مسؤول رفيع في الاتحاد الأفريقي يطرح فكرة الحوار مع «الإرهابيين»

دعا مسؤول كبير في الاتحاد الأفريقي إلى «النظر في إمكان محاورة المتطرفين» في منطقة الساحل الأفريقي؛ وهو ما يعيد النقاش حول الموضوع إلى الواجهة في المنطقة التي تشهد منذ سنوات عدة حرباً شرسة ضد التنظيمات الإرهابية.
وقال مفوض الاتحاد الأفريقي للسلام والأمن، إسماعيل شرقي، في مقال منشور على صحيفة «لوتان» السويسرية، إن «أي فكرة مبتكرة هي موضع ترحيب لإسكات صوت الأسلحة في أفريقيا، وفي المقام الأول تلك التي يحملها الإرهابيون والمتطرفون العنيفون».
وأضاف شرقي، أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الولايات المتحدة وحركة «طالبان» الأفغانية في 29 فبراير (شباط) الماضي، قد يشكل «إلهاماً» لدى دول الاتحاد الأفريقي التي تعاني من ظاهرة الإرهاب؛ وذلك من أجل «البحث عن إمكانية محاورة المتطرفين وتشجيعهم على إلقاء أسلحتهم، لا سيما أولئك الذين تم تجنيدهم قسراً».
وتأتي هذه التصريحات بعد مفاوضات قامت بها الحكومة في دولة مالي مع تنظيم «القاعدة»، أسفرت قبل أسبوع عن تحرير رهائن غربيين وزعيم المعارضة المالية سوميلا سيسي، مقابل الإفراج عن أكثر من 200 من مقاتلي التنظيم الإرهابي.
وكانت هذه المفاوضات قد جرت عبر وسطاء محليين، ولعب الفرنسيون فيها دوراً، مكّنهم من تحرير عاملة إغاثة كانت آخر رهينة فرنسية في العالم، اختطفتها «القاعدة نهاية» عام 2016، عندما كانت تعمل في مدينة «غاو» في شمال مالي.
وبعد عودته من الاختطاف، قال زعيم معارضة مالي سوميلا سيسي، في تصريح صحافي، إنه رجع من تجربة الاختطاف والعيش مع القاعدة لأكثر من ستة أشهر بقناعة راسخة بضرورة وضع مقاربة جديدة لحل الأزمة الأمنية في مالي.
وقال سيسي، إنه اكتشف أن من يحاربهم الجيش المالي هم مجرد «رجال»، تاركاً الانطباع بإمكانية الحوار معهم، خاصة أن سيسي مرشح بقوة ليكون الرئيس المقبل لدولة مالي عقب الانتخابات التي ستنظم في غضون 18 شهراً؛ إذ سبق أن حل ثانياً في ثلاث انتخابات رئاسية.
وسبق أن قال رئيس مالي السابق إبراهيم بوبكر كيتا، فبراير الماضي، إنه مستعد لفتح حوار مع الإرهابيين، وردت عليه «القاعدة» في بيان قالت فيه، إنها مستعدة للحوار، لكنها وضعت شروطاً من أبرزها مغادرة القوات الفرنسية جميع الأراضي المالية.
ولم يُعرف الكثير من التفاصيل حول حقيقة هذه الاتصالات أو مضمونها، لكن أشار مؤخراً مبعوثه إلى وسط مالي، ديونكوندا تراوري، إلى أنه أرسل مفوّضين إلى قادة التحالف الجهادي المرتبط بتنظيم «القاعدة» الذي أفرج عن الرهائن.
ودعا شرقي في مقاله البلدان الأفريقية لتولي مسؤولية أمنها، لا سيما في منطقة الساحل. وذكّر أن حضور شركاء مالي المنتشرين في المنطقة كان يفترض أن يكون «لفترة قصيرة»، لكنهم «ما زالوا موجودين»، في إشارة مرجحة إلى فرنسا التي تنشر أكثر من خمسة آلاف جندي في منطقة الساحل الأفريقي.
وتتصاعد في منطقة الساحل موجة شعبية رافضة للوجود العسكري الفرنسي، ويتهمون الجيش الفرنسي بالفشل في محاربة الإرهاب والقضاء عليه، ويتحدث بعض قادة هذا الرفض الشعبي عن تركيز الفرنسيين على حماية مصالحهم وترك الإرهاب ينمو.
وطالب عدد من قادة المشهد السياسي والديني في مالي بضرورة فتح حوار اجتماعي في البلاد، لتجاوز الأزمة التي تعيشها مالي منذ قرابة عشر سنوات، وطالبوا بإشراك المواطنين الماليين الذين انخرطوا في «القاعدة» في الحوار.