حفاوة يمنية بالإفراج عن 5 صحافيين ضمن صفقة تبادل الأسرى

TT

حفاوة يمنية بالإفراج عن 5 صحافيين ضمن صفقة تبادل الأسرى

في الوقت الذي لا تزال فيه الجماعة الحوثية الموالية لإيران تعتقل عدداً من الصحافيين في سجونها، احتفت الحكومة اليمنية بالإفراج عن خمسة منهم، ضمن الصفقة الأوسع لتبادل الأسرى والمحتجزين.
وذكرت المصادر الرسمية أن رئيس الحكومة المكلف الدكتور معين عبد الملك، أجرى اتصالات هاتفية بالصحافيين الذين تم الإفراج عنهم من معتقلات ميليشيا الحوثي الانقلابية، بموجب صفقة التبادل التي رعتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومكتب المبعوث الأممي إلى اليمن.
ونقلت وكالة «سبأ» أن عبد الملك اطمأن على صحة الصحافيين المفرج عنهم، وهم: هشام طرموم، وهشام اليوسفي، وهيثم الشهاب، وعصام بالغيث، وحسن عناب، واستمع منهم إلى ما قاسوه من تعذيب ومعاناة في معتقلات الميليشيات الحوثية؛ موجهاً بتقديم كل أشكال الرعاية والدعم لهم في مختلف الجوانب.
وأوضح رئيس الوزراء اليمني في تصريحاته أن إقحام الصحافيين من قبل ميليشيا الحوثي في صفقة تبادل أسرى أمر مخالف للقوانين الدولية التي لا تجيز مبادلة المعتقل أياً كان بأسير حرب، لافتاً إلى أن المجتمع الدولي والأمم المتحدة أمام مسؤولية أخلاقية وتحدٍّ حقيقي تجاه هذا الموضوع، ما يحتم عليها الضغط على الميليشيات الحوثية لوقف التعسفات بحق المدنيين، بما فيهم الصحافيون الذين يعدون صوت الحقيقة.
وأشار عبد الملك إلى ما تتعرض له الصحافة والإعلام من موجة قمع وتنكيل لم يسبق لها مثيل منذ الانقلاب الحوثي، بعد مصادرة ونهب جميع مؤسسات الإعلام من قنوات تلفزيونية وصحف، وحجب المواقع الإلكترونية وتصفية الصحافيين وإخفائهم قسرياً، منوهاً بالدور الوطني للصحافيين في مساندة الشرعية والدولة والنظام الجمهوري، وما يقدمونه من تضحيات لإعلاء كلمة الحق، والتعبير عن آرائهم باعتبارهم لسان حال الشعب، رغم القمع والتنكيل والانتهاكات التي تعرضوا لها من قبل ميليشيات الحوثي.
ووعد رئيس الوزراء اليمني ببذل كل الجهود للإفراج عن بقية الصحافيين المختطفين في المعتقلات الحوثية بما فيهم من أصدرت الميليشيات بحقهم أوامر إعدام في محاكمات غير قانونية وبتهم ملفقة، حسب تعبيره.
كما شدد على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والاتحاد الدولي للصحافيين لمساندة جهود الحكومة لإطلاق سراح بقية الصحافيين المختطفين في سجون ميليشيات الحوثي، وجميع المختطفين والمخفيين قسراً. وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي قد أنهت (الجمعة) المرحلة الأخيرة ضمن أوسع عملية تبادل للأسرى والمعتقلين بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية، منذ انقلاب الأخيرة على الشرعية أواخر 2014.
وجاءت العملية الواسعة تتويجاً لمباحثات الطرفين الأخيرة في سويسرا؛ استناداً إلى اتفاق استوكهولم وجولات المفاوضات السابقة في الأردن، وتم تنفيذها عبر مطارات صنعاء وسيئون وأبها والرياض؛ حيث اكتملت بتبادل 1056 شخصاً في حين كان من المقرر إطلاق 1081 شخصاً بموجب الاتفاق، غير أن خلاف اللحظات الأخيرة حال دون إطلاق سراح العدد المتبقي. وحظي المفرج عنهم من المعتقلين الموالين للشرعية باستقبال شعبي ورسمي حافل في مدن سيئون وعدن ومأرب وفي الساحل الغربي؛ حيث مدينة المخا.
وفي تصريحات رسمية لوزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال معمر الإرياني، أكد أن الحكومة الشرعية قدمت كثيراً من التنازلات لإنجاح جهود الأمم المتحدة في ملف الأسرى والمختطفين، باعتبار الملف «إنسانياً».
وقال: «الوفد الحكومي المفاوض قبل تبادل مدنيين اختطفوا من منازلهم ومقار أعمالهم بمقاتلين حوثيين أسروا في جبهات القتال، وبذل جهوداً كبيرة لإطلاق كافة الإعلاميين والصحافيين والنشطاء في معتقلات ميليشيا الحوثي، في ظل رفض وتعنت الميليشيا‏».
ودعا الإرياني لتحقيق دولي «عاجل وشفاف في جرائم تصفية عدد من الأسرى في معتقلات ميليشيا الحوثي، بعد إبرام الاتفاق الأخير للتبادل في سويسرا» والذين قال إنهم «فارقوا الحياة تحت وطأة التعذيب النفسي والجسدي، واقتلعت أجزاء من أجسادهم، وتم التمثيل بجثثهم بطريقة وحشية، ومنهم الأسيران محمد الصباري وعزام صيفان‏».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

المشرق العربي جانب من إخضاع الحوثيين سكاناً في مدينة الحديدة للتعبئة القتالية (فيسبوك)

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

بعد أن أخضعت العشرات منهم لدورات تدريبية تعبوية، منعت الجماعة الحوثية إعلاميين وصحافيين وناشطين حقوقيين في محافظة الحديدة اليمنية (223 كلم غرب صنعاء) من العمل.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي جرافة حوثية تهدم محلاً تجارياً في إحدى المناطق التابعة لمحافظة الضالع (فيسبوك)

اعتداءات مسلحة أثناء تحصيل الحوثيين جبايات في الضالع

يتهم سكان محافظة الضالع اليمنية الجماعة الحوثية بارتكاب ممارسات إجرامية خلال تحصيل إتاوات تعسفية وغير قانونية من الباعة والتجار والسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي انتهاكات جسيمة بحق الصحافة والصحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية خلال سنوات الانقلاب والحرب (إعلام محلي)

تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

أشهر عدد من المنظمات المحلية، بالشراكة مع منظمات أممية ودولية، شبكة لحماية الحريات الصحافية في اليمن التي تتعرّض لانتهاكات عديدة يتصدّر الحوثيون قائمة مرتكبيها.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

يواجه الآلاف من مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خطر الموت بسبب إهمال الرعاية الطبية وسط اتهامات للجماعة الحوثية بنهب الأدوية والمعونات

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».