دورية تركية منفردة على طريق حلب ـ اللاذقية تكشف الخلافات مع روسيا

إردوغان يقول إن قواته «لن تبقى في سوريا للأبد»... والبرلمان يمدد بقاءها عاماً آخر

دورية عسكرية تركية في ريف إدلب في 25 مارس الماضي (أ.ف.ب)
دورية عسكرية تركية في ريف إدلب في 25 مارس الماضي (أ.ف.ب)
TT

دورية تركية منفردة على طريق حلب ـ اللاذقية تكشف الخلافات مع روسيا

دورية عسكرية تركية في ريف إدلب في 25 مارس الماضي (أ.ف.ب)
دورية عسكرية تركية في ريف إدلب في 25 مارس الماضي (أ.ف.ب)

سيّرت القوات التركية أمس، دورية منفردة على طريق حلب – اللاذقية الدولية (إم 4) في ظل استمرار امتناع القوات الروسية عن المشاركة في هذه الدوريات بسبب الهجمات إلى تتعرض لها وعدم تنفيذ أنقرة التزاماتها بموجب اتفاق وقف النار في إدلب، في وقت قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، إن بلاده «لن تبقى في سوريا إلى الأبد»، وصادق فيه البرلمان على تمديد عمل القوات التركية في سوريا لمدة عام آخر.
وسيّرت القوات التركية، مجدداً، دورية عسكرية منفردة على طريق اللاذقية – حلب الدولية (إم 4)، انطلقت من بلدة النيرب شرقي إدلب واتجهت نحو منطقة عين حور بريف اللاذقية الشمالي على طول الطريق ضمن مناطق نفوذ الفصائل السورية. وتزامن تسيير الدورية مع تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع التركية في الأجواء.
ومنذ أواخر أغسطس (آب) الماضي امتنعت القوات الروسية عن تسيير دوريات مشتركة مع القوات التركية في إطار اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب الموقّع في موسكو بين تركيا وروسيا في 5 مارس (آذار) الماضي، بسبب تعرض عدد من الدوريات التي بدأ تسييرها في 15 مارس لاستهدافات من بعض المجموعات المتشددة الرافضة الوجود الروسي وللاتفاقات والتفاهمات التركية الروسية المتعلقة بشمال سوريا، خلفت مصابين في صفوف القوات الروسية والتركية أيضاً.
وتحمّل موسكو تركيا المسؤولية؛ كونها الطرف المعني بتأمين مسار الدوريات المشتركة، فضلاً عن عدم القيام بدورها بالفصل بين المجموعات المتشددة والفصائل المعتدلة.
في الوقت ذاته، صادق البرلمان التركي على تمديد إرسال قوات عسكرية إلى خارج البلاد عاماً إضافياً، للقضاء على الهجمات المحتملة ضد البلاد من جانب التنظيمات الإرهابية في كل من سوريا والعراق.
ووافق البرلمان، خلال جلسة عقدت مساء أول من أمس، على المذكرة الرئاسية بشأن تمديد فترة إرسال القوات العسكرية التركية «لإجراء عمليات عسكرية لملاحقة الإرهابيين في كل من سوريا والعراق» لمدة عام يبدأ اعتباراً من 30 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.
ويتعلق الأمر، بالأساس، بالعمليات ضد حزب العمال الكردستاني في شمال العراق ووحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا، حيث تتواجد قوات تركية في البلدين تقوم بعمليات عسكرية بين الحين والآخر.
وقال إردوغان، إن تركيا لن تبقى في الأراضي السورية إلى الأبد، وإن وجودها سينتهي بمجرد إيجاد حل دائم للأزمة الراهنة، مشيراً إلى أن بلاده هي واحدة من البلدان الأكثر تضرراً جراء الاشتباكات المستمرة في سوريا منذ عام 2011؛ نظراً لامتداد الحدود بين البلدين لمسافة 911 كيلومتراً.
واعتبر إردوغان، في مقابلة نشرت أمس (الخميس) على هامش زيارته للدوحة أول من أمس، أنه لم يكن بوسع تركيا أن تلتزم الصمت إزاء الأزمة في سوريا التي أدت إلى مقتل نحو مليون شخص ونزوح 12 مليوناً آخرين.
وأضاف الرئيس التركي، أن بلاده تستضيف في الوقت الراهن 3.7 مليون سوري وتحملت «عبئاً ثقيلاً» من الناحية الإنسانية والاجتماعية والمادية، وأن الجيش التركي هو الوحيد الذي قاتل تنظيم «داعش» الإرهابي في سوريا وجهاً لوجه وفقد بعض جنوده خلال الاشتباكات.
وذكر إردوغان، أن «غصن الزيتون» و«نبع السلام» العسكريتين في سوريا، ساهتما في إبعاد وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والتي تعتبرها أنقرة امتداداً لحزب العمال الكردستاني المحظور في سوريا، عن الحدود التركية، وأن الجيش التركي نجح في «تطهير» مساحة 8 آلاف و300 كيلومتر من عناصر «داعش» والوحدات الكردية، وسلمها لأصحابها الحقيقيين، بالتعاون مع الجيش السوري الحر.
وأضاف إردوغان، أن عدد السوريين، الذين عادوا إلى هذه المناطق بلغ 411 ألفاً، وأن تركيا ستواصل التصدي للهجمات الموجهة ضدها، كما ستواصل التعاون مع الولايات المتحدة في مجالات مكافحة الإرهاب ودعم الديمقراطية وإنهاء حالات عدم الاستقرار.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.