العسكريون الفرنسيون محبطون بعد إطلاق سراح سجناء في مالي

TT

العسكريون الفرنسيون محبطون بعد إطلاق سراح سجناء في مالي

يشعر العسكريون الفرنسيون ببعض المرارة بعد إفراج السلطات المالية مؤخراً عن مائتي سجين مقابل أربعة رهائن على إثر مفاوضات مع جماعة جهادية تحاربها منذ سنوات فرنسا، ودفعت في بعض الأحيان ثمنها دماً.
وقال ضابط فرنسي، طالباً عدم كشف هويته «عندما نمضي ليالي في بناء سدود ثم تضرب فهذا لا يجعلنا نشعر بالسرور». وهو يلخص بذلك حالة الإحباط التي يعيشها بعض أفراد الجيش الفرنسي بينما ينتشر 1500 من عسكرييه في شريط الساحل الأفريقي لقطع الطريق على المتطرفين.
وفي آخر ما اعتبر إهانة، ظهر زعيم الطوارق المالي إياد أغ غالي، الذي يقود جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين»، التحالف الجهادي المرتبط بتنظيم «القاعدة»، في صور وضعت على شبكات التواصل الاجتماعي، مع عدد من السجناء المحررين في مأدبة فاخرة أقيمت على شرفهم.
ولم يثبت الانتماء الجهادي إلى هؤلاء السجناء السابقين المائتين الذين أفرج عنهم مقابل أربعة رهائن، بينهم الفرنسية صوفي بترونان التي تعمل في القطاع الإنساني. وكثيرون منهم مشتبه بهم فقط تم اعتقالهم خلال عمليات دهم واسعة.
لكن بعضهم، حسب عسكري فرنسي، كانوا «قادة كتائب» اعتقلهم جنود من قوة برخان المناهضة للجهاديين، وتم تسليمهم إلى السلطات المالية».
وكشف تحقيق أجرته صحيفة «ليبيراسيون» اليومية، عن أن ما لا يقل عن 29 من السجناء المفرج عنهم أسرهم جنود فرنسيون. ونأت فرنسا التي تتبنى سياسة رسمية تقضي بـ«عدم التفاوض مع إرهابيين»، بنفسها عن المفاوضات.
وأكدت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي، الثلاثاء، أن «هذه المفاوضات أجرتها مالي وقرار الإفراج عن الجهاديين على وجه الخصوص يعود إلى السلطات المالية وحدها».
ومن أجل الحفاظ على الروح المعنوية للقوات وعدم تقويض شرعية عملية برخان التي تسعى باريس إلى إشراك مزيد من التعزيزات الأوروبية فيها، حرصت بارلي وهيئة الأركان على تأكيد عزم باريس مواصلة العملية».
في حين أكد رئيس أركان الجيوش الفرنسية الجنرال فرنسوا لوكوانتر، أول من أمس، أنه «يجب أن يكون واضحاً جداً لجميع العائلات التي فقدت أحباءها في القتال الذي نخوضه في مالي منذ سنوات، أننا لا نحيد عن الخط وأن معركتنا تظل كما هي، وأن كل شيء شرعي كما كان».
لكن هذه التأكيدات لا تخفف الشكوك في أسس هذه المهمة، التي تواجه صعوبة في احتواء التهديد الجهادي في منطقة الساحل على الرغم من النجاحات على الأرض.
وتبدو فكرة التفاوض مع الجهاديين مغرية للاعبين الآخرين. فقد دعا مفوض الاتحاد الأفريقي للسلم والأمن، إسماعيل شرقي، في مقال نشرته صحيفة «لوتان» السويسرية، إلى «استكشاف الحوار مع المتطرفين» في منطقة الساحل و«تشجيعهم على إلقاء السلاح».
وأشار المسؤول الأفريقي إلى الاتفاق الذي أبرم بين الأميركيين وحركة «طالبان» الأفغانية في فبراير (شباط)، معتبراً أنه «يمكن أن يلهم دولنا الأعضاء لاستكشاف الحوار مع المتطرفين وتشجيعهم على إلقاء السلاح».
وفي فرنسا، بدأ التعبير عن الشكوك. وصرح رئيس لجنة الدفاع في مجلس الشيوخ الفرنسي كريستيان كامبون، الثلاثاء «فقدنا خمسين جندياً منذ بدء هذه العمليات وأصيب قرابة 500 جندي».
وأضاف متسائلاً، أن هناك عدداً من المعتقلين الذين أفرج عنهم في مالي «أيديهم ملطخة بالدماء». هل ما زلنا نعتبر أن المجلس العسكري الحاكم في مالي شريك موثوق به في الحرب ضد الإرهاب التي يقودها جنودنا؟ بشجاعة واستنكار؟». وعبّر عن «قلقه العميق بشأن وضع برخان في هذه الظروف».
رسمياً، لم تصل هذه التساؤلات حتى الآن إلى رأس هرم الدولة. لكن الرئيس إيمانويل ماكرون أعلن في يوليو (تموز)، أنه يعتزم إجراء تقييم جديد «نهاية العام» بشأن الالتزام الفرنسي في منطقة الساحل.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».