الانفاق السخي لأندية الدوري الإنجليزي الممتاز يتنافى مع إعلانها عن قرب إفلاسها

الصفقات الباهظة التي عقدها «الكبار» تتجاهل الأزمة المالية التي تلوح في الأفق

كاي هافرتز (72 مليون جنيه إسترليني)... أغلى صفقات تشيلسي (أ.ب)
كاي هافرتز (72 مليون جنيه إسترليني)... أغلى صفقات تشيلسي (أ.ب)
TT

الانفاق السخي لأندية الدوري الإنجليزي الممتاز يتنافى مع إعلانها عن قرب إفلاسها

كاي هافرتز (72 مليون جنيه إسترليني)... أغلى صفقات تشيلسي (أ.ب)
كاي هافرتز (72 مليون جنيه إسترليني)... أغلى صفقات تشيلسي (أ.ب)

أنفقت أندية الدوري الإنجليزي الممتاز 1.45 مليار جنيه إسترليني على التعاقد مع لاعبين جدد، معظمهم من الخارج، في فترة الانتقالات الصيفية لهذا العام، أقل بنسبة 11 في المائة فقط مما أنفقته خلال فترة الانتقالات الصيفية للعام الماضي، عندما لم يكن من الممكن تخيل هذه الحياة البائسة في ظل تفشي فيروس كورونا.
وكان تشيلسي، بقيادة مالكه رومان أبراموفيتش، هو الأكثر إنفاقا، حيث بلغ صافي ما أنفقه على التعاقدات الجديدة 152 مليون جنيه إسترليني، بعدما تم رفع الإيقاف الذي كان مفروضا عليه من الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا، والذي كان يمنعه من عقد صفقات جديدة. وأنفق مانشستر سيتي 105 ملايين جنيه إسترليني على التعاقد مع مدافعين اثنين، هما روبين دياش وناثان أكي. وأنفق آرسنال 45 مليون جنيه إسترليني للتعاقد مع نجم خط الوسط الغاني توماس بارتي من أتلتيكو مدريد، في حين دفع ليفربول لوولفرهامبتون واندررز 41 مليون جنيه إسترليني للحصول على خدمات ديوغو جوتا، وتمتد القائمة لتشمل 28 عملية شراء بتكلفة إجمالية بلغت 20 مليون جنيه إسترليني أو أكثر.
وعلاوة على ذلك، سيتم دفع الملايين غير المعروفة، والتي لن يتم الإعلان عنها أبدا، لوكلاء اللاعبين لأنهم يلعبون دور «الوساطة» - وهو المصطلح الرسمي في كرة القدم الآن، بعد الاعتراف بأن هؤلاء الوكلاء يعملون لصالح الأندية واللاعبين في نفس الوقت؛ وربما يأتي وكيل الأعمال البرتغالي خورخي مينديز في مقدمة وكلاء اللاعبين من حيث الحصول على المبالغ المالية الطائلة في سوق انتقالات اللاعبين خلال الصيف الجاري.
ولا داعي للقول إن كل هذه الأموال قد تم إنفاقها في ظل أزمة صحية قاتمة، وما ترتب عليها من ضغوط هائلة على الحياة الطبيعية والنشاط الاجتماعي، وانخفاض لعائدات الأندية من تذاكر حضور المباريات. ورغم إنفاق الملايين على التعاقد مع لاعبين جدد، فإن كل الحديث داخل أروقة أندية كرة القدم الآن يدور عن الصعوبات والمشاكل المالية! ومن المؤكد أن الأندية التي تلعب في الدوريات الأدنى من الدوري الإنجليزي الممتاز تعاني بشكل أسوأ بكثير، في ظل حرمانها من الدعم الذي كان يقدم لها وانخفاض عائدات البث التلفزيوني. ورغم أن الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري الدرجة الأولى قد تمكنا من إنهاء موسم 2019 - 2020، فإن دوري الدرجة الثانية ودوري الدرجة الثالثة وجميع الدوريات الأدنى منهما لم تستكمل الموسم الماضي وتم إلغاؤه بسبب تفشي فيروس كورونا.
وأكد رئيس رابطة الأندية الأدنى من الدوري الإنجليزي الممتاز، بيك باري، منذ عدة أشهر على أن هذه الأندية بحاجة إلى خطة إنقاذ بقيمة 250 مليون جنيه إسترليني لتعويض الخسائر الهائلة التي تكبدتها خلال الموسم الماضي والموسم الحالي. لكن أندية الدوري الإنجليزي الممتاز أنفقت بشكل سخي على التعاقد مع لاعبين جدد من البلدان الأوروبية الأخرى، بدون أن تضع أي اعتبار للأزمة الطاحنة التي تعصف بالأندية.
ومن السهل للغاية أن تدرك أن أغلى خمس صفقات أبرمتها أندية الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم كانت كفيلة بأن تغطي كل العجز المالي الذي تعاني منه جميع الأندية الـ72 في الدوريات الأدنى من الدوري الإنجليزي الممتاز: كاي هافرتز 72 مليون جنيه إسترليني، ودياش 64.3 مليون جنيه إسترليني، وبن تشيلويل 50 مليون جنيه إسترليني، وتيمو فيرنر 47.5 مليون جنيه إسترليني، وبارتي 45 مليون جنيه إسترليني. ورغم كل هذا الإنفاق السخي، وحقيقة أن صفقة البث التلفزيوني لموسم 2019 - 2020 لا تزال الأعلى في كرة القدم العالمية بقيمة 8.65 مليار جنيه إسترليني، لا تخفي أندية الدوري الإنجليزي الممتاز أنها تعاني من أزمة مالية كبيرة، وتضغط على الحكومة من أجل السماح بعودة الجماهير للملاعب لتعويض جزء من هذه الخسائر.
وتظهر الأرقام هذه الحقيقة بوضوح، حيث أعاد الدوري الإنجليزي الممتاز 300 مليون جنيه إسترليني لشركات البث التلفزيوني على الصعيدين الوطني والدولي بسبب الاضطرابات التي شهدها الموسم الماضي، ومن المحتمل أن يكون هناك المزيد من الخصومات لشركات البث التلفزيوني هذا الموسم. ومن المتوقع أن تصل خسائر أندية الدوري الإنجليزي الممتاز إلى 700 مليون جنيه إسترليني إذا لم يسمح للمشجعين بالعودة للملاعب طوال الموسم. وعلاوة على ذلك، انهارت صفقة البث التلفزيوني القياسية في الصين، وتم خسارة 175 مليون جنيه إسترليني هذا الموسم واستبدالها بـ10 ملايين جنيه إسترليني فقط في هيئة رسوم تدفع مقدما للاشتراك في مشاهدة المباريات!
ورغم كل ذلك، أنفقت الأندية 1.2 مليار جنيه إسترليني، بصافٍ يبلغ 880 مليون جنيه إسترليني، على اللاعبين ورواتبهم، في أحدث حلقة مجنونة منذ انفصال أندية الدرجة الأولى عن باقي الدوريات وتكوينها للدوري الإنجليزي الممتاز بشكله الجديد في عام 1992. لكن رد فعل أندية الدوريات الأدنى من الدوري الإنجليزي الممتاز كان مفاجئا واتسم بالصمت. ومن المعروف أن باري، الذي كان أول رئيس تنفيذي للدوري الإنجليزي الممتاز وأحد مهندسي انطلاق الدوري الإنجليزي الممتاز بشكله الجديد، يفكر بعقلية تجارية في المقام الأول، لذلك فهو يدرك أن الأندية ستواصل شراء اللاعبين.
وبالتالي، فإن الحل أعمق بكثير من مجرد توجيه أصابع الاتهام إلى الأندية بسبب إنفاقها بسخاء في فترة الانتقالات الأخيرة؛ لأن الأندية لم تتوقف عن الإنفاق بهذا الشكل منذ 28 عامًا. إن الدعوة إلى إنقاذ الأندية المشاركة في الدوريات الأقل من الدوري الإنجليزي الممتاز قد أدت إلى طرح بعض الأسئلة الكئيبة حول ما إذا كانت أندية الدوري الإنجليزي الممتاز مطالبة من الأساس بتقديم الدعم لهذه الأندية أم لا، لكن هذه الحجج السخيفة تتناسى تاريخ اللعبة ونسيجها القوي والحقيقة الواضحة بأن هرم كرة القدم في إنجلترا متصل ببعضه البعض بشكل قوي، وبالتالي يجب تقليل الفجوات والانقسامات بين الدوريات وبعضها البعض، وليس تعميقها.
وبالنسبة لأولئك الذين يرون أن الأندية الكبيرة ليس لديها مصلحة في تقديم الدعم للأندية التي تشارك في الدوريات الأدنى من الدوري الإنجليزي الممتاز، هناك بعض المفاجآت التي يجب أن يدركوها، فقد اقترح إد وودوارد، نائب الرئيس التنفيذي لمانشستر يونايتد، أن يقترض الدوري الإنجليزي مليار جنيه إسترليني، بالنظر إلى أسعار الفائدة التي لا تذكر تاريخياً، على أن يتم تقديم 300 مليون جنيه إسترليني منها للدوريات الأدنى من الدوري الإنجليزي الممتاز، وقد حظيت هذه الفكرة ببعض الدعم، لكن الدوري الإنجليزي الممتاز لم يتخذ خطوات ملموسة للمضي قدما في هذه الخطة. إن كرة القدم الإنجليزية تحتاج إلى التعاون والعمل الجماعي مرة أخرى، ويمكن أن يحدث ذلك بشكل أساسي عن طريق إدخال الدوريات الأدنى في صفقات البث التلفزيوني في المستقبل. وإذا كان ذلك ممكنًا، فسيتعين على الأندية الكبرى أن تدعمه. وإذا لم تتخذ مثل هذه الخطوات الآن، فمتى؟


مقالات ذات صلة

يونايتد ينتزع تعادلاً مستحقاً أمام ليفربول في معقل «أنفيلد»

رياضة عالمية أماد ديالو (رقم 16) يسجل هدف التعادل ليونايتد في مرمى ليفربول (رويترز)

يونايتد ينتزع تعادلاً مستحقاً أمام ليفربول في معقل «أنفيلد»

انتفض مانشستر يونايتد بعد سلسلةٍ من الخسائر، وخرج بتعادل مثير 2-2 أمام مضيفه ليفربول المتصدر في قمة مباريات الجولة العشرين للدوري الإنجليزي الممتاز، أمس، التي

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية أنطونين كينسكي (أ.ب)

توتنهام يتعاقد مع الحارس التشيكي كينسكي

أعلن توتنهام هوتسبير، المنافس في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم اليوم (الأحد)، تعاقده مع حارس المرمى التشيكي أنطونين كينسكي، قادماً من سلافيا براغ.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية الثلوج تساقطت كثيراً في ليفربول (إ.ب.أ)

رغم تساقط الثلوج... مباراة ليفربول ويونايتد في موعدها

أعلن ناديا ليفربول ومانشستر يونايتد المنافسان في الدوري الإنجليزي الممتاز أن مباراتهما اليوم الأحد ستقام في موعدها رغم الظروف الجوية السيئة وتساقط الثلوج.

«الشرق الأوسط» (ليفربول)
رياضة عالمية أرتيتا مدرب آرسنال: قرار الحكم «لم أشاهد مثله في حياتي»

أرتيتا مدرب آرسنال: قرار الحكم «لم أشاهد مثله في حياتي»

قال ميكل أرتيتا مدرب آرسنال إن أخطاء بسيطة وراء التعادل 1 - 1 مع برايتون آند هوف ألبيون.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية رأسية إيزاك تهز شباك مانشستر يونايتد خلال فوز نيوكاسل في «أولد ترافورد» (إ.ب.أ)

هل ألكسندر إيزاك أفضل مهاجم في الدوري الإنجليزي هذا الموسم؟

لعب إيزاك دوراً كبيراً في التحسن الذي طرأ مؤخراً على أداء ونتائج نيوكاسل بقيادة المدير الفني إيدي هاو


مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».