكونغرس في العام المقبل، وهو ما يعزز فرص «الاكتساح الأحمر» المحتمل. وقال كبير الاقتصاديين في «إنفستك»، فيليب شو، إنه من المبكر للغاية استخلاص استنتاجات حاسمة حول ما قد تعنيه رئاسة ترمب بالنسبة إلى الاقتصاد الأميركي والعالمي والأسواق المالية. ومع ذلك، فقد أشار إلى أن التعريفات الجمركية الأعلى قد تؤدي إلى تضخم أكبر ونمو أقل في التجارة العالمية.

دونالد ترمب على شاشة تلفزيونية بسوق الأوراق المالية في فرنكفورت (أ.ب)

وأشار شو إلى أن أحد المحركات الأساسية للأسواق هو وعد ترمب بخفض الضرائب على الشركات الأميركية التي تصنع السلع داخل الولايات المتحدة، وهو ما ساهم في زيادة العقود الآجلة للأسهم الأميركية. وانتقل التأثير إلى الأسواق الأوروبية أيضاً. وارتفعت الأسهم الأوروبية، مدفوعة بأسهم شركات الدفاع والبنوك، بينما تراجعت أسهم شركات الطاقة المتجددة.

وقد تكون للانتخابات الأميركية آثار بعيدة المدى على سياسة الضرائب والتجارة، فضلاً عن المؤسسات الأميركية، مما سيؤثر بشكل كبير على الأصول العالمية، سواء فيما يتعلق بآفاق الدَين الأميركي، وقوة الدولار، والصناعات التي تشكل عماد الاقتصاد الأميركي. وقال كبير مسؤولي الاستثمار في «فانتيج بوينت» لإدارة الأصول في سنغافورة، نيك فيريس، إن النتيجة تشير إلى مسار أعلى لأسعار الفائدة، مشيراً إلى أنه كان يشتري أسهم البنوك على أمل أن يسهم النمو الأقوى والعوائد المرتفعة في تعزيز أرباحها.

من جهة أخرى، باع المستثمرون سندات الخزانة الأميركية جزئياً، على أمل أن تعود التعريفات الجمركية إلى أسعار المستهلكين، كما أن وعود ترمب بشأن زيادة الإنفاق قد تؤدي إلى تفاقم الضغوط المالية على الحكومة. وأكد نائب رئيس مجلس الإدارة في شركة «مويليس»، إيريك كانتور، خلال مؤتمر في أبوظبي، أن العام المقبل سيكون عاماً حافلاً بالمناقشات حول القضايا المالية في الولايات المتحدة.

على صعيد آخر، ارتفعت أسهم مجموعة «ترمب ميديا» في تداولات ما قبل السوق، فيما قفزت أسهم شركة «تسلا»، التي يترأسها مؤيد ترمب، إيلون ماسك، بنحو 13 في المائة. وفي السياق نفسه، ارتفعت عملة «بتكوين» إلى مستوى قياسي، مع ترجيح الأسواق أن يؤدي توجه ترمب نحو سياسة أكثر ليونة بشأن تنظيم العملات المشفرة إلى دعم نمو «بتكوين». وقال الرئيس التنفيذي لمجموعة «دي فير»، نايغل غرين، إن هذا الارتفاع لا يتعلق بالانتخابات فقط، بل يعكس تحولات أساسية في النظام المالي الرقمي الذي تقوده «بتكوين»، مشيراً إلى أن الأنظمة التقليدية في النظام المالي قد بدأت التغيير.

في الوقت ذاته، أشار مؤسس شركة «فيدووتش أدفايزرز» في واشنطن، بن إيمونز، إلى أن الأسواق اكتسبت وضوحاً أكبر، مقارنة مع عام 2020 عندما استغرق إعلان فوز جو بايدن بالانتخابات أياماً عدة. وقال الشريك الإداري في «مجموعة هاريس» المالية، جيمي كوكس: «كانت المخاوف الرئيسية في الأسواق تتمثل في حدوث نزاع مطوّل حول من الفائز، وهو ما لم يحدث».