رحيل رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق عمر كرامي.. والحريري: نخسر صوتا رصينا داعيا للحوار

اضطر للاستقالة مرتين تحت ضغط الشارع.. وكان مقربا من دمشق

رئيس الحكومة الراحل
رئيس الحكومة الراحل
TT

رحيل رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق عمر كرامي.. والحريري: نخسر صوتا رصينا داعيا للحوار

رئيس الحكومة الراحل
رئيس الحكومة الراحل

توفي رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق عمر كرامي، أمس، عن عمر يناهز الـ80 عاما، بعد صراع مع المرض، لينهي تجربة تفرّد بها في فترة رئاسته للحكومة مرتين، وهي الاستقالة تحت ضغط الشارع، خلافا لجميع الزعماء اللبنانيين.
وكرامي، هو زعيم سياسي لبناني سني تولى رئاسة الوزراء مرتين، واستقال مرتين تحت ضغط الشارع، كان آخرهما في 2005، بعد توجيه أصابع الاتهام إلى دمشق باغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، وتصنيف كرامي كرجل سوريا في لبنان آنذاك. وينحدر كرامي من كبرى العائلات السنية في طرابلس (شمال لبنان)، وهو نجل عبد الحميد كرامي، أحد رجال الاستقلال اللبناني، وشقيق رئيس الحكومة الراحل رشيد كرامي الذي قُتل في تفجير مروحية كانت تقله من طرابلس إلى بيروت في يونيو (حزيران) 1987، خلال الحرب اللبنانية.
وبدأت حالة عمر كرامي الصحية بالتدهور منذ نحو سنتين، بعد أن شُخصت إصابته بمرض السرطان. ونقل للمرة الأخيرة إلى المستشفى منذ شهر، ودخل، بحسب أوساط قريبة منه، في شبه غيبوبة، منذ أيام.
ونعت شخصيات سياسية لبنانية كرامي، كرجل دولة شجاع يفتقده لبنان في هذه الظروف. ورأى رئيس تيار المستقبل ورئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري أنه بغياب كرامي: «تُطوى صفحة من كتاب وطني في حياة لبنان، صاغته عائلة كريمة قدمت عظيم التجارب والرجال». وقال في بيان النعي: «إذا كانت السياسة في لبنان لا تقيم في بعض الأحيان وزنا لأهمية الاختلاف في المواقف، وتعده عاملا من عوامل الفرقة والانقسام، فنحن من الذين كنا نجد دائما في الاختلاف مع الرئيس عمر كرامي مصدرا إضافيا للاحترام المتبادل، ووسيلة للتلاقي على ثوابت وطنية وقواعد للعمل السياسي شارك الراحل الكبير في حمايتها، ورفض المحاولات المتعددة لضربها أو اختراقها».
وأضاف الحريري: «إننا نخسر بوفاة الرئيس عمر كرامي اليوم صوتا رصينا من أصوات الدعوة إلى الحوار، وركنا من أركان مدينة طرابلس التي كانت وستبقى، بإذن الله، منارة الإشعاع الوطني وعنوانا للاعتدال، الذي كان الرئيس الراحل رمزا طيبا من رموزه والمدافعين عنه».
بدوره، اعتبر رئيس الحكومة تمام سلام أنه «برحيل كرامي، ابن بطل الاستقلال عبد الحميد كرامي وشقيق الرمز الوطني الرئيس الشهيد رشيد كرامي، فقدت عائلته الصغيرة ومدينته طرابلس ووطنه لبنان قيمة إنسانية ووطنية كبيرة وصوتا من أصوات الحكمة التي يحتاج اللبنانيون إليها في هذه الأوقات العصيبة». وأشار، في بيان، إلى أن «الراحل الكبير أدرك معنى لبنان وأهمية صون تجربة التعايش بين مكوناته، فرفع منذ لحظة دخوله ساحة العمل العام راية الاعتدال، وقدم طيلة السنوات التي تسلم فيها مسؤولياته الوطنية، نائبا ووزيرا ثم رئيسا للوزراء، نموذجا راقيا في الأداء السياسي يعطي الأولوية لعمل المؤسسات، ويعلي شأن القانون، ويغلب المصلحة الوطنية على أي مصلحة فئوية، ويدفع دائما في اتجاه التحاور والتقارب والوسطية بعيدا من التشنج والتطرف والفرقة».
ودخل كرامي ميدان السياسة بعد اغتيال شقيقه. عين وزيرا للتربية في 1989، قبل أن يصبح رئيس حكومة للمرة الأولى في ديسمبر (كانون الأول) 1990. وكانت الحكومة الأولى التي تشكلت بعد انتهاء الحرب الأهلية في 16 مايو (أيار) 1992، اضطرت حكومته إلى الاستقالة، بعد مظاهرات في الشارع احتجاجا على تردي الوضع الاقتصادي.
عرفت تلك الحركة بـ«ثورة الدواليب»، بعد أن ترافقت مع إحراق إطارات في معظم المناطق اللبنانية تصاعد منها دخان أسود غطى كل سماء لبنان تقريبا. وجاءت بعد أن بلغ سعر الليرة اللبنانية أسوأ مستوياته (3 آلاف ليرة للدولار الواحد)، من دون أن تنجح الحكومة في اتخاذ تدابير رادعة لوقف التدهور. لكن تلك الحكومة كانت كرست هيمنة دمشق على الحياة السياسية اللبنانية.
وبعد 12 عاما، تولى كرامي في أكتوبر (تشرين الأول) 2004 رئاسة الحكومة واستقال منها في فبراير (شباط) 2005، بعد أن تفجر غضب الشارع ضده مجددا، إثر اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري في 14 فبراير، في تفجير سيارة مفخخة في وسط بيروت. وكانت حكومة كرامي في حينه موالية تماما لسوريا، وكان هو عضوا في برلمان «من صنع دمشق»، التي باتت تعرف بـ«قوة الوصاية». إلا أن رئيس الجمهورية آنذاك إميل لحود، وبضغط من الحليف السوري، كلفه تشكيل حكومة جديدة. إلا أن النفوذ السوري كان بدأ بالأفول، فلم يتمكن كرامي من ذلك.
وتواصلت الحركات والمظاهرات الاحتجاجية في الشارع، واستمر كرامي على رأس حكومة تصريف أعمال، حتى 19 أبريل (نيسان) 2005. وبعد أيام، انسحب الجيش السوري من لبنان بعد نحو 30 سنة من الوجود. منذ ذلك الحين، تراجع دور عمر كرامي، لكنه ظل جزءا من التكتل السياسي الذي يضم حلفاء سوريا في لبنان.
وتولى نجله فيصل كرامي منصب وزير الشباب والرياضة بين 2011 و2013 في حكومة برئاسة نجيب ميقاتي، المتحدر كذلك من طرابلس.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».