غوتيريش يعبر عن «قلق بالغ» من تردي حقوق الإنسان في إيران

عبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مجدداً عن «قلقه البالغ» من استمرار تردي أوضاع حقوق الإنسان في إيران، مندداً بصورة خاصة باستخدام قوات الأمن «القوة المفرطة والمميتة» في مواجهة الاحتجاجات الواسعة النطاق التي شهدتها البلاد في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وشدد على وقف إعدام القاصرين، بينما طالب خبراء حقوق إنسان مستقلون السلطات الإيرانية بـ«الإفراج الفوري» عن جميع الأفراد المحتجزين تعسفياً.
وفي إطار البند المتعلق بتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها لدى الجمعية العامة للأمم المتحدة، أحال الأمين العام إليها التقرير السنوي الخاص عن حالة حقوق الإنسان في إيران، والذي يعده المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في إيران جافيد رحمن.
ويقدم التقرير عرضاً مستفيضاً حول الجوانب القاتمة من الانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الإيراني على أيدي حكامه، موضحاً أن «حالة حقوق الإنسان عموماً في إيران لا تزال مثار قلق بالغ بسبب الانتهاكات المتواصلة والجسيمة». وأوضح أن «الوضع شهد على وجه الخصوص قمعاً عنيفاً» مع استخدام قوات الأمن «القوة المفرطة والمميتة في مواجهة الاحتجاجات على صعيد البلد في نوفمبر 2019 ويناير (كانون الثاني) 2020»، مضيفاً أن «عقوبة الإعدام لا تزال تُنفذ بمعدلات مرتفعة، بما في ذلك بحق الجانحين من الأطفال». وأكد أن السلطات «ظلت توجه لمن يعبر من الأفراد عن آراء مخالفة أو منتقدة، بمن فيهم المدافعون عن حقوق الإنسان والمحامون والصحافيون، تهماً تتعلق بالأمن القومي، وتفرض عليهم عقوبات بالسجن لمدد طويل»، مشيراً أيضاً إلى تقارير عن «وقوع أعمال تعذيب واحتجاز تعسفي على نطاق واسع، فضلاً عن استمرار التمييز ضد النساء والفتيات والأقليات».
ولاحظ أنه في فبراير (شباط) 2020 سجلت إيران أول حالة إصابة بمرض فيروس «كوفيد 19». ثم صار البلد واحداً من أكثر البلدان تضرراً من الجائحة على صعيد العالم، مشدداً على أن «الأزمة الصحية زادت من حدة تأثير الأزمة الاقتصادية والجزاءات القطاعية في حالة حقوق الإنسان».
وقال غوتيريش إن «القلق لا يزال يساوره من استمرار تضمين القانون الإيراني عقوبة الإعدام على مجموعة من الأفعال، بما في ذلك في بعض حالات ممارسة حقوق الإنسان بصورة مشروعة»، فضلاً عن «القلق من ارتفاع معدل تنفيذ العقوبة»، على رغم أن المادة السادسة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تنص على أن الدول الأطراف ينبغي ألا تفرض عقوبة الإعدام إلا جزاء على «أشد الجرائم خطورة».
ولاحظ أن عقوبة الإعدام «لا تزال تطبق على (...) الجرائم المتصلة بالمخدرات، وعلى جرائم مبهمة المعنى، مثل الإفساد في الأرض». وأسف لكون إيران «لم تقبل، خلال استعراضها الدوري الشامل، سوى بتوصيتين من أصل 39 توصية تتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام أو حصرها في أشد الجرائم خطورة، وذاك القبول نفسه كان جزئياً فقط». وعبر عن «القلق البالغ» من وضع ما لا يقل عن 90 من الأطفال الجانحين في قوائم تنفيذ الإعدام حتى 10 يونيو (حزيران) الماضي، مذكراً السلطات الإيرانية بحظر الحكم بعقوبة الإعدام على الجرائم التي يرتكبها أشخاص دون سن الثامنة عشرة، من دون استثناء. وأشار كذلك إلى «إعدام للفتيات اللواتي لا تقل أعمارهن عن 9 سنوات قمرية، وللصبية الذين لا تقل أعمارهم عن 15 سنة قمرية، على سبيل القصاص أو في جرائم الحدود، مثل القتل والزنا».
وسلط التقرير الضوء على جوانب أخرى قاتمة من الانتهاكات في طول البلاد وعرضها، موصياً النظام الإيراني بإلغاء عقوبة الإعدام «واعتماد وقف العمل بها فوراً». وحض الحكومة الإيرانية على أن «تكفل الوفاء بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة»، وأن «تطلق فوراً جميع الأشخاص المحتجزين احتجازاً تعسفياً لممارستهم بصورة مشروعة حرياتهم في الرأي والتعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي». وطالب بإجراء «تحقيق فوري وشفاف وفعال تجريه هيئة مستقلة ومحايدة في استخدام القوة المفرطة والمميتة أثناء الاحتجاجات».
وفي غضون ذلك، وزّعت الأمم المتحدة في نيويورك بياناً موقعاً من خبراء حقوق الإنسان لديها عبّروا فيه عن تشجعهم، لأن قرار القضاء الإيراني أدى إلى إطلاق الناشطة والصحافية نرجس محمدي بعد سنوات كثيرة في السجن. وأمل في أن «يطلق المحتجزون حالياً بشكل تعسفي، من المدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين والصحافيين والمحافظين على البيئة وسجناء الرأي والمواطنين المزدوجين والأجانب».
وسجنت محمدي مرات عدة. وفي الآونة الأخيرة، طالب الخبراء بالعلاج الطبي لمحمدي بعدما ظهرت عليها أعراض «كوفيد 19». ووصف الخبراء إطلاقها بأنه «خطوة في الاتجاه الصحيح». وحضوا القضاء الإيراني على «ضمان الحق في المحاكمة أمام محكمة مستقلة ومحايدة، والمراجعة السريعة لأي قضايا إضافية ضد محمدي». وأشاروا إلى أن «هناك كثيراً من الأفراد الآخرين الذين ما زالوا وراء القضبان في إيران لمجرد ممارسة حقوق الإنسان الخاصة به». وطالبوا السلطات الإيرانية بـ«مراجعة قضاياهم بشكل عاجل، خاصة في ضوء جائحة (كوفيد 19) ووجوده في السجون الإيرانية، والإفراج الفوري عن جميع الأفراد المحتجزين تعسفياً في انتهاك للقانون الدولي لحقوق الإنسان».