واشنطن قلقة من هجمات الباب وأنقرة تدفع بـ«تعزيزات ضخمة» إلى إدلب

TT

واشنطن قلقة من هجمات الباب وأنقرة تدفع بـ«تعزيزات ضخمة» إلى إدلب

دفعت تركيا بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى نقاط المراقبة التابعة لها في منطقة خفض التصعيد في شمال غربي سوريا مع استمرار هجمات النظام في إدلب.
ودخل رتل عسكري جديد إلى إدلب من معبر كفر لوسين الحدودي مع هطاي في جنوب تركيا على الحدود مع سوريا يضم 75 آلية تحمل تعزيزات عسكرية ولوجيستية تم توزيعها على نقاط المراقبة أمس الأربعاء.
وأحصى «المرصد السوري لحقوق الإنسان» دخول أكثر من 10380 شاحنة وآلية عسكرية تركية إلى الأراضي السورية، تحمل دبابات وناقلات جند ومدرعات وكبائن حراسة متنقلة مضادة للرصاص ورادارات عسكرية، منذ فبراير (شباط) الماضي وحتى الآن. كما ارتفع عدد الجنود الأتراك في المنطقة إلى أكثر من 13 ألف جندي.
وتوالت التصريحات خلال الأسبوع الحالي من الرئيس رجب طيب إردوغان ومسؤولي حكومته حول احتمالات توسيع نطاق العمليات العسكرية لوقف هجمات النظام في إدلب، وكذلك ضد مواقع وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، بسبب ما اعتبرته أنقرة عدم التزام بالاتفاقات من جانب كل من واشنطن والولايات المتحدة التي بموجبها تم وقف عملية «نبع السلام» العسكرية التركية في شرق الفرات في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، التي استهدفت إبعاد القوات الكردية عن حدود تركيا لمسافة تقترب من 40 كيلومترا، وذلك في ظل تحذيرات روسية من محاولات واشنطن إقامة كيان كردي يمثل شبه دولة في شمال شرقي سوريا، وإقناع تركيا بقبوله، حيث حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من أن ذلك سيؤدي إلى تفجير المنطقة.
بموازاة ذلك، عبرت واشنطن، أمس، عن قلقها إزاء ارتفاع وتيرة الهجمات في سوريا في الآونة الأخيرة، بعد يوم من انفجار وقع بمدينة الباب الخاضعة لسيطرة القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها ضمن ما يعرف بمنطقة «درع الفرات» في حلب وتسبب في مقتل وإصابة العشرات.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية مورغان أورتاغوس، في بيان: «تدين الولايات المتحدة بشدة الهجوم الإرهابي الذي وقع بالقرب من تقاطع طرق مزدحم في الباب أمس (أول من أمس) وأدى إلى مقتل 11 شخصا بينما ذكرت تقارير أخرى أن أكثر من 20 قتلوا».
وأضافت «نشعر بقلق شديد من تزايد مثل هذه الهجمات الإرهابية في الشهور الأخيرة».
كان «المرصد» أفاد، مساء أول من أمس، بمقتل ما لا يقل عن 14 شخصا وإصابة العشرات في انفجار سيارة مفخخة بمدينة الباب بريف حلب شمال غربي سوريا. وانفجرت السيارة قرب محطة للحافلات وسيارات الأجرة في وسط المدينة.
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الانفجار في المدينة التي تسيطر عليها القوات التركية وفصائل سوريا موالية لها منذ مارس (آذار) 2017.
وتشهد المدينة بين الحين والآخر فوضى أمنية وعمليات اغتيال لقياديين في صفوف الفصائل الموالية لأنقرة، كما تشكل مسرحاً لتفجيرات بسيارات ودراجات مفخخة تبنى تنظيم «داعش» الإرهابي تنفيذ عدد منها.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.