بدء تطبيق إصلاحات السياسة الزراعية المشتركة في الاتحاد الأوروبي في ظل معاناة بسبب الحظر الروسي

تتضمن توزيع المساعدات على المزارعين ومتطلبات بيئية محددة وتجنب الإعانات المشبوهة

بدء تطبيق إصلاحات السياسة الزراعية المشتركة في الاتحاد الأوروبي في ظل معاناة بسبب الحظر الروسي
TT

بدء تطبيق إصلاحات السياسة الزراعية المشتركة في الاتحاد الأوروبي في ظل معاناة بسبب الحظر الروسي

بدء تطبيق إصلاحات السياسة الزراعية المشتركة في الاتحاد الأوروبي في ظل معاناة بسبب الحظر الروسي

اعتبارا من مطلع العام الجديد، بدأ التطبيق الفعلي لإصلاحات السياسة الزراعية الأوروبية المشتركة، التي تشمل حسابا جديدا على الدخل المباشر، ووضع سياسة زراعية مشتركة أكثر استدامة، وتجنب الإعانات التي تأتي من شركات علاقتها ضعيفة أو معدومة مع الزراعة مثل المطارات أو النوادي الرياضية.
وقالت وسائل الإعلام البلجيكية، أمس، إن «الإصلاحات على السياسة الزراعية المشتركة التي تمتد من 2014 إلى 2020 تبدأ التطبيق العملي اعتبارا من مطلع يناير (كانون الثاني) 2015 من منطلق إعطاء الدول الأعضاء والمناطق الفرصة لتكييف تشريعاتها، والفرصة للمزارعين للاستعداد. ويأتي ذلك بعد أن توصل ممثلو المؤسسات الأوروبية إلى اتفاق بشأن الهيكل الجديد للسياسة الزراعية المشتركة، والمعروفة أيضا باسم «CAP». بعد عملية تفاوضية استمرت لما يزيد على سنتين ونصف، ووضع كل البرلمان الأوروبي، والمفوضية الأوروبية ومجلس الاتحاد الأوروبي، الأسس لجعل السياسة الاقتصادية الأوروبية متكاملة وطويلة الأمد.
والسياسة الزراعية المشتركة الجديدة «ستولي المزيد من الاهتمام بالزراعة على نحو مستدام وعادل»، وقالت المفوضية الأوروبية ببروكسل كمسألة مبدأ، فإن «CAP» ستكون أكثر استدامة في أنها ستصبح أصرم عندما يتم تنفيذها في عام 2015 في توزيع المساعدات للمزارعين، وكذلك سيكون لديها متطلبات بيئية محددة. فقط بمعنى أن التمويل من 2014 - 2020 سيبدأ خلال العملية التي ستشهد توزيع وتمويل أكثر عدالة فيما بين الدول الأعضاء المختلفة في الاتحاد الأوروبي.
وفي عام 2010، أنفق الاتحاد الأوروبي 57 مليار يورو على التنمية الزراعية، منها 39 مليار يورو تم إنفاقها على الدعم المباشر، ويشكل الدعم الزراعي ودعم مصائد الأسماك أكثر من 40 في المائة من ميزانية الاتحاد الأوروبي. ومنذ عام 1992 (وخصوصا في 2005)، شهدت السياسة الزراعية العامة للاتحاد الأوروبي تغييرا كبيرا، فقد تم فصل الدعم الحكومي بشكل كبير عن الإنتاج.
وفي منتصف عام 2013 اجتمع وزراء الزراعة الأوروبيون في دبلن، بهدف تمهيد الطريق للإصلاح الزراعي، وتسهيل التوصل إلى اتفاق مع المؤسسات الأوروبية الأخرى حول إجراءات رئيسية عالقة مثل المساعدات المالية للمزارعين. وشارك البرلمان الأوروبي والمفوضية في هذه المحادثات وعلى جدول أعمال المباحثات كان ملف إعادة توزيع أكثر عدالة للمساعدات الزراعية بين المزارعين في بلد واحد. وكان يخصص نحو 80 في المائة من المساعدات لـ20 في المائة من المنشآت الزراعية وعملت المفوضية في إقرار دفعة موحدة على أساس الهكتار (وحدة لمساحة الأرض) اعتبارا من عام 2019، أو التوصل على الأقل في هذا التاريخ إلى حد أدنى من التوافق، في حين تبنت بعض الدول مثل آيرلندا أو إيطاليا، أساس عملية التوزيع على مستويات إنتاج سابقة. وطريقة الاحتساب هذه تميل لمصلحة المنشآت الزراعية الكبرى.
لكن مجلس الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والبرلمان سعى إلى مزيد من الليونة في إعادة التوازن إلى المساعدات، ويعتبر مرحلة عام 2019 قريبة جدا في الإطار الزمني. وعادت المفوضية تقول إنها مستعدة لمراجعة اقتراحها الأساسي بشأن دفعة محددة على المستوى الإقليمي أو الوطني. لكن في المقابل، نريد تحديد عتبة دنيا بالنسبة إلى الدفعات. وأضافت: «لن يكون في وسعنا أن نقبل بعد الإصلاح أن يحصل بعض المزارعين على 50 يورو عن الهكتار الواحد، وآخرون على ألف يورو داخل المنطقة نفسها أو البلد نفسه». وتبقى الزراعة البند الرئيسي في نفقات الاتحاد الأوروبي بحصولها على نحو 38 في المائة من الموازنة الإجمالية، على الرغم من خفض 12 في المائة من مخصصاتها للسنوات السبع المقبلة (2014 - 2020) إلى 373.2 مليار يورو.
وكان الموضوع الشائك الآخر المطروح على البحث في دبلن تمثل في سقف المساعدات المدفوعة لكبرى المنشآت الزراعية. وأرادت بروكسل والبرلمان تحديد قيمة المساعدات التي تتقاضاها كل مزرعة (بعد حسم مجموع الرواتب) بـ300 ألف يورو سنويا، وتقليص المدفوعات الأكبر بصورة تناقصية إلى 150 ألف يورو. وكانت الدول ترغب في الاحتفاظ بإمكانية إجراء تقديراتها بنفسها في هذا المجال. وأبدت ألمانيا خصوصا قلقها حيال إدارة العدد الكبير من المنشآت الزراعية الكبرى على أراضيها، وخصوصا في شرق البلاد، وهو من مخلفات الهيئات المحلية في جمهورية ألمانيا الشرقية سابقا. وعملت المفاوضات أيضا على تعبيد الطريق أمام تفاهم حول المساعدات التي ترافق بعض المنتجات التي تواجه صعوبات مثل تربية الماشية لإنتاج الحليب، وهو إجراء دافعت عنه بقوة فرنسا، أول المستفيدين من السياسة الزراعية المشتركة وإصلاح السياسة الزراعية المشتركة. في سبتمبر (أيلول) الماضي قال نواب في البرلمان الأوروبي من تكتل اليسار مع الخضر، إن «المزارعين في الاتحاد الأوروبي يدفعون ثمن السياسة الخارجية المتبعة في ملف الأزمة الأوكرانية، وإن هناك حالة من القلق جراء الآثار التي ترتبت على قرار موسكو حظر المنتجات الغذائية والزراعية من الاتحاد الأوروبي ردا على عقوبات أوروبية صدرت ضد روسيا نهاية يوليو (تموز) الماضي». يأتي ذلك فيما اعترف داتشيان سيولوش، المفوض الأوروبي لشؤون الزراعة، في ذلك الوقت، بأن «الأثر المالي للحظر الروسي يصل إلى 5 مليارات يورو، وله تأثيرات على الآلاف من المزارعين الأوروبيين، وهناك قلق أوروبي بشأن تأثيرات هذا الحظر». ولكن، في الوقت نفسه، شدد المفوض الأوروبي على «ضرورة العمل المشترك لإيجاد أسواق بديلة وجديدة، ولهذا الغرض ضاعفت المفوضية الأوروبية المبالغ المالية المخصصة من 30 مليون يورو إلى 60 مليونا، كما بحث الجهاز التنفيذي الأوروبي إمكانية اتخاذ خطوات أخرى في هذا الصدد».
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قال روجر وايت، المتحدث باسم المفوضية الأوروبية: «بالنسبة للحظر الروسي فهو مجرد سوق واحد فقط نصدر له، ويمكن إيجاد البديل، ونحن نراقب الموقف ولدينا من الإجراءات والآليات ما يكفي للقيام بالخطوات المطلوبة لمواجهة الأمر». وفي تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، قال أيدمون فان بيركيل، مزارع بلجيكي: «هناك تأثيرات بالفعل علينا بصفتنا مزارعين، وخصوصا المزارع الذي يعتمد على محصول واحد مثل التفاح أو الخوخ أو الطماطم، وكان يجب على المفوضية الأوروبية أن تأتي إلى هنا لترى الأمر على أرض الواقع، ولكنها لم تفعل ذلك واكتفت بقرارات مكتوبة على الورق. أما صرف أموال تعويضا لنا، فأنا لا أعتقد ذلك، لأن الخزينة الأوروبية خاوية ويعانون من أزمة».
وقال بيان لكتلة اليساريين والخضر داخل البرلمان الأوروبي التي تضم 52 عضوا من 14 دولة أوروبية، إن «أعضاء الكتلة كانت لهم مداخلات في نقاش جرى خلال جلسة للبرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، وكان النقاش حول تأثيرات الحظر الروسي على المنتجات الغذائية والزراعية». وقالت ليديا سيرنا إنه «من الضروري ضمان وصول مساعدات إلى المزارعين الذين تضرروا من هذا الحظر، وذلك دون تمييز، وعبر كل القطاعات، كما يجب أن يكون الدعم والمساعدات كافية لتغطية تكاليف الإنتاج». وقال العضو مات كارثي إن «الحظر الروسي المفروض على المنتجات الغذائية والزراعية الأوروبية هو تطور مقلق ويعكس فشل كل من الدبلوماسية الروسية والأوروبية». ودعا عضو البرلمان الأوروبي إلى «ضرورة أن تتخذ المفوضية الأوروبية المزيد من الإجراءات لضمان تغطية الخسائر بالنسبة لصغار المزارعين وتعويضهم ووضع سيناريوهات لتأثيرات طويلة المدى». وأضاف: «صغار المزارعين في حاجة إلى المفوضية باعتبارها صديقا وليس للبيروقراطية والجلوس مكتوفي الأيدي». وقال العضو بابلو أغلسياس إن «تصدير أوروبا إلى روسيا من المنتجات الغذائية والزراعية يصل إلى ملياري يورو، بينما تكتفي المفوضية الأوروبية بتخصيص 125 مليون يورو كمساعدة». ونوه إلى أن «السياسة الخارجية لا يجب أن تقامر على المزارعين، ولا بد من البحث عن علاقة سلمية مع موسكو». من جانبه أدان العضو ميغيل فيجاس ما وصفه بـ«المعايير المزدوجة» التي يتبعها الاتحاد الأوروبي؛ حيث لم يفرض أي عقوبات على إسرائيل التي قامت بخرق خطير للقانون الدولي بعد أن قصفت غزة، وتساءل العضو مانوليس جلزوس قائلا: «ألم تفكر المفوضية الأوروبية في تداعيات فرض عقوبات اقتصادية على روسيا.. هل لم تتوقع المفوضية هذا الهجوم المضاد من موسكو؟».
وقررت المفوضية الأوروبية تخصيص مبالغ إضافية لمعالجة الصعوبات التي يمكن أن يواجهها القطاع الزراعي نتيجة للحظر الروسي، وقال بيان للمفوضية إنها خصصت 60 مليونا إضافية لموازنة بقيمة 60 مليونا أخرى مخصصة لبرنامج لتعزيز الترويج للمنتجات الزراعية، انطلق العمل به ويستمر طوال عام 2015، وبالتالي يصل إجمالي المبالغ المخصصة إلى 120 مليون يورو بدلا من 60 مليون يورو جرى اعتمادها في وقت سابق، وقالت المفوضية الأوروبية ببروكسل إنها تتفهم جيدا حالة القلق في قطاع الزراعة بالاتحاد الأوروبي، «ولكن السياسة الزراعية المشتركة لديها الأدوات الجديدة واللازمة للوقوف إلى جانب المزارعين».
وجاء ذلك بعد أن دعت الحكومة البلجيكية بقية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى التنسيق والتشاور لإيجاد أسواق بديلة للسوق الروسية. وأشار بيان حكومي في بروكسل إلى أن صادرات بلجيكا إلى روسيا سوف تتأثر من المنتجات الغذائية، وخصوصا من الكمثرى والتفاح والطماطم والألبان، وتمثل المنتجات الغذائية 7 في المائة من صادرات بلجيكا إلى روسيا فقط بقيمة تزيد قليلا عن 200 مليون يورو. وكانت المفوضية الأوروبية أكدت أن قرار روسيا بحظر استيراد المنتجات الزراعية والغذائية الأوروبية له دوافع سياسية انتقامية، وأعلنت أنها «تحتفظ بحق الرد بعد إجراء تقييم شامل لأثر القرار الروسي.



«قطار الرياض» يصل إلى آخر محطاته بافتتاح «المسار البرتقالي»

جانب من إحدى محطات «قطار الرياض» (النقل العام لمدينة الرياض)
جانب من إحدى محطات «قطار الرياض» (النقل العام لمدينة الرياض)
TT

«قطار الرياض» يصل إلى آخر محطاته بافتتاح «المسار البرتقالي»

جانب من إحدى محطات «قطار الرياض» (النقل العام لمدينة الرياض)
جانب من إحدى محطات «قطار الرياض» (النقل العام لمدينة الرياض)

مع انطلاق «المسار البرتقالي»، اليوم (الأحد)، اكتمل تشغيل مسارات «قطار الرياض»، المشروع الأضخم من نوعه في العالم، وفق ما أعلنت الهيئة الملكية لمدينة الرياض.

وتأتي هذه الخطوة في إطار الخطة التوسعية للمشروع الذي تم تدشينه في ديسمبر (كانون الأول) 2024.

يربط «المسار البرتقالي - محور طريق المدينة المنورة» شرق الرياض بغربها، حيث يمتد من طريق جدة غرباً حتى الطريق الدائري الشرقي الثاني في منطقة خشم العان شرقاً، وذلك بطول إجمالي يبلغ 41 كيلومتراً. ويشمل المسار 5 محطات رئيسية هي: «طريق جدة»، و«طويق»، و«الدوح»، و«طريق هارون الرشيد»، و«النسيم» التي تعد محطة تحويل تربط بين المسار البرتقالي والمسار البنفسجي.

ويتميز هذا المسار بوجود أكبر عدد من مواقف السيارات مقارنة ببقية المسارات، حيث يصل إلى 3600 موقف، ما يعزز من سهولة الوصول إلى المحطات من قِبَل مستخدمي القطار. وفي خطوة موازية، بدأ تشغيل ثلاث محطات جديدة على «المسار الأزرق - محور طريق العليا البطحاء»، وهي محطات «المروج»، و«بنك البلاد»، و«مكتبة الملك فهد».

ويُعد «قطار الرياض» أضخم مشروعات النقل العام، حيث يغطي كامل مساحة العاصمة ضمن مرحلة واحدة. ويشمل شبكة متكاملة من 6 مسارات تمتد على طول 176 كيلومتراً، وتضم 85 محطة، من بينها 4 محطات رئيسية. ويتميز بكونه أطول شبكة قطار من دون سائق في العالم. ويحظى القطار بقدرة استيعابية تصل إلى 3.6 مليون راكب يومياً، مما يعزز الربط بين مختلف أجزاء العاصمة، ويسهم في تسهيل حركة التنقل للساكنين والزوار. وتستهدف الهيئة الملكية لمدينة الرياض من خلال هذا المشروع تحسين جودة الحياة، بما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030».

جانب من إحدى محطات «المسار البرتقالي» (واس)

الجدير ذكره أن تكلفة التنقل عبر «قطار الرياض» هي الأقل بين دول «مجموعة العشرين»، حيث يشكل تكاليف التنقل نحو 0.5 في المائة من دخل الفرد اليومي في السعودية، الذي يعادل 195 دولاراً (733 ريالاً).

وتبدأ ساعات تشغيل «قطار الرياض» من السادسة صباحاً حتى منتصف الليل، ويمكن للمستخدمين تحديد وجهاتهم وشراء التذاكر عبر تطبيق «درب»، أو من خلال مكاتب بيع التذاكر أو أجهزة الخدمة الذاتية في المحطات. كما يوفر القطار وسائل دفع رقمية متعددة عبر البطاقات المصرفية والائتمانية، وكذلك الهواتف الذكية.

تعد شبكة «قطار الرياض» جزءاً أساسياً من خطة المملكة لتطوير قطاع النقل العام في إطار «رؤية 2030». ومن خلال هذا المشروع، تسعى البلاد إلى تخفيف الازدحام المروري، وتعزيز الاستدامة البيئية، وتوفير وسائل نقل آمنة.