{وزراء بوتفليقة} يتملصون في محاكمتهم من {تهم فساد}

عمر غول وزير الأشغال العمومية السابق
عمر غول وزير الأشغال العمومية السابق
TT

{وزراء بوتفليقة} يتملصون في محاكمتهم من {تهم فساد}

عمر غول وزير الأشغال العمومية السابق
عمر غول وزير الأشغال العمومية السابق

أكد عشرات الوزراء الجزائريين في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، خلال محاكمتهم بتهم فساد، أمس، أنهم كانوا فقط ينفذون أوامره وقراراته، فيما لاحظ جل المتتبعين للملاحقات التي تطال رموز النظام السابق أن السلطة الجديدة، التي خلفت بوتفليقة في الحكم، ترفض بشدة أن يستدعى إلى المحكمة، ولو بصفته شاهداً.
وقال عمر غول، وزير الأشغال العمومية السابق، أثناء استجوابه، أمس، من طرف قاضي محكمة الاستئناف بالعاصمة، حول مشروعات وصفقات منحها لرجال أعمال، رغم أنها مخالفة للتشريعات والقوانين التي تضبط الاستثمار، إنه ينفي كل التهم التي يقع تحت طائلتها، والتي قادته إلى الحبس الاحتياطي منذ عام، موضحاً أن كل الإجراءات التي اتخذت لفائدة المستثمرين خلال توليه وزارة الأشغال العمومية من 2002 إلى 2013، «كانت إما تنفيذاً لتعليمات رئيس الجمهورية، أو قرارات الحكومة أو الوزير الأول». كما قال أيضاً إن وقائع الفساد التي بين يدي القاضي ليس له أي ضلع فيها، مشدداً على أنه لا يوجد أي توقيع له على أي اتفاق، أو عقد يخص استثماراً أو مشروعاً أو صفقة، استفاد منها رجل أعمال.
يشار إلى أن المتهم الرئيسي في القضية، التي تنظر فيها المحكمة منذ الأحد الماضي، هو رجل الأعمال الثري علي حداد، الذي حكمت عليه المحكمة الابتدائية بـ18 سنة سجناً، كما دانت أشقاءه الأربعة بأحكام ثقيلة بالسجن. وقد جرّ حداد معه إلى المحاكمة رئيسي الوزراء سابقاً أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، وعدة وزراء سيروا قطاعات متصلة بالاستثمار، الذي ضخت فيه السلطات أموالاً ضخمة، مطلع الـ2000 بفضل عائدات النفط.
وصرح غول، وهو يشرح كيف كان يتم تسيير قطاع الأشغال العمومية، «أؤكد لكم أن خزينة الدولة لم تخسر ديناراً واحداً (في عهده)، بل كسبت كثيراً وبالعملة الصعبة. لقد عملت بكل إخلاص وتفان ونزاهة، وحافظت على مصالح بلدي، لهذا آمل أن تنصفوني».
وأطلق سلال تصريحات مشابهة مساء أول من أمس في المحاكمة نفسها، عندما أكد أنه كان فقط ينفذ تعليمات بوتفليقة، بشأن تمكين مجموعة رجال أعمال مقربين من شقيق الرئيس من مشروعات، درّت عليهم أموالاً طائلة، وغالبية هؤلاء في السجن حالياً. وانفجرت قاعة جلسة المحاكمة ضحكاً عندما صرّح سلال بأن «الجميع يشهد لي بالنزاهة والتفاني والاستقامة وحب الوطن، بمن فيهم الرئيس أوباما (الرئيس الأميركي السابق)، الذي عرض عليّ عندما التقيته شرب كأس، فرفضت ذلك وقلت له لا أشرب الخمر. لكن أكدت له استعدادي للشرب إن أهدى بلدي قنبلة نووية».
ويعرف سلال، الذي اشتغل مدة 20 سنة مع بوتفليقة، لدى الجزائريين بالدعابة وإطلاق نكت. واللافت أن غالبية الوزراء المتابعين «اختفوا» وراء «تعليمات الرئيس»، أو «تعليمات شقيقه السعيد بوتفليقة»، الذي كان بمثابة الرجل الثاني في السلطة، لمحاولة الإفلات من العقاب، باستثناء أويحيى الذي لم يذكرهما في أي من محاكماته العديدة.
وسئل الرئيس عبد المجيد تبون، الذي كان وزيراً ثم رئيساً للوزراء في عهد بوتفليقة، عن رأيه في دعوات محاكمة بوتفليقة، فقال إن «القضاء مستقل، ولا أريد أن أتدخل في الملفات المطروحة عليه». وفهم من كلامه أنه لا يتحمس للفكرة. غير أن الرئيس كان قد «حكم» على الصحافي مراقب «مراسلون بلا حدود» خالد درارني، قبل إدانته بعامين حبساً، عندما اتهمه بـ«التخابر» لصالح سفارة فرنسا بالجزائر، بينما كان القضاء وجه له اتهاماً آخر.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.