تجاذبات بين وزراتي الدفاع والخارجية الفرنسيتين حول التدخل العسكري في ليبيا

مصادر دبلوماسية ترجح لـ «الشرق الأوسط» عملية عسكرية قبل 3 أشهر

تجاذبات بين وزراتي الدفاع والخارجية الفرنسيتين حول التدخل العسكري في ليبيا
TT

تجاذبات بين وزراتي الدفاع والخارجية الفرنسيتين حول التدخل العسكري في ليبيا

تجاذبات بين وزراتي الدفاع والخارجية الفرنسيتين حول التدخل العسكري في ليبيا

على بعد 100 كلم جنوب الحدود الليبية - النيجيرية، تجهد فرق هندسية تابعة للجيش الفرنسي في إعادة تأهيل قاعدة عسكرية قديمة قائمة في الصحراء الرملية شمال النيجر كانت تشغلها القوات الفرنسية زمن حضورها الاستعماري في المنطقة. وتأمل السلطات الفرنسية أن ينتهي العمل في قاعدة «ما داما» في الربيع المقبل.
ولهذه القاعدة القديمة - الجديدة القائمة في قلب الصحراء أهمية «استثنائية»؛ إذ إنها تشكل جزءا من عملية «بركان» الفرنسية الخاصة بإعادة انتشار القوات الفرنسية الموجودة في بلدان الساحل وتوجيهها لهدف رئيس هو الحرب ضد المنظمات الإرهابية والجهادية الناشطة في بلدان الساحل وفي الشريط الممتد من موريتانيا وحتى دارفور. ولهذا الغرض، عبأت باريس 3 آلاف جندي ينتشرون في قواعد في تشاد (مقر القيادة) والنيجر ومالي وبوركينا فاسو (القوات الخاصة) تدعمهم 200 مصفحة و20 مروحية، وطائرات قتالية وأخرى استطلاعية، فضلا عن 3 طائرات من دون طيار. كما تحظى العملية بدعم القوات الفرنسية المرابطة في السنغال وساحل العاج والغابون.
بيد أن أنظار باريس التي خاضت حربين في أفريقيا (في مالي في عام 2013 وأفريقيا الوسطى في 2014) تتجه هذه الأيام باتجاه الجنوب الليبي؛ الأمر الذي يفسر حرص وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان على زيارة قاعدة عسكرية منسية قيد التأهيل يوم الخميس الماضي من أجل توجيه رسالة تقول عنها الأوساط الدفاعية الفرنسية إنها ذات بعدين؛ الأول: إبراز مدى اهتمام فرنسا وقلقها من الوضع في كل أنحاء ليبيا، وخصوصا في الجنوب الليبي الذي تقول عنه باريس إنه أصبح «قاعدة خلفية للإرهاب» و«بابا له على المتوسط». والثاني: إرسال إشارات لجميع المعنيين بهذا الوضع مفادها أن باريس «جاهزة لتحمل كل مسوؤلياتها»؛ الأمر الذي يعني ضمنا التدخل العسكري.
يقول دبلوماسي عربي، بلاده معنية بما يجري في ليبيا، تحدثت إليه «الشرق الأوسط»، إن السؤال في باريس لم يعد: هل ستتدخل فرنسا عسكريا في ليبيا؟ بل متى ستتدخل؟ ويضيف هذا الدبلوماسي: «أنا مستعد للرهان على أن هذا التدخل سيحصل قبل 3 أشهر».
الواقع أن تصريحات سابقة لوزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان وتلك التي أطلقها أثناء جولته الأخيرة في بلدان الساحل لا تترك مجالا كبيرا للشك؛ ففي رأيه أن الجنوب الليبي «تحول إلى قاعدة دوارة للمنظمات الإرهابية، حيث تتمون بالسلاح والذخائر والحاجيات الأخرى، كما تعيد تنظيم صفوفها، والحال أن ليبيا هي بوابة الصحراء وبوابة أوروبا عبر المتوسط». ولمزيد من الوضوح، يؤكد لو دريان أن بلاده «مستعدة للتحرك»؛ لأن جنوب ليبيا «قد تحول وكرا للإرهابيين». لكنه أضاف في مقابلة أجرتها معه صحيفة «لو جورنال دو ديمانش» أن «أي تدخل عسكري مباشر في هذه المنطقة غير وارد حتى الآن». ويطرح الوزير الفرنسي ما يفهم على أنه شرطان؛ الأول: وجود توافق دولي أو إقليمي في هذا الظرف، والثاني: بلورة صورة لحل سياسي؛ لأن «توجيه ضربة من دون حل سياسي لن يؤدي إلى نتيجة». وبأي حال، فإنه يؤكد أن «ليبيا بلد مستقل».
تقول مصادر عربية وفرنسية تحدثت إليها «الشرق الأوسط» في باريس إن هناك «اختلافا في الرأي والتوجهات» بين وزارتي الدفاع والخارجية. وفيما الأولى «متحمسة» لضربة عسكرية في ليبيا فإن الثانية بادية الحذر والقلق، وهي تركز على مجموعة «معوقات» ترى فيها نذر مخاطر مقبلة يتعين الالتفات لها وتقييمها جديا قبل الانطلاق في مغامرة جديدة. وجدير بالذكر أن الخارجية لم تكن متحمسة لقرار رئيس الجمهورية السابق نيكولا ساركوزي التسرع في الحرب على ليبيا.
ما هذه المعوقات؟ يبدو أن أولها «غموض» الوضع السياسي في ليبيا، حيث يتنازع الشرعية برلمانان وحكومتان في بلاد غارقة من الشرق إلى الغرب فيما يشبه الحرب الأهلية، فضلا عن ذلك، ترى الخارجية أنه «لا يمكن التحرك عسكريا» إلا بغطاء من الشرعية الدولية، أي بقرار من مجلس الأمن الدولي. وفي السياق عينه، تشدد على الحاجة لدعم ومشاركة من دول الجوار الليبي، وخصوصا من أهم دولتين عربيتين هما الجزائر ومصر. وفي أي حال، تركز الأوساط الدبلوماسية الفرنسية على الحاجة لدعم جهود المبعوث الدولي برناردينو ليون الذي يسعى لجمع الأطراف الليبية يوم الخامس من الشهر الحالي.
لكن تبقى مسألة أساسية أشار إليها لو دريان وتؤكد عليها المصادر الفرنسية وتتناول غياب صورة لمشروع الحل السياسي الذي من دونه لن تستقيم الأوضاع في ليبيا. والحال أن مشروعا كهذا غير موجود اليوم، بل هناك نزاع بين مشروعين سياسيين يتغذيان من دعم خارجي؛ الأمر الذي يجعل باريس «متهيبة» في الإقدام على التدخل العسكري الذي في أي حال لن يكون إلا بأمر من رئيس الجمهورية فرنسوا هولاند. وحتى الآن، لم يتردد هولاند في العامين المنصرمين من إرسال قواته إلى مالي وأفريقيا الوسطى والدخول في التحالف الدولي ضد «داعش»، والإعراب عن الأسف لأن الرئيس الأميركي أوباما تراجع عن خطط لتوجيه ضربات عسكرية للنظام السوري في خريف عام 2013، فهل سيحسم المسألة لمصلحة وزارة الدفاع وعلى حساب وزارة الخارجية أم أنه سيفضل الانتظار حتى تتوافر العناصر الأساسية لتدخل جماعي لا تتحمل باريس وحدها وزره؟ خصوصا أن عملياتها العسكرية الخارجية استهلكت كل ما كان مرصودا لها، وأن الحكومة جهدت من أجل تقديم موازنة مقبولة ومتلائمة مع المعايير الأوروبية.



أوكرانيا تستهدف مخزن وقود على بُعد 500 كيلومتر من الحدود الروسية

صورة وزعها حاكم المنطقة رومان بوسارجين عبر تطبيق «تلغرام» حول فرق الطوارئ في المكان (أ.ب)
صورة وزعها حاكم المنطقة رومان بوسارجين عبر تطبيق «تلغرام» حول فرق الطوارئ في المكان (أ.ب)
TT

أوكرانيا تستهدف مخزن وقود على بُعد 500 كيلومتر من الحدود الروسية

صورة وزعها حاكم المنطقة رومان بوسارجين عبر تطبيق «تلغرام» حول فرق الطوارئ في المكان (أ.ب)
صورة وزعها حاكم المنطقة رومان بوسارجين عبر تطبيق «تلغرام» حول فرق الطوارئ في المكان (أ.ب)

أكدت كييف الأربعاء أنه قواتها ضربت ليلاً مخزن وقود في روسيا يقع على بُعد 500 كيلومتر من الحدود بين البلدين، يستخدمه سلاح الجو لقصف أوكرانيا. وقالت هيئة أركان الجيش الأوكراني عبر «تلغرام»: «هاجمنا مخزن كومبيانت كريستال للوقود في منطقة ساراتوف»، خلال الليل.

حاكم المنطقة رومان بوسارجين قال إن حريقاً اندلع نتيجة للحطام المتساقط من هجوم «ضخم» بطائرة مسيرة (أ.ب)

وأفاد الجيش الأوكراني بوقوع عدة انفجارات واندلاع حريق كبير في المستودع الذي قال إنه يوفر الوقود لمطار «إنغلز - 2» العسكري، حيث يتمركز أسطول قاذفات استراتيجية روسية.

وقالت الهيئة في بيان عبر تطبيق «تلغرام»: «ضرب مستودع النفط يؤدي إلى مشاكل لوجستية خطيرة للطيران الاستراتيجي للمحتلين الروس، ويقلل بشكل كبير من قدرتهم على ضرب المدن الأوكرانية المسالمة والأهداف المدنية».

وأوضح أولكسندر كاميشين مستشار الرئيس الأوكراني، كما نقلت عنه «رويترز»، أن الجيش استخدم في الهجوم قدرات بعيدة المدى من صنع أوكرانيا.

وكتب على منصة «إكس»: «إنغلز تحترق، ودفاعكم أصابه الرعب. تم قصف مستودع نفط روسي آخر يخدم مطاراً عسكرياً بقدرات بعيدة المدى مصنوعة في أوكرانيا».

وذكرت سلطات محلية روسية، في وقت سابق (الأربعاء)، أن هجوماً أوكرانياً بطائرات مسيرة تسبب في اندلاع حريق كبير، في موقع صناعي بمنطقة ساراتوف.

حاكم المنطقة رومان بوسارجين يتكلم مع العاملين في خدمات الطوارئ (أ.ب)

وقال حاكم المنطقة، رومان بوسارجين، عبر تطبيق «تلغرام»، إن حريقاً اندلع في موقع بمدينة انغلز نتيجة للحطام المتساقط من هجوم «ضخم» بطائرة مسيَّرة.

وأضاف بوسارجين، كما نقلت عنه «الصحافة الفرنسية»، أنه تم إرسال فريق من هيئة الاستجابة للطوارئ إلى منشأة صناعية اندلع فيها حريق بعد هجوم بمسيرة أوكرانية، من دون تحديد طبيعة المنشأة، لكنه أكد عدم وقوع إصابات.

وقالت القنوات الروسية على تطبيق «تلغرام»، التي تنشر أخبار الغزو الروسي لأوكرانيا، إنه جرى إصابة مستودع نفط.

وتقع قاعدة إنغلز الجوية على بُعد نحو 730 كيلومتراً، جنوب شرقي موسكو، وعلى بُعد مئات الكيلومترات من الحدود الأوكرانية. وتضم ساراتوف القاعدة الجوية العسكرية «إنغلز 2»، حيث وضعت موسكو قاذفات قنابل استراتيجية تُستخدَم لإطلاق صواريخ «كروز» على أوكرانيا.

وأقر مسؤولون روس في تصريحات سابقة بأن أوكرانيا هاجمت المنطقة بطائرات مُسيرة. وقالت وزارة الدفاع الروسية، الأربعاء، إنه جرى تدمير 32 مسيرة أوكرانية فوق 7 مناطق روسية وبحر أزوف الليلة الماضية، فيما جرى اعتراض 11 منها فوق منطقة ساراتوف.

من جانبه، قال سلاح الجو الأوكراني، إن روسيا هاجمت البلاد بـ64 مسيَّرة خلال الليل، وقد جرى إسقاط 41 منها، وإحباط مسارات 22 أخرى بتقنية التشويش على المسيَّرات. وتردد أن روسيا استخدمت بعض المسيرات دون متفجرات لإرهاق الدفاعات الجوية الأوكرانية.

جانب من الدمار جراء الغارات الروسية على مدينة تشيرنيف الأوكرانية (رويترز)

هذا الهجوم هو الأخير ضمن سلسلة من الضربات المتصاعدة عبر الحدود التي تنفذها موسكو وكييف، وتستهدف منشآت الطاقة والمنشآت العسكرية، بعد ما يقرب من 3 سنوات على بدء الغزو الروسي لأوكرانيا.

تقول كييف إن هجماتها على منشآت النفط الروسية جزء من جهودها لتقليص عائدات الطاقة الروسية التي تستخدم لتمويل الحرب في أوكرانيا.

وفي منطقة خيرسون بجنوب أوكرانيا، التي تقول روسيا إنها تابعة لها، قالت السلطات إن شخصين قُتلا وأصيب 5 آخرون بنيران المدفعية الروسية والمُسيرات.

قالت أوكرانيا، الثلاثاء، إن قواتها «تنفذ عمليات هجومية جديدة» في منطقة كورسك بغرب روسيا، في أول تصريحاتها المهمة بعد تقارير روسية عن تجدُّد التوغل الأوكراني في المنطقة.

وسيطرت أوكرانيا في بادئ الأمر على جزء من منطقة كورسك، في توغل مفاجئ خلال أغسطس (آب)، واحتفظت بمواقعها هناك لـ5 أشهر، على الرغم من تكبُّدها بعض الخسائر.

وقالت وزارة الدفاع الروسية يوم الأحد إن كييف شنت هجوماً مضاداً جديداً.

وأعلنت هيئة الأركان العامة للجيش الأوكراني، الثلاثاء، أن قوات كييف قصفت موقع قيادة روسية، قرب بلدة بيلايا، في منطقة كورسك. وتفرض هيئة الأركان العامة قيوداً صارمة على المعلومات الواردة من المنطقة لتأمين عملياتها هناك.

وقالت «الهيئة» إن الهجوم، وغيره من العمليات في الآونة الأخيرة في المنطقة، يتم بالتنسيق مع القوات البرية الأوكرانية التي «تنفِّذ عمليات هجومية جديدة في الوقت الحالي»، ضد القوات الروسية.

وحذف الجيش في وقت لاحق أي ذكر لوقوع هجوم جديد، في بيان على تطبيق «تلغرام» للتراسل، وكتب بدلاً من ذلك عبارة أكثر غموضاً، هي «عمليات قتالية». ولم يقدم الجيش أي تفسير.

قالت وزارة الدفاع الروسية، الثلاثاء، إن قواتها وجَّهت ضربات مكثفة لوحدات أوكرانية في منطقة كورسك بغرب روسيا؛ حيث أفاد الجيش الأوكراني بتصعيد في القتال خلال الساعات الـ24 الماضية.

وذكرت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، أن قواتها ألحقت الهزيمة بألوية أوكرانية في 6 مواقع، ونفَّذت ضربات على قوات ومعدات أوكرانية في 7 مواقع أخرى، تضمَّنت موقعاً على الجانب الأوكراني من الحدود.

من جانب آخر، قالت مسؤولة في الأمم المتحدة، الأربعاء، إن أكثر من 12300 مدني قُتلوا في الحرب الأوكرانية منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، قبل نحو 3 سنوات، مشيرة إلى ارتفاع عدد القتلى في الأشهر الأخيرة، مع استخدام طائرات مسيرة وصواريخ بعيدة المدى وقنابل انزلاقية.

وقالت ندى الناشف نائبة مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، في بيان، كما نقلت عنها «رويترز»: «كثفت القوات المسلحة الروسية عملياتها للاستيلاء على مزيد من الأراضي في شرق أوكرانيا، وهو ما كان له تأثير شديد على المدنيين في مناطق الخطوط الأمامية، لا سيما في مناطق دونيتسك وخيرسون وزابوريجيا»، مشيرة إلى التطورات منذ سبتمبر (أيلول) 2024.

وتابعت: «نشعر بقلق عميق إزاء الآثار المترتِّبة على زيادة استخدام الطائرات المسيَّرة، واستخدام أسلحة جديدة على المدنيين»، مشيرة جزئياً إلى استخدام روسيا لقنابل موجَّهة شديدة التدمير أو قنابل انزلاقية في مناطق سكنية.