الآلاف يحتفلون في الخرطوم بعودة قادة الحركات المسلحة

البرهان يعتذر لشعب السودان... وحميدتي يطلق حمامة سلام

البرهان ودقلو وحمدوك خلال الاحتفالات بالسلام في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
البرهان ودقلو وحمدوك خلال الاحتفالات بالسلام في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
TT

الآلاف يحتفلون في الخرطوم بعودة قادة الحركات المسلحة

البرهان ودقلو وحمدوك خلال الاحتفالات بالسلام في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
البرهان ودقلو وحمدوك خلال الاحتفالات بالسلام في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)

بينما أطلق نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو حمامة سلام، إيذاناً ببدء مرحلة جديدة في السودان، تتضمن إصلاح حكومة الفترة الانتقالية، اعتذر رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان للشعب السوداني عن الضائقة المعيشية التي يعشونها، وذلك غداة احتفال شعبي نظم احتفالاً بتوقيع اتفاق السلام.
واعتذر البرهان للآلاف الذين احتشدوا في «ساحة الحرية» بالخرطوم أمس، على الضائقة المعيشية التي تواجه البلاد والمواطنين، واعترف لأول مرة بالتقصير المشترك للحكومة الانتقالية، وقال: «نعتذر للواقفين في طوابير الخبز والوقود، ونقول نحن كلنا كحكومة انتقالية مقصرين وشركاء في التقصير»، وتابع: «نعدكم وقوى الكفاح المسلح، بوضع أيدينا بعضنا في أيدي بعض لنغير الحال للأفضل قريباً»، وأضاف: «يستحق الشعب أن نضحي كلنا من أجله».
وتعهد البرهان في كلمته الحماسية بالوفاء للتغيير وأهداف الثورة، وقال: «سنظل أوفياء للشعب، وسنقدم كل ما نملك لننهض نهوضاً حقيقياً»، وتعهد بإقامة احتفال شعبي لتكريم دولة جنوب السودان، وقيادات التفاوض وقادة حركات الكفاح المسلح، على دورهم في تحقيق السلام في السودان.
بدوره، قال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في كلمته إن السلام هو أحد أضلاع مثلث شعار ثورة ديسمبر (كانون الأول) «حرية سلام عدالة»، وتعهد بالعمل على جعل السلام واقعاً معاشاً، وأضاف: «عقدنا العزم على مواجهة الصعوبات من أجل الشعب الصابر على الأمل الذي أوقد شمعته خلال سنوات النضال»، وتابع: «دعونا نجعل السلام واقعاً، وننهي معاناة أهلنا في مناطق الحروب، باستدعاء روح التضامن والمساندة، لأن مشوار السلام يبدأ بتوقيع الاتفاقات، لكنه يكتمل حين تبرأ الجراح ويعود النازحون واللاجئون إلى مناطقهم ويسود الأمن في البلاد».
وأوضح حمدوك أن اتفاق السلام الموقع مع حركات الكفاح المسلح، يختلف عن الاتفاقات التي وقعت في عهد النظام المعزول، وقال: «سنمضي في تنفيذ اتفاق صنعناه في عهد الحرية والديمقراطية، بذهن مفتوح ودون أجندة خفية، بل أجندة وطنية واضحة المعالم».
واعتبر حمدوك مرحلة ما بعد توقيع اتفاقية السلام مرحلة مسؤولية ومرحلة مواجهة التحديات، وأضاف مخاطباً الشعب: «هلموا لنصنع النموذج السوداني الذي نباهي به الأمم، وفي ذات الوقت نمد يدنا لحركات الكفاح التي لم توقع، لأن الحرب في عهد التحول الديمقراطي ليست الوسيلة لتحقيق الأهداف»، وتابع: «أوجه رسالة لعبد العزيز الحلو وعبد الواحد محمد نور، أقول فيها نحن في انتظاركما لنسير معاً في درب السلام من أجل توافق وطني شامل».
وأطلق رئيس وفد التفاوض الحكومي محمد حمدان دقلو «حميدتي» حمامة السلام إيذاناً ببدء مرحلة جديدة في تاريخ البلاد، بعد أن ردد هتاف الثوار «مدنيا»، بيد أنه قال إن المدنية بحاجة للحماية.
ووصف حميدتي اتفاق السلام بأنه نقطة في آخر سطر من معاناة السودان الممتدة، وقال: «سنكتب فيه أرضاً سلاح، لأن الانتصارات الحقيقية والدائمة هي انتصارات السلام وليس الحرب، انتصرت إرادة السلام، وستنتصر إرادة التنفيذ».
ودعا حميدتي لما أسماه «إصلاح حكومة الفترة الانتقالية» لتواكب تطلعات جماهير الثورة، ولتضع حلولاً عاجلة لمعاناة الشعب بسبب نقص مقومات الحياة، مثل الخبز والدواء والوقود والكهرباء ومياه الشرب النقية والصحة والتعليم.
من جهته، أبدى ممثل الجبهة الثورية ياسر سعيد عرمان أسفه لكون السودان «بلداً غنياً يسكنه فقراء»، ووعد بالعمل المشترك مع حكومة الفترة الانتقالية لجعل السودان غنياً وسكانه أغنياء، ووصف يوم الاحتفال بأنه يوم عظيم ويوم لشهداء الثورة، وقال: «لم يجمعنا مع القوات المسلحة وقوات الدعم السريع إلا السلام».
وكانت وساطة جنوب السودان أفلحت في جمع «حميدتي»، ورئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبد العزيز الحلو، لإزالة الجفوة بين الرجلين، اللذين أعلنا مجتمعين استئناف التفاوض للوصول لاتفاق في جوبا، بعد أن كان الأخير يرفض التفاوض مع الوفد الحكومي برئاسة «حميدتي».
واشترطت الحركة الشعبية بقيادة الحلو اعتماد «العلمانية» نظاماً للحكم، أو منح منطقتي جبال النوبة والنيل الأزرق حق «تقرير المصير»، ووفقاً لذلك رفضت الجلوس لمائدة التفاوض الذي جري في عاصمة جنوب السودان جوبا، ونتج عن توقيع اتفاقية سلام بين الحركات المسلحة المكونة لتحالف الجبهة الثورية في 3 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.