نائب رئيس «عبد العزيز الصغير القابضة»: نسعى لتحالفات مع كبرى الشركات العالمية لمواد البناء

وليد الصغير: في السنوات الأخيرة بدأنا في ضخ جزء من استثماراتنا في بعض الأسواق الخارجية

وليد الصغير
وليد الصغير
TT

نائب رئيس «عبد العزيز الصغير القابضة»: نسعى لتحالفات مع كبرى الشركات العالمية لمواد البناء

وليد الصغير
وليد الصغير

كشف وليد الصغير نائب رئيس مجلس إدارة شركة عبد العزيز الصغير القابضة عن تخصيص ميزانية تقدر بـ350 مليون ريال (93 مليون دولار) لتنفيذ عدد من عمليات استحواذ وافتتاح فروع ومرافق جديدة، وتعزيز قائمة منتجات الشركة في سوق مواد البناء والتشييد. وأضاف الصغير الذي كان يتحدث لـ«الشرق الأوسط» أنهم يسعون لإبرام اتفاقيات وتحالفات مع كبرى الشركات العالمية العاملة في قطاع مواد البناء، حيث يأتي هذا التوسع في السوق السعودية كجزء من استراتيجيتهم الطموحة للنمو على المستوى المحلي، كما كشف عن عدد من التوجهات للشركة خلال الفترة المقبلة.
* ما استراتيجية شركة عبد العزيز الصغير القابضة وما إسهاماتها في الاقتصاد المحلي؟
- تتمثل رؤية الشركة واستراتيجيتها في إنعاش وتنمية العمل في قطاعات اقتصادية متعددة على المستوى الوطني، عبر تأسيس أو المشاركة بتأسيس شركات قوية وعملاقة في عدة قطاعات أضحت علامات فارقة ونقاطا مضيئة في الاقتصاد المحلي، وتملك شركة عبد العزيز الصغير القابضة استثمارات وحصص ملكية في عدد من الشركات التي تعمل في مختلف القطاعات سواء على الصعيدين المحلي والإقليمي أو في مختلف أنحاء العالم، ونسعى عن طريق التخطيط المستمر لتنفيذ استثمارات ومشروعات جديدة إلى توسيع آفاق طموحاتها عن طريق مجموعة من الأعمال التي تم تأسيسها بشكل تدريجي.
* هل تتوقع المزيد من الاستثمارات الأجنبية في سوق البناء السعودي؟
- أولاً القطاع العقاري وقطاع البناء والتشييد يمثل لشركة عبد العزيز الصغير القابضة أهمية كبيرة جداً، فالعقار هو أحد أهم مكونات الاستثمار في السوق السعودية، وهو من القطاعات التي حافظت على معدلات نمو متزايدة في السنوات العشر الأخيرة، خصوصا وأن قطاع البناء ونموه مرتبط بقطاع الإنشاءات والعقارات على حد سواء، ونرى بأن العقار ستزداد أهميته، خصوصاً مع التزايد السكاني، ورغبة المستهلكين في حلول عقارية مبتكرة، تتناسب ومعدلات الدخل المختلفة، ونحن نعتقد أن القطاع الخاص في السعودية، خصوصا قطاع البناء والتشييد يتجه نحو تحقيق أكبر طفرة تنموية في تاريخه خلال الأعوام المقبلة، خصوصا مع إطلاق الكثير من المشاريع العملاقة التي تعكف السعودية على تنفيذها، إلى جانب الخطوات التي أقدمت عليها وزارة الإسكان عبر عدد من البرامج، التي تستهدف توفير منظومة إسكانية للمواطنين. لذلك نحن نتوقع زيادة نمو قطاع البناء والتشييد بنسبة تتراوح بين 5 و15 في المائة خلال الثلاثة أعوام المقبلة، إن الإنفاق الحكومي الضخم على مشاريع البنية التحتية والمشاريع الكبرى المطروحة في خطط التنمية، من شأنها المساهمة في بقاء قطاع التطوير العقاري في السعودية ضمن مستويات إيجابية عام 2014، وهي العوامل التي ستحرك قطاع شركات البناء والمواد الأساسية، وبالتالي تعزز نمو القطاع الذي سينعكس على النمو الاقتصادي، ولمواجهة هذا الطلب والاستفادة من هذا النمو، فقد أنهت إحدى شركات عبد العزيز الصغير القابضة المتخصصة في مجال الأعمال الإنشائية ومواد البناء، خطتها الاستثمارية الاستراتيجية التي تقضي باستثمار نحو 250 مليون ريال (66.6 مليون دولار) في هذا القطاع، من خلال استحواذها على عدد من الشركات ذات الجدوى الاقتصادية في السوق السعودية، والدخول في شراكات استراتيجية مع شركات عالمية، وتتضمن خطتنا تخصيص ميزانية تقدر بـ350 مليون ريال (93 مليون دولار)، لتشمل عمليات استحواذ وافتتاح فروع ومرافق جديدة، وتعزيز قائمة منتجات الشركة في سوق مواد البناء والتشييد، وإبرام اتفاقيات وتحالفات مع كبرى الشركات العالمية العاملة في قطاع مواد البناء، ويأتي توسعنا في السوق السعودية كجزء من استراتيجيتنا الطموحة للنمو على المستوى المحلي، عن طريق استحداث فروع جديدة تصل إلى 25 فرعا، خلال السنوات الخمس المقبلة لتغطية احتياجات جميع مناطق المملكة، كما تخطط الشركة لتعزيز قائمة منتجاتها بمنتجات مثل المواد اللاصقة والدسكات بالشراكة مع إحدى أبرز الشركات العالمية في هذا المجال، لتقديم أفضل المنتجات العالمية ذات الجودة العالية، وبشأن مستقبل قطاع المقاولات السعودي خاصة مع دخول شركات أجنبية، فنحن نعتقد أنه على الرغم من كثرة المشاريع الكبرى في السعودية مثل المطارات والمشاريع الكبرى إلا أنه لا يوجد لدينا مقاول لديه الخبرة الكافية للقيام بمثل هذه المدن العملاقة، ما يعني أن نقل الخبرات العالمية للسوق المحلية أمر إيجابي، كما أن وجود شراكات سعودية مع شركات أجنبية سيكسب قطاع المقاولات السعودي خبرة إضافية. وحتى وإن كان هناك تدفق المزيد من الاستثمارات الأجنبية في هذا القطاع فإن عمل هذه الشركات الأجنبية يستوجب بشكل أو بآخر الاستعانة بشركات المقاولات المحلية، الأمر الذي من شأنه أن يخلق فرصا استثمارية قوية للشركات المحلية التي تمتلك الكفاءة والخبرة والقدرات المالية.
* ما الشركات التي تملكونها أو تستثمرون بها وفي أي القطاعات؟
- نسعى في شركة «عبد العزيز الصغير القابضة» وراء الفرص الاستثمارية الجذابة وترك بصمة خاصة على سوق الإنشاءات السعودية التي تنمو بمعدلات متسارعة، كما تخطو الشركة بثبات إلى موقعها كشركة عالمية، معتمدة في ذلك على التنوع في محفظتها الاستثمارية وتطبيقها أعلى المعايير العالمية في تنفيذ مشاريعها المتنوعة وتطبيق خططها الاستراتيجية، حيث تملك استثمارات مباشرة وحصص ملكية في عدد من الشركات التي تعمل في مختلف القطاعات محليا ودوليا مثل شركة مسكن العربية للاستثمار والتطوير العقاري، شركة بصمة لإدارة العقارات، وشركة إكسترا للإلكترونيات، وشركة «نايس» للمستلزمات المنزلية، وشركة «زونيك» لتطوير الحلول الرقمية، وتستثمر شركة «عبد العزيز الصغير القابضة» كذلك في مجالي الاتصالات والتمويل، وتمتلك حصص ملكية في شركة «موبايلي» كشريك مؤسس، فضلا عن امتلاكها عددا من المحافظ والاستثمارات المباشرة في قطاعات العقار والبتروكيماويات والإنشاءات والتأمين، ونحن نؤمن بسياسة الاستثمار المتوازن، فقمنا بتوزيع استثماراتنا على عدد من القطاعات الاستثمارية الحيوية المهمة، وذلك بهدف خفض المخاطر، وتحقيق أعلى مستوى ممكن من الاستقرار والنمو للعائدات. وشركة «عبد العزيز الصغير القابضة» هي واحدة من الشركاء المؤسسين لشركة اتحاد اتصالات (موبايلي)، وقطاع الاتصالات من القطاعات الواعدة التي شهدت الاستثمارات فيها نجاحات كبيرة بفضل السياسات الاستثمارية الناجحة للحكومة وأنظمتها وتشريعاتها المتطورة المتعلقة بقطاع الاتصالات، وفي القطاع المصرفي والمالي، شاركت شركة «عبد العزيز الصغير القابضة» كمستثمر أو شركة مؤسسة في تأسيس عدد من البنوك، مثل «بنك الريان» في قطر و«بنك السلام» في البحرين و«بنك بلوم» في السعودية. والشركة شريك أيضا في تأسيس شركات استثمارية ومالية كشركة «رنا للاستثمار» و«أركابيتا» بالبحرين وشركة «أموال الخليج» في الإمارات و«غولف كابيتال» في الإمارات، وتسهم الشركة في كثير من صناديق الاستثمار في تداول الأسهم الخاصة والصناديق الدولية بالإضافة إلى امتلاكها لمحفظة أسهم ضخمة تدار من قبل بنوك استثمارية متخصصة، وأن الاستثمار والإدارة للمحفظة العقارية المتوازنة هو إضافة أخرى إلى شبكة مصالحنا، وهذا لا يشمل فقط الاستثمار المباشر في سوق العقارات المزدهر، بل أيضا إدارة الأملاك العقارية وغيرها لصالح عملائنا من قبل شركاتنا التابعة، وتستثمر شركة عبد العزيز الصغير القابضة أيضا في شركة «دانا غاز للبتروكيماويات» في أبوظبي وشركة «ناس» في البحرين لحلول الإنشاء وشركة «ملاذ للتأمين» في السعودية.
* ماذا عن استثمارات الشركة وخططها الاستراتيجية في الأسواق العالمية؟
- خلال السنوات الأخيرة بدأنا في ضخ جزء من استثماراتنا في عدد من الأسواق العالمية وخصوصاً في القطاع العقاري، حيث تجاوز حجم استثمارات الشركة لعام 2013 في قطاع العقارات حاجز النصف مليار ريال (133 مليون دولار)، وتركزت الصفقات الاستثمارية العقارية التي أبرمتها الشركة خلال العام الماضي في 3 دول كبرى هي الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة والسعودية، والعام الماضي أبرمت الشركة صفقات عقارية في عدد من الأسواق العقارية العالمية لتحقق عدة أهداف استثمارية تتمثل أولاً في الدخول في السوق العقارية الأميركي لتحقيق عائد نقدي سنوي بمقدار 9 في المائة تقريباً ويكون التخارج خلال 5 سنوات، إضافة إلى توقع ارتفاع قيمة العقار الذي تم الاستحواذ عليه عند التخارج مما يحقق الهدف الاستثماري المنشود منه، لذلك تم الاستثمار في قطاع العقار الأميركي والذي بدأت ملامح التعافي تظهر عليه بعد انقضاء تبعات الأزمة الاقتصادية العالمية وتحول المناخ العقاري في أميركا إلى الأفضل، حيث تم الاستحواذ على عدة عقارات قائمة في بعض أهم الولايات ذات الاقتصادات القوية مثل ولاية تكساس وولاية كاليفورنيا وكذلك واشنطن العاصمة، ومن بين الأهداف الاستثمارية الأخرى الدخول في الأسواق العقارية الأوروبية، وذلك لتحقيق عائد داخلي على الاستثمار يصل إلى 30 في المائة ويتم التخارج منها خلال سنتين إلى ثلاث سنوات عن طريق بناء وتطوير عدة مشاريع سكنية في مراكز هامة في أوروبا، لذلك تم الاستثمار في بناء وتطوير عقارات في قلب مدينة لندن، بحيث تستطيع تحقيق الهدف الاستثماري المنشود. وقد تمت مراعاة أهمية الموقع وجاذبيته للمشتري المستهدف، إلى جانب الاستثمار في قطاع العقار السكني في السعودية والذي تعتقد الشركة أنه استثمار مجز، نظرا لزيادة الطلب عليه في السنوات القادمة، خصوصا وأن المملكة تعتبر في الوقت الراهن المركز الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وتنعم بالاستقرار الاقتصادي والأمني.
* برأيكم ما أبرز التحديات التي تواجه المستثمر في قطاع المقاولات والإنشاءات؟
- نحن نعتقد أن أبرز التحديات الحالية تتمثل في ندرة اليد العاملة، وكذلك قلة العمالة المدربة على العمل الاحترافي المتقن. كما أن التنافسية تكاد تكون معدومة في هذا القطاع، بسبب سيطرة شركات بعينها على أغلب المشروعات الضخمة. كما أن المنافسة العالية بين الشركات للفوز بالمناقصات تعد أحد أكبر التحديات التي تواجه قطاع المقاولات، حيث يقود ذلك إلى حرق الأسعار للفوز بالمناقصات وطرد المنافسين (خصوصا الصغار)، وبالتالي انخفاض مستويات الربحية للجهة المنفذة (الكبيرة في العادة)، وقتل طموح الشركات الصغيرة الذي قد يؤدي إلى إقفالها وزوالها. كما أن طول فترة انتظار الترسية وارتفاع التكاليف والمخاطر المصاحبة لعملية التأجيل، يؤدي إلى إلغاء كثير من المشاريع دون وجود تعويض لتلك الشركات، ودخولها في معمعة الديون القاتلة. ويعد عدم توفر التمويل البنكي إشكالية أخرى، في حال ضعف الضمانات، خصوصا مع المشاريع غير الحكومية. وتوجد مشكلة أخرى تتمثل في اختلاف أسعار المواد والموارد، خصوصا عندما تكون الفترة الزمنية طويلة بين وقت التقدم للمناقصة ووقت الترسية، وقد تضرر من هذا الوضع شركات مقاولات كثيرة جدا.
* ما أهم مشاريع الشركة المستقبلية على كل النطاقات المحلية والإقليمية والعالمية؟
- للشركة إسهامات قوية قادمة في قطاعين اقتصاديين حيويين؛ القطاع الأول: هو قطاع الصناعات الغذائية، حيث تعتقد الشركة بأن هذا القطاع من أهم القطاعات الاقتصادية التي ستنمو وبقوة، داعما ذلك الطلب المتزايد للغذاء بسبب التزايد السكاني وارتفاع القوة الشرائية والتغير المستمر في أذواق المستهلكين ورغباتهم. لذا فقد قامت بتأسيس شركة عبد العزيز الصغير للأغذية المحدودة؛ وهي شركة متخصصة في مجال المواد الغذائية بمختلف أنواعها، حيث تقوم الشركة باستثماراتها من خلال الاستحواذ على شركات في مجال المواد الغذائية أو تأسيس شركات متخصصة. وتهتم الشركة في مجالها بالتصنيع والتوزيع والتجزئة، أما القطاع الثاني المهم التي ستتوجه له الشركة قريبا جدا فهو قطاع الخصخصة والمشاريع الضخمة، وقد أسهمت شركة «عبد العزيز الصغير القابضة» في تأسيس شركة قدرات للتنمية القابضة؛ وهي شركة ذات مسؤولية محدودة تركز على مجال الخصخصة والمشاريع الضخمة، كمشاريع تشغيل وإدارة أنشطة المطارات، ومشاريع المياه والطاقة والتعدين، وغيرها من المجالات الاستثمارية العملاقة. وتقوم الشركة بمهامها من خلال تملك حصص في الشركات، إضافة إلى إنشاء شركة متخصصة في المجالات التي تعمل فيها، بالتعاون مع شركاء تقنيين عالميين.



«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»