«خيبة الأمل» ترغم شباب المغرب الكبير على الهجرة

دراسة مستقلة تؤكد أن حوالي 47 % من شبان شمال أفريقيا يفكرون في مغادرة أوطانهم

TT

«خيبة الأمل» ترغم شباب المغرب الكبير على الهجرة

بات حلم الهجرة إلى أوروبا يراود أكثر فأكثر شبان بلدان المغرب الكبير، بسبب خيبة الأمل والتداعيات الاقتصادية والاجتماعية لأزمة «كوفيد- 19»، في وقت يشدد فيه المسؤولون الأوروبيون ضغوطهم على نظرائهم في المغرب والجزائر وتونس للحد منها.
وستكون قضية محاربة الهجرة غير النظامية في صميم برنامج الزيارة التي يقوم بها وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان نهاية الأسبوع إلى الرباط. كما كانت على رأس أولويات رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، ووزيرة الداخلية الإيطالية لوتشيانا لامورغيزي أثناء زيارتيهما مؤخراً إلى الجزائر.
وبموازاة ذلك، تجري إيطاليا محادثات حازمة اللهجة حول الموضوع مع تونس؛ حيث بلغت محاولات الهجرة غير النظامية الصيف الماضي مستوى غير مسبوق منذ 2011 حين اندلاع الثورة التونسية.
ويرى الباحث الإسباني المتخصص في الهجرة إيفان مارتن أن «العامل الأول للهجرة في المغرب هو تدهور الوضع الاقتصادي، بينما يتمثل في الجزائر في اليأس من حدوث تغيير سياسي، ويرتبط في تونس بفقدان الأمل، في ظل انعدام أي آفاق سياسية واقتصادية».
وأظهرت دراسة مستقلة نشرت مؤخراً في دبي، أن نصف شباب العالم العربي تقريباً يفكرون في الهجرة (حوالي 47 في المائة في شمال أفريقيا). وترتبط هذه الرغبة مباشرة بالتداعيات الاقتصادية لأزمة «كوفيد- 19» بالنسبة لثلثهم. ويعد الحصول على مورد رزق أمراً صعباً بالنسبة لشباب هذه المنطقة التي تعاني واحداً من أعلى معدلات البطالة في العالم، قبل أن تزيد تداعيات الأزمة الصحية الأمر سوءاً، بحسب الدراسة السنوية التي أشرفت عليها وكالة العلاقات العامة «أصداء بي سي دبليو».
ويقول الأنثروبولوجي شكيب جسوس لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «الأزمات تدفع الشباب للهجرة»، معتبراً أن «مساءلة الذات أثناء شهور الحجر الصحي الصارم في المغرب، زيادة على التفقير الذي سببته الجائحة، حفزت رغبات الهجرة؛ خصوصاً لدى الحاصلين على شهادات جامعية، رغم أن الوضع في أوروبا صعب أيضاً».
وينطبق الأمر نفسه على تونس؛ حيث «يزداد عدد الحاصلين على شهادات جامعية وسط المهاجرين»، علماً بأن كثيرين منهم «يعملون في وظائف تتسم بالهشاشة»، بحسب رمضان بنعمور عن منتدى الشباب التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
أما الجزائر؛ حيث أغلقت السلطة الحدود وتعمل جاهدة على خنق احتجاجات الحراك، فتشهد «ارتفاعاً غير مسبوق» لهجرة الشباب: «الذين لا يرون أي مستقبل لهم في هذا البلد»، بحسب كسيلة زركين، المتخصص في قانون الهجرة.
وتم اعتراض أكثر من 1200 مهاجر غير نظامي خلال عشرة أيام فقط قبالة السواحل الجزائرية، في سبتمبر (أيلول) الماضي. وبينما تراجع عدد المهاجرين الذين وصلوا السواحل الإسبانية في المجمل إلى النصف خلال الأشهر الثمانية الأولى للعام الحالي، فإن الجزائريين باتوا يمثلون ثلثي الواصلين، يليهم المغاربة، بحسب وكالة «فرانتكس» الحدودية الأوروبية.
ويعتزم وزير الداخلية الفرنسي كذلك طرح مسألة المهاجرين القاصرين الذين يسافرون بمفردهم بهدف «حل هذه المشكلة التي تخص بلدان المنطقة» المغاربية، بحسب ما أعلن نهاية سبتمبر الماضي.
لكن إيفان مارتن يعتقد أن هذا الأمر «يتعلق فقط بنوع من التسويق السياسي» لخطاب حول الهجرة في أوروبا، على اعتبار أنه لم ينجح أي بلد أوروبي في حل هذه المسألة المعقدة التي تخضع لعدة تشريعات تحمي القاصرين، بينها الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل.
ويضيف الباحث أن هذا «التسويق السياسي» يستند إلى الخطابات الداعية لتشديد مراقبة الحدود، بينما مكنت الإجراءات المتخذة حتى الآن من خفض أعداد المهاجرين غير النظاميين الذين ينجحون في العبور إلى أوروبا بشكل كبير.
وتراجعت هذه الأعداد بنسبة 92 في المائة مقارنة مع عام 2015 الذي شهد ذروة تدفق هؤلاء المهاجرين، بينما تراجعت بنسبة 14 في المائة خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2020، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، بحسب «فرانتكس».
وتبقى المسألة الأكثر تعقيداً بالنسبة إلى مارتن تلك المتعلقة بإعادة المهاجرين غير النظاميين إلى بلدانهم بسبب طول الإجراءات الإدارية، وما ينتج عن ذلك من تكاليف، فضلاً عن تراكم أعداد المعنيين جراء شلل المواصلات الدولية منذ اندلاع جائحة «كوفيد- 19».
وسواء كان المهاجرون قصراً أم بالغين «فالحل الوحيد يكمن في العمل على ألا تتولد لديهم الرغبة في المغادرة»، كما يشير شكيب جسوس، مشيراً إلى مطالب الدعم التي تطلقها البلدان المغاربية عادة للحد من تدفقات المهاجرين غير النظاميين.



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.