المترجم السعودي منصور المالكي: التواصل مع الآخر يُعزز الهوية الوطنية

قدّم ترجمة لكتاب «تدريس اللغة وتعزيز المواطنة»

منصور المالكي
منصور المالكي
TT

المترجم السعودي منصور المالكي: التواصل مع الآخر يُعزز الهوية الوطنية

منصور المالكي
منصور المالكي

يبدو الدمج بين تدريس لغة أجنبية وتعزيز مفهوم المواطنة بصبغتها أمراً معقداً، إلا أن كتاب (تدريس اللغة وتعزيز المواطنة) يحاول تقديم رؤية جديدة لذلك، مناقشاً مفاهيم المواطنة والتعددية اللغوية في السياقات التعليمية والثقافية والاجتماعية والسياسية. وهو كتاب صدر أخيراً عن دار نشر جامعة إدنبرة باسكوتلندا، وترجمه الدكتور منصور المالكي، رئيس مركز اللغة الإنجليزية بجامعة الطائف. ومن المنتظر أن يتوفر في الأسواق الشهر المقبل، عن طريق «الدار العربية للعلوم ناشرون».
وتكمن أهمية صدور هذا الكتاب في كونه يتزامن مع الحديث الذي يدور الآن في السعودية حول قرار وزارة التعليم تدريس اللغة الإنجليزية منذ الصف الأول الابتدائي، بدءاً من العام المقبل. عن ذلك يقول المالكي: «تعليم اللغة الأجنبية في سن مبكرة يساعد كثيراً في إكساب الطلبة كثيراً من المهارات الحياتية، كالتفكير الناقد والتواصل الفاعل مع الآخرين والتعاون وتعزيز القابلية للتعلم، حيث لا يأتي تعليم اللغة مجرداً، بل يحمل معه عدداً من المهارات الحياتية المصاحبة».
ويتابع حديثه لـ«الشرق الأوسط» بالقول: «أرى أن القرار الوزاري الأخير القاضي باعتماد تدريس اللغة الإنجليزية من الصف الأول الابتدائي سيؤثر إيجابياً على سلوك الطلبة بشكل عام نحو تعلم ليس فقط اللغة واكتسابها، ولكن أيضاً العلوم والمواد الأخرى، فضلاً عن اكتسابهم للمهارات الحياتية الأخرى المذكورة التي سوف تساهم في تعزيز ثقتهم بأنفسهم».
ويشرح كتاب «تدريس اللغة وتعزيز المواطنة» مفهوم تعزيز المواطنة وتعليمها من خلال صف اللغة بشكل دقيق، محدداً بعض المبادئ التي تكون أساساً مفيداً لتعليم اللغة من أجل تنمية الشعور بالمواطنة. إذ يبين الكتاب أن متعلمي اللغة بحاجة إلى فهم العمليات الاجتماعية والتواصلية التي تقوم عليها تركيبات الثقافة والهوية عموماً بما يتناسب مع فئاتهم العمرية المختلفة، وفهم هويتهم وثقافتهم الخاصة من خلال لغتهم الأم من أجل فهم هوية الآخرين من خلال اللغة الثانية.
وهنا يقول المالكي: «لم يعد تعلّم اللغة يتعلق بالطعام والمهرجانات وألوان الأعلام فقط، بل يتعلق بتشجيع المتعلمين على فهم كيفية تغلغل ثقافاتهم وثقافات الآخرين وتشكيل السلوك والتفاعلات وخيارات اللغة، وبالتالي فالثقافة تتعلق بالنشاط، والانتقال من كيان محدد إلى عملية ديناميكية، ومن المعلوم أنه لا يتم بناء الهوية وإعادة بنائها إلا من خلال التواصل مع الآخرين».
ومن أجل تفعيل وجهة النظر هذه للغة والثقافة، يجب أن يوفر الفصل الدراسي للغة فرصاً للمتعلمين للتعرف إلى الصور النمطية الثقافية والانتقال إلى أبعد من ذلك من خلال استكشاف مدى تعقيد الهوية مع ثقافة واحدة أو أكثر من الثقافات، كما يرى مُترجم الكتاب. وحول مخاوف تأثير هذه الخطوة على الهوية الثقافية للطفل، يقول: «لا أظن أن لذلك تأثيراً سلبياً، فإذا ما عرفنا كيف يتشكل مفهوم الهوية في الأساس نعرف أن هذه المخاوف هي مخاوف مؤقتة، وإن سلّمنا بوجودها وترسخها على مدى فترات طويلة من الزمن». ويرى المالكي أن «الهوية الثقافية الأساسية للطفل لا تتشكل إلا من خلال لغته الأم أولاً، وعليه تبنى المعارف المكتسبة الأخرى، إذ لا يمكن استكشاف أي هوية ثقافية أخرى من دون هوية ثقافية أساسية تكون نافذة على الثقافات ويتم النظر للآخرين من خلالها، وبالتالي فلا خوف من أي تأثير سلبي على الهوية الثقافية الأساسية للأطفال من خلال تعلم اللغة الثانية في هذه السن المبكرة. ومن هنا أن تعليم اللغة الثانية بجانب اللغة الأم المكتسبة مهم جداً ويعزز الكفاءة اللغوية للطلبة بشكل عام».
ويوضح المالكي أن فكرة ترجمة الكتاب أتت من خلال عمله على تصميم مشروع سمات خريجي جامعة الطائف، كإطار عام لتزويد الطلبة بالمهارات والمعارف والخبرات التي يجب أن يتقنوها حتى ينجحوا في مناحي العمل والحياة المختلفة عند تخرجهم، وذلك من خلال الإسهام في بناء شخصيتهم ومعارفهم بحيث يتميزون بسمات مشتركة تشكل هويتهم بشكل علمي وممنهج. وبصفته متخصصاً في تعليم اللغة الثانية وممارساً لمهنة التدريس الجامعي، يؤمن المالكي بأن أهداف التعليم بشكل عام والتعليم العالي على وجه الخصوص يجب أن تتجاوز تدريس المادة الدراسية كمادة معرفية بحتة أو تطبيقية عملية، بل ويجب أن تنتقل لما هو أبعد من ذلك، وهو دمج المهارات الحياتية والمهارات الناعمة أو ما يسمى (بمهارات القرن الواحد والعشرين) في تدريس التخصصات المختلفة، بحسب قوله. وعما يعنيه بذلك، يقول: «يجب أن نطرح أسئلة كبيرة لنحصل على إجابات مهمة، أسئلة مثل؛ كيف للطلبة أن يتعرفوا على أنفسهم وعلى ذواتهم في المقام الأول؟ كيف لهم أن يتعرفوا على محيطهم وواجباتهم ومسؤولياتهم؟ كيف لهم أن يتعرفوا على الآخر وثقافته؟ كيف لهم أن يعرفوا أن الاختلاف لا يعني الاختلاف، ولكنه يعني التنوع؟ كيف لهم أن يتواصلوا مع غيرهم بفاعلية؟ كيف لهم أن يتعلموا أن الالتزام بالأنظمة والقوانين واحترام الآخرين - أياً كانوا - هو أساس المواطنة المحلية الصالحة؟ كيف يجب عليهم أن يظهروا هذا الاحترام بالشكل والقدر الكافي عندما يتطلب منهم ذلك، وهو ما يتضمنه مفهوم التعايش؟».
ولكن كيف يمكن أن يكون الدارسون «جزءاً من المواطنة العالمية (Global Citizenship) ليساهموا في تعزيز القيم الإنسانية المشتركة»؟ يقول: «الإجابة على هذه الأسئلة تتطلب فهماً عميقاً راسخاً للوطن ومكتسباته وللمواطنة ومكوناتها، كل هذه الأسئلة وإجاباتها المحتملة قادتني لترجمة الكتاب، وما زلت أذكر أول شعور شعرت به عندما وصلني الكتاب كهدية من صديق مقرّب واطلعت عليه وعلى عنوانه، قرأته أكثر من مرة وأذكر أنني قلت في نفسي وقتها، هذا هو الكتاب الذي كنت أنتظره، سأترجمه لا محالة!».
وبسؤاله عن كيفية الدمج بين تدريس لغة أجنبية وتعزيز المواطنة بصبغتها المحلية، يجيب: «دعينا فقط نتفق على أن تدريس اللغة الأجنبية يفتح نافذة تواصل فعال مع الثقافات الأخرى، ولا يكون ذلك إلا من خلال الفهم العميق للهوية الثقافية الأساسية للغة الأم». ويضيف: «الذي يحدث هنا هو أن المواطنة المحلية يتم تعليمها واكتسابها أولاً من خلال اللغة الأم التي تأتي محملة بالهوية الثقافة الأساسية كما أسلفنا».
ويأتي هنا تدريس اللغة الأجنبية معززاً لمفهوم المواطنة المحلية، المكتسب من خلال اللغة الأم، بحسب المالكي، الذي يرى ذلك من خلال التعرض لممارسات ومكونات المواطنة العالمية التي تأتي مجردة من القيود القانونية للأفراد، بعكس المواطنة المحلية المقيدة قانوناً، ولكنها في نفس الوقت تساهم في تعزيز القيم الإنسانية المشتركة بين الشعوب، كالتسامح واحترام الآخر والوعي الصحي والاجتماعي من خلال التعرف على الثقافات المختلفة.
إن الانتماء للمواطنة العالمية، كما يضيف، لا يكون إلا من خلال الانتماء للمواطنة المحلية، و«هذه العملية المعقدة، نوعاً ما، لفهم العلاقة بين اللغة الأم والهوية الثقافية الأساسية والمواطنة المحلية من جهة، وبين اللغة الأجنبية والهوية الثقافية المصاحبة لها، والمواطنة العالمية من جهة أخرى تحتاج لمتخصصين يعملون ليس فقط على تنظير العلاقة بين تعليم اللغة والمواطنة، ولكن أيضاً على تصميم أطر تعليمية تواكب مجتمعات اليوم المتنوعة والمترابطة ثقافياً».



«جوي أووردز» تحتفي بالفائزين بجوائزها في الرياض

الأميركي ماثيو ماكونهي يحمل «جائزة شخصية العام» خلال حفل «جوي أووردز» (موسم الرياض)
الأميركي ماثيو ماكونهي يحمل «جائزة شخصية العام» خلال حفل «جوي أووردز» (موسم الرياض)
TT

«جوي أووردز» تحتفي بالفائزين بجوائزها في الرياض

الأميركي ماثيو ماكونهي يحمل «جائزة شخصية العام» خلال حفل «جوي أووردز» (موسم الرياض)
الأميركي ماثيو ماكونهي يحمل «جائزة شخصية العام» خلال حفل «جوي أووردز» (موسم الرياض)

بحضورٍ لافت من الشخصيات البارزة والمرموقة في عالم الفن والموسيقى والرياضة وصناعة الترفيه، أقيم مساء السبت، حفل تتويج الفائزين بالنسخة الخامسة لجوائز «جوي أووردز» (Joy Awards) لعام 2025 في العاصمة السعودية الرياض.

وبعد مشاركة واسعة وإقبال غير مسبوق من الجمهور في مرحلة التصويت، توافد نجوم عرب وعالميون إلى مقر الحفل الذي احتضنته منطقة «anb Arena»، ضمن فعاليات «موسم الرياض»، حيث انضموا بعد المرور على السجادة الخزامية إلى ‏ليلة استثنائية، في أكبر وأهم حفل للجوائز الفنية العربية بالمعايير العالمية.

ومنذ الساعات الأولى من الحدث، وصل نخبة من فناني ونجوم العالم، تقدّمهم الممثل والمنتج العالمي أنتوني هوبكنز، وصانع الأفلام الأميركي مايك فلاناغان، والممثل التركي باريش أردوتش، وأسطورة كرة القدم الفرنسي تييري هنري، وغيرهم.

توافد نجوم الفن إلى مقر حفل «جوي أووردز» في الرياض (هيئة الترفيه)

وواكب وصول النجوم عزف حي وعروض فنية في الرواق، بينما امتلأت باحة الاستقبال بالجماهير التي حيّتهم، وأبدى الضيوف سرورهم بالمشاركة في الحدث الاستثنائي الذي يحتفي بالفن والفنانين.

وأكد فنانون عرب وعالميون، لحظة وصولهم، أن الرياض أصبحت وجهة مهمة للفن، ويجتمع فيها عدد كبير من النجوم، لتكريم الرواد والمميزين في أداءاتهم وإنتاجهم، وتشجيع المواهب الواعدة التي ينتظرها مستقبل واعد في السعودية.

وانطلقت الأمسية الاستثنائية بعرضٍ مميز لعمالقة الفن مع المغنية والممثلة الأميركية كريستينا أغيليرا، وقدَّم تامر حسني ونيللي كريم عرضاً غنائياً مسرحياً، تبعه آخرَان، الأول للموسيقي العالمي هانز زيمر، وجمع الثاني وائل كفوري مع الكندي مايكل بوبليه، ثم عرض للأميركي جوناثان موفيت العازف السابق في فرقة مايكل جاكسون، قبل أن تُختَتم بـ«ميدلي» للمطرب التركي تاركان.

المغنية كريستينا أغيليرا خلال عرضها في حفل «جوي أووردز» (هيئة الترفيه)

وشهد الحفل تكريم الراحل الأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن الذي ترك بصمته الكبيرة في عالم الفن بـ«جائزة صُنَّاع الترفيه الماسيَّة»، تسلّمها نجله الأمير خالد، قبل أن يُقدِّم المغني الأوبرالي الإيطالي الشهير أندريا بوتشيلي مقطوعة موسيقية كلاسيكية إهداء للراحل، و«ديو» جمعه مع فنان العرب محمد عبده.

وتُوِّج رائد السينما السعودية المُخرِج عبد الله المحيسن، والفنان عبد الله الرويشد، والموسيقار بوتشيلي، والممثل مورغان فريمان، والموسيقي هانز زيمر، والمخرج الكوري جي كي يون، والفنان ياسر العظمة، والمُخرِج محمد عبد العزيز بـ«جائزة الإنجاز مدى الحياة»، والممثل الأميركي ماثيو ماكونهي بـ«جائزة شخصية العام»، والمخرج العالمي جاي ريتشي، والممثل الهندي هريثيك روشان، والمصمم اللبناني زهير مراد بـ«الجائزة الفخرية».

الفنان ياسر العظمة يلقي كلمة بعد تكريمه بـ«جائزة الإنجاز مدى الحياة» (هيئة الترفيه)

كما تُوِّج بـ«جائزة صُنّاع الترفيه الفخرية» الممثلة مريم الصالح، والممثلين إبراهيم الصلال، وسعد خضر، وعبد الرحمن الخطيب، وعبد الرحمن العقل، وعلي إبراهيم، وغانم السليطي، ومحمد الطويان. وقدّمها لهم سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي.

وفاز في فئة «المسلسلات»، سامر إسماعيل بجائزة «الممثل المفضَّل» عن دوره في «العميل»، وهدى حسين بـ«الممثلة المفضّلة» عن «زوجة واحدة لا تكفي»، والعنود عبد الحكيم بـ«الوجه الجديد المفضّل» عن «بيت العنكبوت»، و«شباب البومب 12» بـ«المسلسل الخليجي المفضَّل»، و«نعمة الأفوكاتو» بـ«المسلسل المصري المفضَّل»، و«مدرسة الروابي للبنات 2» بـ«المسلسل المشرقي المفضَّل».

أما في فئة «الإخراج»، ففازت رشا شربتجي بجائزة «مخرج المسلسلات المفضَّل» عن عملها «ولاد بديعة»، وطارق العريان بـ«مخرج الأفلام المفضَّل» عن «ولاد رزق 3: القاضية».

حفل استثنائي لتتويج الفائزين بجوائز «جوي أووردز» في الرياض (هيئة الترفيه)

وضمن فئة «السينما»، فاز هشام ماجد بجائزة «الممثل المفضَّل» عن دوره في «إكس مراتي»، وهنا الزاهد بـ«الممثلة المفضَّلة» عن «فاصل من اللحظات اللذيذة»، و«ولاد رزق 3: القاضية» بـ«الفيلم المفضَّل».

وفاز في فئة «الرياضة»، اللاعب سالم الدوسري كابتن فريق الهلال السعودي بجائزة «الرياضي المفضَّل»، ولاعبة الفنون القتالية السعودية هتان السيف بـ«الرياضيِّة المفضَّلة».

أما فئة «المؤثرين»، ففاز أحمد القحطاني «شونق بونق» بجائزة «المؤثر المفضَّل»، ونارين عمارة «نارين بيوتي» بـ«المؤثرة المفضَّلة».

وضمن فئة «الموسيقى»، تقاسَمت «هو أنت مين» لأنغام، و«هيجيلي موجوع» لتامر عاشور جائزة «الأغنية الأكثر رواجاً»، وذهبت «الأغنية المفضَّلة» إلى «الجو» لماجد المهندس، وفاز عايض بـ«الفنان المفضَّل»، وأصالة نصري بـ«الفنانة المفضَّلة»، وراكان آل ساعد بـ«الوجه الجديد المفضَّل».

الرياض وجهة مهمة للفن والرياضة تجمع كبار نجوم العالم (هيئة الترفيه)

وكتب المستشار تركي آل الشيخ رئيس هيئة الترفيه، في منشور على منصة «إكس» للتواصل الاجتماعي: «بدعم مولاي الملك سلمان بن عبد العزيز، وسمو سيدي ولي العهد عراب الرؤية وقائدنا الملهم (الأمير محمد بن سلمان) اليوم نشهد النجاح الكبير لحفل توزيع جوائز جوي أووردز 2025».

وتعدّ «جوي أووردز»، التي تمنحها هيئة الترفيه السعودية، واحدةً من أرقى الجوائز العربية، وتُمثِّل اعترافاً جماهيرياً بالتميُّز في الإنجازات الفنية والرياضية ومجالات التأثير. ويُقدِّم حفلها أحد المشاهير الذي يمثل قيمة جماهيرية لدى متابعيه من جميع أنحاء العالم.

وشهدت جوائز صُنّاع الترفيه في نسختها الخامسة، منافسة قوية في مختلف فئاتها التي تشمل «السينما، والمسلسلات، والموسيقى، والرياضة، والمؤثرين، والإخراج»، مع التركيز على أهم الأعمال والشخصيات المتألقة خلال العام.

وتُمنح لمستحقيها بناء على رأي الجمهور، الأمر الذي صنع منها أهمية كبيرة لدى مختلف الفئات المجتمعية التي يمكنها التصويت لفنانها أو لاعبها المفضل دون أي معايير أخرى من جهات تحكيمية.