شاشة الناقد

لقطة من فيلم «في الغابة»
لقطة من فيلم «في الغابة»
TT

شاشة الناقد

لقطة من فيلم «في الغابة»
لقطة من فيلم «في الغابة»

* آني Annie

* في الأساس: «آني» هي شخصية «كوميكس» من العشرينات حول الفتاة التي تعيش في ميتم باسم آني تحت وطأة مشرفة قاسية القلب. وعن ذلك الثري الكبير دادي وورباكس الذي يقرر أن يأخذها تحت جناحه ويتبناها لعفويتها وصدقها وجمال روحها. من صفحات الكوميكس إلى المسرح ومن المسرح إلى ذلك الفيلم الذي أقدم على إخراجه سنة 1982 جون هيوستون ثم عودة إلى المسرح بنجاح قبل أن يتحوّل إلى فيلم جديد تحت إدارة مخرج لا يزال في بداياته اسمه ول غلوك.
«آني»، نسخة اليوم، مشغول جدّا بتصوير آني ‫(كوڤنزانه ووليس‬) البريئة والمرحة ومربّيتها (كاميرون داياز) التي تحاول التشبّث بالشباب والرغبة وتسيء، خلال ذلك، معاملة من آل إليها من أطفال يتامى. ومشغول بتصوير ذلك الكلب الظريف التي تنطلق آني للبحث عنه مجتازة شوارع نيويورك المزدحمة قبل أن ينقذها من الدهس داديوورباكس (جايمي فوكس). لكن لا أحد يستطيع إنقاذ هذا الفيلم من ركاكة تنفيذه العامّة ومن أن المشاهد يدرك كل ما سيقع حتى وإن لم يشاهد من قبل آني لا مرسومة ولا ممسرحة ولا في فيلم هيوستون الأفضل.
* في الغابة Into the Woods
* روب مارشال هو المخرج الذي أعاد للميوزيكال لياقته عندما حقق قبل أعوام ليست بالكثيرة «شيكاغو» الذي اختطف أكثر من أوسكار وجوائز مرموقة أخرى. وهو يكاد يفعل ذلك في الساعة الأولى من هذا الفيلم الذي يجمع فيه كل تلك الحكايات الفانتازية الكلاسيكية التي تقع أحداثها في الغابة من «سندريللا» إلى «جاك وشجرة اللوبيا» ومن «ليلى والذئب» إلى «رد رادينغ هود» وسواها. تتداخل الحكايات جيّدا وينتقل السيناريو المقبول المأخوذ عن مسرحية ستيفن سوندهايم الأقل تميّزا بين أعماله، بين شخصياتها: آنا كندريك في دور ساندريللا، كريستين بارانسكي في دور أمّها بالتبني ودانيال هتلستون (جاك) وجيمس كوردون (الخبّاز) وإميلي بْلنت (زوجته) مع ميريل ستريب في دور الساحرة وجوني دب في دور الذئب. كل هؤلاء يتماوجون جيّدا في الساعة الأولى قبل أن تتراكم الحكايات لتدخل عنق الزجاجة، كل تريد أن تنصهر في بوتقة واحدة تأتي أضعف شأنا مما سبق. على ذلك، يبقى مسلّيا وغنائياته مثيرة وإن كان لا يبقى في البال أي منها.
* ليلة في المتحف: سر الكفن Night at the Museum
* بعد 8 سنوات على المغامرة التي خاضها بن ستيلر في المتحف أول مرّة، عندما بثت الأرواح في التماثيل واللوحات والأشكال المختلفة وعاشت معه ليلة مشهودة في فيلم ناجح، ها هي التركيبة ذاتها تعود ناقصة الحيوية والطموح. يبدو الفيلم الجديد استطرادا اتفق عليه الممثلون مع الشركة المنتجة مقابل أجور مرتفعة (حسب مجلة «فوربس» يتقاضى بن ستيلر أعلى بكثير مما يجب). تعود الأرواح إلى تلك الأشكال المتحفية لكن لا حياة فيها بل تمثيل يتحرك بالرموت كونترول.
شون ليفي (أحد أسوأ مخرجي العصر) هو من يمسك بالجهاز عن بعد. هناك موقع جديد للأحداث. المتحف الحاضر هو متحف بريطاني لكن هل ينقذ هذا حكاية تسير على خطي السكّة ذاتها؟
مؤسف مشاهدة موهبة روبن ويليامز (دوره الأخير) وهي تنحدر، لكن عزاء معجبيه أن كل الممثلين الآخرين (ستيلر، أووَن ولسون، بن كينغسلي، ستيف كوغن، ريكي جرفيز) قد رضوا الانحدار ذاته.



أغنييشكا هولاند: لا أُجمّل الأحداث ولا أكذب

أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)
أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)
TT

أغنييشكا هولاند: لا أُجمّل الأحداث ولا أكذب

أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)
أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)

بعد أكثر من سنة على عرضه في مهرجاني «ڤينيسيا» و«تورونتو»، وصل فيلم المخرجة البولندية أغنييشكا هولاند «حدود خضراء» إلى عروض خاصّة في متحف (MoMA) في نيويورك. «لا يهم»، تقول: «على الأفلام التي تعني لنا شيئاً أن تشقّ طريقاً للعروض ولو على مدى سنة أو أكثر».

فيلمها الأخير «حدود خضراء» نال 24 جائزة صغيرة وكبيرة واجتاز حدود نحو 30 دولة حول العالم. ترك تأثيراً قوياً منذ افتتاحه في المهرجان الإيطالي، حيث نال جائزةَ لجنة التحكيم الخاصة وفوقها 8 جوائز فرعية.

مردّ ذلك التأثير يعود إلى أن الفيلم (بالأبيض والأسود) تحدّث عن مهاجرين سوريين (ومهاجرة من أفغانستان) علِقوا على الحدود بين بروسيا وبولندا، وكلّ حرس حدود كان يسلبهم شيئاً ومن ثمّ يعيدهم إلى حيث أتوا. الحالة لفتت نظر جمعية بولندية أرادت مساعدة هؤلاء الذين تناقص عددهم بعدما اختفى بعضهم وسُجن آخرون. الدراما كما قدّمتها هولاند (75 سنة حالياً) نابعة من مواقف ونماذج حقيقية وأحداثٍ وقعت عالجتها المخرجة بأسلوب تقريري غير محايد.

نقطة حياة: «حدود خضراء» (مترو فيلمز)

لحظات إنسانية

> حال مشاهدتي لفيلم «حدود خضراء» في «مهرجان ڤينيسيا» خطر لي أنه يلتقي مع أفلام سابقة لكِ تناولت قضايا مهمّة وحادّة مثل «يوروبا، يوروبا» و«الحديقة السّرية» و«أثر» (Spoor) الذي عُرض في «برلين». كيف تُصنّفين أفلامك؟ وكيف تختارين قضاياها؟

- أفلامي السابقة تنوّعت كثيراً في موضوعاتها باستثناء أنني قصدت دوماً تناول ما اعتقدت أنه أجدى للمعالجة. والأفلام التي ذكرتها هي بالنسبة لي من بين أهم ما أخرجته. اخترتها لجانبها الإنساني أو، أُصحّح، لقضاياها الإنسانية. اخترتها لأن الأحداث وقعت في لحظات تاريخية ليست فقط مهمّة، بل هي لحظاتٌ بدت فيها الإنسانية بمنحدرٍ. هناك كثيرٌ ممّا يحدث في هذا العالم، وما حدث سابقاً يشكّل صدمة لي ولملايين الناس والفيلم هو صلتي مع هذه الأحداث. رأيي فيها.

«حدود خضراء» الفرار صوب المجهول (مترو فيلمز)

> «حدودٌ خضراء» هو واحد من أفلام أوروبية تناولت موضوع المهاجرين، لكن القليل منها انتقد السّلطات على النحو الذي ورد في فيلمك.

- أنا لست في وارد تجميل الأحداث. ولا أريد الكذب على المشاهد وأقول له إن ما تعرّض له مهاجرون مساكين على الحدود التي لجأوا إليها بحثاً عن الأمان غير صحيح، أو أنه حدث في شكل محصور. ومهنتي هذه استخدمها لقول الحقيقة، ولأفيد المشاهد بما أصوّره ولا يمكنني الكذّب عليه أو خداعه. ما شاهدته أنتَ على الشّاشة حصل وربما لا يزال يحصل في دول أوروبية أخرى.

نحو المجهول

> كيف كان رد فعل الجمهور البولندي حيال فيلمك؟

- إنها تجربة مهمّة جداً بالنسبة لي. سابقاً كان هناك حذرٌ من قبول ما أقدّمه لهم من حكايات. كثيرون قالوا إن هذا لا يمكن أن يحدث. نحن في أوروبا والعالم تغيّر عمّا كان عليه. والآن، مع هذا الفيلم، وجدتُ أن غالبية النّقاد وقراء «السوشيال ميديا» يوافقون على أن هذا يحدث. هناك من يأسف وهناك من يستنكر.

> نقدُك لحرس الحدود البولندي والبروسي في هذا الفيلم يؤكّد أن المعاملة العنصرية لا تزال حاضرة وربما نشطة. اليمين في أوروبا يجد أن طرد اللاجئين الشرعيين أو غير الشرعيين بات أولوية. صحيح؟

- نعم صحيح، لكن الاكتفاء بالقول إنه موقف عنصريّ ليس دقيقاً. نعم العنصرية موجودة ولطالما كانت، وعانت منها شعوب كثيرة في كل مكان، ولكن العنصرية هنا هي نتاج رفض بعضهم لقاء غريبٍ على أرض واحدة، هذا رفض للإنسانية التي تجمعنا. للأسف معظمنا لا يستطيع أن يمدّ يده إلى الآخر في معاملة متساوية. الحروب تقع وتزيد من انفصال البشر عن بعضهم بعضاً. ثم لديك هذا العالم الذي يسير بخطوات سريعة نحو المجهول في كل مجالاته.

> هل تقصدين بذلك التقدم العلمي؟

- بالتأكيد، لكني لست واثقة من أنه تقدّمَ حقاً. الذكاء الاصطناعي؟ هذا وحده قد يذهب بما بقي من ضوابط أخلاقية ومجتمعية. أعتقد أن التأثير الأول لذلك أننا نعيش في زمن نعجِز عن فهم تغيّراته، والنتيجة أننا بتنا نهرب إلى حيث نعتقده ملجأً آمناً لنا. نهرب من التّحديات ونصبح أكثر تقوقعاً معتقدين أن ذلك خير وسيلة للدفاع عن مجتمعاتنا.

ضحايا

> عمَدتِ في «حدود خضراء» إلى تقسيم الفيلم إلى فصول. هذا ليس جديداً لكنه يطرح هنا وضعاً مختلفاً لأننا ننتقل من وضع ماثلٍ ومن ثَمّ نعود إليه لنجده ما زال على حاله. ما الذي حاولتِ تحقيقه من خلال ذلك؟

- هذه ملاحظة مهمّة. في الواقع هناك قصصٌ عدة في هذا الفيلم، وكل شخصية تقريباً هي قصّة قابلة للتطوّر أو التوقف. وهناك 3 فرقاء هم الضحايا والمسعفون ورجال السُّلطة. بعضُ هذا الأسلوب المطروح في الفيلم مشتقٌ من العمل الذي مارسته للتلفزيون وهو يختلف عن أسلوب السّرد السينمائي، وقد اعتمدت عليه هنا لأنني وجدته مناسباً لفيلمٍ يريد تقديم الأحداث في شكلٍ ليس بعيداً عن التقريرية.

> هناك أيضاً حربٌ أوروبية دائرة على حدود بولندا في أوكرانيا. هل يختلف الوضع فيما لو كان أبطال فيلمك أوكرانيين هاربين؟

- نعم. يختلف لأنّ الرموز السياسية للوضع مختلفة. البولنديون يشعرون بالعاطفة حيال الأوكرانيين. السلطات لديها أوامر بحسن المعاملة. لكن هذا لم يكن متوفراً وليس متوفراً الآن للاجئين غير أوروبيين.