خبراء: كيم يتحدى واشنطن بعرض الصاروخ الضخم العابر للقارات

الصاروخ الباليستي الضخم الذي استعرضته كوريا الشمالية أمس (أ.ف.ب)
الصاروخ الباليستي الضخم الذي استعرضته كوريا الشمالية أمس (أ.ف.ب)
TT

خبراء: كيم يتحدى واشنطن بعرض الصاروخ الضخم العابر للقارات

الصاروخ الباليستي الضخم الذي استعرضته كوريا الشمالية أمس (أ.ف.ب)
الصاروخ الباليستي الضخم الذي استعرضته كوريا الشمالية أمس (أ.ف.ب)

يمثل الصاروخ الضخم الجديد العابر للقارات الذي كشفت عنه كوريا الشمالية خلال عرض عسكري تهديدا واضحا لدفاعات الولايات المتحدة وتحديا ضمنيا للإدارة الحالية والمقبلة، بحسب محللين حذروا من أن بيونغ يانغ قد تختبر السلاح العام المقبل.
وحضر زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون الحدث الذي تم خلاله استعراض الصاروخ الباليستي العابر للقارات في ساحة كيم إيل سونغ (التي تحمل اسم جده) في بيونغ يانغ في ذروة عرض ليلي غير مسبوق أمس (السبت)، بحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
واتفق المحللون على أنه كان أكبر صاروخ متحرك بوقود سائل على الإطلاق في أي مكان في العالم ورجحوا بأنه مصمم لحمل رؤوس حربية متعددة داخل رأس مدمر موجه. وأفاد جيفري لويس من «معهد ميدلبري للدراسات الدولية» أن الصاروخ «هدفه على الأرجح سحق منظومة الدفاع الصاروخي الأميركية في ألاسكا».
وأضاف على تويتر أنه إذا حمل الصاروخ الباليستي العابر للقارات ثلاثة أو أربعة رؤوس حربية، فسيكون على الولايات المتحدة إنفاق حوالي مليار دولار على 12 إلى 16 مقاتلة اعتراضية لمواجهة كل صاروخ.
وقال «بكل تأكيد بهذه الكلفة سيكون بإمكان كوريا الشمالية إضافة رؤوس حربية أسرع من قدرتنا على إضافة مقاتلات اعتراضية». وقدر طول الصاروخ بنحو 24 مترا وقطره بمترين ونصف المتر، وهو ما قال المتخصص ماركوس شيلر إنه كبير بما يكفي لحمل مائة طن من الوقود، يستغرق تحميلها ساعات.
والصاروخ كبير وثقيل لدرجة تجعله غير قابل للاستخدام عمليا. وقال شيلر «لا يمكن تحريكه وهو ممتلئ بالوقود ولا يمكن تحميله (بالوقود) في موقع الإطلاق». وأضاف «إنه غير منطقي على الإطلاق، إلا في إطار ألاعيب هدفها التهديد، كإيصال رسالة مفادها بات لدينا صاروخ باليستي متحرك عابر للقارات ومزود برأس مدمر موجه، عليكم أن تخافوا كثيرا».
وكثيرا ما يحذر الخبراء الذين يتابعون ملف كوريا الشمالية من أن المعدات التي تستعرضها الدولة الانعزالية قد تكون أحيانا زائفة أو مجرد نماذج، ولا توجد أدلة على أنها حقيقية وقابلة للاستخدام إلا عند اختبارها.
لكن الصاروخ حُمل على وحدة نقل ونصب وقذف من 22 عجلة لم يسبق أن شوهدت من قبل، وكانت أكبر بكثير من العربات صينية الصنع المكونة من 16 عجلة والتي لطالما استخدمتها كوريا الشمالية حتى الآن. وفي هذا السياق، تشير مليسا هانهام من منظمة «أوبن نيوكليار نتوورك» الرامية لخفض خطر استخدام الأسلحة النووية إلى أن «العربة قد تكون مخيفة أكثر من الصاروخ».
وأضافت «إذا كانت جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية تنتج عرباتها محليا، فهناك عوائق أقل في وجه عدد الصواريخ الباليستية العابرة للقارات التي يمكنها إطلاقها». وقبل حفل تنصيبه في 2017 بفترة قصيرة، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب في تغريدة إن تطوير كوريا الشمالية لسلاح قادر على بلوغ أجزاء من الولايات المتحدة أمر «لن يحصل».
وانخرط خلال عامه الأول في الرئاسة، الذي شهد إطلاق كوريا الشمالية لصاروخ باليستي عابر للقارات بإمكانه الوصول إلى الولايات المتحدة، في سجال مع كيم قبل أن تتطور علاقة دبلوماسية استثنائية بينهما.
لكن وصلت المحادثات النووية إلى طريق مسدود منذ انهيار قمتهما في هانوي مطلع العام الماضي على خلفية مسألة تخفيف العقوبات والتنازلات التي ستقدمها كوريا الشمالية مقابل ذلك.
ويشير محللون إلى أن الصاروخ الباليستي الأخير العابر للقارات هو خير دليل على أن بيونغ يانغ واصلت تطوير ترسانتها خلال العملية الدبلوماسية، ويمنحها مزيدا من الثقل لطلب العودة إلى طاولة المفاوضات.
وقال أندريه لانكوف من «مجموعة مخاطر كوريا»: «شئنا أم أبينا، كوريا الشمالية قوة نووية وهي على الأرجح ثالث قوة نووية، بعد روسيا والصين، قادرة على ضرب المدن الأميركية».
وأضاف أن كيم يبعث برسالة للولايات المتحدة مفادها أن إمكانيات كوريا الشمالية تتطور و«إذا لم تكونوا راغبين بإبرام اتفاق الآن، فسيكون عليكم في وقت لاحق أن تبرموا اتفاقا سيكون أسوأ بالنسبة إليكم وللمجتمع الدولي».
وبعد أكثر من 12 ساعة على انتهاء العرض العسكري الذي بثه التلفزيون الكوري الشمالي الرسمي، لم ينشر ترمب ولا منافسه الديمقراطي في انتخابات الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) جو بايدن أي تغريدة بشأنه.
وأشار ترمب مرارا إلى تعهد كيم عدم القيام بأي اختبارات جديدة نووية أو لصواريخ باليستية عابرة للقارات. ويشير شين بيوم - شول من «مركز الأبحاث الكورية للاستراتيجيات الوطنية» إلى أنها عبر استعراض الصاروخ بدلا من إطلاقه، امتنعت بيونغ يانغ عن تجاوز الخطوط الحمر.
وقال «لكنه مؤشر كذلك على أن كوريا الشمالية قد تقوم بعملية إطلاق إذا أعيد انتخاب ترمب وتجاهل مسألة كوريا الشمالية»، مضيفا «إذا انتخب بايدن ولم يصغ لكوريا الشمالية فستقوم بعملية إطلاق كذلك».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».