قوات البيشمركة تسيطر على مستشفى سنجار بعد معركة استمرت ساعات

هجوم موسع على مواقع «داعش» في محوري مخمور وكوير غرب أربيل

قوات البيشمركة تسيطر على مستشفى سنجار بعد معركة استمرت ساعات
TT

قوات البيشمركة تسيطر على مستشفى سنجار بعد معركة استمرت ساعات

قوات البيشمركة تسيطر على مستشفى سنجار بعد معركة استمرت ساعات

شنت قوات البيشمركة الكردية أمس هجوما موسعا من ثلاثة محاور على معاقل تنظيم داعش في القرى التابعة لقضاء مخمور وناحية كوير غرب أربيل. وذكر قادة ميدانيون أن الهجوم أسفر عن استعادة السيطرة على عدد من القرى. ومن جهة أخرى، أكد مصدر كردي مسؤول في سنجار أن البيشمركة سيطرت أمس على مستشفى المدينة بعد معارك ضارية استمرت عدة ساعات.
وقال الرائد هاوكار كمال، أحد الضباط الميدانيين المشاركين في الهجوم، لـ«الشرق الأوسط»: «بدأت قوات البيشمركة، بالتنسيق مع قوات الجيش العراقي، هجوما موسعا من ثلاثة محاور على معاقل تنظيم داعش في الساعة الـ11 من صباح أمس، في القرى التابعة لناحية كوير وقضاء مخمور البالغ عددها سبع قرى». وتابع كمال أن «قوات البيشمركة هاجمت (داعش) من محورين، فيما هاجمت قوات اللواء الخامس والفوج الأول والفوج الثاني من الجيش العراقي من محور آخر مواقع (داعش) في محوري كوير ومخمور»، لافتا إلى أن مسلحي «داعش» لاذوا بالفرار إلى ناحية القيارة شرق مدينة الموصل.
من جانبه قال النقيب سرباز شيخ، الضابط في قوات البيشمركة في محور مخمور، لـ«الشرق الأوسط»: «استطعنا خلال هجوم أمس أن نستعيد السيطرة على قرى دويزات العليا ودويزات السفلى وتل شعير وسلطان عبد الله، وكان لطائرات التحالف الدولي دور بارز في المعركة، حيث وجهت ضربات مكثفة لمواقع (داعش)، ولم يبد مسلحو التنظيم مقاومة قوية، لكنهم زرعوا عددا كبيرا من العبوات الناسفة. وتواصل قوات البيشمركة تقدمها نحو السيطرة على عدد آخر من القرى في هذه المنطقة، فيما بدأت قوات الهندسة العسكرية في تطهير المنطقة من العبوات الناسفة لفتح الطريق أمام تقدم البيشمركة»، مضيفا بالقول إن «تنظيم داعش استخدم خلال المعركة المفخخات، حيث فجر في بداية الهجوم صهريجا مفخخا، لكن الانفجار لم يسفر عن أي إصابات في صفوف البيشمركة، كذلك استخدم التنظيم العجلات المدرعة»، مؤكدا في الوقت ذاته أن قوات البيشمركة وجهت خلال الهجوم ضربة قاضية لـ«داعش»، واستخدمت المدفعية وقذائف الهاون التي أسفرت عن مقتل عشرات المسلحين وإحراق آلياتهم التي استخدموها في هذه المعركة.
أما في سنجار فاستمرت المعارك والاشتباكات بين البيشمركة ومسلحي «داعش» وسط المدينة، حيث استطاعت البيشمركة أن تحكم السيطرة على مستشفى سنجار العام. وقال غياث سورجي، المتحدث الرسمي لمركز تنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني في محافظة نينوى، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «قوات البيشمركة تمكنت بعد معارك ضارية تواصلت منذ فجر أمس من السيطرة على مستشفى سنجار العام الذي يقع غرب المدينة، وكان يتحصن فيه عشرات المسلحين منذ بدء عملية تحرير المدينة. التنظيم أفرغ المستشفى قبل مدة من جرحاه وحوله إلى موقع عسكري كان يهاجم منه قوات البيشمركة بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة. المستشفى يحتل موقعا استراتيجيا في سنجار، إضافة إلى أنه يضم كميات كبيرة من الأدوية والمعدات الطبية»، وأشار إلى أن قتلى «داعش» الذين سقطوا في سنجار كان أكثرهم من المسلحين الأجانب.
من جانبه، كشف سعيد مموزيني، مسؤول إعلام الفرع الرابع عشر للحزب الديمقراطي الكردستاني في الموصل، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «نفذ تنظيم داعش أمس حملة إعدامات جماعية في صفوف مسلحيه، حيث أعدم التنظيم 15 مسلحا أجنبيا، بعد أن حاولوا العودة إلى بلادهم، وتركوا جبهات القتال، فيما قتل 51 مسلحا آخر من (داعش) في غارات نفذها طيران التحالف الدولي على مناطق مختلفة من الموصل وسهل نينوى»، مبينا أن مدينة الموصل تعاني حاليا من تفشي العديد من الأمراض بسبب تلوث مياه الشرب وسوء التغذية.



جبايات حوثية على أمتعة المسافرين وفي صدارتها الأدوية

نقاط التفتيش الحوثية تمارس الجبايات وتصادر أمتعة المسافرين تحت مسمى تحصيلات جمركية وضريبية (أرشيفية - رويترز)
نقاط التفتيش الحوثية تمارس الجبايات وتصادر أمتعة المسافرين تحت مسمى تحصيلات جمركية وضريبية (أرشيفية - رويترز)
TT

جبايات حوثية على أمتعة المسافرين وفي صدارتها الأدوية

نقاط التفتيش الحوثية تمارس الجبايات وتصادر أمتعة المسافرين تحت مسمى تحصيلات جمركية وضريبية (أرشيفية - رويترز)
نقاط التفتيش الحوثية تمارس الجبايات وتصادر أمتعة المسافرين تحت مسمى تحصيلات جمركية وضريبية (أرشيفية - رويترز)

فضَّل شاب يمني أن يتعرض للضرب والاعتداء من أفراد نقطة تفتيش حوثية على مشارف العاصمة المختطفة صنعاء على أن يسلم الأدوية التي يحملها معه، بعد أن دفع لأجل الحصول عليها أموالاً كثيرة، واضطر للسفر إلى مدينة عدن لتسلمها بنفسه من أحد معارفه القادمين من خارج البلاد.

وبحسب رواية أحد المسافرين بسيارة أجرة من عدن إلى صنعاء خلال الأيام الماضية لـ«الشرق الأوسط»؛ فإن الشاب الذي ينتمي إلى محافظة الحديدة (غرب) بدا متوتراً للغاية عند توقف السيارة في نقطة التفتيش، وعندما وصل أفراد النقطة إليه لجأ إلى توسلهم وإخبارهم أن الأدوية تخص والدته الطاعنة في السن، ولا يمكنه توفير بديل عنها.

ومما قاله الشاب إنه سبق له دفع ثمن الأدوية ليجلبها له أحد المسافرين من خارج البلاد، لكن تمت مصادرتها بالطريقة نفسها، وعندما عجز عن إقناع أفراد نقطة التفتيش؛ احتضن الكيس بكل قوته، لينهالوا عليه بالضرب قبل أن يحتجزوه لديهم، وطلبوا من سائق السيارة والمسافرين الانطلاق وعدم التدخل.

وتشير هذه القصة إلى ما يشهده سوق الدواء في اليمن، وخصوصاً في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من ندرة واختفاء عدد من أصناف الأدوية المهمة للأمراض الخطيرة والمزمنة، في وضع صحي يزداد كارثية، إلى جانب تشديد الجماعة الحوثية للجبايات في نقاط التفتيش بزعم تحصيل الإيرادات الجمركية.

الجماعة الحوثية استحدثت مراكز تحصيل جمركية على عدد من الطرقات داخل البلاد (إعلام حوثي)

ويشكو المسافرون إلى مناطق سيطرة الجماعة من ممارسات تعسفية تنتهجها نقاط التفتيش، إذ تُقدِم على البحث في أمتعتهم وحقائبهم وسؤالهم عن محتوياتها، والاستفسار عن جميع الأغراض بما فيها الملابس والأغراض الشخصية.

ويقول أحد الناشطين المتعاونين مع منظمة دولية مختصة بحرية الرأي والتعبير لـ«الشرق الأوسط»، إنه يعاني كثيراً في نقاط التفتيش الحوثية التي يضطر إلى العبور منها باستمرار بحكم عمله وسفره الدائم، حيث يجري سؤاله عن كل محتويات حقيبته، خصوصاً الجديدة منها.

ويضطر الناشط، الذي فضل عدم الكشف عن بياناته، إلى استخدام الملابس والأغراض الجديدة التي يشتريها قبل العودة، أو إزالة أدوات التغليف منها، حتى لا يتعرض للتحقيق حولها أو مصادرتها، وذلك بعد تجربة سابقة له حين جرى مصادرة عدد من الأقْمِصَة التي اشتراها هدايا.

جبايات بلا سندات

تعتمد الجماعة الحوثية على نقاط التفتيش بوصفها أحد مصادر إيراداتها الضخمة، وإلى جانب استحداث نقاط تحصيل ضريبي في مختلف الطرقات، ومراكز جمركية في المنافذ التي تربط مناطق سيطرتها بالمناطق المحررة الخاضعة للحكومة الشرعية، كلفت عدداً كبيراً من قادتها وأفرادها في نقاط التفتيش بفرض جبابات على مختلف أغراض المسافرين والمواد المنقولة براً.

ويذكر محمد العزب، من أهالي مدينة تعز، لـ«الشرق الأوسط»، أنه، ولعدة مرات، تعرض لتفتيش المواد الغذائية التي ينقلها معه إلى أقاربه في صنعاء، واضطر لدفع مبالغ مالية مقابل السماح له بالعبور بها، رغم أن كمياتها محدودة وليست تجارية.

عناصر حوثيون يغلقون مقرات شركات الأدوية التي تتعرض لتعسفات الجماعة (إعلام حوثي)

وكان العزب ينقل معه خلال سفره إلى صنعاء بعضاً من فائض السلال الغذائية التي تتحصل عليها عائلته في تعز كمساعدات من المنظمات الدولية والوكالات الأممية إلى أقاربه في صنعاء، الذين يعانون من الفاقة بسبب انقطاع رواتب الموظفين واتساع رقعة البطالة تحت سيطرة الجماعة الحوثية.

وتشير غالبية شكاوى المسافرين إلى مساعٍ حوثية لمصادرة الأدوية التي يحملها المسافرون للاستخدام الشخصي أو لأقاربهم، خصوصاً مع أزمة الأدوية التي تشهدها مناطق سيطرة الجماعة، وارتفاع أسعارها الذي يتسبب بعجز الكثيرين عن شرائها.

وأبدى الكثير من المسافرين، سواء للعلاج أو لأغراض أخرى، استياءهم الشديد من ممارسات نقاط التفتيش الحوثية بحقهم، وإجبارهم على الإفصاح عن كل ما يحملونه من أدوية، سواء كانت للاستخدام الشخصي أو لأقاربهم ومعارفهم.

ويوضح نبيل، وهو من سكان صنعاء، لـ«الشرق الأوسط» أنه ووالده اضطرا إلى تبرير وجود الأدوية التي بحوزتهما بعد رحلة علاجية طويلة خارج البلاد، أجريا خلالها عدة عمليات جراحية، ولم يُسمح بالمرور بتلك الأدوية إلا بعد دفع مبلغ مالي كبير.

أدوية الأطفال في اليمن تشهد نقصاً شديداً في ظل أزمة معيشية معقدة يعيشها السكان (أ.ف.ب)

واستغرب نبيل من أنه لم يسمح لهما بحمل سند تحصيل المبلغ، وبعد إلحاحهما من أجل الحصول عليه، اشترط عليهما أفراد النقطة تصويره بالهاتف فقط، وفوجئا حينها أن السند تضمن نصف المبلغ الذي اضطرا لدفعه، وليس المبلغ كاملاً.

غلاء وتزوير

لم تتمكن شركات صناعة الأدوية المحلية في اليمن من تغطية الاحتياجات المتزايدة للأدوية والنقص الحاصل في السوق المحلية، نتيجة سيطرة الجماعة الحوثية على غالبيتها، أو فرض الجبايات عليها، إلى جانب القيود المفروضة على استيراد المواد الخام.

وينوه جهاد، وهو صيدلي يعمل في أحد المستشفيات في صنعاء، إلى أن سوق الأدوية في العاصمة صنعاء وبقية المدن تحت سيطرة الجماعة الحوثية تشهد انتشار أدوية بديلة للأدوية الشهيرة والمعروفة لمختلف الأمراض، خصوصاً المزمنة منها، وأن الأدوية البديلة ليست بفاعلية وكفاءة الأدوية الأصلية، بالإضافة إلى انتشار الأدوية المهربة.

وتنتشر في الأسواق المحلية كميات كبيرة من الأدوية المهربة التي لا يعلم حقيقة مصدرها، والمواد المصنعة منها، كما وتنتشر الأدوية المقلدة والمزورة في ظل الرقابة الحوثية التي تُتهم بالتواطؤ والفساد.

الجماعة الحوثية تزعم باستمرار إتلاف أطنان من الأدوية المهربة (إعلام حوثي)

وحذر من الانعكاسات السلبية التي تقع على المرضى بسبب الأدوية البديلة، إلى جانب عدم كفاءتها في حماية المرضى من تدهور صحتهم.

ومنذ أيام مرت الذكرى الثانية لوفاة 10 أطفال في وحدة علاج السرطان بمستشفى الكويت في صنعاء، إثر حقنهم بأدوية «منتهية الصلاحية»، التي تبين مسؤولية قادة حوثيين عنها، دون أن يتخذ القضاء الذي تديره الجماعة أي إجراءات ضدهم.

وطبقاً لشهادات طبية متعددة حصلت عليها «الشرق الأوسط»؛ فإن الأدوية التي يعاني المرضى في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من نقصها تتمثل في أدوية أمراض القلب وضغط الدم والسكر والصرع والغدة الدرقية وأمراض الكبد والكلى، وأدوية الأطفال، وفيتامين (د).

وحذرت مصادر طبية من أن الكثير من الأدوية المتوافرة ستشهد أسعارها ارتفاعاً جديداً يصل إلى 50 في المائة من أسعارها الحالية، وقد تزيد تلك الزيادة على هذه النسبة لكون الكثير من الصيدليات تبيعها حالياً بأسعار أعلى من أسعارها المتعارف عليها نتيجة غياب الرقابة، أو اضطرار الكثير من تجار الأدوية لزيادة الأسعار بسبب الجبايات المفروضة عليهم.