الصين تقترح «منصة حوار متعدد الأطراف» للتهدئة في الشرق الأوسط

وزير الخارجية الصيني وانغ يي يستقبل نظيره الإيراني محمد جواد ظريف في مقاطعة يوننان أول من أمس (شينخوا)
وزير الخارجية الصيني وانغ يي يستقبل نظيره الإيراني محمد جواد ظريف في مقاطعة يوننان أول من أمس (شينخوا)
TT

الصين تقترح «منصة حوار متعدد الأطراف» للتهدئة في الشرق الأوسط

وزير الخارجية الصيني وانغ يي يستقبل نظيره الإيراني محمد جواد ظريف في مقاطعة يوننان أول من أمس (شينخوا)
وزير الخارجية الصيني وانغ يي يستقبل نظيره الإيراني محمد جواد ظريف في مقاطعة يوننان أول من أمس (شينخوا)

أعلنت بكين أن وزير الخارجية الصيني وانغ يي دعا خلال لقاء مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف في تينغشونغ (جنوب غربي الصين)، إلى إنشاء «منصة حوار متعدد الأطراف» لتهدئة التوتر في الشرق الأوسط.
وقال وزيرا خارجية الصين وإيران اللذان التقيا السبت في مدينة تينغشونغ، إنهما متحدان في الدفاع عن الاتفاق النووي الإيراني الموقّع في 2015. وأدانا «الأحادية» وسياسة «الترهيب» التي تتبعها الولايات المتحدة، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.
وتواجه إيران عزلة إقليمية بسبب دعمها للميليشيات متعددة الجنسيات التي تحارب في سوريا، فضلاً عن دعمها لميليشيات موالية تسهم في إشعال فتيل التوتر في اليمن والعراق، ما دفع الولايات المتحدة إلى فرض استراتيجية الضغط الأقصى، بهدف تعديل سلوك إيران الإقليمي ووقف برنامجها الصاروخي. وضاعفت الولايات المتحدة على مدى الشهور الثلاثة الماضية الضغوط بهدف منع رفع حظـر الأسلحة المقرر نهاية الأسبوع الحالي وفق الاتفاق النووي الموقّع في 2015.
والشهر الماضي، أعادت واشنطن العمل بستة قرارات أممية تنص على العقوبات الشاملة على إيران وفق آلية «سناب باك»، وهو ما رفضته فرنسا وألمانيا وبريطانيا وروسيا والصين، لكن الخطوة حظيت بتأييد أغلب دول المنطقة. ونقل بيان لوزارة الخارجية الصينية نُشر، أول من أمس، عن وانغ يي قوله: «في مواجهة المخاوف المشروعة لجميع الأطراف في مجال الأمن، تقترح الصين إنشاء منصة لحوار متعدد الأطراف وإقليمي». وأوضح أن «جميع الأطراف المعنية يمكن أن تشارك بمساواة من أجل تحسين التفاهم المتبادل من خلال الحوار ومناقشة الوسائل السياسية والدبلوماسية لحل المشكلات الأمنية».
والشرط المسبق الوحيد الذي وضعه وانغ يي هو الدفاع عن الاتفاق النووي الإيراني الدولي. وقال إن بكين «تعارض أي عمل أحادي الجانب يقوّض الاتفاق (النووي) وستواصل العمل على تطبيقه»، داعياً إلى تعزيز التعاون مع إيران «للدفاع عن التعددية» و«التصدي للترهيب».
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد اعتبر هذا النص غير كافٍ لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية وكبح سلوك طهران المتهمة «بزعزعة» الاستقرار في الشرق الأوسط. وقد انسحب من الاتفاق وأعاد فرض كل العقوبات الأميركية التي رُفعت في 2015. وبدا البلدان مرات عدة على شفير مواجهة مباشرة.
وفي تغريدة على «تويتر»، أشاد وزير الخارجية الإيراني، أول من أمس (السبت)، بـ«المناقشات المثمرة» التي سمحت بتعزيز العلاقات الثنائية في مجال التعاون الإقليمي أو اللقاحات ضد «كوفيد - 19» أو الدفاع عن الاتفاق النووي.
وقال ظريف: «رفضنا الأحادية الأميركية ومحاولات الولايات المتحدة إقامة عالم أحادي القطب».
وذكرت وزارة الخارجية الصينية أن ظريف الذي تعد بلاده الأكثر تضرراً في الشرق الأوسط من وباء «كوفيد - 19» هنّأ الصين أيضاً على «إنجازاتها الرائعة» في مكافحة فيروس «كورونا المستجد».
وفي تقرير حول زيارة ظريف للصين، سلّطت وكالة «إرنا» الحكومية على تغطية وسائل الإعلام الأجنبية. ورأت أن «غالبية» التقارير عدّت اتفاقية الشراكة الاقتصادية «خطوة ذكية، تُضاعف قدرة إيران على مواجهة العقوبات الأميركية».
وأعادت الوكالة «الاهتمام» بزيارة ظريف لتوقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية التي لاقت انتقادات خلال الشهور القليلة الماضية بين معارضي المؤسسة الحاكمة. وتقدم طهران إغراءات غير مسبوقة إلى الصين لتشجيعها على استثمار مدته 25 عاماً، وتقدر قيمته بـ400 مليار دولار، مقابل منحها جزءاً من الموانئ الجنوبية في البلاد، قد تصل إلى إقامة قواعد عسكرية للصين في المنطقة.
وعلق ظريف في تغريدة أخرى على فرض العقوبات الأميركية، الخميس، بأنها استهدفت بنوكاً إيرانية. وراهن مرة أخرى على اتهام الولايات المتحدة بمنع إيران من الحصول على الأدوية. وقال: «في خضم تفشي (كورونا)، النظام الأميركي يحاول إغلاق القنوات المتبقية لدفع نفقات الأدوية والغذاء. سيقاوم الإيرانيون الظلم. مؤامرة لتجويع مجموعة من البشر جريمة ضد الإنسانية. من يتسببون في هذه الأوضاع ويجمدون أصولنا سيواجهون العدالة».
جاء ذلك، غداة إعلان محافظ البنك المركزي الإيراني عبد الناصر همتي، أن «البنوك الأجنبية حصلت عملياً على الإعفاءات والترخيص المطلوب لتوفير التبادلات المالية الخاصة بالأدوية والأغذية».
وأكدت تصريحات محافظ البنك المركزي الإيراني، إعلان وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشين، أن العقوبات التي استهدفت 18 مصرفاً «لا تنطبق على العمليات التي تتعلق بالسلع الأساسية الزراعية والأغذية والإدارية أو الأجهزة الطبية».
وقالت صحیفة «آرمان» الإصلاحية، في المقال الافتتاحي إن «الرئيس الأميركي بعد أربعة أعوام من المواجهة المباشرة وغير المباشرة مع إيران وصل إلى مأزق سياسي». ورأت تهديدات وردت على لسان ترمب وأوامره بفرض عقوبات شاملة لعزل منظومة المال الإيرانية أنها «دليل ضعف وعجز سياسي».
انطلاقاً من ذلك، عدّت زيارة ظريف إلى الصين «مقدمة لجبهة شرقية واسعة ضد الهيمنة العسكرية والاقتصادية الأميركية»، ولفتت إلى أن زيارة ظريف للصين تأتي في سياق مساعٍ إيرانية لتوقيع اتفاق الشراكة لفترة 25 عاماً. وقالت: «ستكون الاتفاقية فصلاً جديداً من العلاقات المتنامية بين طهران والصين وفي نهاية المطاف موسكو».
وكشفت الصحيفة أن الاتفاق «ينص على عزل الدولار من دورة التبادل التجاري بين البلدين، خلال فترة زمنية، على أن تحل العملة المحلية محل الدولار».
ولاحظت الصحيفة أن موافقة البرلمان الإيراني وتمريرها من مجلس صيانة الدستور (الهيئة الرقابية على قرارات البرلمان)، «سيؤدي إلى ثورة إقليمية وشرقية ضد الولايات المتحدة وحلفائها»، وأشارت إلى أن السبب «معارضة الصين وروسيا، القوتين العسكريتين والاقتصاديتين، لتدخلات الولايات المتحدة في قضايا غرب وشرق آسيا».
ومن المتوقع أن يوافق البرلمان ومجلس صيانة الدستور، على المشروع الذي يأتي في أعقاب إصرار من كبار المستشارين لـ«المرشد» علي خامنئي، على التحول إلى الشرق، في مواجهة الضغوط الأميركية والأوروبية.
ويعد هذا تراجعاً علنياً من شعار «لا شرقية ولا غربية جمهور إسلامية» والشعار الأساسي للنظام الإيراني بعد تأسيس نظام ولاية الفقيه على يد «المرشد» المؤسس (الخميني)، في 1979.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.