مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل تدخل في التفاصيل الأسبوع المقبل

تبحث في نزاع على 2290 كيلومتراً بحرياً... وتوافق على الحسم في وقت قصير

قافلة لقوات الطوارئ الدولية (يونيفيل) على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية في الناقورة الأسبوع الماضي (رويترز)
قافلة لقوات الطوارئ الدولية (يونيفيل) على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية في الناقورة الأسبوع الماضي (رويترز)
TT

مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل تدخل في التفاصيل الأسبوع المقبل

قافلة لقوات الطوارئ الدولية (يونيفيل) على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية في الناقورة الأسبوع الماضي (رويترز)
قافلة لقوات الطوارئ الدولية (يونيفيل) على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية في الناقورة الأسبوع الماضي (رويترز)

يخوض الجانبان اللبناني والإسرائيلي مفاوضات شاقة غير مباشرة يوم الاثنين المقبل، في الجلسة الثانية من مفاوضات ترسيم الحدود البحرية والبرية برعاية الأمم المتحدة وبوساطة أميركية، للاتفاق على ردم الفجوة المتنازع عليها بين الجانبين التي تبلغ مساحتها 2290 كيلومتراً مربعاً في المياه الاقتصادية.
ووُصفت الجلسة الافتتاحة الأولى التي عُقدت في 14 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري في خيمة نُصبت أمام باحة مبنى عائد للأمم المتحدة في منطقة رأس الناقورة الحدودية، بأنها كانت «إيجابية»، حيث أظهر الطرفان «رغبة في تسريع عملية التفاوض»، بحسب ما قالت مصادر لبنانية معنيّة بالمفاوضات لـ«الشرق الأوسط»، موضحة أن الطرفين «أبديا حُسن نيّة تجاه التعجيل بالمفاوضات، وخلصا إلى ضرورة ألا يمتد التفاوض إلى وقت طويل»، وسط تعهد بعدم تسريب تفاصيل المفاوضات.
وبعدما اتسمت الجلسة الأولى بالنقاش بالعموميات، تبدأ المفاوضات حول التفاصيل في الجلسة المزمع عقدها يوم 26 أكتوبر الجاري، حيث سيجري إظهار الخرائط.
وتضم الخرائط التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، أربعة خطوط؛ أولها الخط الإسرائيلي المعروف بـ«الخط الأحمر» الذي يقول لبنان إنه يقضم مساحات بحرية كبيرة من المياه الاقتصادية اللبنانية. أما الخط اللبناني الذي ينطلق من النقطة الحدودية البرية التي تحمل الرقم (23)، وهو الخط الموسوم باللون الأزرق، فيؤكد حق لبنان بـ860 كيلومتراً مربعاً في المياه. وخلال محادثات غير مباشرة مع الجانب الأميركي في وقت سابق، وضع الخبير الحدودي الأميركي فريدريك هوف خطاً أصفر يعد خطاً وسطياً، يمنح لبنان 58 في المائة من المنطقة المتنازع عليها (الـ860 كيلومتراً)، وإسرائيل 42 في المائة. وبرز أخيراً الخط الحدودي الأخضر الذي ينطلق من نقطة B1 الحدودية البرية التي تم ترسيمها في ترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين في عام 1923، وجرى تثبيتها في اتفاق خط الهدنة بين لبنان وإسرائيل في عام 1949، وهي تزيد المساحة اللبنانية المتنازع عليها إلى 2290 كيلومتراً مربعاً في المياه.
وقالت مصادر عسكرية لبنانية إن الخرائط اللبنانية التي سيبرزها الوفد المفاوض، تستند إلى القانون الدولي للبحار، مشددة على تمسك لبنان بالانطلاق من الخط الأخضر الواقع جنوب الخط اللبناني الحالي (الذي ينتهي عند النقطة 23 على الشاطئ اللبناني)، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أنه يمنح لبنان مساحة بحرية إضافية تتخطى 860 كيلومتراً مربعاً بـ1430 كيلومتراً مربعاً، وبالتالي، يضع الخط الأخصر نصف حقل كاريش النفطي الإسرائيلي داخل المياه اللبنانية. وشددت المصادر على أن «لبنان ينطلق من هذا الخط» في مفاوضاته غير المباشرة مع الجانب الإسرائيلي.
وينطلق الخط الأخضر من النقطة B1 الواقعة في منطقة رأس الناقورة في أقصى شمال غربي لبنان. ويقول المؤرخ الدكتور عصام خليفة لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه النقطة «مرسمة دولياً وأقرت بها عصبة الأمم في عام 1923، وأعيد تثبيتها بعد اتفاق خط الهدنة، وهو خط الحدود الدولية، وتم تأكيدها على رأس الناقورة». ويقول خليفة الذي عقد جلسة تشاور مع الوفد اللبناني المفاوض قبل انطلاق المفاوضات: «هذا الخط الدولي، ينطلق من البر إلى البحر، وغيّرت إسرائيل مكان النقطة الدولية B1 في وقت سابق، حيث دفعتها 30 متراً إلى العمق اللبناني بهدف تغيير مسار الخط البحري»، لافتاً إلى أن الوفد اللبناني الذي يرأسه ضابط رفيع في الجيش اللبناني «صحح الخطأ وينطلق من هذه النقطة في المفاوضات، لأنها بداية خط الحدود الدولية البرية المعترف بها دولياً».
ويشير خليفة إلى أن إسرائيل لا تريد الانطلاق من هذه النقطة، وتتذرع بما تقول إنها جزيرة «تخريت»، وهي عبارة عن صخرة يبلغ طولها 40 متراً وعرضها 7 أمتار، موضحاً أن «للجزيرة مواصفات في القانون الدولي، وهي أن تكون مأهولة وقابلة للسكن، وفي الحالتين لا تتوافر الشروط فيها وفق المادة (21) من القانون الدولي للبحار»، وعليه، يقول خليفة: «لا تستطيع إسرائيل أن تنطلق منها لتوسع حدودها البحرية».
ويستند لبنان في هذه النقطة الخلافية إلى قانون البحار الدولي، ولا يحتسب المفاوض اللبناني تأثير الجزر الصغيرة، وعليه، يرفض لبنان الخط الإسرائيلي الذي زعمته تل أبيب، كما يرفض «خط هوف»، وصحح الخط اللبناني الذي ينطلق من النقطة 23، حيث بات ينطلق المطلب اللبناني من نقطة الحدود الدولية B1.
وينصّ اتفاق الإطار الذي أعلنه رئيس مجلس النواب نبيه بري مطلع الشهر الحالي لترسيم الحدود، على تلازم ترسيم الحدود البحرية مع الحدود البرية، وهي 13 نقطة في البر، بينها 5 نقاط حدودية متنازع عليها. وتقول مصادر معنية بالمفاوضات لـ«الشرق الأوسط»، إن انتقال المحادثات حول النقاط البرية سيجري مباشرة بعد حسم موضوع الحدود البحرية، لكنها لن تبحث في ملف النقاط الحدودية المتنازع عليها في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم اللبناني من بلدة الغجر المحتلة في جنوب شرقي لبنان الواقعة على مثلث الحدود السورية - اللبنانية - الفلسطينية، بالنظر إلى أن ذلك الخلاف يقع في ملف منفصل لأنه مرتبط بسوريا أيضاً.
ويقول الدكتور خليفة إن تلك النقاط الخلافية التي احتلتها إسرائيل في عام 1967 في مزارع شبعا والنخيلة وتلال كفرشوبا والغجر «هي حدود لبنان مع سوريا بموجب خط الحدود الدولي الذي تم ترسيمه في عام 1923»، لافتاً إلى أن هناك «ترسيماً للحدود موقّعاً بين لبنان وسوريا حول مزارع شبعا، وقّعه عن الحكومة اللبنانية المهندس رفيق الغزاوي في ذلك الوقت»، ما يعني أنه مرتبط بمحادثات لبنانية - سورية حول ذلك النزاع الحدودي.
- عون لبومبيو: لبنان متمسك بحقوقه في البر والبحر
> تلقى الرئيس اللبناني ميشال عون مساء أمس، اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، عرض خلاله للعلاقات اللبنانية - الأميركية والتطورات الأخيرة، ومنها مفاوضات ترسيم الحدود البحرية الجنوبية.
وخلال الاتصال، شكر الرئيس عون الوزير بومبيو على «الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة كوسيط مسهل للتفاوض»، مؤكداً أن لبنان «مصمم على الحفاظ على حقوقه وسيادته في البر والبحر».
وأبلغ الوزير الأميركي الرئيس عون إرسال بلاده «مساعدات لإعادة إعمار الأحياء التي تضررت في بيروت نتيجة الانفجار الذي وقع في المرفأ في 4 أغسطس (آب) الماضي».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.