فحص مجهري جديد للكشف عن بصمات السرطان الدهنية

علماء «كاوست» يطورون أسلوباً مبتكراً لرصد سبب انتشار المرض

باحثو «كاوست» يستكشفون تغيّر القطيرات الدهنية عند تعرضها لظروف معينة مثل عقاقير العلاج الكيميائي
باحثو «كاوست» يستكشفون تغيّر القطيرات الدهنية عند تعرضها لظروف معينة مثل عقاقير العلاج الكيميائي
TT

فحص مجهري جديد للكشف عن بصمات السرطان الدهنية

باحثو «كاوست» يستكشفون تغيّر القطيرات الدهنية عند تعرضها لظروف معينة مثل عقاقير العلاج الكيميائي
باحثو «كاوست» يستكشفون تغيّر القطيرات الدهنية عند تعرضها لظروف معينة مثل عقاقير العلاج الكيميائي

يعد انتشار السرطان من الجزء الذي بدأ فيه إلى أجزاء أخرى من الجسم، أحد أكثر المخاوف التي تنتاب مرضى السرطان. وتنشأ هذه الحالة عندما تنفصل الخلايا السرطانية عن الورم، فيصبح بإمكانها الانتقال إلى أجزاء أخرى من الجسم عبر مجرى الدم أو الجهاز الليمفاوي.
وكانت دراسة حديثة نشرت في مجلة «نيتشر كومنيوكيشن» مطلع هذا العام، أفادت بأن علماء من جامعة لوفين الكاثوليكية في بلجيكا قد اكتشفوا أن الخلايا السرطانية تحتفظ بالدهون في حويصلات داخلية صغيرة تسمى قطرات دهنية، وتلعب هذه الخلايا دوراً رئيسياً في انتشار الخلايا السرطانية في الجسم بما في ذلك قدرتها على مقاومة العلاج. واتضح لهم أن الدور الأساسي في هذه العملية يعود إلى البروتين TGF - beta2.
- فحص مجهري
في هذا الإطار طور باحثون في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) في المملكة العربية السعودية، أسلوباً جديداً للفحص المجهري، يمكنه التعرف بسهولة أكثر على تلك القطرات الدهنية حيث إن الروابط الكيميائية التي تُمسك بالجزيئات معاً، تُنتج اهتزازات فريدة من نوعها عند إثارتها بواسطة مصدر ضوئي. ويستغل الباحثون الآن هذا التأثير لتوصيف خصائص الخلايا والأنسجة الحية عبر تقنية التبعثر لمجهر «رامان»، وهو جهاز يستخدم في فحص ودراسة أنسجة الخلايا الحية، واسمه منسوب إلى عالم الفيزياء الهندي تشاندراسيخارا رامان مكتشف إحدى ظواهر تبعثر الضوء، وبسببه نال جائزة نوبل في الفيزياء عام 1930.
وفي هذا النهج، تُستخدم نبضات ليزر فائقة السرعة كي تهتز الجزيئات الحيوية في كامل أجزاء العينة. ويمكن للإشارات الناتجة أن تساعد على تصور المكونات، بما في ذلك الدهون، بسرعات مناسبة للتصوير بالفيديو.
غير أن أحد التحديات التي تواجه تقنية التبعثر لمجهر رامان المحفز هو جمع البيانات من منطقتين مهمتين من الطيف الاهتزازي للجزيئات: منطقة تسمى «امتداد C - H» حيث تستطيل روابط الهيدروكربونات، ومنطقة تسمى «البصمة» حيث تنحني وتنثني الرابطة. وعادة، يجب على الباحثين تسجيل قياسات متعددة لكل منطقة طيفية بمكونات بصرية مختلفة، وهذه عملية مرهقة.
يقول عالم الأحياء الدكتور شيرهي لابتينوك، باحث دراسات ما بعد الدكتوراه في مجموعة الدكتور كارلو ليبرالي، الأستاذ المساعد في العلوم البيولوجية في كاوست: «تغد منطقة البصمة الأكثر ثراء بالتفاصيل التي من شأنها الكشف عن الهياكل الجزيئية، ولا سيما عندما يمكن ربطها بمعلومات امتداد C - H. ومن الضروري امتلاك القدرة على جمع البيانات بسرعة من كلتا المنطقتين باستخدام قياس واحد».
- بصمات السرطان
ولتسريع القياسات الاهتزازية، أدمج فريق الدكتور ليبرالي مرشحاً بصرياً قابلاً للضبط إلكترونياً في المجهر المستخدم. ويختار المرشح انبعاثات الحزمة على نطاق زمني سريع للغاية كي يقلل كثيراً من الحاجة إلى تنفيذ خطوات تستغرق وقتاً طويلاً، مثل تغيير المكونات البصرية للمجهر أو إعادة محاذاتها. وبهذه الطريقة، انخفض الوقت اللازم لإجراء المسح المعتاد عالي الدقة عبر المنطقتين الرئيسيتين انخفاضا ملحوظاً، من دقائق إلى ثوانٍ، مع الحفاظ على دقة طيفية عالية.
ولاستعراض الإمكانات الطبية الحيوية للمجهر، جمع فريق بحثي في كاوست بيانات اهتزازية عن خلايا سرطان الكبد البشرية. وأدى اختيار ضوء الليزر الذي يحفز الدهون إلى تمكين الباحثين من إنتاج صور للخلايا السرطانية تسلط الضوء على المناطق الداخلية الضئيلة التي تحتوي تركيزات عالية من جزيئات الدهون من خلال بصمات اهتزازية معينة. كما كشفت تجارب أخرى أن المجهر يستطيع التمييز بين الدهون على أساس محتواها من الهيدروكربونات المشبعة.
يقول ليبرالي: «من المثير حقاً أن تكون قادراً على رؤية القطيرات الدهنية بدقة كبيرة وبتفاصيل واضحة، خاصة بعدما تبين في ضوء المعلومات الجديدة أن الخلايا السرطانية تستقلب الدهون بطرق غير طبيعية. ونحن مهتمون باكتشاف كيف تتغير هذه القطيرات عند تعرضها لظروف معينة مثل عقاقير العلاج الكيميائي».


مقالات ذات صلة

الإفراط في تناول الدهون والسكر قد يدمر الكبد

يوميات الشرق سرطان الكبد من بين السرطانات الأكثر شيوعاً في العالم (جامعة ييل)

الإفراط في تناول الدهون والسكر قد يدمر الكبد

حذّرت دراسة أميركية من أن الإفراط في تناول الدهون والسكريات يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بسرطان الكبد، وذلك من خلال تدمير الحمض النووي في خلايا الكبد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك يبحث العلماء عن نموذج يتنبّأ بكيفية تأثير العلاج على أورام المرضى (رويترز)

«أسماك مزروعة بخلايا سرطانية»... جديد الأطباء لعلاج الأورام «بسرعة»

هل يستطيع أطباء الأورام اتخاذ قرارات أفضل لعلاج السرطان باستخدام الأسماك؟ تهدف تجربة سريرية من المقرر أن تبدأ هذا الشهر في البرتغال إلى معرفة ذلك.

«الشرق الأوسط» (لشبونة)
صحتك أظهرت الدراسة أن الأشخاص الذين يتناولون أربعة فناجين من القهوة يومياً تتراجع احتمالات إصابتهم بسرطان الرأس والعنق بشكل عام (رويترز)

دراسة: تناول الشاي والقهوة يقلل مخاطر الإصابة بسرطان الرأس والعنق

كشفت دراسة علمية أن تناول بعض المشروبات الساخنة في الصباح مثل الشاي والقهوة ربما يقلل الإصابة ببعض أنواع السرطان التي تصيب منطقة الرأس والعنق.

«الشرق الأوسط» (سان فرنسيسكو)
صحتك فنجان قهوة (أ.ب)

شرب الشاي أو القهوة يومياً قد يقلل خطر الإصابة بسرطان الرأس والرقبة

كشفت دراسة جديدة عن أن تناول الشاي أو القهوة يومياً قد يوفر بعض الحماية من سرطان الرأس والرقبة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك سرطان الثدي أحد أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين النساء (جامعة ولاية كينت)

دراسة: الجراحة قد لا تفيد المصابات بسرطان القنوات الموضعي بالثدي

أكدت نتائج أولية لدراسة طبية أن التدخل الجراحي ربما لا يفيد معظم النساء المصابات بسرطان القنوات الموضعي، وهو نوع منخفض الخطورة من سرطان الثدي.

«الشرق الأوسط» (تكساس)

الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي

الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي
TT

الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي

الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي

لطالما كان مجال طب الأسنان العدلي أو الجنائي ميداناً حيوياً في علم الطب الشرعي، إذ يقدم الأدلة الأساسية التي تساعد في كشف الجرائم وحل الألغاز القانونية.

الأسنان لتحديد الهوية

وتجرى التحقيقات الجنائية لحل الألغاز القانونية من خلال:

> تحديد الهوية: يتم استخدام الأسنان وبصمات الأسنان لتحديد هوية الأفراد في حالات الكوارث الطبيعية، الحوادث، أو الجرائم، خصوصاً عندما تكون الجثث مشوهة أو متحللة.

> تحليل علامات العضّ: يساعد تحليل علامات العض الموجودة على الأجساد أو الأشياء في تحديد الجناة أو الضحايا من خلال مقارنة العلامات مع أسنان المشتبه بهم.

> تقييم العمر: يمكن لطب الأسنان الجنائي تقدير عمر الأفراد بناءً على تطور الأسنان وتركيبها، مما يساعد في قضايا مثل الهجرة غير الشرعية وحالات الاستغلال للأطفال.

> فحص الجثث المجهولة: يتم استخدام تقنيات طب الأسنان لفحص الجثث المجهولة والتعرف عليها من خلال السجلات الطبية للأسنان.

> الأدلة الفموية: يمكن للأدلة المستخرجة من الفم والأسنان أن توفر معلومات حول نمط حياة الأفراد، مثل النظام الغذائي والعادات الصحية، التي قد تكون ذات صلة بالقضايا الجنائية.

> الكشف عن التزوير والتزييف: يمكن تحليل التركيبات السنية والأسنان المزيفة لتحديد التزوير والتزييف في الأدلة الجنائية.

> التشخيص المسبق: يستخدم طب الأسنان العدلي في تشخيص الإصابات الفموية وتحليلها لتحديد ما إذا كانت ناتجة عن أعمال جنائية أو غيرها.

دور الذكاء الاصطناعي

ومع التقدم السريع في التكنولوجيا، يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً متزايداً في تعزيز هذا المجال وجعله أكثر دقة وفاعلية. وسنستعرض كيف يغير الذكاء الاصطناعي ملامح طب الأسنان العدلي ودوره المحوري في تحسين عملية التشخيص وتقديم الأدلة الجنائية.

> الذكاء الاصطناعي في تحليل الأدلة، يتيح الذكاء الاصطناعي تحليل البيانات الضخمة بسرعة ودقة، وهو ما كان يستغرق أياماً أو حتى أسابيع لفرق من الأطباء والمختصين. أما الآن، فباستخدام خوارزميات التعلم الآلي، يمكن تحليل الصور الفموية والأشعة السينية وتحديد الهوية من خلال بصمات الأسنان بوقت قياسي قد لا يتجاوز الساعة.

> التشخيص الدقيق، يسهم الذكاء الاصطناعي في رفع مستوى الدقة في التشخيص من خلال تحليل البيانات الفموية مثل تحديد هوية العضات والعمر والجنس للضحايا من خلال الأسنان وعظم الفك وتحديد الأنماط غير المرئية بالعين المجردة. ويساعد هذا الأطباء في تمييز الحالات العادية من الحالات الحرجة التي قد تكون ذات صلة بالجرائم أو الحوادث.

> تحديد الهوية، يُعد تحديد الهوية من خلال الأسنان من أهم تطبيقات طب الأسنان العدلي، خصوصاً في حالات الكوارث أو الجثث غير معروفة الهوية. وبفضل الذكاء الاصطناعي، يمكن مقارنة البيانات الفموية بسرعة مع قواعد بيانات السجلات الطبية الرقمية، مما يسهل عملية التعرف على الضحايا بدقة عالية. كما مكنت خوارزميات الذكاء الاصطناعي من إعادة بناء الوجه بعد حوادث الغرق أو الحريق أو الطائرات لسهولة التعرف على الضحايا.

ومع استمرار تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، نتوقع أن يصبح طب الأسنان العدلي أكثر تطوراً وفاعلية، فالذكاء الاصطناعي لا يقلل من الوقت والجهد فحسب، بل يساهم أيضاً في تقليل الأخطاء البشرية وتحقيق نتائج أكثر دقة ومصداقية. بفضل التعاون بين الخبراء في مجالات التكنولوجيا والطب الشرعي، يتم تطوير تطبيقات جديدة لتحديد العمر والجنس وحتى الأصل العرقي بناءً على تحليل الأسنان.

وعلى الرغم من الفوائد العديدة للذكاء الاصطناعي في طب الأسنان العدلي، هناك تحديات يجب التغلب عليها. ومن بين هذه التحديات ضرورة تحسين دقة الخوارزميات وتجنب التحيزات التي قد تؤثر على النتائج. بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة لضمان الخصوصية وحماية البيانات الشخصية للمرضى.

وتنفيذ الذكاء الاصطناعي بشكل فعال في طب الأسنان العدلي، يجب على المؤسسات التعليمية توفير التدريب اللازم للأطباء والمختصين في هذا المجال. يشمل ذلك تعليمهم كيفية استخدام الأدوات التكنولوجية الجديدة، وفهم كيفية تفسير النتائج التي تنتج عن الخوارزميات الذكية.

وتبرز تطبيقات الذكاء الاصطناعي في هذا السياق بوضوح أهمية التقنية في تحسين حياتنا وجعل مجتمعاتنا أكثر أماناً وعدالةً.