الشرعية تحذّر من مخطط حوثي لفرز المعلمين حزبياً ومذهبياً

TT

الشرعية تحذّر من مخطط حوثي لفرز المعلمين حزبياً ومذهبياً

صعدت الجماعة الحوثية في اليمن من انتهاكاتها ضد قطاع التربية والتعليم بعد أن قررت أخيراً الشروع في مخطط لفرز المعلمين في مناطق سيطرتها على أسس حزبية ومذهبية، الأمر الذي دعا الحكومة الشرعية إلى التحذير من المخطط والتذكير بجرائم الجماعة المتعلقة بتجريف التعليم في البلاد.
وفي حين لم تمر سوى أسابيع قليلة على تنفيذ الجماعة جملة من التعسفات بحق قطاع التعليم والمعلمين والطلبة على حد سواء، أفاد تربويون في صنعاء بأنها شرعت في استهداف ما تبقى من هذا القطاع من خلال انتهاج سياسة التطييف والفرز السياسي بحق المعلمين بعموم مدارس صنعاء، بالتزامن مع حملات تضييق بحق منتسبي القطاع التربوي الذين لا يزالون يزاولون مهنتهم رغم توقف رواتبهم منذ أربع سنوات. وفي هذا السياق، أطلق وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال معمر الإرياني تحذيرات من «النتائج الكارثية» لممارسات ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران في القطاع التعليمي مع إعلانها تدشين العام الدراسي الجديد. وقال إن «هذه الممارسات تستهدف تجهيل المجتمع واستلاب إرادته وإدارته لصالح تكريس الأجندة الإيرانية التخريبية وسياسات نشر الفوضى والعنف في اليمن والمنطقة، وبث أفكارها الإرهابية المتطرفة التي سيدفع ثمنها اليمن والمنطقة والعالم أجمع لأجيال قادمة».
وأوضح الوزير اليمني أن الجماعة الحوثية «استقبلت العام الدراسي الجديد بمناهج محرّفة للصفوف الدراسية الأولى بهدف غسل عقول الأطفال وتزوير التاريخ، وتوزيع استمارات فرز سياسي ومذهبي للكادر التعليمي، وخصخصة التعليم الحكومي عبر فرض رسوم باهظة توازي المدارس الخاصة من دون مراعاة الأوضاع الاقتصادية».
واعتبر الإرياني أن «ما تقوم به الجماعة من استهداف وفرز للمدرسين، وغسل لأدمغة الأطفال، وتلاعب بالمناهج، وإلغاء مجانية التعليم وتحويله إلى بوابة للفساد والاستثمار وتمويل مجهودها الحربي، هو بمثابة عمليات تجريف منظم للقطاع التعليمي تستهدف دفع الطلبة خارج مقاعد الدراسة وإفراغ العملية التعليمية من مضمونها».
وكان ناشطون وتربويون تداولوا صورة لوثيقة منسوبة للحوثيين، تضمنت مطالبة مدارس العاصمة الحكومية والخاصة بإعداد بيانات سياسية ودينية عن المدرسين الذين يعملون فيها. وأبدى مديرو مدارس ووكلاء ومدرسون في صنعاء استغرابهم الشديد مما تضمنته تلك الاستمارة الحوثية وقالوا إن الوثيقة ومرفقاتها من كشوف وغيرها ليست لها أهمية على الواقع العملي كون البيانات المهنية، سواء المتصلة بالمدارس أو الكوادر التربوية من إداريين ومدرسين وخدمات مساعدة وغيرهم، موجودة لدى الوزارة ويتم تحديثها بصورة مستمرة.
وأشار عدد من التربويين الذين تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» إلى أن الهدف الحقيقي من تلك الخطوة هو بيانات الانتماء السياسي والديني، لوضع المعلمين، وخصوصاً من يدرسون المواد الدينية والتاريخية، تحت طاولة الاستقطاب القسري أو التصفية الوظيفية باستبدالهم بواسطة آخرين موالين للجماعة سلالياً ومذهبياً.
ولفت تربوي إلى أن «المقصود بالانتماء الديني هو الانتماء الطائفي»، معتبراً أن «الإجراءات الحوثية فيما يخص التربية والتعليم تصب في سياسة الجماعة الرامية إلى تطييف المجتمع بما يخدم أهدافها الانقلابية والسيطرة على مفاصل التعليم، ليسهل لها نشر أفكارها الطائفية، والعمل على تقسيم المجتمع وإضعافه».
وفي سياق متصل، كشف يحيى اليناعي، المسؤول الإعلامي لنقابة المعلمين اليمنيين، عن إحصائية شاملة لانتهاكات الجماعة في قطاع التعليم خلال السنوات الست الماضية. وذكرت الإحصائية الصادرة عن النقابة أن «1579 تربوياً تعرضوا للقتل على يد مسلحي الحوثي خلال الفترة من 21 سبتمبر (أيلول) 2014 حتى 1 أكتوبر (تشرين الأول) 2020». ولفتت إلى أن 81 من القتلى التربويين هم من مديري المدارس والإداريين، فيما البقية البالغ عددهم 1499 قتيلاً من فئة المعلمين.
وكشف التقرير عن أن النقابة وثقت نحو 14 حالة وفاة لتربويين ماتوا تحت التعذيب في أقبية السجون الحوثية بمحافظات: صنعاء والحديدة وحجة وصعدة. وأضاف أن 2642 تربوياً تعرضوا لإصابات مختلفة بنيران ميليشيات الحوثي، نتج عن بعضها إعاقات مستدامة، مشيراً إلى أن عدد الجرحى من الإداريين التربويين بلغ 127 حالة، فيما بلغ عدد المعلمين المصابين 2515 معلماً.
ووثقت نقابة المعلمين اليمنيين، بحسب التقرير، 621 حالة لتربويين قامت ميليشيا الحوثي باعتقالهم وإخفاء 36 منهم قسرياً، وجاءت محافظة الحديدة في المرتبة الأولى من حيث عدد التربويين المحتجزين بواقع 126 معتقلاً، تليها ذمار بعدد 113 ثم صنعاء بـ98. وأفادت بأن أكثر من 20 ألف تربوي تركوا منازلهم ومدارسهم في مناطق سيطرة الحوثيين ونزحوا منها إلى المناطق المحررة وإلى خارج اليمن.
ووجه المسؤول الإعلامي للنقابة نداء لتوفير حماية قانونية دولية أقوى للتربويين اليمنيين الذين «يتعرضون منذ 6 سنوات للقتل والتعذيب والاختطاف والتهجير على أيدي ميليشيا الحوثي». وأكد أنه «لا يمكن تحقيق حماية كاملة للتربويين وإعادة بناء التعليم في اليمن إلا من خلال نظام دعم إقليمي وعالمي». ودعا المجتمع الدولي إلى «التحدث علناً عن الهجمات الحوثية على التربويين وتكثيف جهوده لخلق مساحات آمنة للتعلم في اليمن، والعمل على أن يظل التعليم ذا طابع مدني ووطني مع منهج دراسي يبني السلام والاستقرار للأجيال المقبلة في اليمن».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.