عودة «البيشمركة» السورية قضية خلافية في مباحثات الأحزاب الكردية

تشكلت من منشقين وتنتشر حالياً في إقليم كردستان العراق

«البيشمركة» السورية على جبهات القتال ضد «داعش» في كردستان العراق (الشرق الأوسط)
«البيشمركة» السورية على جبهات القتال ضد «داعش» في كردستان العراق (الشرق الأوسط)
TT

عودة «البيشمركة» السورية قضية خلافية في مباحثات الأحزاب الكردية

«البيشمركة» السورية على جبهات القتال ضد «داعش» في كردستان العراق (الشرق الأوسط)
«البيشمركة» السورية على جبهات القتال ضد «داعش» في كردستان العراق (الشرق الأوسط)

قالت مصادر كردية مطلعة، بأن الجولة الثانية من مباحثات الأحزاب السياسية الكردية الجارية برعاية أميركية، ناقشت السلة الثالثة والأبرز، وهي «سلة الحماية والدفاع» التي تضمنت كيفية عودة قوات «البيشمركة» السورية، وانتشارها في المناطق ذات الغالبية الكردية الواقعة شمال شرقي البلاد.
وعقدت أحزاب «المجلس الوطني الكردي» و«أحزاب الوحدة الوطنية الكردية»، اجتماعاً بقاعدة التحالف الدولي بمدينة الحسكة بداية الشهر الحالي، برعاية منسقة الخارجية الأميركية زهرة بيللي، في شرق الفرات وقائد «قوات سوريا الديمقراطية» مظلوم عبدي.
وبحسب المصادر، اتفقت الأحزاب المتفاوضة على سلة المرجعية السياسية، وبقيت نقطة انضمام حزبي «التقدمي الكردي» و«الوحدة الكردي» أكبر الأحزاب الكردية، عالقة، بعد رفضها الدخول في نسبة (10) في المائة، وتمسكها بالدخول كطرف مستقل. فيما حسمت سلة مشاركة «المجلس الكردي» في مؤسسات الإدارة الذاتية بعد موافقته على شغل مقاعد أحزاب «الوحدة الوطنية الكردية» بقيادة «حزب الاتحاد الديمقراطي» السوري، مناصفة، واقتصارها على المناطق الكردية، وسينضم لهياكل حكم الإدارة لحين تنظيم انتخابات عامة بعد عام من توقيع الاتفاق.
غير أن السلة الثالثة التي تناقش «الحماية والدفاع»، تواجه صعوبات كثيرة تزيد الشكوك بشأن المباحثات الكردية المستمرة منذ 7 أشهر والتي انتقلت للمرحلة الأشد تعقيداً، فقوات «البيشمركة» الجناح العسكري للمجلس الكردي السوري، منتشرة منذ تأسيسها أوائل 2012 في إقليم كردستان العراق المجاور، وتشكلت من منشقين أكراد من جيش النظام السوري، وشبان رفضوا الالتحاق بالخدمة الإلزامية، ومتطوعين من أبناء المناطق الكردية المتواجدين هناك.
وبحسب القيادي بصفوف «البيشمركة» المقدم دلوفان روباربي، يصل قوام هذه القوات إلى فرقة عسكرية تعدادها نحو سبعة آلاف مقاتل، ولم تطلق رصاصة واحدة داخل سوريا، وأضاف: «لم نشارك في المعارك داخل سوريا، لكن عندما هاجم عناصر تنظيم (داعش) إقليم كردستان منتصف 2014. شاركت قواتنا في المعارك وسقط العديد من مقاتلينا شهداء».
فيما أكد مسؤول بارز في رئاسة المجلس الكردي، بأن هذه القوات يصل عددها لنحو 15 ألفاً، موزعين على 7 آلاف يحملون السلاح ضمن الألوية والفرق العسكرية بالإقليم، وهناك متطوعون يبلغ عديدهم قرابة 8 آلاف تدربوا على فنون القتال وحملوا السلاح أثناء هجمات «داعش» في العراق.
ووصفت المصادر الكردية المفاوضات الجارية بين الأحزاب الكردية بـ«البالغة التعقيد والحساسية»، نظراً لآلية عودة هذه القوات ودمجها في غرفة عمليات مشتركة؛ مع وجود قوة كردية ثانية، هي «وحدات حماية الشعب» الكردية العماد العسكري لقوات «قسد» التي تسطير على معظم مساحة شرق الفرات، وتتلقى الدعم من التحالف الدولي وتنتشر على طول الحدود مع تركيا.
وكان المبعوث الأميركي الخاص بالملف السوري جيمس جيفري، قد ناقش هذه النقطة مع قادة الأحزاب الكردية بزيارته الأخيرة نهاية سبتمبر (أيلول)، لرغبة واشنطن مشاركة هذه القوات في حماية المنطقة من التهديدات التركية المتصاعدة، ونشر قواتها من بلدة عين العرب «كوباني» بريف حلب الشرقي، مروراً بمدن وبلدات الدرباسية وعامودا والقامشلي حتى المالكية الحدودية، تماشيا مع مطالب أنقرة بعد تنفيذها عملية «نبع السلام» في أكتوبر (تشرين الأول) العام الفائت، بإبعاد الوحدات الكردية عن حدودها الجنوبية، وفرض «منطقة آمنة» عمقها 30 كيلومتراً وطولها 450 كيلومترا موازية حتى حدود العراق شرقاً.
غير أن هذا الاتفاق بين أميركا وتركيا، لا ينسحب على اتفاق الأخيرة مع روسيا بحسب اتفاقية سوتشي، لأن موسكو نشرت شرطتها العسكرية ومواقع لجيش النظام السوري، في معظم المنطقة الحدودية ونقاط التماس مع الجيش التركي والفصائل السورية الموالية في ناحية عين عيسى بريف الرقة، وبلدتي أبو راسين وتل تمر بريف الحسكة بتفاهم مع قوات «قسد».
وفي حال عودة قوات «البيشمركة»، فإن ذلك، يتطلب اتفاقاً دولياً بين الدول الفاعلة المنتشرة شرقي الفرات. ويقول رئيس حزب كردي وأحد المفاوضين في المباحثات، بأن «البيشمركة» رفضت المشاركة في عمليات «غصن الزيتون» 2018 و«نبع السلام» وهي «ليست جزءاً من الائتلاف المعارض أو الجيش الوطني التابع لحكومته المؤقتة، والذي يخوض حروباً مدمرة في المناطق الكردية».
ولفت بأن المجلس والائتلاف يعملان معا منذ 7 سنوات، لكن وجهات نظرهم تباينت مؤخراً: «لاستهداف الجيش الوطني مناطق كردية. كما أصدر الائتلاف بيانات مرحبة بالعملية التركية وكان ضحاياها مدنيين، وسكت عن انتهاكات تلك الفصائل بحق السكان العزل».
ويرى القيادي الكردي بأن عودة «البيشمركة» السورية مرهونة بثلاث نقاط رئيسية، أولها وجود اتفاق كردي – كردي شامل يتضمن ملف الدفاع والحماية، على أن تكون شريكاً حقيقياً برعاية أميركية، ثانيها وجود مظلة دولية بإشراف أممي وموافقة كل من موسكو وواشنطن، ثالثها والأهم، عدم دخول جيوش دول إقليمية سيما الفاعلة في الحرب السورية، مثل تركيا. واختتم المسؤول حديثه، بقوله: «آنذاك فقط، سنعود إلى مناطقنا الكردية ونحميها من جميع الأطراف المتحاربة على الأرض السورية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».