برلين تصبح بؤرة لتفشي الفيروس في ألمانيا

أحد المعامل التي تجري اختبارات على «كوفيد - 19» في ألمانيا أمس (رويترز)
أحد المعامل التي تجري اختبارات على «كوفيد - 19» في ألمانيا أمس (رويترز)
TT

برلين تصبح بؤرة لتفشي الفيروس في ألمانيا

أحد المعامل التي تجري اختبارات على «كوفيد - 19» في ألمانيا أمس (رويترز)
أحد المعامل التي تجري اختبارات على «كوفيد - 19» في ألمانيا أمس (رويترز)

أعلنت وزارة الصحة في ولاية برلين الألمانية، أمس، أن العاصمة أصبحت بؤرة لتفشي فيروس كورونا المستجد المسبب لمرض «كوفيد -19»، حيث تجاوز معدل الإصابات الجديدة الحد التحذيري البالغ 50 حالة لكل مائة ألف نسمة في سبعة أيام.
وأوضحت الوزارة، أن هذا المعدل بلغ في الأيام الماضية 8.‏52 حالة. يشار إلى أن المعدل كان آخذاً في الزيادة بشكل مطرد في الفترة الأخيرة. وثمة نظام للإنذار المبكر في برلين يلعب دوراً حاسماً فيما يتعلق باتخاذ حكومة الولاية تدابير جديدة. ويعد حد الـ50 إصابة لكل مائة ألف نسمة في سبعة أيام، معياراً مركزياً كانت الحكومة الاتحادية والولايات قد اتفقت عليه مؤشراً يمكن عند تجاوزه اتخاذ تدابير مضادة في الأماكن المعنية لمحاصرة انتشار الفيروس.
وكانت أحياء عدة في برلين قد تجاوزت هذا الحد من بضعة أيام؛ الأمر الذي جعل بعض الولايات تدرجها ضمن البؤر الخطيرة لوباء كورونا.
وحسب تقرير عن الوضع، فقد وصل عدد الحالات الجديدة المؤكدة في برلين إلى 498 حالة، وهو أعلى ارتفاع يحدث في الولاية منذ بدء الجائحة، وبهذا ارتفع إجمالي الإصابات المؤكدة في برلين إلى 17 ألفاً و112 حالة، في حين وصل عدد المتعافين إلى 13 ألفاً و965 شخصاً، وارتفعت حالات الوفيات بـ«كورونا» في برلين إلى 233 حالة.
كانت حكومة برلين اتخذت، الثلاثاء، تدابير جديدة لمحاصرة الفيروس، وتضمنت فرض غلق ليلي للمطاعم والحانات اعتباراً من غدٍ (السبت)، بالإضافة إلى تشديد حظر الاختلاط في القاعات المغلقة وفي الأماكن العامة، ولا سيما أثناء الليل. كانت حكومة برلين قد أقرت في مايو (أيار) الماضي نظام تحذير خاصاً بها، ويعرف هذا النظام بـ«عمود إشارة كورونا»، وهو عبارة عن ثلاثة مؤشرات، أحدها لعدد الإصابات الجديدة، والثاني خاص بمعدل استنساخ الفيروس (المؤشر هنا على اللون الأصفر)، والثالث خاص بنسبة الإشغال في أسرّة أقسام العناية المركزة (المؤشر هنا على اللون الأخضر).
وفيما يتعلق بالمؤشر الأول، فإنه يضيء باللون الأصفر في حال تجاوز معدل الإصابات الجديدة 20 حالة لكل مائة ألف نسمة في سبعة أيام (أقل مما حدده اتفاق الحكومة الاتحادية والولايات)، ويضيء باللون الأحمر في حال وصول المعدل إلى 30، شريطة أن تستمر هذه القيمة لثلاثة أيام متوالية.
من جهة أخرى، أعلن فريق مرسيدس، بطل العالم لسباقات سيارات «فورمولا1» في فئة الصانعين أمس، وجود حالة إصابة وحيدة بفيروس كورونا المستجد بين صفوفه، قبل انطلاق سباق جائزة «إيفل الكبرى» بألمانيا. ذكر «مرسيدس»، أنه لا يوجد ما يدعو للقلق بشأن سائقيها البريطاني لويس هاميلتون والفنلندي فالتري بوتاس، مشيراً إلى أنه على تواصل مع الاتحاد الدولي للسيارات (فيا).
وكتب فريق مرسيدس في تغريدة على حسابه بموقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي «يمكننا أن نؤكد أن أحد أعضاء الفريق قد أثبتت إصابته بفيروس كورونا المستجد المسبب لمرض (كوفيد – 19)»، دون الكشف عن اسم الشخص المصاب. أضاف الفريق الألماني «لقد تم التعامل مع هذا الأمر ويتم التعامل معه بما يتماشى مع بروتوكولات (فيا)، والعمل بشكل وثيق مع الاتحاد الدولي للعبة».
وأوضحت نتائج الاستطلاع الذي أجراه معهد «يوجوف» لقياس الرأي، أن 21 في المائة ممن شملهم الاستطلاع قالوا إنهم يميلون إلى تأييد القرار، في حين قال 45 في المائة إنهم يؤيدونه تماماً. في المقابل، أعرب 11 في المائة عن ميلهم إلى رفض القرار، أو رفضه تماماً. وبحسب الشرائح العمرية، أظهرت النتائج أن نسبة تأييد هذا القرار وصلت إلى 52 في المائة بين الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 55 عاماً، في حين وصلت هذه النسبة إلى 23 في المائة بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً، وإلى 39 في المائة بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و34 عاماً. ووصلت نسبة تأييد القرار بين النساء إلى 47 في المائة مقابل 43 في المائة بين الرجال.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟