خروق حوثية في الحديدة والشرعية تشكك في جدية الجماعة في السلام

قوات تابعة للشرعية قرب الحديدة (إ.ب.أ)
قوات تابعة للشرعية قرب الحديدة (إ.ب.أ)
TT

خروق حوثية في الحديدة والشرعية تشكك في جدية الجماعة في السلام

قوات تابعة للشرعية قرب الحديدة (إ.ب.أ)
قوات تابعة للشرعية قرب الحديدة (إ.ب.أ)

جددت الميليشيات الحوثية أمس (الأربعاء) هجماتها على المناطق المحررة في محافظة الحديدة الساحلية (غرب) في سياق خروقها للهدنة الأممية، في وقت شكك فيه رئيس الحكومة الشرعية معين عبد الملك في جدية جنوح الجماعة لتحقيق السلام.
وقال عبد الملك في تصريحات رسمية خلال استقباله سفير الاتحاد الأوروبي لدى اليمن هانس غروندبرغ إن «هذا التصعيد (هجمات الحوثيين) بما في ذلك إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة على المدن والأحياء السكنية والأراضي السعودية مؤشر واضح على عدم جدية ميليشيا الحوثي في السلام والحل السياسي».
وذكرت المصادر الرسمية أن رئيس الحكومة المكلف ناقش مع سفير الاتحاد الأوروبي «الجهود والتحركات الأممية والدولية لتحقيق السلام، واستمرار ميليشيات الحوثي في إفشال هذه الجهود». وجدد رئيس الوزراء اليمني - بحسب المصادر نفسها - موقف الشرعية الثابت في التعاطي الإيجابي مع جهود المبعوث الأممي لإحلال السلام وفق المرجعيات الثلاث المتوافق عليها محليا والمؤيدة دوليا. وأشار إلى أن هذا التعاطي الإيجابي يقابله تصعيد للميليشيات الحوثية في عدة جبهات وخروقها المتصاعدة لاتفاق استوكهولم في الحديدة، كما أشار إلى الدور المطلوب من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي.
ميدانيا، أفاد الإعلام العسكري للجيش اليمني بأن الجماعة الحوثية خسرت قائدين بارزين؛ الأول ينتحل رتبة لواء ويدعى أبو البتول الأقهومي والثاني ينتحل رتبة عميد ويدعى أحمد جابر المطري والأخير كان أيضا يرأس فريق الجماعة في اللجنة المشتركة لتنسيق إعادة الانتشار في محافظة الحديدة.
وعلى صعيد الخروق الحوثية للجماعة أفاد الإعلام العسكري بأن الميليشيات شنت قصفاً مدفعياً على الأحياء السكنية في مدينة التحيتا جنوب الحديدة، حيث أطلقت من مناطق تمركزها عددا من قذائف الهاون على الأحياء السكنية الواقعة شمال مركز مدينة التحيتا بصورة عشوائية ما تسبب في إثارة الخوف والرعب بأوساط الأهالي وتعطيل أعمالهم بالمدينة.
وذكرت المصادر أن الجماعة الحوثية استهدفت حي منظر الشعبي التابع لمديرية الحَوَك جنوب مدينة الحديدة، كما استهدفت شرق مدينة الصالح ومنطقة كيلو 16 شرق مدينة الحديدة، مستخدمة قذائف مدفعية الهاون الثقيل عيار 82 والأسلحة المتوسطة عيار 14.5 وسلاح 12.7 بصورة متواصلة.
وبحسب ما أورده المركز الإعلامي لألوية قوات العمالقة تصدت القوات المشتركة لهجوم مسلح شنته ميليشيات الحوثي على منطقة كيلو 16 شرق مدينة الحديدة، وكبدتها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد. ونقل المركز عن مصادر عسكرية ميدانية، قولها «إن مجاميع مسلحة تابعة للميليشيات شنت هجوماً واسعاً تصدت له القوات المشتركة، بعد أن خاضت معها اشتباكات عنيفة استخدمت فيها أنواع الأسلحة والقذائف».
ويأتي هجوم الميليشيات الحوثية الموالية لإيران عقب مرور أيام قليلة على انكسارها في جبهات الدريهمي والتحيتا وحيس؛ على أيدي القوات المشتركة، وسقوط مئات القتلى والجرحى في صفوفها؛ بينهم قيادات عليا. بحسب ما أفادت به المصادر نفسها.
وفي سياق ميداني متصل أفادت المصادر الرسمية اليمنية بأن قوات الجيش الوطني، حققت تقدما جديدا شرق مدينة تعز، عقب معارك عنيفة مع ميليشيات الحوثي الانقلابية. ونقلت وكالة «سبأ» عن مصدر عسكري قوله إن قوات الجيش الوطني تمكنت من تحقيق تقدم جديد باتجاه قلعة لوزم الأثرية، شرق مدينة تعز بعد معارك أسفرت عن مصرع 10 من عناصر الميليشيات وإصابة آخرين. وفي الجبهة الغربية لمدينة تعز، قالت المصادر ذاتها إن مواجهات وصفتها بـ«العنيفة» دارت في مناطق الربيعي ومحيط مدرات ووادي حنش غرب جبل هان، وأسفرت عن مصرع القيادي الحوثي الميداني «أبو صقر» وإصابة اثنين آخرين إلى جانب خسائر فادحة في الآليات العسكرية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.