معارك قره باغ... توسيع استهداف المدن يسابق مناقشات التهدئة

موسكو تستبعد تدخلاً مباشراً... وباكو ويريفان تضعان شروطاً للحوار

تبادل الطرفان الأرميني والآذري الاتهامات بتصعيد استهداف المدن وسط مواصلة المواجهات الضارية على خطوط التماس في قره باغ (أ.ف.ب)
تبادل الطرفان الأرميني والآذري الاتهامات بتصعيد استهداف المدن وسط مواصلة المواجهات الضارية على خطوط التماس في قره باغ (أ.ف.ب)
TT

معارك قره باغ... توسيع استهداف المدن يسابق مناقشات التهدئة

تبادل الطرفان الأرميني والآذري الاتهامات بتصعيد استهداف المدن وسط مواصلة المواجهات الضارية على خطوط التماس في قره باغ (أ.ف.ب)
تبادل الطرفان الأرميني والآذري الاتهامات بتصعيد استهداف المدن وسط مواصلة المواجهات الضارية على خطوط التماس في قره باغ (أ.ف.ب)

تبادل الطرفان الأرميني والآذري الاتهامات بتصعيد استهداف المدن وسط مواصلة المواجهات الضارية على خطوط التماس في قره باغ. وشهدت الساعات الـ24 الماضية تنشيطاً للجهود الدبلوماسية من جانب موسكو وباريس لتهدئة الوضع. وأعلن الجانب الفرنسي عن استعداد لإطلاق حوارات في جنيف وموسكو، في وقت وضع الطرفان الأرميني والآذري شروطاً للانخراط في مفاوضات، بينما قلل الكرملين من احتمالات تدخل روسيا في المواجهة تنفيذاً لالتزاماتها في إطار معاهدة الأمن الجماعي الموقعة مع أرمينيا.
وتواصل القتال على كل جبهات المعارك في منطقة قره باغ المتنازع عليها، وتباينت المعطيات الواردة من طرفي النزاع حول سير المعارك؛ إذ أعلن الطرفان الأرمني والآذري عن إحراز قواتهما تقدماً ميدانياً، وتبادلا اتهامات جديدة بقصف مرافق مدنية.
وقالت وزارة الدفاع في قره باغ، إن قواتها نجحت في شن هجوم مضاد في المحور الشمالي، مضيفة أن قواتها استعادت السيطرة خلال العملية على مرتفعات فارانغاتاغ.
ونشرت الوزارة قائمة جديدة تضم أسماء 40 عسكرياً أرمينياً قُتلوا جراء الجولة الجديدة من النزاع، لتبلغ الحصيلة الإجمالية في صفوف العسكريين الأرمينيين 280 قتيلاً.
ونشرت وزارة الدفاع الأرمينية مقطع فيديو قالت، إنه يوثق تدمير مخزن وقود تابع للقوات الآذرية في محور مدينة جبرائيل جنوب خط التماس، وآخر قالت، إنه يظهر تدمير مجموعة من قوات الجيش الآذري لدى محاولة التقدم لدخول جبرائيل، تحدثت عن إسقاط طائرة حربية.
ووفقاً لمركز الإعلام الموحد التابع للحكومة الأرمينية، فقد بلغ إجمالي خسائر قوات أذربيجان جراء الجولة الجديدة من التصعيد في قره باغ حتى مساء أمس 3754 عسكرياً، و416 دبابة، وأربع راجمات صواريخ، و17 طائرة حربية، و16 مروحية، و127 طائرة مسيرة.
لكن وزارة الدفاع في أذربيجان نفت صباح أمس، صحة التقارير الأرمينية، وقالت إن قواتها لم تتكبد أي خسائر في محور جبرائيل، مضيفة أن قواتها تواصل تقدمها في اتجاه جبرائيل و«تحظى بتفوق ميداني مطلق على العدو».
وأعلنت وزارة الدفاع الآذرية، أن خسائر الجانب الأرمني حتى الأربعاء بلغت 250 من الدبابات والآليات الحربية الأخرى و270 من المدافع وراجمات الصواريخ وقاذفات الهاون، و60 منظومة للدفاع الجوي، و150 سيارة، و11 مركز قيادة ورصد، و8 مخازن ذخيرة، بالإضافة إلى منظومة صاروخية من طراز «إس - 300».
واتهمت الوزارة القوات الأرمينية بقصف قرى في مقاطعات تارتار، وبردعة، وآقدام، وآقجبدي، وفضولي، وجبرائيل، في حين أعلنت النيابة العامة في أذربيجان عن ارتفاع حصيلة الضحايا بين المدنيين جراء القصف الأرمني إلى 28 قتيلاً و144 جريحاً.
تزامن تواصل التصعيد، مع صدور إشارات عن موسكو تستبعد قيامها بالتدخل العسكري المباشر لصالح أرمينيا. وجاءت هذه الإشارة على خلفية تصريح رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان قبل يومين بأن موسكو «ملتزمة بتعهداتها في إطار معاهدة الأمن الجماعي». وأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استعداد بلاده لـ«الوفاء بالتزاماتها أمام أرمينيا كحليف في إطار منظمة معاهدة الأمن الجماعي»، لكنه استدرك أن «الأعمال القتالية الآن لا تجري على أراضي أرمينيا».
وأضاف بوتين «للأسف الشديد العمليات القتالية لا تزال مستمرة، لكنها لا تدور على أراضي أرمينيا (...) فيما يتعلق بتنفيذ روسيا التزاماتها بموجب المعاهدة، فلقد وفّينا دائماً ونفي وسنواصل الوفاء بالتزاماتنا». وزاد «أنا على اتصال دائم مع رئيس وزراء أرمينيا، وليس لدى أرمينيا أي أسئلة حول مدى وفاء روسيا بالتزاماتها تجاه الحلفاء».
في الوقت ذاته، أعرب بوتين عن أمل في «أن ينتهي هذا النزاع في أقرب وقت»، وجدد دعوته لطرفي النزاع إلى وقف الأعمال القتالية.
وأوضح الناطق باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، في وقت لاحق أمس، تصريحات بوتين، مشيراً إلى أن «الالتزامات التي ذكرها بوتين تضع مسؤوليات على أطراف المعاهدة بضمان أمن أرمينيا في حال تعرضها لأي عدوان خارجي»، مضيفاً أنه «في هذه الحالة، يدور الحديث عن أرمينيا حصراً، وفصل الرئيس بكل وضوح بين الملفين. لا تمتد التزاماتنا ضمن إطار منظمة معاهدة الأمن الجماعي إلى قره باغ». وكان لافتاً أن بوتين تلقى أمس، اتصالاً هاتفياً من الرئيس الآذري إلهام علييف، وهو أول اتصال بين الرئيسيين منذ اندلاع المعارك. وقال بيسكوف، إن بوتين بحث مع علييف «بشكل مختصر المسائل المتعلقة بنزاع قره باغ، وسيتواصل الحوار بينهما لاحقاً». وتطرق بيسكوف مجدداً إلى مسألة المسلحين الأجانب في قره باغ، محذراً من أن وجود مسلحين سوريين في المنطقة المتنازع عليها يشكل «خطراً كبيراً، وهؤلاء يثيرون قلقاً جدياً لدى موسكو».
تزامن ذلك، مع إعلان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، أن جنيف وموسكو ستستضيفان في الأيام القريبة مفاوضات بشأن تسوية النزاع في منطقة قره باغ. وأوضح أن محادثات بشأن قره باغ في جنيف ستجرى اليوم (الخميس)، تليها مفاوضات في موسكو الاثنين المقبل.
وأشار لودريان إلى أن تنظيم المحادثات من جانب مجموعة مينسك يجري في إطار محاولة لإطلاق حوار بين طرفي النزاع، ولفت إلى ضرورة أن ينطلق هذا الحوار دون شروط مسبقة. وحذر وزير الخارجية الفرنسي من أن انخراط تركيا الواسع في نزاع قره باغ عسكرياً، يهدد بخروج الصراع عن نطاقه بين الطرفين.
وفي استباق للحوارات المقبلة، أعلن رئيس وزراء أرمينيا، نيكول باشينيان، أن بلاده قد تعترف باستقلال «جمهورية» قره باغ المعلنة من طرف واحد، إذا كانت هذه الخطوة ستفيد لحل النزاع المسلح في المنطقة.
وقال باشينيان في تصريحات لـ«القناة الأولى» التلفزيونية الروسية «إذا انتهى تحليلنا إلى أن ذلك سيكون مفيداً لقره باغ وتسوية المسألة فنحن سنتخذ هذه الخطوة، وإلا فسوف نمتنع عنها». ووصف باشينيان العمليات العسكرية الجارية من جانب القوات الأرمينية بأنها «حرب على الإرهاب»، موضحاً «لقد أكدت روسيا والاستخبارات الروسية بصورة رسمية أن عناصر عدد من التنظيمات الإرهابية الدولية تم إشراكهم في الأعمال القتالية في قره باغ، أي في الهجوم الجاري ضد قره باغ، وأظن أن (جمهورية) قره باغ تناضل في الوقت الحالي عملياً ضد الإرهاب الدولي». وأكد رئيس الحكومة الأرمنية استعداد بلاده لـ«حلول وسط» من أجل إنهاء النزاع المسلح الدائر في قره باغ، موضحاً أنه «من البديهي أن الحلول الوسط لا بد منها في أي نزاع، إذا أردنا تسوية هذا النزاع بالفعل. أنا أظن أن الجانب الأرميني كان مستعداً لحلول وسط دائماً. وإذا أبدت أذربيجان هي الأخرى استعدادها لحل وسط فهذا سيغير الأمور».
في المقابل، قال رئيس أذربيجان، إلهام علييف، إن بلاده «مستعدة للعودة للحوار مع أرمينيا حول قضية قره باغ عندما يتوقف القتال هناك»، مؤكداً أنه «بوسع روسيا وتركيا الاضطلاع بدور إيجابي في خفض التصعيد».
واتهم علييف حكومة يريفان بمحاولة «تدويل نزاع قره باغ» عبر إشراك دول أوروبية وأعضاء منظمة معاهدة الأمن الجماعي فيه، مشدداً على ضرورة ألا يخرج النزاع عن حدود أرمينيا وأذربيجان.
وطرح الرئيس الآذري رؤية باكو للتسوية في قره باغ، بما يشمل المشاركة النشطة لدول إقليمية في جهود التسوية وتقديم ضمانات من قبل منظمات دولية، بالإضافة إلى استعادة سيطرة أذربيجان على الأراضي المتنازع عليها.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.