المشهد: إثبات وجود

> أعلن مهرجان كارلوفي فاري، جمهورية تشيك، عن إقامة دورة مختصرة ما بين الثامن عشر والحادي والعشرين من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. تحمل الدورة الرقم 54 و1-2 على أساس أنها دورة غير كاملة. بل نصف دورة.
> قبل ذلك بأيام قليلة أعلنت إدارة مهرجان «كان» عن إقامتها دورة مـن ثلاثة أيام تبدأ في الأسبوع المقبل. لم تطلق عليها رقماً ولا ندري إذا كيف سينظر المهرجان إليها بين دوراته. فموعد الدورة 72 فات مثل قطار سريع بعدما تم إلغاء المناسبة في شهر مايو (أيار) الماضي.
> ما يبدو قد حدث هو أن إدارة المهرجان التشيكي نظرت إلى البادرة الفرنسية وأُعجبت بها وقررت أنها إذا ما كانت صالحة لمهرجان «كان» الكبير فهي لا بد صالحة له. لم لا نقيم دورة مُصغرة عوض الاكتفاء بالدورة الكاملة التي فاتتنا في صيف هذه السنة؟
> لكن هل المسألة بالنسبة للمهرجانين مسألة إثبات وجود؟ هل من الصعب على أي منهما تمرير سنة من دون دورة؟ ثم ما قيمة مهرجان يُعقد لثلاثة أيام وآخر لأربعة أيام؟ هذه أسئلة ضرورية لما يبدو ضرباً عشوائياً يشبه بمسلح خائف من الظلام أخذ يطلق النار في أي اتجاه من دون أن يصيب أي هدف.
> كانت عدة مهرجانات ارتاحت من عبء إنجاز دورات حقيقية فلجأت إلى العروض الافتراضية لسد الثغرة الناتجة عما فرضته الظروف الناتجة عن الوباء. كان الأمر مقبولاً على مضض لأن المهرجان الحقيقي هو ما يقع على النحو التقليدي وليس غير سواه. الآن بات علينا قبول تفعيلة جديدة أقرب إلى بضع زخات من المطر التي قد يسمّيها البعض شتاءً.
> فينيسيا الإيطالي وسان سيباستيان الإسباني قاوما بشجاعة كل المحاذير وأقدما على تنفيذ دورتين ناجحتين رغم الظروف وبكامل العتاد السنوي المعتاد. ومهرجانا «الجونة» و«القاهرة» في مصر على أهبة القيام بالعمل ذاته وبكل إصرار. ولنتذكّر أن النجاح الحقيقي هو تحقيق ما نود تحقيقه أولاً وبالشكل الذي نرغب فيه بأقل قدر من التنازلات.