جدد حريق بإحدى غرف الجامع الأزهر التاريخي، مساء أول من أمس، المخاوف على سلامة المباني الأثرية بالقاهرة التاريخية، التي تكتظ بالسكان والمتاجر والشوارع والأزقة الضيقة والمباني العتيقة، ويعد «الماس الكهربائي» من أخطر التهديدات التي تواجه تلك المباني الأثرية، لا سيما بعد تكرار حالات الحرائق بمنطقة الأزهر بسببه، وسط دعوات من اختصاصيين بضرورة مراجعة أنظمة الإضاءة والوصلات الكهربائية بهذه المباني وخصوصاً بالمتاجر الموجودة بالمنشآت الأثرية.
ووفق الدكتور أسامة طلعت رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بوزارة السياحة والآثار المصرية، فإن نقوش وزخارف ومبنى الجامع الأثري لم تتضرر من الحريق الذي نشب بإحدى الغرف في الطابق العلوي أعلى باب الصعايدة بناحية منطقة الباطنية». وأضاف في تصريحات صحافية مساء أول من أمس، أن الحريق نتج من ماس كهربائي بأحد مصابيح الإضاءة بالغرفة التي تستخدم لتخزين بعض المنقولات لإدارة المسجد.
وشهد الجامع الأزهر، أكبر عملية ترميم في تاريخه، وتم افتتاحه في عام 2018. بعد 3 سنوات كاملة في الترميم، لكن سامح الزهار خبير الآثار الإسلامية، يؤكد أن مشروع الترميم لم يشمل تطوير أنظمة التأمين والحماية من الحرائق، مشيراً إلى أن الجامع كان يعاني من هبوط أرضي تم علاجه بجزء كبير من ميزانية الترميم.
ويقول الزهار لـ«الشرق الأوسط»: «تعاني المباني الأثرية في القاهرة الفاطمية من تنازع الاختصاصات بين وزارة السياحة والآثار من جهة، ووزارة الأوقاف ومشيخة الأزهر من جهة أخرى، ففي الوقت الذي تمتلك وتدير فيه مشيخة الأزهر الجامع الأزهر، فإن سلطة وزارة السياحة والآثار تقتصر على الإشراف فقط على غرار تنظيم جولات أثرية ومتابعة أعمال الترميم».
ويشير الزهار إلى تمتع المباني الأثرية التي تشرف عليها وتديرها وتمتلكها وزارة الآثار المصرية بمستوى جيد من الأمان والحماية ضد الحرائق، قائلاً: «لم نسمع عن اندلاع حريق في أي مسجد أو مبنى تملكه وزارة الآثار بشارع المعز التاريخي أو مسجد محمد علي بقلعة صلاح الدين على سبيل المثال خلال السنوات الأخيرة، لأن مديريها آثاريون محترفون»، محذراً من خطورة التوصيلات الكهربائية العشوائية بالمباني والمساجد التي تديرها وزارة الأوقاف المصرية، وخصوصاً بعد الحريق الذي التهم أحد نوافذ مسجد الفكهاني الأثري العام الماضي بسبب ماس كهربائي بأحد المتاجر التي تؤجرها وزارة الأوقاف.
وتشكل الحرائق أحد أكبر التهديدات التي تواجه الممتلكات التراثية في مصر والعالم، وخصوصاً مع استخدام مواد خاطئة في عمليات إخماد الحرائق، التي من الممكن أن تدمر الأثر تماما، لذلك تعتمد الكثير من المتاحف والمواقع الأثرية نظماً حديثة في الإطفاء، وفق الزهار، الذي يرى أن استخدام المياه قد يؤدي إلى تآكل الطبقات الخارجية بجدران المباني وتلفها أثناء عمليات الإطفاء، في حالة تعطل أنظمة الإطفاء الحديثة وأجهزة إنذار الحرائق.
ووقع حريق في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي في «خان الزراكشة» في شارع الأزهر التاريخي (وسط القاهرة)، واشتعلت النيران في السلع المخزنة في القاعات التي يشغلها بعض المستأجرين المتعاقدين مع وزارة الأوقاف.
وطالب الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، مساء أول من أمس، من إدارة الجامع بموافاته بتقرير عاجل وشامل عن الأضرار الناجمة عن الحريق وسرعة معالجتها.
وجامع الأزهر واحد من أهم المساجد الإسلامية الكبرى في مصر والعالم العربي، أنشأه جوهر الصقلي، قائد الخليفة المعز لدين الله الفاطمي، ليكون جامعا ومدرسة لتخريج الدعاة، ووضع حجر أساسه في 14 شعبان سنة 359هـ/970م. واستغرق بناء الجامع عامين. وأقيمت فيه أول صلاة جمعة في 7 رمضان 361 هـ/972م وقد سُمي بهذا الاسم نسبة إلى السيدة فاطمة الزهراء التي ينتسب إليها الفاطميون.
وتعاني جدران الجامع الأزهر من الناحية الغربية (الباطنية) من إلقاء المخلفات وإشعال النيران بها بجوار الأبواب والمنابر الأثرية، وتضم منطقة الأزهر التاريخية مباني أثرية تعود للعصر الفاطمي والأيوبي والمملوكي والعثماني ثم عصر محمد علي، ومن أبرز تلك المباني «باب الفتوح، ومسجد الحاكم بأمر الله، ومسجد وسبيل وكتاب سليمان آغا السلحدار، ومنزل مصطفى جعفر السلحدار، وجامع الأقمر، وسبيل وكتاب عبد الرحمن كتخدا، وقصر الأمير بشتاك، وحمام إينال، والمدرسة الكاملية، وسبيل محمد علي، ومسجد ومدرسة الظاهر برقوق، ومجموعة السلطان محمد بن قلاوون، ومدرسة وقبة نجم الدين أيوب، وسبيل خسرو باشا، ومسجد ومدرسة الأشرف برسباي، ومجموعة السلطان الغوري، وجامع المؤيد، ووكالة وسبيل نفيسة البيضا، وباب زويلة والجامع الأزهر.
«حريق في الأزهر» يجدد المخاوف على آثار القاهرة
«حريق في الأزهر» يجدد المخاوف على آثار القاهرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة