نظرية المؤامرة تزدهر... لافتات حرف «كيو» تثير الجدل في ألمانيا وأميركا

أنصار الرئيس الأميركي يرفعون لافتة «Q» وهم يقودون مسيرة خارج مركز «والتر ريد» الطبي في بيثيسدا بولاية ماريلاند (أ.ف.ب)
أنصار الرئيس الأميركي يرفعون لافتة «Q» وهم يقودون مسيرة خارج مركز «والتر ريد» الطبي في بيثيسدا بولاية ماريلاند (أ.ف.ب)
TT

نظرية المؤامرة تزدهر... لافتات حرف «كيو» تثير الجدل في ألمانيا وأميركا

أنصار الرئيس الأميركي يرفعون لافتة «Q» وهم يقودون مسيرة خارج مركز «والتر ريد» الطبي في بيثيسدا بولاية ماريلاند (أ.ف.ب)
أنصار الرئيس الأميركي يرفعون لافتة «Q» وهم يقودون مسيرة خارج مركز «والتر ريد» الطبي في بيثيسدا بولاية ماريلاند (أ.ف.ب)

للوهلة الأولى؛ يبدو الأمر لا غبار عليه: أعلام ملونة تحمل حرف «كيو (Q)» ظهرت بأعداد كبيرة في المظاهرات ضد إجراءات احتواء جائحة «كورونا» في الأسابيع الأخيرة، كانت أخراها في عطلة نهاية الأسبوع بمدينة كونستانس الألمانية، عندما انضم آلاف الأشخاص إلى سلسلة بشرية حول بحيرة كونستانس وكثير من المظاهرات المناهضة لسياسة مكافحة «كورونا».
«كيو (Q)» هو الحرف الأول من حركة ألمانية تُدعى «Querdeneken»، والتي تعني بالعربية «التفكير الجانبي». لكن هذا ليس المعنى الوحيد الذي يعبر عنه حرف «Q»، فهو أيضاً الحرف المعبر عن صاحب قصة المؤامرة الشاملة «QAnons (كيو أنون)»، التي بدأت في الولايات المتحدة.
كان الخبير ماتياس بولمان يراقب الاحتجاجات في ألمانيا منذ بدايتها، ووجد حتى في بعضها. يتولد لدى بولمان انطباع بأن البعض حريص على إقامة صلة بين حركتي «كيو أنون» و«التفكير الجانبي»، حيث يقول: «توزع هذه الأعلام في المظاهرات، وكثير منهم لا يعرفون حتى ما وراءها». ويرى بولمان، الذي يشغل أيضاً منصب ممثل الطائفة الكنسية الإنجيلية - اللوترية في ولاية بافاريا الألمانية، أنه من الضروري إلقاء نظرة على هذا التطور، حيث إن حركة «كيو أنون» تدور حول قناعات معادية للديمقراطية ومعادية للسامية جزئياً، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية.
وتعدّ نظرية المؤامرة المرتبطة بحرف «Q (كيو)» جديدة نسبياً، حيث بدأ انتشارها عام 2017 من منصة على الإنترنت يمكن النشر عليها بشكل مجهول ومن دون قيود تقريباً. وكان يسري الأمر على النحو التالي: (كيو) هو موظف مزعوم أو مجموعة من أفراد عاملين في الحكومة تكشف بانتظام عن معلومات سرية حول مجرمين من الأوساط السياسية والمالية والأعمال الاستعراضية الفنية.
وتدور نظرية المؤامرة هذه في الأساس حول وجود عصبة أو رابطة سرية وراء كل ما يحدث في العالم - وهي ما يطلق عليها أنصار هذه النظرية اسم «الدولة العميقة» التي تسعى إلى فرض «نظام عالمي جديد» - نوع من حكومة عالمية تهدف إلى إخضاع البشرية.
ويرى أتباع «كيو أنون» أنفسهم نخبة، حيث ينتمي إليهم فقط من يتمكن من فك شفراتهم، وأشهرها «WWG1WGA»، وهو شعار العمل الجماعي «Where We Go One، We Go All»، والتي تعني ضمناً «واحد من أجل الجميع، الكل من أجل الواحد». يقول بولمان: «يمثل هذا النوع من التخمين وفك الشفرات عامل جذب رائعاً لكثيرين، حيث تجد نفسك مشاركاً في حبك قصة المؤامرة الكبيرة، وتعد نفسك من بين المتيقظين».
وعلى ذكر التيقظ، يوضح بولمان أن «كيو أنون» تمثل بالنسبة لكثيرين دوراً بديلاً للدين، فعادة ما يتم خلالها التفكير في الأمور بمنظور «الأبيض والأسود» النمطي، والاعتقاد في فَناء الأرض. يقول بولمان: «أفضل الإشارة إلى (كيو أنون) على أنها عقيدة مؤامرة ذات صبغة طائفية».
وتعتقد «كيو أنون» أن مخلصها هو الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي سينقذ العالم، وتنشر الحركة بصفة مستمرة أساطير عن عمليات تحرير مزعومة كلف بها المكتب البيضاوي (المكتب الرسمي للرئيس الأميركي). من ناحية أخرى، لا يبدو أن لدى ترمب مشكلة في أن تتبناه الحركة. ففي أغسطس (آب) الماضي، على سبيل المثال، فوت ترمب الفرصة للنأي بنفسه عن مؤيدي نظريات المؤامرة، وقال: «سمعت أنهم أُناس يحبون بلادنا».
وتتوافق أكاذيب «كيو أنون» مع أعداء الديمقراطية والمتطرفين اليمينيين ومعاداة السامية. وفي ألمانيا؛ لاقت الحركة أيضاً تأييداً من أنصار حركة «مواطني الرايخ» اليمينية المتطرفة والأصوليين المسيحيين ومحبي الروحانيات.
ويرى بولمان أنه تتعين مراقبة الوضع من كثب لمعرفة ما إذا كانت الكراهية الكامنة لهؤلاء الأفراد قد تؤدي إلى اندلاع أعمال عنف.
وتدعم الدراسات العلمية هذا المخاوف، حيث يرتبط الإيمان بروايات المؤامرة بزيادة احتمال تأييد العنف أو حتى أن يصبح الفرد نفسه عنيفاً. تلخص كاترينا نوكون وبيا لامبرتي في كتابهما المنشور مؤخراً «حقائق مزيفة» قائلتين: «يمكن لروايات المؤامرة إضفاء الشرعية على العنف ضد الآخرين، وفي الوقت نفسه حماية أنصارها من النقد». هذا يعني أن الأعلام الملونة والقصص المبتذلة ينبغي ألا تخفي حقيقة أنه غالباً ما توجد خلفها ميول مؤذية مناهضة للديمقراطية.



إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.