السجال بين كلوب وكين يعكس رؤيتين لكرة القدم

ليفربول ليس سيئاً بالشكل الذي وصفه به لاعب يونايتد السابق... لكنه يلعب بأسلوب ينطوي على المخاطرة

هل يلعب ليفربول بطريقة تنطوي على المغامرة والمخاطرة؟ (رويترز)
هل يلعب ليفربول بطريقة تنطوي على المغامرة والمخاطرة؟ (رويترز)
TT

السجال بين كلوب وكين يعكس رؤيتين لكرة القدم

هل يلعب ليفربول بطريقة تنطوي على المغامرة والمخاطرة؟ (رويترز)
هل يلعب ليفربول بطريقة تنطوي على المغامرة والمخاطرة؟ (رويترز)

بعد المباراة التي فاز فيها ليفربول على آرسنال بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد في ختام المرحلة الثالثة الدوري الإنجليزي الممتاز، وقبل الهزيمة المدوية أمام أستون فيلا، دخل المدير الفني للريدز، يورغن كلوب، في سجال مع نجم مانشستر يونايتد السابق والمحلل التلفزيوني الحالي، روي كين، بعدما زعم الأخير أن ليفربول لم يكن جيدا خلال اللقاء، وهو الأمر الذي أثار غضب المدير الفني الألماني. في الحقيقة، يعكس هذا السجال رؤية كلا الرجلين للعبة كرة القدم، وكيف تطورت هذه اللعبة كثيرا خلال السنوات الأخيرة.
وفي دور الثمانية لدوري أبطال أوروبا عام 2000 سجل كين هدفاً بالخطأ في مرمى فريقه مانشستر يونايتد، ليودع النادي الإنجليزي البطولة بعد الخسارة على ملعبه أمام ريال مدريد بثلاثة أهداف مقابل هدفين، بعدما انتهت المواجهة الأولى على ملعب «سانتياغو برنابيو» بالتعادل السلبي. في ذلك الوقت، كان الاتجاه السائد هو الإشادة بقدرة هجوم ريال مدريد على شن هجمات مرتدة سريعة ومنظمة، والإشادة بالهدف الذي سجله هينينغ بيرغ بعد لعبة رائعة بالكعب من فرناندو ريدوندو، وهي لحظة عبقرية كانت تلائم تماما تلك الفترة التي كانت تتفوق فيها الأندية الأجنبية بشكل لافت على أندية الدوري الإنجليزي الممتاز.
لكن الحقيقة أن الأمر لم يكن كذلك، فرغم أن ريال مدريد كان قويا فإنه كان محظوظا أيضا، حيث كان من المفترض أن يُطرد آيتور كارانكا في الشوط الأول بسبب استخدامه ليده في إبعاد الكرة قبل دخولها المرمى. لكن حتى من دون هذه اللعبة ودون احتساب ركلة الجزاء التي كان من المفترض أن تغير نتيجة اللقاء، فقد أتيح لمانشستر يونايتد الكثير من الفرص التي كانت كافية لتحقيق الفوز. لكن هذا لم يكن كافياً، خاصة بعد الطريقة التي ودع بها مانشستر يونايتد دوري أبطال أوروبا ضد بوروسيا دورتموند عام 1997 وموناكو عام 1998 بسبب استقباله هدفين مبكرين على ملعب ملعب «أولد ترافورد».
ربما كان مانشستر يونايتد قادراً على العودة بعد التأخر في النتيجة في مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز، وربما تمكن في عام 1999 من الفوز بالمباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا على حساب بايرن ميونيخ، رغم أن النادي الإنجليزي كان يعتمد - على حد قول كين نفسه - على «تراجع» بايرن ميونيخ. لكن الأمر كان محفوفا بالمخاطر بعدما ضاعت الكثير من الفرص. ويجب أن نعرف أن الفرق تصل إلى ذروة قوتها وأدائها في فترات زمنية قصيرة جداً، وربما يقود التقدم في العمر واكتساب المزيد من الخبرات للعب بحذر شديد.
وعلى مدى العقد التالي، غير مانشستر يونايتد الطريقة التي يلعب بها، خاصة في أوروبا، من «إذا كان لدينا 20 فرصة ولديهم خمس فرص فقط، فسنفوز في معظم المباريات»، إلى «إذا كان لدينا خمس فرص ولم يكن لديهم أي فرصة، فلا يمكن أن نخسر». وقد نجحت هذه الخطة بالفعل، حيث حصل مانشستر يونايتد على لقب آخر لدوري أبطال أوروبا، ووصل إلى المباراة النهائية مرتين.
لا يعني ذلك أن هناك خطة ناجحة وأخرى خاطئة تماما، لكن يوجد مقياس متدرج لإدارة المباريات. لكن من الواضح أن كلوب يسمح بعنصر المخاطرة بشكل أكبر مما كان عليه مانشستر يونايتد في السنوات الأخيرة للمدير الفني الاسكوتلندي السير أليكس فيرغسون. ومن الواضح أن كلوب قد فكر كثيرا في هذا الأمر، حيث وصف التراجع للخلف في مواجهة مانشستر سيتي بقيادة جوسيب غوارديولا والاعتماد على الهجمات المرتدة بأنه أمر محفوف بالمخاطر ويشبه شراء تذكرة يانصيب! ويرى كلوب أنه من الأفضل أن يضغط على الفريق المنافس من منتصف ملعبه وأن يتقبل احتمال تعرضه لهزيمة ثقيلة (خسر ليفربول بنتيجة خمسة مقابل لا شيء وأربعة مقابل لا شيء أمام مانشستر سيتي)، لكنه في نفس الوقت يزيد من فرص فريقه في تحقيق الفوز.
صحيح أن الهدف الذي أحرزه ألكسندر لاكازيت جاء عكس اتجاه اللعب، من خطأ واضح للظهير الأيسر لليفربول أندي روبرتسون ومن إنهاء غريب وبه كثير من الحظ من جانب لاكازيت، لكن لاكازيت أتيحت له فرصة محققة من انفراد كامل بحارس مرمى ليفربول أليسون بيكر لكي يعادل النتيجة. وعلاوة على ذلك، لعب آرسنال مرتين أمام ليفربول واستغل نقاط الخلل في طريقة الضغط العالي التي يعتمد عليها «الريدز»، وحقق عليه الفوز على ملعب الإمارات في يوليو (تموز) الماضي، كما أجبره على التعادل في مباراة الدرع الخيرية قبل أن يفوز آرسنال بركلات الجزاء. بالإضافة إلى ذلك، اهتزت شباك ليفربول ثلاث مرات في كل من المباراتين السابقتين على ملعبه في الدوري الإنجليزي الممتاز، ناهيك عن الهزيمة المذلة أمام أستون فيلا بسبعة أهداف مقابل هدفين. قد لا يكون أداء ليفربول «سيئا»، وهي الكلمة التي اعترض عليها كلوب بشدة، لكن من الواضح أن الطريقة التي يلعب بها ليفربول تنطوي على قدر كبير من المخاطرة.
لكن هذه هي الطريقة التي تُلعب بها كرة القدم الآن، حيث تعتمد كل الفرق الكبرى على الضغط العالي على الفريق المنافس من منتصف ملعبه، وبالتالي فإن الهجمات المرتدة السريعة تشكل خطرا كبيرا. لقد فاز بايرن ميونيخ بدوري أبطال أوروبا رغم أنه يبدو دائماً يعاني من مشكلات دفاعية. إن عدم الضغط كما ينبغي على الفريق المنافس ومنح أي لاعب الفرصة لثوان معدودة للتصرف في الكرة كما يريد يعني أنه يمكنه التمرير بسهولة ويشكل خطورة كبيرة عليك. لقد تجرع مانشستر سيتي خسارة ثقيلة بخمسة أهداف مقابل هدفين أمام ليستر سيتي، لأن نامباليز ميندي ويوري تيلمانس كانا يمرران الكرة بسرعة ودقة رغم الضغط عليهما... ورغم كل الجدل المثار حول كيفية احتساب ركلات الجزاء عندما تصطدم الكرة بيد المدافع، فإن السبب الأكثر شيوعاً لاحتساب ركلات جزاء في الدوري الإنجليزي الممتاز يتمثل في تعرض المهاجمين لعرقلة واضحة من جانب المدافعين الذين يجدون أنفسهم في موقف صعب بسبب تمرير الكرة في المساحات الخالية خلفهم.
وتشير الأرقام والإحصاءات إلى أن متوسط إحراز الأهداف في الدوري الإنجليزي الممتاز يبلغ 3.67 هدف في كل مباراة في الوقت الحالي، مقابل 2.75 هدف في المباراة الواحدة على مدى العقد الماضي. قد يكون تقليص فترة الراحة والاستعداد للموسم الجديد بسبب تفشي فيروس «كورونا» قد أضر كثيرا بعملية التنظيم، لكن هناك شعورا أيضا بأن ديناميكية كرة القدم قد تغيرت، وأن جميع الأندية باتت تعتمد على الضغط على حامل الكرة من الأمام. ولا يزال كلوب سعيدا باللعب بقدر كبير من المغامرة والمخاطرة من خلال الاعتماد على الضغط العالي، بالطريقة التي كان يتجنبها فيرغسون مع مانشستر يونايتد في سنواته الأخيرة في «أولد ترافورد»، ولا يزال المدير الفني الألماني يؤمن بقدرة فريقه على التفوق على الفرق المنافسة. قد يكون كين محقا عندما أعرب عن مخاوفه من أن الطريقة المفتوحة التي يعتمد عليها ليفربول قد تكلفه الخسارة في بعض المباريات، لكن الحقيقة الواضحة للجميع تتمثل في أن هذه هي كرة القدم الحديثة وهي هذه الطريقة التي تعتمد عليه كل الأندية الكبرى الآن.


مقالات ذات صلة

رياضة عالمية إنزو ماريسكا (رويترز)

ماريسكا: سيتم التدوير بين اللاعبين في مواجهتي آستانة وبرينتفورد

يأمل إنزو ماريسكا، المدير الفني للفريق الأول لكرة القدم بنادي تشيلسي الإنجليزي، ألا يكون بحاجة لأي لاعب من اللاعبين الذين سيواجهون فريق آستانة، الخميس.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية بيب غوارديولا (أ.ف.ب)

هل تكون وجهة غوارديولا الجديدة تدريب منتخب وطني؟

أعطى بيب غوارديولا، المدير الفني لفريق مانشستر سيتي الإنجليزي لكرة القدم، إشارة واضحة عن خططه عقب انتهاء مهمته مع الفريق مشيرا إلى أنه لا يرغب في البدء من جديد.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية غوارديولا (د.ب.أ)

غوارديولا: لن أدرب فريقاً أخر بعد مانشستر سيتي

أعلن الإسباني بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي حامل لقب الدوري الإنجليزي لكرة القدم، أنه لن يدرب فريقا آخر بعد انتهاء عقده الحالي.

«الشرق الأوسط» (مانشستر )
رياضة عالمية كريستيان روميرو (رويترز)

روميرو ينتقد سياسة توتنهام في بيع لاعبي الفريق

انتقد كريستيان روميرو مدافع فريق توتنهام إدارة ناديه بسبب بيع أفضل اللاعبين وعدم استثمار هذه العائدات بشكل صحيح.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«البريميرليغ»: بعشرة لاعبين... سيتي يتعادل من جديد

مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)
مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)
TT

«البريميرليغ»: بعشرة لاعبين... سيتي يتعادل من جديد

مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)
مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)

سجَّل ريكو لويس لاعب مانشستر سيتي هدفاً في الشوط الثاني، قبل أن يحصل على بطاقة حمراء في الدقائق الأخيرة ليخرج سيتي بنقطة التعادل 2 - 2 أمام مستضيفه كريستال بالاس في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم، السبت.

كما سجَّل إرلينغ هالاند هدفاً لسيتي بقيادة المدرب بيب غوارديولا، الذي ظلَّ في المركز الرابع مؤقتاً في جدول الدوري برصيد 27 نقطة بعد 15 مباراة، بينما يحتل بالاس المركز الـ15.

وضع دانييل مونوز بالاس في المقدمة مبكراً في الدقيقة الرابعة، حين تلقى تمريرة من ويل هيوز ليضع الكرة في الزاوية البعيدة في مرمى شتيفان أورتيغا.

وأدرك سيتي التعادل في الدقيقة 30 بضربة رأس رائعة من هالاند.

وأعاد ماكسينس لاكروا بالاس للمقدمة على عكس سير اللعب في الدقيقة 56، عندما أفلت من الرقابة ليسجِّل برأسه في الشباك من ركلة ركنية نفَّذها ويل هيوز.

لكن سيتي تعادل مرة أخرى في الدقيقة 68 عندما مرَّر برناردو سيلفا كرة بينية جميلة إلى لويس الذي سدَّدها في الشباك.

ولعب سيتي بعشرة لاعبين منذ الدقيقة 84 بعد أن حصل لويس على الإنذار الثاني؛ بسبب تدخل عنيف على تريفوه تشالوبا، وتم طرده.