إيران تسعى لشراكة استراتيجية مع الصين للالتفاف على العقوبات الأميركية

وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف (رويترز)
وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف (رويترز)
TT

إيران تسعى لشراكة استراتيجية مع الصين للالتفاف على العقوبات الأميركية

وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف (رويترز)
وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف (رويترز)

في أعقاب الإعلان الأميركي المعني بتجديد حزمة العقوبات الاقتصادية الأميركية على إيران، يعتزم محمد جواد ظريف، وزير خارجية إيران، التوجه إلى زيارة الصين. وتزعم وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية أن ظريف قد قبل دعوة بهذا الشأن من طرف نظيره وزير الخارجية الصيني، وانغ يي.
وتجد إيران نفسها في حاجة ماسة ملحة إلى عقد شراكة استراتيجية مع الصين في أعقاب العقوبات الاقتصادية التي تجددت بأمر من الرئيس الأميركي دونالد ترمب على البلاد. وفي ظل العلاقات القوية التي تربط الحكومة الصينية، فعلاً وواقعاً، مع كثير من الحكومات والبلدان في منطقة الشرق الأوسط، جرى تسليط الأضواء على الحكومة الإيرانية، من واقع أنها الدولة التالية على قائمة تعزيز العلاقات الثنائية التي تربطها مع الصين.
وبالإشارة إلى حزم العقوبات الأميركية المتجددة التي تستهدف اقتصاد الدولة الإيرانية في المقام الأول، تعرض الإنتاج النفطي الإيراني لحالة أشبه ما تكون بالشلل التام، الأمر الذي دفع الحكومة الإيرانية صوب التطلع إلى عقد الشراكة مع الطرف الصيني، بُغية الحصول على المساعدات الحاسمة والدعم الاقتصادي اللازم. وفيما يتسق مع الخطط ذات الصلة بمبادرة الحزام والطريق الصينية ذائعة الصيت، ظلت الحكومة الصينية تستعرض وتناقش خطط الشراكة لمدة 25 عاماً مع الحكومة الإيرانية التي ربما تتمكن من خلالها من الحصول على حصة معتبرة في صناعة النفط الإيرانية.
وكانت هذه الشراكة المحتملة بين الحكومتين الإيرانية والصينية محل تحذير واضح صريح من قبل مايك بومبيو، وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية، من أنها قد تتسبب في زعزعة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط بأسرها. وقال أحد الخبراء المعنيين بالأمر في صحيفة الـ«إيكونوميست» إن الصفقة المحتملة تعكس بوضوح مدى حالة اليأس البالغة التي وصلت إليها حكومة طهران.
وأضافت الصحيفة: «يعكس ذلك المقترح علامة بارزة على حالة اليأس الشديدة التي باتت تعتري الحكومة الإيرانية، ومدى حدود الطموحات التوسعية الصينية، بدلاً من طرح خريطة شاملة للطريق. وبالنسبة إلى الحكومة الإيرانية، فإنها تنظر إلى تلك الشراكة من واقع أنها تمثل شريان الحياة الحيوي الجديد، لا سيما إذا نجح الرئيس دونالد ترمب في الفوز بفترة ولاية ثانية في البيت الأبيض. أما بالنسبة إلى الصين، ورغم كل شيء، فلن تكون إيران أكثر من قطعة واحدة على رقعة هائلة من شطرنج السياسات الخارجية المعقدة».
ورغم إخفاق العقوبات الاقتصادية المفروضة أميركياً، حتى اليوم، في إجبار الحكومة الإيرانية على الإذعان، والموافقة على إبرام اتفاق الأسلحة النووية الجديد، فإنها قد نجحت بالفعل في إنهاك الاقتصاد الإيراني بشدة، والإبطاء من وتيرة نموه.
وفي العام الماضي وحده، سجل الاقتصاد الإيراني انكماشاً بمقدار 7.6 نقطة مئوية، في حين كان المعدل المسجل في العام الذي قبله لا يتجاوز مستوى 5.4 نقطة مئوية فقط.
وفي خطوة جديدة من جانبها، تهدف إلى تقويض أركان الاقتصاد الإيراني، أعلنت وزارة الخزانة في الولايات المتحدة مؤخراً عن إدراج 18 مصرفاً من المصارف الإيرانية الكبرى قيد القائمة السوداء. وخرج بيان من العاصمة واشنطن يفيد بأن الحكومة الأميركية قد وقفت على معلومات تؤكد أن القطاع المالي الإيراني وثيق الصلة بعدد من الأنشطة الخبيثة المعينة.
وفي ضوء ملف العقوبات الأميركية المفروضة على الدولة الإيرانية، أعلن جواد ظريف أن الولايات المتحدة الأميركية عاقدة العزم بكل صرامة على العصف بسبل المساعدة كافة التي تتلمسها الحكومة الإيرانية في الخارج.
وقال وزير الخارجية الإيراني: «في خضم جائحة كورونا المستجد الراهنة، ترغب الحكومة الأميركية في نسف السبل المتبقية كافة لدينا كي نساعد أنفسنا على سداد مستحقات الغذاء والدواء إلى شعبنا. ولسوف يصمد الشعب الإيراني، ويتجاوز متغلباً على كل التصرفات الوحشية الصادرة من جانب واشنطن ضدنا. غير أن التآمر من أجل تجويع الشعب الإيراني ليس إلا جريمة من الجرائم المريعة ضد الإنسانية. ولسوف تقضي العدالة بأمرها في حق المذنبين والمساعدين الذين يبذلون قصارى جهدهم في منع وصول الأموال إلينا».
وكانت الحكومة الصينية من أبرز الدول المساعدة الداعمة لإيران في معرض الاشتباكات والتوترات القائمة بينها وبين الولايات المتحدة الأميركية. ولا يقتصر الأمر على أن الحكومة الصينية ما تزال من البلدان الموقعة على الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، الذي أعلنت الولايات المتحدة الانسحاب العلني منه فور دخول الرئيس دونالد ترمب إلى أعتاب البيت الأبيض، وإنما استعانت الحكومة الصينية بحق النقض (الفيتو) في مواجهة محاولات الولايات المتحدة المستمرة المتكررة لتمديد حزم العقوبات الاقتصادية على إيران من خلال منظمة الأمم المتحدة الشهر الماضي.
ورغم أنهم حلفاء للولايات المتحدة الأميركية، فقد تخيرت كل من المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا جميعاً عدم التصويت على مقترح تمديد فرض العقوبات الاقتصادية على إيران خلال اجتماع مجلس الأمن الدولي المشار إليه. ولقد صوتت كل من الصين وروسيا ضد مقترح الولايات المتحدة، ليقضيا بذلك على كل فرصة سانحة لأجل تمديد حزمة العقوبات الاقتصادية، وذلك رغم أن الولايات المتحدة لم تتعمد فرض العقوبات على إيران بصورة أحادية منفردة.



إسرائيل تصنّف الضفة «ساحة رئيسية» للتهديدات

آثار الدمار الواسع من جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)
آثار الدمار الواسع من جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)
TT

إسرائيل تصنّف الضفة «ساحة رئيسية» للتهديدات

آثار الدمار الواسع من جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)
آثار الدمار الواسع من جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)

وسعت إسرائيل عمليتها في الضفة الغربية بعدما صنّفتها «ساحة رئيسية» في خريطة التهديدات. وبينما قتلت الغارات الإسرائيلية 3 فلسطينيين بينهم طفلان في قصف جوي، واصلت عمليتها البرية في شمال غزة وقالت إنها تقترب من «هزيمة (حماس)» هناك.

وقتل الجيش الإسرائيلي 3 فلسطينيين في قصف جوي في بلدة «طمون» شمال الضفة، بينهم آدم بشارات (24 عاماً)، الذي يعتقد أنه الهدف الرئيسي، والطفلان رضا بشارات (8 سنوات) وحمزة بشارات (10 سنوات) ما يرفع عدد من قتلهم الجيش منذ بدأ عملية واسعة في شمال الضفة إلى 6 فلسطينيين، وكان ذلك بعد مقتل 3 إسرائيليين في هجوم فلسطيني قرب قلقيلية يوم الاثنين الماضي. وقتلت إسرائيل 3 فلسطينيين آخرين، يوم الثلاثاء، في طمون وقرب نابلس.

مشيعون يحملون جثمان جعفر دبابسة (40 عاماً) خلال جنازته في قرية طلوزة بالقرب من مدينة نابلس الثلاثاء (إ.ب.أ)

وزعم المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أن طائرة تابعة لسلاح الجو هاجمت «خلية إرهابية» شمال الضفة، لكن بعد اكتشاف مقتل طفلين في القصف، قال الجيش إنه فتح تحقيقاً حول الأمر.

وقال الجيش في بيانه إن «الغارة جاءت بعد رصد إرهابي يقوم بزرع عبوات ناسفة في منطقة تنشط فيها قوات الأمن».

وبحسب مصادر عسكرية فإن التحقيق «يشمل إعادة النظر في تحديد أهداف الغارة، والتأكد من عدم وجود أخطاء في عملية الاستهداف».

ساحة رئيسية

التصعيد في الضفة جاء بعد إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنه صادق على زيادة العمليات الدفاعية والهجومية في الضفة الغربية، رداً على عملية قلقيلية.

وقال وزير الدفاع يسرائيل كاتس إن الضفة الغربية أصبحت «ساحة رئيسية» في خريطة التهديدات الإسرائيلية.

ونقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن كاتس قوله في لقاء جمعه مع قادة ورؤساء المستوطنين ومجالسهم في الضفة، إن «يهودا والسامرة (الضفة الغربية) أصبحت ساحة مركزية في خريطة التهديدات لإسرائيل ونحن نستعد للرد وفقاً لذلك».

وأضاف: «إننا نرى تهديدات متزايدة للمستوطنين في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، ونحن نستعد مع الجيش الإسرائيلي لتقديم الرد القوي اللازم لمنع وقوع أحداث مثل 7 أكتوبر (تشرين الأول) هنا».

قوة إسرائيلية خلال غارة على مخيم الفرا للاجئين قرب مدينة طوباس بالضفة الغربية الثلاثاء (د.ب.أ)

وذكر مكتب كاتس أنه أبلغ رؤساء السلطات بالخطوات الفورية التي وجه الجيش الإسرائيلي باتخاذها لتعزيز الأمن في المنطقة، بما في ذلك زيادة النشاط العسكري، وتنفيذ إجراءات مضادة واسعة النطاق في البلدات وتعزيز إنفاذ القانون على طول طرق المرور، والتزام الجهاز الأمني بتوسيع العمليات العملياتية في كل ساحة يتم فيها تنفيذ هذه العمليات.

ضغط بموازاة المفاوضات

وبينما قرر الجيش التصعيد في الضفة الغربية، وأنه حولها إلى ساحة تهديد رئيسية، واصلت القوات الإسرائيلية عمليتها البرية في قطاع غزة، في الشمال والوسط والجنوب.

وتعهد رئيس الأركان هيرتسي هاليفي بمواصلة القتال في غزة، حتى تصل حماس إلى «نقطة تفهم فيها أن عليها إعادة جميع المختطفين».

وقالت «القناة 12» الإسرائيلية إن الجيش يواصل عمليته في شمال قطاع غزة بالتوازي مع المفاوضات الجارية للتوصل إلى اتفاق، وقام بتعميق نشاطه في مناطق مختلفة في الأيام الأخيرة بينها بيت حانون، وهي المنطقة التي تدور فيها المعارك الأعنف في قطاع غزة خلال هذه الفترة.

وقالت القناة إن «القوات في المراحل النهائية لتطهير شمال قطاع غزة من الإرهابيين».

ونقلت القناة العبرية أن «الشعور السائد لدى الجنود أن (حماس) قد تنازلت عن شمال القطاع». وزعموا أن انخفاضاً كبيراً في الاحتكاك حدث في جباليا وبيت لاهيا وأن «العديد من المسلحين يفرون إلى الجنوب بأعداد غير مسبوقة».

لكن الجيش الإسرائيلي أعلن مراراً خلال حربه على غزة سيطرته على شمال القطاع، قبل أن يعود المسلحون الفلسطينيون لمفاجأته بعمليات وإطلاق صواريخ تجاه المستوطنات.

صاروخ اعترضه الدفاع الجوي الإسرائيلي يوم الأربعاء فوق بيت حانون بقطاع غزة (رويترز)

وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن «المعارك مستمرة، وما يجري (من تحريك للمسلحين) هو تكتيك». وأضافت أن طبيعة المعارك تفرض «قاعدة الكر والفر» في العمل الميداني.

ويواجه الجيش الإسرائيلي معارك عنيفة في شمال غزة، إذ أعلن، الثلاثاء، عن مقتل المزيد من جنوده في المعارك الدائرة هناك. وإلى جانب المعركة في الشمال، واصلت إسرائيل قصف مناطق في القطاع في مدينة غزة، وخان يونس، وقتلت 15 فلسطينياً على الأقل، الأربعاء.

وقالت وزارة الصحة، إن حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ارتفع إلى 45.936 و 109.274 مصاباً منذ السابع من أكتوبر 2023.