مصالحة محلية تفضي إلى إجلاء31 عائلة من بلدات الغوطة الشرقية

النظام يؤكد استسلام مسلحين والجبهة الإسلامية تنفي

مصالحة محلية تفضي إلى إجلاء31 عائلة من بلدات الغوطة الشرقية
TT

مصالحة محلية تفضي إلى إجلاء31 عائلة من بلدات الغوطة الشرقية

مصالحة محلية تفضي إلى إجلاء31 عائلة من بلدات الغوطة الشرقية

في الوقت الذي كانت فيه وسائل الإعلام الرسمية التابعة للنظام السوري تؤكد عملية إجلاء عشرات العائلات المحاصرة من عدة بلدات في الغوطة الشرقية، وبينهم مسلحون استسلموا لقوات النظام، كان الطيران الحربي لقواته يحلق بكثافة غير مسبوقة في أجواء العاصمة دمشق مستهدفا بغاراته مناطق كثيرة في الغوطة الشرقية. وفي تصريح لمجاهدي الغوطة تم نفي ما أوردته وسائل إعلام النظام عن استسلام مسلحين من مقاتلي المعارضة وتسليم سلاحهم لقوات النظام. وقال بيان نشره النقيب إسلام علوش من الجبهة الإسلامية على صفحته الرسمية بموقع «تويتر»: «بعد فشل النظام في تحقيق تقدم عسكري في اختراق جبهات الغوطة الشرقية محاولة منه لتأليب الحاضنة الشعبية ضد الفصائل، ممثلة بالقيادات العسكرية، من خلال تشديد الحصار وقطع المواد الغذائية عن السكان المدنيين المحاصرين، وكذلك الدواء، يحاول النظام اليوم أن يحقق نصرا إعلاميا كاذبا بترويجه لاستسلام عدد من عناصر جيش الإسلام، وإذ أصبحت ألاعيب النظام وأكاذيبه معلومة للقاصي والداني نؤكد أن هذا الكلام عار عن الصحة جملة وتفصيلا، بل هو أسلوب مكشوف يمارسه النظام بعد كل خسارة يمنى بها».
ونصح البيان أهل الغوطة بعدم الانشغال بما وصفه بـ«الترهات ومروجيها»، لأنها تهدف «لتشكيك الحاضنة الشعبية بإخوتهم من الثوار».
ومع أن البيان كذب استسلام مسلحين من جيش الإسلام لقوات النظام، إلا أنه لم ينف عملية إجلاء مدنيين من الغوطة الشرقية ضمن عملية مصالحة، ولم يرد على ذكر أي تفاصيل حولها، فيما نقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) عن مدير الفريق الوطني خالد مرعشلي تأكيده وصول (31 أسرة من مدينة دوما في الغوطة الشرقية إلى مركز الإقامة المؤقتة في ضاحية قدسيا خلال يومي الاثنين والثلاثاء عن طريق مخيم الوافدين، بمساعدة قوات النظام ضمن «مبادرة المصالحة الوطنية بالتعاون مع لجان شعبية من داخل مدينة دوما». وقال مرعشلي: «إن الأسر تتكون من أطفال ونساء وكبار السن وبينهم كثير من المسلحين الذين سلموا أنفسهم للجهات المختصة ليصار إلى تسوية أوضاعهم بموجب القوانين والأنظمة النافذة».
وأوضح مرعشلي أن الأسر تصل في «وضع سيئ على المستويين النفسي والصحي وفي حالة من الذعر نتيجة إيهامهم من قبل التنظيمات الإرهابية التكفيرية بأن خروجهم سيعرضهم للخطر»، لافتا إلى أنه تم «تأمين ما يلزمهم من خدمات أساسية من طعام وطبابة وإعادة تأهيل»، وذلك بالتعاون بين الحكومة ومنظمة الهلال الأحمر العربي السوري وجمعية ضاحية قدسيا الخيرية الاجتماعية. وأضاف مرعشلي بحسب وكالة (سانا) أن المركز استقبل خلال الشهرين الماضيين 300 أسرة من قرى حوش نصري وحوش الضواهرة وحوش الفارة والريحان والنشابية والمليحة وزبدين وعربين وسقبا وكفر بطنا ودوما، منهم 185 أسرة تقيم حاليا بالمركز عدا الأسر التي وصلت يوم أمس.
من جانبه قال الشيخ جمال بركات عضو لجنة العشائر السورية للمصالحة الوطنية، أن 40 شخصا أخرجوا من بلدة زبدين في الطرف الجنوبي من الغوطة، من كبار السن والأطفال والنساء، وهم في أوضاع إنسانية صعبة.
وذكرت «سانا» أن «وحدات من الجيش والقوات المسلحة قامت بتأمين خروج عشرات العائلات من مدينة دوما وبلدة زبدين بالغوطة الشرقية»، التي تعتبر معقلا لمقاتلي المعارضة في ريف دمشق، وهي محاصرة من قوات النظام منذ أكثر من عام. وجاء في تقرير «سانا» أن الجيش سبق أن أمن في التاسع من الشهر الحالي خروج 76 عائلة من دوما ضمت 322 شخصا «بينهم 20 مسلحا سلموا أنفسهم مع أسلحتهم إلى الجهات المختصة».
وأكد ناشط من دوما عرف عن نفسه باسم سعيد البطل لوكالة الصحافة الفرنسية في بيروت عبر الإنترنت، عمليات الإجلاء، إلا أنه حذر من «أن الكثير من المحاصرين يخشون تجنيدهم في صفوف الميليشيات الموالية للنظام أو تعرضهم لمكائد».
وأشار الناشط إلى أن «قسما من الأشخاص الذين تم إجلاؤهم منذ نحو شهر ونصف الشهر لا يزال موقوفا حتى الآن»، مضيفا: «تسري شائعات مفادها أن الخارجين (الذكور) سيتم تجنيدهم».
وتعاني دوما وغيرها من مدن وبلدات الغوطة الشرقية المحاصرة من القوات النظامية منذ أكثر من سنة من نقص شديد في المواد الغذائية والأساسية والطبية. وتوفي العشرات في هذه المنطقة خلال الأشهر الأخيرة جوعا أو بسبب عدم توفر الأدوية اللازمة.
‏وقتل نحو 170 شخصا في الغوطة الشرقية في هجوم جوي هو الأعنف لقوات النظام خلال الأيام الأخيرة من العام الحالي، بينهم 23 طفلا من مدينة دوما وحدها. وسجل ناشطون في ريف دمشق تنفيذ الطيران الحربي في قوات النظام أكثر من مائة غارة على بلدات الغوطة الشرقية، ودوما وسقبا وحمورية وعين ترما وعربين وغيرها، وفي يوم 27 ديسمبر (كانون الأول) نفذ أكثر من 42 غارة على عدة بلدات، في تصعيد كان الأعنف بالتوازي مع نشاط الدبلوماسية الروسية لعقد مؤتمر حوار للخروج بحل للمسألة السورية.
وشهد يوم أمس الثلاثاء تحليقا مكثفا للطيران الحربي في أجواء العاصمة دمشق، وبحسب ناشطين تم تنفيذ أكثر من 10 غارات 8 منها كانت من نصيب منطقة جوبر شرق العاصمة، حيث تدور معارك عنيفة، واثنتان طالتا بلدة حمورية موقعة مزيدا من القتلى والجرحى.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».