أوكرانيا تطالب إيران بتفاصيل إسقاط الطائرة المنكوبة

طهران تهاجم بشدة وزير الخارجية الكندي

وفد أوكراني يجري مباحثات حول تعويضات الطائرة المنكوبة بمقر الخارجية الإيرانية في طهران أمس (أ.ف.ب)
وفد أوكراني يجري مباحثات حول تعويضات الطائرة المنكوبة بمقر الخارجية الإيرانية في طهران أمس (أ.ف.ب)
TT

أوكرانيا تطالب إيران بتفاصيل إسقاط الطائرة المنكوبة

وفد أوكراني يجري مباحثات حول تعويضات الطائرة المنكوبة بمقر الخارجية الإيرانية في طهران أمس (أ.ف.ب)
وفد أوكراني يجري مباحثات حول تعويضات الطائرة المنكوبة بمقر الخارجية الإيرانية في طهران أمس (أ.ف.ب)

جددت أوكرانيا مطالبها بالحصول على تفاصيل كاملة عن حادث إسقاط الطائرة المدنية التي اعترف «الحرس الثوري» بإصابتها بصاروخين، مطلع العام الحالي، وذلك خلال جولة ثانية من المباحثات بدأت أمس في طهران بين الجانبين.
وتحطمت طائرة الخطوط الجوية الأوكرانية من طراز «بوينغ 737 - 800»، بنيران الوحدة الصاروخية لـ«الحرس الثوري»، بعيد إقلاعها من مطار «الخميني» الدولي في طهران في الثامن من يناير (كانون الثاني) الماضي، ما أدى إلى مقتل 176 شخصاً كانوا على متنها.
وتراجعت إيران عن رواية أولى بشأن تحطمها جراء خلل فني، بعد 72 ساعة واجهت فيها معلومات استخباراتية داخلية وضغوطاً في الشارع الإيراني. وأقر «الحرس الثوري» بمسؤولية قواته عن إسقاط الطائرة. وقال إن الطائرة أسقطت بعدما اعتقدت الردار أنها صاروخ كروز، بينما كانت أنظمة الدفاع الجوي في حال تأهب تحسباً لرد من واشنطن على ضربات إيرانية استهدفت قاعدتين عراقيتين تضمان جنوداً أميركيين.
وشهدت الرواية الإيرانية عدة تغييرات حول الحادث. وعلى مدى أشهر رفضت طهران مطالب من الدول المعنية بالطائرة بشأن نقل الصندوقين الأسودين، لكن الضغوط الدولية دفعتها في نهاية المطاف إلى نقلهما لفرنسا.
وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية عن وكالة «إرنا» الرسمية، بأن الجولة الثانية التي من المقرر أن تستمر ثلاثة أيام، انطلقت اليوم بين الوفد الإيراني برئاسة مساعد وزير الخارجية للشؤون الحقوقية والدولية محسن بهاروند، والوفد الأوكراني برئاسة مساعد وزير الخارجية، يوغني ينين.
وكرر بهاروند، حسب «إرنا»، أسف بلاده للحادث، وأن ليس لدى إيران «ما تخفيه بشأن تحطم الطائرة الأوكرانية».
ونسبت وسائل إعلام إيرانية إلى مساعد وزير الخارجية الأوكراني قوله إن «أوكرانيا تبحث عن التفاصيل الكاملة، والدقيقة لما حدث»، مشدداً على أن قبول بلاده بالغرامة مرهون بالمعلومات التي تحصل عليها في هذا الصدد.
من جهته، أشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، في مؤتمر صحافي، الاثنين، إلى أن التعويضات التي يجري التباحث بشأنها ترتبط بـ«عائلات الضحايا وشركة الخطوط الجوية».
ونقل حساب الخارجية الإيرانية عن خطيب زاده احتجاجه على تصريحات وزير الخارجية الكندي حول الطائرة المنكوبة، متهماً الوزير بأنه استخدم «أدبيات سخيفة وبعيدة عن الأدب وغير دبلوماسية»، وقال «سلوكهم لا يشبه كلامهم خلف الأبواب المغلقة، إنهم يتقدمون دائماً بطلبات لأنهم يعرفون أنه ليس لديهم أي موقع قانوني في حادث الطائرة».
وكانت كييف أعربت في أواخر يوليو (تموز) الماضي، عن «تفاؤل حذر» بشأن مباحثات التعويضات، بعد جولة أولى أقيمت في العاصمة الأوكرانية.
وأفاد تقرير لهيئة الطيران المدني الإيرانية صدر في الشهر ذاته، بأن «العامل الرئيسي» خلف تحطم الطائرة كان «خطأ بشرياً» في التحكّم برادار، تسبب بأوجه خلل أخرى في عمله، وذلك رغم إعلان «الحرس الثوري» أنه أخطأ لدى اعتبار الطائرة صاروخ «كروز».
ولفت التقرير إلى أنّ أول الصاروخين أطلقه مشغّل بطارية دفاعية «من دون أن يحصل على جواب من مركز التنسيق» الذي يرتبط به، وأن الثاني جرى إطلاقه بعد 30 ثانية «خلال رصد استمرارية مسار الهدف المكتشف».
إلى ذلك، أكدت محكمة الاستئناف في طهران قراراً بسجن الصحافي مهدي محموديان، أربع سنوات، على خلفية دعوته لوقفة تكريمية لقتلى الطائرة الأوكرانية، أمام مدخل جامعة طهران الصناعية، وهو ما شكل شرارة احتجاجات ضد المسؤولين الإيرانيين.
وتوسعت الاحتجاجات في طهران وعدة مدن، عقب اعتراف «الحرس الثوري»، وردد الإيرانيون هتافات ضد كذب المسؤولين، وأحرقوا فيها صور «المرشد» علي خامنئي وقائد «فيلق القدس» قاسم سليماني، بعد أيام قليلة من تشييع رسمي نظمه «الحرس الثوري» في عدة مدن.
كما يواجه محموديان عاماً إضافياً من السجن بسبب توقيع بيان يدين قمع احتجاجات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حسب وسائل إعلام إصلاحية.



«الحرس الثوري»: سماء إسرائيل مفتوحة أمامنا

المتحدث باسم «الحرس الثوري» علي محمد نائيني خلال مؤتمر صحافي الاثنين (تسنيم)
المتحدث باسم «الحرس الثوري» علي محمد نائيني خلال مؤتمر صحافي الاثنين (تسنيم)
TT

«الحرس الثوري»: سماء إسرائيل مفتوحة أمامنا

المتحدث باسم «الحرس الثوري» علي محمد نائيني خلال مؤتمر صحافي الاثنين (تسنيم)
المتحدث باسم «الحرس الثوري» علي محمد نائيني خلال مؤتمر صحافي الاثنين (تسنيم)

قال «الحرس الثوري»، على لسان المتحدث باسمه، إن «سماء الكيان الصهيوني مفتوحة وغير محمية بالنسبة لإيران»، مضيفاً: «لا يوجد أي عائق لتنفيذ عمليات جديدة ضد إسرائيل في الوقت المناسب»، نافياً تضرّر الدفاعات الجوية وتعطّل دورة إنتاج الصواريخ في الهجوم الذي شنّته إسرائيل نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وأفاد الجنرال علي محمد نائيني، في مؤتمر صحافي، بأن المناورات الهجومية والدفاعية التي بدأتها قواته مع الجيش الإيراني تستمر لثلاثة أشهر، لافتاً إلى أنها «تجسّد صفحة جديدة من قوة الردع الإيرانية»، وتشمل الكشف عن «مدن صاروخية وتجارب صواريخ باليستية».

وأضاف أن «الجمهورية الإسلامية كانت مستعدة تماماً للمعارك الكبرى والمعقّدة والصعبة على أي مقياس منذ وقت طويل».

وأشار نائيني ضمناً إلى التطورات السورية، والإطاحة بنظام بشار الأسد. وقال في مؤتمر صحافي إنه «بسبب تحولات الأسابيع الأخيرة، نشأت لدى العدو حالة من الحماس الكاذب والفهم الخاطئ؛ حيث حاول تصوير التطورات الحالية على أنها ضعف للجمهورية الإسلامية الإيرانية من خلال حرب إدراكية»، حسبما أوردت وكالة «إيسنا» الحكومية.

وأشار نائيني إلى تبادل الضربات المباشرة وغير المسبوقة بين إيران وإسرائيل في أبريل (نيسان) وأكتوبر الماضي. وقال إن الهجومين الإيرانيين «كانا جزءاً صغيراً فقط من القوة اللامتناهية».

وأضاف أن «العدو يعلم أن السماء فوق الأراضي المحتلة مفتوحة وغير محمية بالنسبة لنا على خلاف دعايتها الإعلامية، ويمكننا التحرك بحجم ودقة وسرعة أكبر، مع قدرة تدميرية أكبر». وتابع: «العدو يقوم يومياً بإنتاج قضايا وأفكار مشكوك فيها للتأثير في الإرادة والروح الوطنية».

وتوعّد نائيني بما وصفه «بتغيير إدراك العدو المضلل مرة أخرى»، وأردف: «نقول لأعدائنا إننا دائماً مستعدون، وعلى أهبة الاستعداد، ولا نتهاون أبداً. في اللحظة التي تُعطى فيها الأوامر، سنُظهر قوتنا كما في السابق».

وزاد أن المناورات «هي قصة القوة والثبات والردع». وقال إن «العدو الصهيوني يعاني من وهم وخطأ في الحسابات». وأضاف أن رسالة المناورات الدفاعية والهجومية «ستصل إلى العدو في الأيام المقبلة».

قادة من الجيش و «الحرس الثوري» خلال جلسة تنسيقية للمناورات في غرب البلاد (تسنيم)

وبدأ الجيش الإيراني والوحدات الموازية في «الحرس الثوري» مناورات سنوية تستمر لمدة ثلاثة أشهر، في البر والبحر والجو.

وقال نائيني إن «الجزء الأساسي من المناورات سيكون في يناير، وسيستمر حتى نهاية العام، وهي مناورات دفاعية وهجومية وتركيبية، تم تصميمها استجابة للتهديدات الأمنية الجديدة».

ولفت المتحدث إلى أن المناورات «أقرب للتمارين على محاكاة المعارك الفعلية». وقال إن «الهدف الرئيسي منها هو تعزيز القوة لمواجهة التهديدات العسكرية المحتملة، والتصدي للإرهاب والتخريب في البلاد، ورفع الروح الوطنية، وتغيير حسابات العدو».

وقال إن «ادعاءات إسرائيل بشأن ضعف دفاعات إيران بعد هجوم 26 أكتوبر غير صحيحة؛ إذ لم تتوقف إيران عن إنتاج الصواريخ، ونظامها الدفاعي مستمر ومتطور».

وبشأن التهديدات التي كرّرها مسؤولون إيرانيون لشن عملية إيرانية ثالثة ضد إسرائيل، قال نائيني إنه «لا يوجد أي عائق لتنفيذ عمليات جديدة ضد إسرائيل في الوقت المناسب».

وأضاف أن «الشعب الإيراني يثق بذكاء وتدبير قادته العسكريين، وأن أي عملية مستقبلية ستكون أكثر قوة ومفاجأة». وأشار إلى أن «العدو يتلقى رداً على شروره بأساليب متنوعة وفي مواقع جغرافية متعددة».

وذكر في السياق نفسه، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي «خسر ألف جندي منذ (طوفان الأقصى)». وعدّ نائيني دعم «المقاومة وتطوير التعبئة العالمية» بأنها «أساس في العقيدة العسكرية الإيرانية».

وأضاف في السياق ذاته أن عملية «(الوعد الصادق) أظهرت ضعف أجواء الكيان الصهيوني أمام الهجمات الإيرانية».

ومع ذلك، أشار إلى أن إيران لن تبدأ أي حرب، لكن المناورات المقبلة تهدف إلى تعزيز الردع والاستعداد الدفاعي والهجومي لحماية الشعب والثورة ومواجهة أي تهديد.

وقالت وسائل إعلام إيرانية، الاثنين، إن الدفاعات الجوية أجرت تدريبات قرب المواقع الحساسة.

وقال نائيني إن الدفاعات الجوية التابعة للجيش أجرت مناورات قرب منشأة نطنز النووية في وسط البلاد. كما أشار إلى نشر وحدة «صابرين» للقوات الخاصة في الوحدة البرية لـ«الحرس الثوري» في غرب البلاد.

القبة الحديدية في إسرائيل تعترض الصواريخ الإيرانية مطلع أكتوبر الماضي (أرشيفية - رويترز)

ضربات متبادلة

في أوائل أكتوبر، أعلنت إيران عن إطلاق 200 صاروخ باتجاه إسرائيل، حيث أفادت تل أبيب بأن معظم هذه الصواريخ تم اعتراضها بواسطة دفاعاتها الجوية أو دفاعات حلفائها.

وأكدت طهران أن الهجوم جاء رداً على اغتيال الأمين العام لـ«حزب الله»، حسن نصر الله، بالإضافة إلى قيادي في «الحرس الثوري» الإيراني، وذلك خلال غارة إسرائيلية استهدفت جنوب بيروت، إلى جانب اغتيال هنية.

في 26 أكتوبر، شنّت الطائرات الحربية الإسرائيلية غارات على مواقع عسكرية في إيران، مستهدفة منشآت صاروخية ومنظومات رادار، ما أدى إلى تدميرها.

وحذّرت إسرائيل إيران من أي ردّ إضافي بعد تعهد مسؤولين وقادة عسكريين إيرانيين بتنفيذ عملية ثالثة. وجاء تصاعد التوترات قبل أسبوعين من الانتخابات الرئاسية الأميركية، التي أُجريت في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، وأسفرت عن فوز دونالد ترمب.

في 3 نوفمبر، أعلنت الولايات المتحدة عن نشر قدرات عسكرية جديدة في الشرق الأوسط، من المتوقع أن تصل «خلال الأشهر المقبلة»، في خطوة تهدف إلى «دعم إسرائيل» وتحذير إيران، وفقاً لبيان صادر عن البنتاغون.

صورة من فيديو يظهر تصاعد الدخان من موقع عسكري في ضواحي طهران 26 أكتوبر الماضي (شبكات التواصل)

وشهد شهر أبريل (نيسان) الماضي تبادلاً غير مسبوق للضربات المباشرة بين إيران وإسرائيل، رغم تجنبهما الانزلاق إلى حرب شاملة.

في 13 أبريل، تصاعدت المخاوف من اندلاع تصعيد إقليمي حين شنت إيران هجوماً غير مسبوق باستخدام طائرات مسيّرة وصواريخ استهدفت الأراضي الإسرائيلية، وذلك رداً على ضربة جوية استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق ونُسبت إلى إسرائيل.

وفي 19 أبريل، سُمع دوي انفجارات في وسط إيران، حيث أفادت وسائل إعلام إسرائيلية وغربية بوقوع هجوم استهدف مطاراً عسكرياً في مدينة أصفهان. يُعتقد أن هذا المطار يتولى حماية منشأة «نطنز»، وهي المحطة الرئيسية لتخصيب اليورانيوم في إيران.