تصدع الغرب وصمود الشرق أمام جائحة «كورونا» وطغمة الإنترنت

تصدع الغرب وصمود الشرق أمام جائحة «كورونا» وطغمة الإنترنت
TT

تصدع الغرب وصمود الشرق أمام جائحة «كورونا» وطغمة الإنترنت

تصدع الغرب وصمود الشرق أمام جائحة «كورونا» وطغمة الإنترنت

من بين الكتب العلمية المنشورة أخيرا استوقفتني ثلاثة عناوين، أولها كتاب «نداء لليقظة - لماذا كشفت جائحة الوباء ضعف الغرب، وكيف يمكن علاجه؟» الذي يتحدث عن الأزمة الوبائية التي يعاني منها العالم اليوم وعن إخفاق الغرب أمام تحديات هذا الاختبار العظيم.

تصدع وبائي
يستعرض الكتاب الذي ألفه جون مكليثويت رئيس تحرير «مؤسسة بلومبرغ الإخبارية» وأدريان ولدريج الكاتب في مجلة «إيكونوميست»، جوانب «صمود الشرق وتصدع الغرب» في مواجهة جائحة «كوفيد - 19»، إذ أخفقت أغلب الدول الغربية وخصوصا أربعا من الدول السبع الأغنى في العالم، الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا، في المواجهة مقارنة بدول الشرق التي جابهت التحدي ونجحت فيه.
ويحمل الكاتبان، ربما عن حق، قيادات تلك الدول بذلك الإخفاق، وإخفاق مؤسسة الدولة فيها، إلا أنهما لا يتعمقان في دراسة اختلافات تأثير الجائحة على مختلف الدول من جهة، ودور عوامل أخرى في انتشار الوباء مثل تفتح المجتمعات الغربية والأعداد المتزايدة من السكان المصابين بأمراض مزمنة.
ويبدو أن دول الشرق كانت مهيأة أكثر لمواجهة فيروسات جديدة خصوصا بعد موجة وباء «سارس» (متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد الشديد)، الذي انتشر قليلا في الصين وآسيا في أوائل القرن الحادي والعشرين، والذي لم يتحول وباؤه إلى جائحة لأنه كان يعشعش داخل الجهاز التنفسي الأسفل، ما يصعب انتقاله بين الأفراد.
كما أن سرعة تقبل المجتمعات الشرقية للإجراءات الحكومية بهدف العزل والإقفال ساعدت على مجابهة تحديات الوباء الجديد.
ويعتقد الكاتبان أن مرحلة ما بعد الجائحة تتطلب إجراء إصلاحات عميقة في مؤسسة الدولة، ويطرحان بعض التصورات المنتقاة الخاصة بهما، أهمها: إخراج قطاعات الرعاية التي تقدمها الدولة سواء كانت صحية أم اجتماعية من نطاق المناورات السياسية، وزيادة أجور الموظفين، وأيضا إعادة الخدمة العسكرية الإلزامية لمواجهة التحديات!
لقد سرع هذا الوباء من اتجاه ميلان موازين القوى لصالح دول الشرق، فبينما كانت الولايات المتحدة وبريطانيا تواجهان خلال السنوات العشر الماضية مشاكلهما الداخلية تعززت مواقع دول الشرق مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة وتايوان والصين بفضل جهودها ونجاحاتها الاقتصادية والتكنولوجية والسياسية. لذا يقترح الكاتبان على الدول الغربية التعمق في فهم أزمة الوباء بشكل إبداعي لوقف تدهور نفوذها العالمي.
ويشير نقاد الكتاب إلى أنه لم يتناول في العمق إخفاقات بريطانيا، خصوصا أنها دخلت عصر «كورونا المستجد» وهي ممزقة بالتناحرات السياسية بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبي التي امتدت ثلاث سنوات، وبعد مرور فترة 10 سنوات من التقشف المالي.
The Wake - Up Call: Why the pandemic has exposed the weakness of the West - and how to fix it

«طغمة الإنترنت»
الكتاب الثاني الذي استوقفني عنوانه: «المنظومة: من الذي يملك الإنترنت وكيف امتلكت الشبكة حياتنا؟» للكاتب الصحافي الاستقصائي جيمس بول الذي اشتهر ضمن مجموعة الكتاب العاملين على وثائق «ويكيليكس»، الحائز على جائزة بوليتزر عام 2014 لعمله ضمن فريق موقع «الغارديان» الإلكتروني على تغطية تسريبات عميل الاستخبارات الأميركية الهارب إدوارد سنودن.
يدقق الكاتب في آليات عمل شبكة الإنترنت بكل خطوطها وأسلاكها ومراكز تخزين ومعالجة البيانات فيها وطرق الإشراف عليها وإدارتها ومراقبة مستخدميها... هذه الشبكة التي تغلغلت إلى بيوت الناس ومشاعرهم، ولامست كل جوانب حياتهم.
يقول الكاتب إن الهدف من كتابه هو «وضع مذكرات... غير رسمية... للإنترنت، أي سرد القصة الحقيقية لها، من دون رتوش، ومن دون موافقتها!». لذلك أجرى مقابلات مع اللاعبين الكبار في حياة الإنترنت - المبدعين الأوائل الذين دخلوا الآن في أعمار السبعينات، وكذلك أصحاب الرساميل الاستثمارية، وأصحاب شركات الكابلات، وما يسميهم بـ«رجال الإعلانات»، إضافة للمراقبين، والمتلصصين، وأشباه المشرفين على الشبكة، كما يقول.
ويدحض المؤلف الأساطير الشائعة حول مجانية الإنترنت لأنها مملوكة - بحيث يمكن تحويل قطاعاتها إلى أموال - من قبل الأوليغارشية التي تستحوذ على البنية التحتية لها، وتمتلك محركات البحث، والمنصات الإلكترونية. وقد زادت الإنترنت من تماسك وقوة أولئك الذين يمتلكون النفوذ المالي والسياسي.
ولكي نجابه هذه القوى الكبرى المتحكمة بالإنترنت علينا أولا فهم منظومتها التي يتحدث عنها، ففي قلب هذه المنظومة يكمن قطاع الأعمال الرابح لنموذج الإعلان الإلكتروني، الذي يعتمد على مراقبة المستخدمين وتعقبهم وجمع المعلومات عن أماكن وجودهم.
ويقول الكاتب: في زمن ما كان الحديث يجري عن (المجمع الصناعي - العسكري)، وهو المصطلح الذي أطلقه الرئيس الأميركي الأسبق آيزنهاور متنبئا بصعود نفوذه السياسي، إلا أن الحديث يجري الآن عن «المجمَع المعلوماتي العسكري»، حيث يؤدي الترويج الإعلاني خدماته لتأمين احتياجات الحكومات.
جيمس بول الصحافي الباحث كتب يفسر عالم الإنترنت الساحر الذي تتحكم فيه الشركات الكبرى، يقول: غالبية التطبيقات تمتلكها شركات خاصة، فنحن نتراسل عبر «واتساب» و«إنستغرام» و«فيسبوك» وهي منصات مملوكة كلها للملياردير مارك زوكربيرغ. أما «هانغزآوتس» و«ميت» فتمتلكهما «غوغل» بينما تمتلك «مايكروسوفت» «تيمز». ولعل أفضل مثال على سرعة جني الربح على الإنترنت هو مثال تطبيق «زووم» لعقد المؤتمرات المرئية الذي لم يكن مشهورا قبل جائحة «كوفيد» والذي تضاعفت قيمته السوقية مرات عديدة الآن.
لقد تحولت شبكة الإنترنت إلى ساحة عامة يمتلك القطاع الخاص أكثر أجزائها، وهي لم تكن كذلك عندما خلقت كمشروع عمومي قبل نحو ثلاثة عقود عندما ابتكر السير تيم بيرنرز - لي الشبكة العنكبوتية العالمية عام 1989. وبدلا من أن تصبح الإنترنت مشاعة عالمية للنشر والتعليم والفنون تحولت إلى قطاعات تمتلكها شركات خاصة... إذ إن كل خط من الكابلات مملوك لأحد ما، وكل مركز للبيانات يعود لجهة ما، وكل بياناتنا مملوكة لجهات مختلفة... أي أننا لا نحتفظ بحق ملكيتها.
The System: Who owns the Internet and How it Owns Us?

«نادي الأعضاء»
الدكتور البلجيكي الأصل بيت هوبيك Piet Hoebek استشاري الأمراض البولية، واختصاصي في شؤون العضو الجنسي الذكري كما يقول، أصدر كتابه الموسوم «نادي الأعضاء: دليل الرجل إلى العضو الجنسي»، الذي يعتبره دليلا للرجال طال انتظاره.
يقول هوبيك، 58 سنة، إن «العضو الذكري عضو على درجة من التعقيد يحتاج إلى دليل خاص لإدارته بشكل صحيح»... ويضيف «أرى كثيرا من الأفراد الذين يعتقدون أن لديهم مشاكل فيه». ومرضاه يعانون من مختلف المشاكل إذ يرى بعضهم أن «المجتمع من حولهم يخلق المشاكل لهم بحيث إن مفهوم (الاعتيادي أو الطبيعي) يختلف عما هو في أدمغتهم».
وهذا ما دفعه لنشر كتابه «الأصيل» الهادف إلى نبذ الأساطير والخرافات وشرح عمل العضو الذكري وتأكيد صلاحيته. وهو يسرد كل ما يحيط بالعضو من مساحة القلفة التي تصل إلى مساحة بطاقة بريدية كما يقول، إلى ضرورة الجلوس للتبول كما تتطلب الطبيعة من الرجال... لأنك لا ترى الغوريلا واقفة لقضاء تلك الحاجة!
ويتحدث الكتاب عن الحجم والطول فيقول إن «الحجم غير مهم في الواقع» وإن الغالبية العظمى من الناس تقع في خانة الحجم الطبيعي له. ويصف المتباهين بالحجم بأنهم «رجال الاستعراض». ويحذر الكاتب من إجراء عمليات الإطالة لأن الجراحات الطبية لتكبير العضو الذكري غير موجودة أساسا ولذلك فإن تلك العمليات زائفة... وتوجد تقنية واحدة للإطالة بطول 1 سنتمتر بوضع أداة انتصاب إلا أنها تدمر كل منظومة الانتصاب الطبيعية للعضو.



«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر
TT

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

هي رواية تتنقل بخفة ولغة ساخرة بين المعاناة والحب والسياسة والفانتازيا والأساطير، تحمل اسم «عورة في الجوار»، وسوف تصدر قريباً عن دار «نوفل» للنشر والتوزيع، وتقع في 140 صفحة.

عن عوالمها وفضائها السردي، يقول تاج السرّ لـ«الشرق الأوسط»: «تروي هذه الرواية التحولات الاجتماعية، وحياة الريف المكتنز بالقصص والأساطير، وانتقال البلد إلى (العصرنة) والانفتاح ورصد التأثيرات الثقافيّة التي تهبّ من المدن إلى الأرياف، لكنها ترصد أيضاً تأثير الأوضاع السياسية المضطربة في السودان على حياة الناس العاديين وما تسببه الانقلابات العسكرية من معاناة على السكان المحليين، خاصة في الأرياف... إلى جانب اهتمامها بتفاصيل الحياة اليومية للناس، في سرد مليء بالفكاهة السوداء».

حمل غلاف الرواية صورة الكلب، في رمزية مغوية إلى بطل الرواية، الذي كان الناس يطلقون عليه لقب «كلب الحرّ» كتعبير عن الشخص كثير التنقلّ الذي لا يستقرّ في مكان. كان كثير التنقّل حيث يعمل سائق شاحنة لنقل البضائع بين الريف والعاصمة وبقية المدن، والزمان هو عام 1980، وفي هذا الوقت يلتقي هذا السائق، وكان في العشرينات من عمره بامرأة جميلة (متزوجة) كانت تتبضع في متجر صغير في البلدة التي ينحدرُ منها، فيهيمُ فيها عشقاً حتى إنه ينقطع عن عمله لمتابعتها، وتشمم رائحتها، وكأنها حلم من أحلام الخلود.

وعن الريف السوداني الذي توليه الرواية اهتماماً خاصاً، ليس كرحم مكاني فحسب، إنما كعلاقة ممتدة في جسد الزمان والحياة، مفتوحة دائماً على قوسي البدايات والنهايات. يتابع تاج السر قائلاً: «الريف السوداني يلقي بحمولته المكتنزة بالقصص والأساطير حتى الفانتازيا في أرجاء الرواية، حيث ترصد الرواية ملامح وعادات الحياة الاجتماعيّة... لتنتقل منها إلى عالم السياسة، والانقلابات العسكرية والحروب الداخلية، حيث تسجل صراعاً قبلياً بين قبيلتَين خاضتا صراعاً دموياً على قطعة أرض زراعية، لا يتجاوز حجمها فداناً واحداً، لكنّ هذه الصراعات المحلية تقود الكاتب إلى صراعات أكبر حيث يتناول أحداثاً تاريخيّة كالوقائع العسكريّة والحروب ضدّ المستعمِر الإنجليزي أيّام المهدي محمد أحمد بن عبد الله بن فحل، قائد الثورة المهديّة، ومجاعة ما يعرف بـ(سنة ستّة) التي وقعت عام 1888، حيث تعرض السودان عامي 1889 – 1890 إلى واحدة من أسوأ المجاعات تدميراً».

وعلى الصعيد الاجتماعي، ترصد الرواية الغزو الثقافي القادم من المدن إلى الأرياف، وكيف استقبله الناس، خاصة مع وصول فرق الموسيقى الغربية، وظهور موضة «الهيبيز»، وصولاً إلى تحرر المرأة.

رواية جديدة تتنقل بخفة ولغة ساخرة بين المعاناة والحب والسياسة والفانتازيا والأساطير، سوف تصدر قريباً عن دار «نوفل» للنشر.

يشار إلى أن أمير تاج السر روائي سوداني ولد في السودان عام 1960، يعمل طبيباً للأمراض الباطنية في قطر. كتب الشعر مبكراً، ثم اتجه إلى كتابة الرواية في أواخر الثمانينات. صدر له 24 كتاباً في الرواية والسيرة والشعر. من أعماله: «مهر الصياح»، و«توترات القبطي»، و«العطر الفرنسي» (التي صدرت كلها عام 2009)، و«زحف النمل» (2010)، و«صائد اليرقات» (2010)، التي وصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية عام 2011، تُرجمَت أعماله إلى عدّة لغات، منها الإنجليزيّة والفرنسيّة والإيطاليّة والإسبانيّة والفارسيّة والصينيّة.

نال جائزة «كتارا» للرواية في دورتها الأولى عام 2015 عن روايته «366»، ووصلتْ بعض عناوينه إلى القائمتَين الطويلة والقصيرة في جوائز أدبيّة عربيّة، مثل البوكر والشيخ زايد، وأجنبيّة مثل الجائزة العالميّة للكتاب المترجم (عام 2017 بروايته «العطر الفرنسي»، وعام 2018 بروايته «إيبولا 76»)، ووصلت روايته «منتجع الساحرات» إلى القائمة الطويلة لجائزة عام 2017.

صدر له عن دار «نوفل»: «جزء مؤلم من حكاية» (2018)، «تاكيكارديا» (2019) التي وصلتْ إلى القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب (دورة 2019 – 2020)، «سيرة الوجع» (طبعة جديدة، 2019)، «غضب وكنداكات» (2020)، «حرّاس الحزن» (2022). دخلت رواياته إلى المناهج الدراسيّة الثانويّة الإماراتيّة والبريطانيّة والمغربية.