كشفت مصادر سياسية في تل أبيب أن 4284 فلسطينياً من عملاء إسرائيل تقدموا في السنوات ما بين 2016 و2019 بطلب تصاريح إقامة، كونهم يشعرون بتهديد على حياتهم، بعد اتهامهم بالتعاون مع إسرائيل، ولكن السلطات الإسرائيلية لم تستجب سوى لـ11 طلباً منها فقط.
وقالت منظمة «أطباء من أجل حقوق الإنسان» التي حصلت على هذه المعلومات، رسمياً، إن هؤلاء الفلسطينيين يعيشون حالياً في إسرائيل بشكل غير قانوني، ويفتقرون لأي حقوق، فلا تأمين صحي ولا تصريح عمل ولا حقوق اجتماعية. ولا تقوم أجهزة الأمن الإسرائيلية بتوفير «إعادة التأهيل» لهم، بصفتهم عملاء في جهاز الأمن، وفي أحسن الحالات يحصلون على إقامة مدنية في إسرائيل، ولكن أبناءهم لا يحصلون عليها.
ونقلت المنظمة الطبية عن أحد هؤلاء العملاء، واختارت له اسماً مستعاراً هو «محمد» (49 عاماً)، الذي يعيش في إسرائيل من دون إقامة منذ 18 سنة، أن السلطة الفلسطينية اعتقلته في عام 1997، واتهمته بالتعاون مع إسرائيل. وقد نفى التهم الموجهة إليه، ولكنه حكم بالسجن لخمس سنوات، وهناك تعرض للتعذيب، بحسب قوله. وفي النهاية، قام جنود الجيش الإسرائيلي بإطلاق سراحه خلال عملية «السور الواقي» التي أعادت فيها إسرائيل احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة.
وبحسب رأي طبيب نفسي أمام المحكمة، فإن محمد عانى من ضربة في رأسه ويديه، ومن حالة ما بعد الصدمة، في أعقاب التعذيب الذي تعرض له. وبعد إطلاق سراحه، هرب إلى إسرائيل، حيث حصل في البداية على إذن مكوث. وعندما انتهى الإذن، بقي من دون إقامة، لأن السلطات قررت أنه لا يوجد أي خطر على حياته في مناطق السلطة. ويشير التقرير إلى أن عائلته التي بقيت في الضفة بعد هربه تعرضت للتهديد المتكرر من قبل جهات مرتبطة بحركة فتح.
وفي هذه الأثناء، تزوج محمد من امرأة إسرائيلية، وأنجب 4 أولاد، جميعهم يحملون الجنسية الإسرائيلية. ويقول في حديث مع صحيفة «هآرتس»: «أنا أعمل من اليد إلى الفم، ليست لدي قدرة الذهاب إلى الطبيب، أو الحصول على العلاج. إسرائيل تطلب مني أن احصل على وثائق من الضفة (بطاقة هوية، شهادة حسن سلوك)، لكني لم أعد في أي مرة إلى المناطق منذ هربي من هناك، ولا أستطيع المخاطرة بنفسي من أجل إحضار وثائق».
وتقدم المنظمة الطبية نموذجاً آخر لشخص أطلق عليه الاسم المستعار منذر، وهو أيضاً موجود في إسرائيل منذ سنوات طويلة. ورغم أنه في البداية تم الاعتراف به بصفته شخصاً حياته مهددة، فإنه في السنة الأخيرة تم إلغاء إقامته. وحسب قوله، فإنه في الانتفاضة الثانية قدم لقوات الأمن معلومات عن راشقي الحجارة الذين قاموا بإلقاء زجاجات حارقة. وبعد ذلك، دخل إلى سجن السلطة الفلسطينية لعدة أشهر، بتهمة أنه عميل متعاون. وفي السجن، قال إنه تم تعذيبه. بعد ذلك، أرسل تحت التهديد لتنفيذ عملية، لكن في نهاية المطاف سلم نفسه لإسرائيل. وبعد تحقيق من قبل الشباك، أطلق سراحه، وهو يعيش منذ سنوات في إسرائيل مشرداً. وفي عام 2006، اعترفت اللجنة بمنذر بصفته شخصاً مهدداً، وحصل في كل مرة على تصريح إقامة لثلاثة أشهر. لكن خلال السنوات التالية، رفضت طلبات منذر على التوالي، والآن لا يوجد له تصريح مكوث. وفي قرار اللجنة عام 2019، تمت الإشارة إلى «ماضيه الجنائي».
وتقدم جمعية الأطباء نموذجاً ثالثاً لشخص أتيح له البقاء في إسرائيل، ولكنه ميت الآن بسبب معاملة المؤسسات الرسمية له، إنه غسان طقاطقة الذي كان أحد القلائل الذين حصلوا على تصريح مكوث متواصل في إسرائيل طوال 15 سنة، كونه مهدد، في أعقاب تهديدات تعرض لها بسبب مساعدته للمخابرات الإسرائيلية. وقد عاش في إسرائيل منذ بداية 2003، وتزوج من يهودية، وأنجب 4 أبناء، هم مواطنون إسرائيليون. وفي 2018، رفض طلبه الحصول على إذن مكوث، فطلب تصريحاً على أساس إنساني كونه مريضاً، لكن لم يتم البت في طلبه. وفي شهر مايو (أيار)، عندما كان طلبه لا يزال مفتوحاً، وجد ميتاً في حديقة عامة. وقد كان طقاطقة مريضاً بالسرطان، لكن خلال أشهر كثيرة لم يتم إجراء عملية له كان بحاجة إليها، لأنه لم يكن لديه المال. وفي نهاية المطاف، وصل إلى مستشفى لإجراء عملية مستعجلة. وبعد بضعة أشهر، انفصل عن زوجته، وتحول إلى متشرد. تقول زوجته: «وجدوه ميتاً في حديقة عامة؛ الدولة ببساطة رمته للكلاب. لم تكن له أي حقوق في إسرائيل، رغم أنه ساعد إسرائيل، وكان شخصاً جيداً». وبعد موته، قالت زوجته إنهم «أرادوا إرسال جثته لتدفن في الضفة. وفقط بعد إصراري، ولأن له أولاد في إسرائيل، سمحوا بدفنه هنا».
تقرير: إسرائيل تخلت عن أكثر من 4 آلاف عميل فلسطيني
لم تقبل سوى 11 شخصاً منحتهم الإقامة الشرعية
تقرير: إسرائيل تخلت عن أكثر من 4 آلاف عميل فلسطيني
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة