الانقلابيون يغلقون 3 مدارس أهلية في صنعاء ويتوعدون البقية

مسؤول: الجماعة علّقت الدراسة في 430 مدرسة بالجوف لإجبار منتسبيها على الالتحاق بالجبهات

فصل دراسي في إحدى مدارس صنعاء (أ.ف.ب)
فصل دراسي في إحدى مدارس صنعاء (أ.ف.ب)
TT

الانقلابيون يغلقون 3 مدارس أهلية في صنعاء ويتوعدون البقية

فصل دراسي في إحدى مدارس صنعاء (أ.ف.ب)
فصل دراسي في إحدى مدارس صنعاء (أ.ف.ب)

أفادت مصادر تربوية في العاصمة اليمنية صنعاء بأن الميليشيات الحوثية أقدمت على إغلاق ثلاث مدارس أهلية في سياق سعيها لتجريف العملية التعليمية وتجهيل اليمنيين في مناطق سيطرتها، بحسب قول المصادر.
وجاء القرار الانقلابي التعسفي وفق ما ذكرته المصادر لـ«الشرق الأوسط» بناء على تعليمات من شقيق زعيم الجماعة الحوثية يحيى الحوثي الذي ينتحل صفة وزير التربية والتعليم في مناطق سيطرة الميليشيات. وفي حين توعدت الجماعة مدارس أخرى بالإغلاق كانت ألغت مجانية التعليم في عدد من مدارس صنعاء الحكومية في سياق سعيها لتمويل المجهود الحربي والإنفاق على قادتها من جيوب السكان الخاضعين لها.
ولاقى إغلاق المدارس الثلاث من قبل الجماعة وتهديدها بإغلاق مدارس أخرى هذا الأسبوع استياء واسعا في الأوساط التربوية والطلابية وكذا المجتمعية. وتحدث معلمون وأولياء أمور طلبة في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، عن أن الخطوات الحوثية الأخيرة تندرج كسابقاتها في سياق مخطط التدمير والتجريف الممنهج والمتواصل الذي تقوده الجماعة بحق المؤسسات التعليمية.
واعتبروا أن ذلك «يندرج ضمن الجرائم الحوثية المتكررة ويضاف أيضا إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات ضد التعليم العام والخاص ومنتسبيه كافة».
في غضون ذلك، توقع تربويون في صنعاء بأن تضاعف الميليشيات، المدعومة من إيران، من استهدافها خلال الأيام المقبلة لبقية المدارس الخاصة في العاصمة. وقال التربويون الذين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» إن «الجماعة تمضي وفق مخطط إجرامي يرمي إلى استهداف جميع المدارس الأهلية بمناطق سيطرتها من خلال التعسف والاقتحام والنهب والعبث والإغلاق بغية تطفيشها والخلاص منها واستبدال أخرى بها تابعة لها يديرها موالون لها مهمتهم الوحيدة تكريس مناهج الجماعة التي يرفضها الطلبة وأفراد المجتمع كافة».
وسبق أن اتخذت الميليشيات مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي، قرارا تعسفيا قضى بتغيير أسماء المدارس الأهلية التي تحمل أسماء أجنبية وعربية في صنعاء وبقية المدن الواقعة تحت السيطرة الحوثية.
وكشفت مصادر تربوية في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط»، عن وثيقة حوثية تضمنت توجيهات لجميع مدارس التعليم الأهلي بتغيير أسماء المدارس ذات الأسماء الأجنبية أو التي تحمل اسم أي دولة عربية، من دول التحالف الداعم للشرعية بحسب الوثيقة.
وأشارت الوثيقة إلى ضرورة التوجيه بتفعيل الأنشطة المدرسية اللاصفية المناهضة للشرعية والتحالف الداعم لها وإبرازها في الإذاعة المدرسية والمجلة الحائطية والملصقات وغيرها من الأنشطة. في حين منعت الجماعة أيضا تنظيم رحلات مدرسية إلى خارج المدينة، التي توجد فيها المدرسة، كما حظرت تنظيم احتفالات خارج الحرم المدرسي.
وعد مراقبون محليون ذلك القرار أنه يأتي ضمن السياسة الحوثية التي تعمل من خلالها على تجريف ثقافة الوسطية والوطنية، والإعلاء من العنف واستخدام المدارس لتجنيد الأطفال، والزج بهم في معاركها العبثية.
ويرى تربويون في صنعاء «أن الجماعة انتقلت للتو عقب تطبيقها لحزمة الإجراءات والقيود التعسفية بحق المدارس الخاصة بمناطق سيطرتها، صوب المدارس الحكومية من خلاص تخصيص البعض منها في العاصمة صنعاء وتحويلها إلى مدارس تجارية بغية التكسب غير المشروع الذي اعتادت على انتهاجه ليس في قطاع التعليم وحسب بل طال معظم القطاعات الحيوية الأخرى».
وكانت الحكومة اليمنية أعلنت أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، عن إغلاق الميليشيات لنحو 428 مدرسة، وحرمان أكثر من 52 ألف طالب من التعليم في محافظة الجوف (143 كلم شمال شرقي صنعاء). وأوضح مكتب وزارة التربية والتعليم في الجوف في بيان سابق أن الجماعة عمدت منذ سيطرتها على محافظة الجوف نهاية فبراير (شباط) الماضي، إلى إغلاق المنشآت التعليمية، وحرمان عشرات آلاف الطلبة من التعليم.
ولفت البيان الحكومي إلى أن الميليشيات حولت المدارس إلى ثكنات عسكرية للدفع بالطلاب للالتحاق بجبهات القتال... مشيرا في الصدد نفسه إلى أن الانقلابيين مستمرون في عرقلة العملية التعليمية بالجوف من خلال منع أكثر من 5 آلاف عامل في القطاع التربوي من القيام بمهامهم.
وأشار البيان إلى أن الجماعة أقدمت وفي سياق جرائمها المتكررة بحق قطاع التعليم، على خصم 35 في المائة من رواتب المعلمين والعاملين في السلك التربوي بالجوف، والتي تصرف لهم من قبل الحكومة الشرعية. وقال البيان إن اجتياح الميليشيات للجوف تسبب في نزوح وتهجير عدد من الكادر التعليمي بالمحافظة. مطالبا المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية بالتدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي تمارسها الجماعة ضد العملية التعليمية.


مقالات ذات صلة

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.