إيران تسجل أكبر حصيلة للوفيات اليومية

وزارة الصحة تقيّد التنقل لمدة 72 ساعة في طهران و4 مدن أخرى

إيرانيان يرتديان الكمامة للوقاية من فيروس «كورونا» أثناء المرور من تحت جسر بالعاصمة طهران (أ.ف.ب)
إيرانيان يرتديان الكمامة للوقاية من فيروس «كورونا» أثناء المرور من تحت جسر بالعاصمة طهران (أ.ف.ب)
TT

إيران تسجل أكبر حصيلة للوفيات اليومية

إيرانيان يرتديان الكمامة للوقاية من فيروس «كورونا» أثناء المرور من تحت جسر بالعاصمة طهران (أ.ف.ب)
إيرانيان يرتديان الكمامة للوقاية من فيروس «كورونا» أثناء المرور من تحت جسر بالعاصمة طهران (أ.ف.ب)

سجلت إيران رقماً قياسياً جديداً للوفيات اليومية الناجمة عن فيروس «كورونا» المستجد، بواقع 279 حالة إضافية، تزامناً مع تشخيص 4830 إصابة جديدة، خلال 24 ساعة. وأعلن وزير الصحة الإيراني، سعيد نمكي، فرض حظر على التنقل لمدة 72 ساعة، في خمس مدن إيرانية كبيرة بهدف الحد من تفشي الفيروس في أيام عطلة دينية بالبلاد، فيما طالب مسؤولون صحيون كثر باتخاذ إجراءات أكثر لإغلاق المراكز العامة.
وأفادت وزارة الصحة الإيرانية، أمس، بأن العدد الإجمالي للوفيات ارتفع إلى 29349 شخصاً، فيما وصل مجموع الإصابات إلى 513219 حالة.
وأظهرت بيانات وزارة الصحة وجود 4609 حالات حرجة في غرف العناية المركزة، وسجلت المستشفيات 2237 وافداً جديداً تطلبت حالتهم المراقبة الطبية.
ومقابل ذلك، قالت المتحدثة باسم وزارة الصحة، سيما سادات لاري، إن 30 من أصل 31 محافظة لا تزال في «الوضع الأحمر» و«حالة الإنذار».
وتشير الأرقام الإيرانية إلى شفاء 414831، وإجراء أربعة ملايين و399 ألف فحص تشخيص فيروس «كورونا» في المختبرات الصحية. وقال وزير الصحة، سعيد نمكي، للصحافيين بعد اجتماع للحكومة الإيرانية إن «دراستنا على الفيروس أظهرت أنه يشهد قفزة وتغييرات». ووصف نمكي التغيير بالقفزة الجينية التي زادت من سرعة انتشاره وإصابة عدد كبير من الناس.
وأعلن وزير الصحة عن موافقة الرئيس الإيراني حسن روحاني على مشروع لمنع التنقل، لمدة 72 ساعة، يبدأ من فجر الخميس حتى مساء الأحد، في خمس مدن كبيرة تشهد تسارعاً في تفشي الفيروس، وهي طهران، وجارتها مدينة كرج، إضافة إلى مشهد وأصفهان وأرومية.
في وقت لاحق، قالت المتحدثة باسم وزارة الصحة، إن قيود الحركة لا تشمل داخل المدن؛ وإنما التنقل بين المدن. ونقلت وكالة «إرنا» الرسمية عن لاري قولها إن «إدارة مرض (كوفيد19) بحاجة إلى تعامل وتعاون ومواكبة الناس وجميع الأجهزة التنفيذية».
في السياق نفسه، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مدير العلاقات العامة والإعلام في وزارة الصحة، كيانوش جهانبور، قوله في كلمة متلفزة، إن السلطات قررت منع الدخول والخروج من العاصمة، ومدن كرج ومشهد وأصفهان وأرومية.
وأشار إلى أن هذا التقييد سيطال وسائل النقل الخاصة فقط، وتستثنى منه وسائل النقل العام كالحافلات والطائرات، وسيكون قابلاً للتجديد زمنياً أو توسعته ليشمل مدناً أخرى.
وشدد جهانبور على أن الإجراء يهدف إلى حضّ السكان على تفادي التنقل بين المدن خلال العطلة، مضيفاً: «نلاحظ أن جزءاً كبيراً من الناس، لسبب أو لآخر، لا يبدون حسّاً بالمسؤولية» لجهة التقيّد بالإجراءات الوقائية للحد من تفشي «كوفيد19» في إيران، أكثر دول الشرق الأوسط تأثراً بالوباء.
من جانبه، قال نائب وزير الصحة، إيرج حريرتشي، في مقابلة مع التلفزيون الإيراني، إن الإحصاءات المعلنة لا تشمل الوفيات التي لا تظهر نتائج الفحوص إصاباتها بفيروس «كورونا»، لكنه أضاف: «نحن نعرف أنها ناجمة عن (كورونا) ونرسل الأجساد في أكياس خاصة بوفيات (كورونا)».
وقال حريرتشي رداً على سؤال حول الإحصائية الحقيقية للوفيات، إنها «تعود إلى وضع المحافظات، ومن الممكن أن تكون بين 1.5 و2.2 ضعف الإحصائية المعلنة». وقررت سلطات العاصمة إغلاق كثير من الأماكن العامة بدءاً من 3 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي. وكان من المقرر أن تمتد الخطوة أسبوعاً، قبل أن تُمدد حتى أمس الأربعاء.
ولم يتضح بعد ما إذا كان سيتم تمديد الإغلاق لفترة إضافية، تزامناً مع تقييد حركة التنقل من طهران وإليها.
ولم تفرض إيران منذ بدء الأزمة الصحية إجراءات إغلاق شاملة مثلما فعلته دول عدة، لا سيما خلال فترة مارس (آذار) وأبريل (نيسان) الماضيين.
من جانبها، وجهت عضو «لجنة مكافحة (كورونا)»، مينو محرز، أصابع الاتهام إلى إقامة التجمعات وإعادة افتتاح الأنشطة في التسبب بتفشي الموجة الثالثة التي تشهدها إيران. وحذرت المسؤولة الإيرانية من أن جائحة «كورونا» بغلت مستويات أسوأ من أي زمن مضى، مشيرة إلى قفزة في الفيروس تسرع من التفشي، خصوصاً بين كبار السن الذين يعانون من أمراض أخرى.
وقالت محرز إن إصابات «كورونا» في إيران انتقلت من الأفراد إلى مستوى الأسر. ورأت أن ذلك «يظهر زيادة في الاحتكاك والعلاقات الأسرية»، فضلاً عن إعادة فتح المدارس والجامعات والسفر.
وطالبت المسؤولة بإغلاق المدارس والجامعات والأماكن العامة على وجه السرعة، لتفادي وضع أسوأ وارتفاع عدد الوفيات. بدوره، قال نائب وزير الصحة، علي رضا رئيسي، إن العمل بالبروتوكولات الصحية يبلغ حالياً 42 في المائة على مستوى البلاد، عادّاً أن انخفاض النسبة لأقل من 80 في المائة، يفقد البروتوكولات فاعليتها، مشدداً على أنه لا يوجد حل لمواجهة فيروس «كورونا» من دون استخدام الكمامات واحترام التباعد الاجتماعي.



إيران والعراق يشتركان في «هاجس» سوريا

TT

إيران والعراق يشتركان في «هاجس» سوريا

صورة نشرها موقع إيراني لعلي خامنئي لدى استقباله السوداني ويرافقه الرئيس مسعود بزشكيان
صورة نشرها موقع إيراني لعلي خامنئي لدى استقباله السوداني ويرافقه الرئيس مسعود بزشكيان

اتفقت إيران والعراق على أن سوريا هاجس مشترك بينهما، ودعا البلدان إلى حفظ سلامة الأراضي السورية، وضرورة العمل المشترك لإرساء الأمن والاستقرار فيها.

وحضَّ المرشد الإيراني علي خامنئي، رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني على «حفظ (الحشد الشعبي) وتعزيزه»، واصفاً وجود القوات الأميركية في العراق بأنه «غير قانوني ومخالف لمصالح الشعب والحكومة العراقية».

وقال خامنئي لدى استقباله السوداني إن «المؤشرات تدل على سعي الأميركيين لتثبيت وجودهم وتوسيعه في العراق، ويجب الوقوف بجدية ضد هذا الاحتلال».

ونقل موقع خامنئي قوله للسوداني: «كما ذكرتم، (الحشد الشعبي) يُعدّ من أهم عناصر القوة في العراق، ويجب العمل على حفظه وتعزيزه بشكل أكبر»، وأشار إلى أهمية «الوحدة والانسجام بين المذاهب والقوميات المختلفة في العراق».

جاء كلام خامنئي في سياق مباحثات أجراها السوداني حول التطورات الإقليمية، بما في ذلك إطاحة نظام بشار الأسد.

وقال خامنئي: «دور الحكومات الأجنبية في هذه القضايا واضح تماماً».

وصرح خامنئي: «كلما كان العراق أكثر ازدهاراً وأمناً، كان ذلك في مصلحة الجمهورية الإسلامية الإيرانية أيضاً».

وأشار بيان موقع خامنئي إلى أن السوداني أعرب عن ارتياحه من المحادثات التي أجراها في طهران، معرباً عن أمله بأن تساهم «المحادثات والاتفاقيات الموقَّعة في تعزيز العلاقات بين البلدين وتعميقها».

وأشاد السوداني بعناصر القوة في العراق، التي تشمل «الشعب»، و«الحشد الشعبي»، و«الوحدة والانسجام الوطني» و«المرجعية»، مشيراً إلى أن «الموقف المبدئي للعراق هو دعم شعب غزة ولبنان ضد عدوان الكيان الصهيوني، والمقاومة في المنطقة».

كما أشار السوداني إلى «التطورات في سوريا ودور القوى الأجنبية فيها»، موضحاً أن موقف العراق دائماً يتمثل في «دعم إرادة الشعب السوري، والحفاظ على استقلال ووحدة أراضيه، والسعي لتشكيل حكومة شاملة».

قبل ذلك بساعات، كانت التحولات الإقليمية محور مباحثات السوداني والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، التي شملت أيضاً، توسيع العلاقات والتعاون الثنائي في جميع المجالات.

السوداني وبزشكيان خلال مؤتمر صحافي مشترك في طهران (الرئاسة الإيرانية)

وأكد بزشكيان، في مؤتمر صحافي مشترك مع السوداني، أن «العراق بلد مهم وشريك استراتيجي لإيران. نحن سعداء بأن العلاقات بين البلدين في أعلى مستوياتها، وأن نطاق هذا التعاون يتسع يوماً بعد يوم».

وصرح بزشكيان قائلاً: «إيران تسعى دائماً إلى السلام والاستقرار والتنمية لمحيطها الإقليمي. إن أمن ونمو ورفاه الشعب العراقي ذو أهمية كبيرة بالنسبة لإيران»، منبهاً إلى أن «العراق، بعد تجاوزه فترة الإرهاب، يشهد فترة جيدة من الاستقرار».

وأضاف: «تأتي هذه الزيارة استكمالاً لزيارتي الناجحة إلى العراق في شهر سبتمبر (أيلول)، والتي كانت من المحطات المهمة في العلاقات بين البلدين، وستظهر نتائجها في تعزيز العلاقات الثنائية في المستقبل».

سوريا نقطة تلاقٍ

وأفاد الرئيس الإيراني بأن البلدين «يشتركان في مخاوف بشأن سوريا، من بينها استقرار سوريا وهدوؤها، والحفاظ على وحدة أراضيها، ومواجهة الجماعات الإرهابية، وضرورة خروج الكيان الصهيوني من المناطق المحتلة، والاهتمام بالمشاعر الدينية خصوصاً فيما يتعلق بالمزارات المقدسة للشيعة».

وأضاف: «يشكل خطر الإرهاب واحتمال إعادة تفعيل الخلايا الإرهابية أحد الهواجس المشتركة التي نوقشت الأربعاء؛ مما يجعل اليقظة والتعاون بين البلدين أكثر أهمية من أي وقت مضى».

من جانبه، أكد السوداني نجاح حكومته في حفظ سلامة العراق وعدم الانزلاق بالصراعات الإقليمية، داعياً إلى حوار إقليمي شامل يعزز الثقة بين دول المنطقة.

بزشكيان يستقبل السوداني خلال مراسم رسمية في قصر سعد آباد شمال طهران (الرئاسة الإيرانية)

وأكد السوداني خلال الزيارة احترام العراق «إرادة الشعب السوري، ودعمه أي نظام سياسي أو دستوري يختاره بنفسه دون تدخلات خارجية»، كما أشار إلى «استعداد العراق للتعاون مع الأطراف كافة... لتحقيق انتقال سلمي سلس إلى نظام يعكس إرادة الشعب السوري»، معبراً عن رفضه «لغة التهديد واستخدامها ضد الدول».

وأضاف السوداني: «استقرار سوريا مفتاح لاستقرار المنطقة»، داعياً إلى «حل سياسي شامل في سوريا». ودعا إلى «احترام القانون الدولي، وحوار إقليمي شامل يضمن الأمن والسلام»، مبيناً أن «الحكومة نجحت في حفظ سلامة العراق وعدم الانزلاق في الصراعات الإقليمية»، مؤكداً أن «العراق حريص على نشر التهدئة وعدم توسيع الحرب في المنطقة، كما يسعى إلى إقامة علاقات متوازنة مع جميع الدول»، حسبما نقلت وكالة الأنباء الرسمية العراقية (واع).

وأفاد بيان لرئاسة الوزراء العراقية بأن السوداني أكد «استمرار جهود العراق، استناداً إلى علاقات التعاون البناء مع الجمهورية الإسلامية ومحيطيه العربي والإقليمي، من أجل فرض التهدئة والاستقرار في عموم المنطقة».

السوداني ووزراء في حكومته خلال مباحثات مع بزشكيان وفريقه الحكومي في طهران الأربعاء (الرئاسة الإيرانية)

التعاون الثنائي

ووصل السوداني، الأربعاء، إلى طهران في مستهل زيارة رسمية تستغرق يوماً واحداً، واستقبله لدى وصوله إلى مطار مهر آباد في غرب طهران، وزير الاقتصاد عبد الناصر هتمي.

وبحسب بيان الحكومة العراقية، ترأس السوداني وفد بلاده في المباحثات الثنائية الموسعة مع الوفد الإيراني برئاسة بزشكيان، مشيراً إلى أنها «تناولت مجالات التعاون والشراكة بين البلدين على مختلف الصعد والمجالات».

وقال السوداني في المؤتمر الصحافي: «زيارته إلى طهران تأتي لتعزيز العلاقات الثنائية، حيث عقدنا اجتماعاً موسعاً مع الرئيس الإيراني، وناقشنا العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، وملف تجهيز العراق بالغاز والطاقة، كما ستكون هناك اجتماعات على مستوى الوزراء بين البلدين». وأضاف: «نتابع المشاريع المشتركة مع إيران خصوصاً في قطاعي السكك والسكن»، مؤكداً أن «تعزيز علاقاتنا مع إيران ضروري لتحقيق المصالح المشتركة، في إطار الاتفاقات والتفاهمات الثنائية، وتطوير الشراكة البناءة، بما يعزز مصالح البلدين الجارين».

وأكد بزشكيان مناقشة تعزيز التعاون الجمركي، والاستثمارات المشتركة، وتسهيل النقل، وتقوية الأسواق الحدودية، معرباً عن أمله في تحقيق نتائج ملموسة.

السوداني ووزراء في حكومته خلال مباحثات مع بزشكيان وفريقه الحكومي في طهران الأربعاء (الرئاسة الإيرانية)

في سياق متصل، أكد فادي الشمري، المستشار السياسي للسوداني، أن العراق يعتمد في علاقاته الخارجية على الدبلوماسية المنتجة وسياسة التشبيك الاقتصادي؛ لتعزيز التعاون مع الجيران. وأضاف أن زيارة السوداني إلى إيران، في ظل توقيت حساس إقليمياً ودولياً، تهدف إلى توطيد التعاون في مختلف المجالات، وتعزيز الاستقرار الإقليمي.

وأشار الشمري إلى أن الحكومة العراقية تسعى من خلال سياسة التشبيك الاقتصادي إلى فتح آفاق جديدة للشراكات المثمرة ودعم الاقتصادات الوطنية، انطلاقاً من مبدأ الشراكة المبنية على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.

وأوضح أن هذه الزيارة تعكس رؤية العراق جسراً للتواصل الإقليمي والدولي، وتعبر عن التزام الحكومة بالحوار البنّاء، وتعزيز الروابط الإقليمية لتحقيق الأمن والاستقرار، وبناء شراكات متوازنة تدعم التنمية الاقتصادية والسلام المستدام.