تونس: انقسام في «النهضة» بفعل «فتنة الغنوشي»

TT

تونس: انقسام في «النهضة» بفعل «فتنة الغنوشي»

أعلنت مجموعة من شباب «حركة النهضة» التونسية عن دعمها لرئيس الحزب راشد الغنوشي في معركة التمديد المنتظرة خلال المؤتمر الحادي عشر للحزب المزمع تنظيمه نهاية السنة الحالية، ما عكس عمق الانقسام الداخلي في الحركة حول الغنوشي الذي يسعى قياديون إلى إنهاء مسيرته وطموحه برئاسة البلاد.
وعبرت المجموعة في بيان وجهته إلى قيادات الحركة وحمل توقيع 113 عضواً، عن «استهجان محاولات بث الفتنة من داخل الحركة، واستنكار هذه المحاولات على من تورطوا في مثل هذه الأعمال»، في إشارة إلى مجموعة من قيادات «النهضة» تضم مائة شخص يعارضون فكرة التمديد للغنوشي بالمخالفة للنظام الداخلي للحزب الذي يمنح الرئيس إمكانية الترشح لدورتين فحسب.
واعتبرت المجموعة الجديدة التي تعارض «مجموعة المائة» أن الخلاف الحالي بين قيادات «النهضة» يأتي في إطار «تصفية الحسابات والصراع على المواقع، وهو ما لم تتعود عليه القيادات». ورأت أن «هذا المنهج البعيد عن أدبيات الحركة وتاريخها، يستهدف مؤسسات الحركة ويمثل خروجاً على قراراتها الرسمية ويضرب صورتها ويزعزع مكانتها بين الخصوم ويحول وجهة المنخرطين، ويصادر آراءهم ويفرض عليهم معارك ذاتية خاصة».
ويرى مراقبون أن هذه المراسلة الجديدة قد تكشف عن عمق الأزمة الداخلية التي تعيشها «حركة النهضة»، وتنبه إلى وجود خلافات بين قيادات تاريخية تود مواصلة السيطرة على الحركة، وقيادات من الجيل الثاني والثالث ما زالت تبحث لها عن مواقع في ظل هيمنة تلك القيادات على القرارين السياسي والحزبي.
يذكر أن «مجموعة المائة» الرافضة للتمديد لراشد الغنوشي على رأس «النهضة»، قد وجهت قبل أيام رسالة ثانية إلى الغنوشي كشفت من خلالها للمرة الأولى عن رغبته في الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في 2024. واعتبرت أن الرسالة الأولى وجهت إلى الغنوشي شخصياً «لما وقفت عليه من سعيه إلى التمديد وتغيير القانون الأساسي والتمطیط وتأخير البدء في الإعداد للمؤتمر الحادي عشر إلى أن أدركنا الموعد وتجاوزناه بكثير بسبب الدحرجة التي اعتمدها رئيس الحركة، بل إنه أعلن رغبته في الترشح للانتخابات الرئاسية».
وأكد عضو لجنة الإعداد لمؤتمر «النهضة» سامي الطريقي وجود توجه للاحتكام إلى آلية الاستفتاء الداخلي لحسم الخلاف حول التمديد للغنوشي على رأس الحزب. وقال إن الفصل الـ133 من النظام الأساسي للحركة يمكّن رئيس الحزب أو أغلبية أعضاء مجلس الشورى (الثلث المقدر بـ50 عضواً) من الدعوة إلى استفتاء لتجاوز هذا الخلاف في حال تواصله.
واعتبر أن الخلاف حول هذه النقطة «يتعلق بضرورة تطبيق القانون والالتزام به، ولا يتركز حول التمديد لرئيس الحركة»، مشيراً إلى أن جميع قيادات «النهضة»، بمن فيهم رئيس الحزب نفسه «لا يتبنون فكرة التمديد للغنوشي ولا يدافعون عنها، بل يدافعون عن مبدأ أن يكون التداول عبر صندوق الاقتراع».
وفي السياق ذاته، كشف عضو المكتب التنفيذي لـ«النهضة» بلقاسم حسن عن تواصل الاستعدادات للمؤتمر المزمع عقده نهاية السنة الحالية. وقال إن الخلاف حول بقاء الغنوشي على رأس الحركة من عدمه «بسيط وسيعرف الحل في إطار هياكل الحزب، وهو ليس خلافاً معقداً كما يصوره الإعلام المحلي، وتروج له الأحزاب المعارضة»، معتبراً أن الحل «يكمن في تنفيذ ما جاء به النظام الداخلي للحزب لأنه أعطى سلطة تقدير الخلافات وحلها للمؤتمرين».
على صعيد آخر، أفاد نائب وكيل الجمهورية محسن الدالي، بأن النيابة العامة بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب تعهدت التحقيق في تدوينة منشورة على مواقع التواصل ومنسوبة إلى النائب المستقبل راشد الخياري حول واقعة جريمة قطع رأس أستاذ فرنسي مساء الجمعة قرب باريس.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».