بعثت مجموعة من مشجعي كرة القدم واللاعبين السابقين والإداريين والسياسيين برسالة مفتوحة إلى الحكومة تحذر فيها من أن العديد من أندية الدوريات الثلاثة الأدنى من الدوري الإنجليزي الممتاز والرابطة الوطنية «لن يتمكنوا من الوفاء بالتزاماتهم المالية في كشوف المرتبات للشهر المقبل»، وأنه من دون مساعدة الحكومة الإنجليزية فإن كرة القدم ستواجه «انهيار هيكل دوريات المحترفين بالشكل الذي نعرفه منذ أكثر من 100 عام».
ربما لم يكن مفاجئاً أن الانهيار الداخلي الوشيك للعبة المحلية قد ولّد شعوراً أقل بكثير من الشعور بالضيق مؤخرا بسبب اعتماد الدوري الإنجليزي الممتاز لقاعدة احتساب لمسات اليد، والتي كان الجميع في أوروبا يستخدمونها بالفعل. ويشير هذا إلى أن مشاعرنا تجاه الأشياء باتت بدائية ولا تتسم بالتركيز أو العقلانية ولا تتناسب مع حجم ما يحدث. وبالتالي، إذا صفعك شخص ما على وجهك، فإنك ستفكر في نفسك فقط ولن تفكر بالضرورة في ملايين الأشخاص الآخرين في العالم الذين يتعرضون للصفع والضرب!
ويعكس هذا أيضا حقيقة أن هناك فجوة هائلة بين الدوري الإنجليزي الممتاز من جهة وبقية مسابقات كرة القدم الإنجليزية من جهة أخرى، ومن شأن ما يحدث حاليا أن يزيد هذه الفجوة خلال الأيام المقبلة. وكانت أندية الدوري الإنجليزي الممتاز عقدت اجتماعا عبر شبكة الإنترنت لمناقشة الأزمة المالية الوشيكة للعبة، مع احتمال ضئيل لعودة المشجعين إلى الملاعب ما لم تغير الحكومة رأيها بشكل مفاجئ! وحث الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم وروابط الدوري الحكومة على السماح للجماهير بالعودة للملاعب مع طمأنة الجماهير في رسالة مفتوحة بقدرتها على إقامة المباريات بأمان. وكانت الحكومة تأمل في السماح بعودة من 25 - 33 في المائة من سعة الملاعب في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، لكن بوريس جونسون رئيس الوزراء قال الشهر الماضي إنه تم تعليق هذه الخطط كجزء من القيود الجديدة للحد من انتشار (كوفيد - 19).
وقال ريتشارد ماسترز الرئيس التنفيذي لرابطة الدوري الممتاز ومارك بولنغهام الرئيس التنفيذي للاتحاد وكيلي سيمونس مديرة إدارة كرة القدم النسائية بالاتحاد وديفيد بولدوين الرئيس التنفيذي لرابطة الدوري للدرجات الأدنى إنهم يعملون سويا على جعل الملاعب آمنة لعودة الجماهير. وقالت الرسالة: «نظمت رابطة الدوريات الأدنى وكذلك الدوري الممتاز والدوري الممتاز للسيدات ودوري الدرجة الثانية للسيدات بالفعل 11 مباراة تجريبية ناجحة مؤخرا، أثبتنا أنه يمكن عودة الجماهير لمشاهدة المباريات من الملاعب بأمان. كلما أسرعنا في إعادة الجماهير أسرعنا في دعم الوظائف المحلية وكذلك توفير سبل الحياة، ودعم الأعمال التجارية الإقليمية والاقتصاد الوطني». وتم حظر حضور الجماهير للمباريات أو السماح لها بأعداد محدودة في المباريات التجريبية في إنجلترا بسبب وباء (كوفيد - 19).
وكان أحد البنود التي كانت مدرجة على جدول الأعمال يتمثل في إمكانية تقديم دعم مالي طارئ للأندية التي تقع في أسفل السلم، والتي تعتمد بشكل كبير للغاية على دخلها من بيع تذاكر المباريات. وقد حث وزير الثقافة، أوليفر دودن، بالفعل أندية الدوري الإنجليزي الممتاز على «الارتقاء إلى المستوى المطلوب» و«البدء في الاهتمام بأسرة كرة القدم ككل». كل هذا يثير مجموعة من الأسئلة المهمة مثل: لماذا تقوم أندية الدوري الإنجليزي الممتاز بذلك؟ وما الفائدة التي ستعود عليها من ذلك؟ أليس هناك بعض المثالية المحكوم عليها بالفشل في توقع اهتمام أندية النخبة في كرة القدم الإنجليزية بدعم نظام قضت سنوات طويلة وهي تسعى بنشاط للقضاء عليه؟
سيقول البعض في هذه المرحلة إن الهدف من ذلك هو «الصالح العام»، وسيشيرون إلى أن عددا من نجوم الدوري الإنجليزي الممتاز في الوقت الحالي - مثل جيمي فاردي، ورحيم ستيرلينغ، وهاري ماغواير - قد بدأوا مسيرتهم مع أندية تلعب في الدوريات الثلاثة الأدنى من الدوري الإنجليزي الممتاز، وهو ما يعني ضمنيا أننا جميعا نعمل في نظام واحد مترابط مع بعضه البعض، وأنه عندما ينهار أحد الأندية فإن ذلك يؤدي إلى إضعاف البقية.
ولكي نعرف وجهة النظر الأخرى، كان يتعين علينا أن نسأل فقط المدير الفني لنادي بيرنلي، شون دايك، الذي كان ينظر نظرة قاتمة للضغوط التي تمارس على أندية الدوري الإنجليزي الممتاز من أجل إنقاذ الأندية الأكثر فقراً، حيث قال: «هل هذا يعني أن كل مدير صندوق تحوط ناجح يجب أن يفعل ذلك لمديري صناديق التحوط غير الناجحين؟ وهل المطاعم التي نجحت في البقاء يجب أن تفعل ذلك مع المطاعم التي انهارت؟ إذا كنتم ستطبقون ذلك في كرة القدم، فيتعين عليكم أن تطبقوه على الجميع وعلى كل الأعمال».
إن الأندية الكبيرة لا تحتاج بالضرورة إلى أندية أصغر للانضمام إليها، لكنها تحتاج إلى وجودها كخط إنتاج للمواهب ووجهة لإعارة اللاعبين الشباب. ويبدو أن القواعد الجماهيرية للأندية الكبيرة - التي أصبحت الآن أكثر تبايناً وتنظيما ووصولا إلى العالمية عبر شبكة الإنترنت - لم تعد تهتم كثيرا بالأندية الأصغر كما كان الأمر في السابق. أو بعبارة أخرى: قد يكون هناك أفراد في مانشستر يونايتد أو مانشستر سيتي يشعرون بالحزن شخصيا بسبب المحنة التي يمر بها نادي ماكليسفيلد تاون أو بيري، أو بسبب الأندية التي نخسرها بسبب انهيارها. لكن النادي الكبير ككل لن يشعر بأي شيء على الإطلاق. إنه نفس السبب الذي يجعل مؤسسة مثل «أمازون» ترغب في إغلاق مكتبتك المحلية، ونفس السبب الذي يجعل المتاجر الضخمة لا تبالي بمصير متجر السندويتشات الصغير القريب من منزلك، ونفس السبب الذي يجعل الصحف الكبرى تريد أن تعاني الصحف التقليدية حتى الموت. ويجب أن نفهم أنه لا يوجد أي شيء شخصي بين هذه الهيئات وبعضها البعض، لكن من غير الطبيعي أن نتوقع أن تهتم الأندية الكبرى بشيء آخر غير شؤونها الداخلية والمالية.
ومع ذلك، فإننا نشغل بالنا جميعا الآن بالقرارات المتعلقة بكيفية احتساب لمسات اليد في المباريات، ولا نبالي بأندية وكيانات تنهار بالكامل بعد أن وصلت إلى طريق مسدود. ربما كان هذا أمراً لا مفر منه بمجرد أن بدأنا في تجديد مفهوم كرة القدم بالكامل فيما يتعلق بالهروب من الواقع والترفيه الجماعي، وتجاهل كل المعاني البديلة في هذه العملية. لقد نسينا أن كرة القدم تمثل مصدر فخر وكبرياء للمدن الصغيرة وتمثل ترفيها استثنائيا للمواطنين في يوم إقامة المباريات، ودمرنا النظام بأكمله من الألف إلى الياء، وعبثنا بكل شيء.
وسواء تم تقديم الدعم اللازم لأندية الدوريات الأدنى من الدوري الإنجليزي الممتاز في صورة قرض مشروط من الدوري الإنجليزي الممتاز أو في صورة شيك ضخم من وزير الخزانة، ريشي سوناك، فسيخرج علينا بعض الأشخاص ليتحدثوا عن أهمية وقيمة العلاقات العامة في إنقاذ أندية الدوريات الأدنى من الدوري الإنجليزي الممتاز في الوقت الحالي. إن الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تخرج بها كرة القدم الإنجليزية من هذه الأزمة سليمة تتمثل في أن ينحي الجميع مصالحهم الشخصية جانبا وأن يعملوا معا من أجل الصالح العام.
أندية الدوري الإنجليزي الممتاز لن تهتم بانهيار أندية الدوريات الأدنى
هل ينحي «الكبار» مصالحهم الشخصية جانباً من أجل صالح كرة القدم في إنجلترا؟
أندية الدوري الإنجليزي الممتاز لن تهتم بانهيار أندية الدوريات الأدنى
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة