وفد من بغداد إلى الناصرية الغاضبة لإصلاح بناها التحتية

TT

وفد من بغداد إلى الناصرية الغاضبة لإصلاح بناها التحتية

أرسلت الحكومة الاتحادية في بغداد، أمس، وفداً وزارياً رفيع المستوى إلى الناصرية، مركز محافظة ذي قار الجنوبية، للتعجيل بإصلاح البنى التحتية لمدن المحافظة التي عانت كثيراً في السنة الأخيرة نتيجة الاحتجاجات المتواصلة خصوصاً في مركزها الناصرية التي تعد أحد معاقل الحراك الاحتجاجي الذي انطلق في مثل هذه الأيام من العام الماضي فيما تنشط جماعات الحراك في الترويج بقوة لخوض جولة جديدة من الاحتجاجات يوم 25 من شهر أكتوبر (تشرين الأول) الجاري.
ويضم الوفد الحكومي، إلى جانب ممثلين عن الأمانة لمجلس الوزراء، الوكيل الفني لوزارة الإعمار والإسكان والبلديات والأشغال العامة، والمدير العام لشركة «آشور للمقاولات»، والمدير العام لدائرة الطرق والجسور، إضافة إلى المعاون الفني لمحافظ ذي قار، ومدير دائرة الطرق والجسور في المحافظة.
وتأتي زيارة وفد الوزراء في إطار الاهتمام الذي يبديه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بوضع بعض الحلول الممكنة لإصلاح ما يمكن إصلاحه في المحافظة الغاضبة والتي تهدد أوضاعها العامة المتردية بالانفجار في أي لحظة. ويبدو أن حكومة بغداد تسعى إلى استباق موجة الاحتجاجات المقبلة والتخفيف من حدتها عبر الاهتمام بالمناحي الخدمية لمدن المحافظة.
وكان الكاظمي قد زار الأسبوع الماضي مدينة الناصرية وأجرى لقاءات موسعة مع مسؤوليها المحليين، وأقر خلال الزيارة بحالة «التهميش» التي تعاني منها المحافظة وكشف عن تلكؤ 270 مشروعاً نتيجة الفساد وسوء الإدارة، وتعهد باتخاذ قرارات عاجلة تصبّ في صالح المحافظة.
وقال الناطق الرسمي باسم الأمانة العامة لمجلس الوزراء المرافق للفريق الحكومي حيدر مجيد، إن «الوفد المشترك من وكيل وزير الإعمار والإسكان ومدير الطرق والجسور ومدير عام شركة (آشور) برفقة المعاون الفني لمحافظ ذي قار علاء حسن، بحث العراقيل التي تواجه الطريق الحولي لمدينة الناصرية». وأشار إلى «المعرقلات التي تواجه المشروع المتعلقة ببلدية الناصرية وبعض المغروسات التابعة للقطاع الخاص وإمكانية متابعتها من قبل زراعة ذي قار».
بدوره، قال مدير ماء ذي قار، محمد رضا حسن، لشبكة أخبار محلية في الناصرية إن «الوفد وضع توقيتات زمنية لإكمال مشروع ماء الإصلاح الكبير الذي يعد من بين المشاريع المتابَعة من قبل وفد الأمانة وتبلغ نسبة الإنجاز به 90%».
وشهدت محافظة ذي قار خصوصاً مركزها الناصرية على امتداد الأشهر الماضية، مواجهات شرسة بين السلطة وأحزابها وفصائلها المسلحة وبين جماعات الحراك راح ضحيتها مئات المتظاهرين بين قتيل وجريح، وعمد المتظاهرون إلى إحراق غالبية المقرات الحزبية والميليشياوية، ثم عادوا في شهر أغسطس (آب) الماضي إلى تجريف تلك المقرات بالمعدات الثقيلة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.