الجيش الجزائري يدعو إلى تأييد الدستور الجديد لـ «وقف المتآمرين»

أكبر حزب إسلامي يندد بمنعه من خوض حملته ضد الاستفتاء

TT

الجيش الجزائري يدعو إلى تأييد الدستور الجديد لـ «وقف المتآمرين»

بينما دعا قائد الجيش الجزائري إلى تأييد الدستور الجديد لـ«الوقوف في وجه المتآمرين»، استنكر رئيس أكبر حزب إسلامي الدعم الذي قدمته الحكومة الفرنسية لمسعى الاستفتاء على المراجعة الدستورية، المقررة في الأول من الشهر المقبل، وعدّه «سبباً كافياً للتصويت بلا».
وقال الفريق سعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش أمس، أثناء اجتماعه بقياديي وكوادر «الناحية العسكرية الأولى» (وسط) أمس، إن قيادة الجيش «على يقين تام بأن هذا الشعب الأصيل سيسطر، بمناسبة الاستفتاء على مشروع تعديل الدستور، ملحمة عظيمة في سبيل الوطن، سيحفظها التاريخ، وتصونها الذاكرة الجماعية للأمة قاطبة، وستكون هذه الملحمة لبنة قوية أخرى، يعلي بها شعبنا الأبي شأنه بين الأمم والشعوب، من خلال مشاركته القوية في هذا الاستفتاء الهام، بل والحاسم».
وأكد شنقريحة، بحسب ما نشره الموقع الإلكتروني لوزارة الدفاع، أن «شباب الجزائر سيكون على موعد مع القدر ليصنع تاريخ بلاده بنفسه، ويرسم معالم الجزائر الجديدة، تبعاً لإرادته وطموحاته، كما فعل عظماء نوفمبر (تشرين الثاني) الخالدون (الشهر الذي شهد تفجير ثورة الاستقلال عام 1954)، والذين منحوا الجزائر كبرياء ومجدا خالدا لا يزول، ويكونوا إلى جانب إخوانهم في الجيش الوطني الشعبي، متحدين ومتآزرين، يقفون سداً منيعاً في وجه المتآمرين، الذين لن يُفلِحوا أبداً في تدنيس هذه الأرض المسقية بدماء الشهداء الأمجاد».
ولم يذكر قائد الجيش الثمانيني من يقصد بـ«المتآمرين»، لكن السلطة المدنية والعسكرية في البلاد دأبت على شجب «المؤامرات الداخلية المنفذة بأيادٍ داخلية»، كلما كانت مقبلة على مشروع سياسي هام بالنسبة لها. ويجري الترويج للدستور الجديد على أنه يحمل حلولاً لكل الأزمات، والمشكلات السياسية والاقتصادية التي تواجه البلاد.
ويعزز تصريح شنقريحة قناعة المعارضة بأن الجيش يتدخل في شؤون السياسة والحكم المدني. وكان قائد الجيش نفى ذلك قطعياً في مقابلة مع صحيفة فرنسية، نشرت الأسبوع الماضي، إذ قال إن التكوين الذي تلقاه العساكر الجزائريون «لا يؤهلهم للاهتمام بالسياسة». والشائع أن رئيس أركان الجيش السابق، الفريق أحمد قايد صالح المتوفى نهاية العام الماضي، هو من فرض عبد المجيد تبون رئيسا للبلاد.
في سياق ذي صلة، استنكر عبد الرزاق مقري، رئيس «حركة مجتمع السلم» الإسلامية، خلال اجتماع بأطر الحزب أمس بالعاصمة، تأييد فرنسا لمشروع الدستور، وقال إن «الوصاية الفرنسية في الجزائر متجلية في الشأن السياسي والاقتصادي والثقافي. فما معنى أن يشيد الوزير الفرنسي بالدستور؟ وما دخل فرنسا حتى تعبر عن رأيها في هذا الموضوع؟». في إشارة إلى زيارة لوزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان إلى الجزائر الخميس الماضي، وخوضه في موضوع الدستور.
وذكر مقري أن فرنسا «لا تستطيع إمساك نفسها عن التدخل في شؤون الجزائر لأن الثقافة والذهنية الاستعمارية تغلبها، وتجعلها تتكلم في موضوع هو في الأصل محل خلاف بين الجزائريين». مشيراً إلى أن «المصالح الفرنسية صارت محفوظة اليوم بعد الحراك». كما اعتبر مقري أن موقف فرنسا من الدستور «سبب كاف يدفع إلى التصويت ضده».
وكان لودريان قد صرح للصحافة بعد لقاء جمعه بتبون بأن «الجزائر على عتبة مرحلة مهمة، ستسمح للشعب الجزائري بالتصويت في الأول من نوفمبر المقبل على مشروع مراجعة الدستور»، وقال إن «الرئيس تبون أعرب عن نواياه في إصلاح المؤسسات لتعزيز الحوكمة، والتوازن بين السلطات والحريات (...) وينبغي على الجزائريين أن يجسدوا طموحاتهم، المعبر عنها بتحضر وكرامة، وفي إطار مؤسسات قادرة على بلورتها، وهم وحدهم من يستطيعون ترجمة تطلعات الحراك الشعبي». واحتج مقري بشدة على منع حزبه من خوض حملته ضد الاستفتاء، التي دخلت أمس يومها العاشر، وذلك في الفضاءات المخصصة للحملة. وعدّ ذلك «مؤشراً سيئاً حول احترام السلطة للحريات، التي تتحدث عن تكريسها في الدستور الجديد».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.