قانون الإثراء غير المشروع يستثني الرؤساء والنواب

عدوان لـ «الشرق الأوسط» : ملاحقتهم تحتاج إلى تعديل دستوري

TT

قانون الإثراء غير المشروع يستثني الرؤساء والنواب

عكس إقرار البرلمان اللبناني لقانون «الإثراء غير المشروع» في الأسبوع الماضي، التباينات بين النواب حول المسؤولين الذين تشملهم مفاعيل هذا القانون، ففي حين أجمع النواب على أنّ القانون يسهّل محاسبة الموظفين ولا سيما المديرين العامين وموظفي الفئة الأولى، لم يحسموا إن كان يسمح بملاحقة النواب والوزراء ورئيس الجمهورية، وتُرك الأمر فضفاضاً من الناحية القانونية، بحيث تُعقّد الصيغة الحالية مهمة ملاحقة الرؤساء والوزراء والنواب.
وأكد رئيس لجنة الإدارة والعدل النيابية النائب جورج عدوان، أنّ قانون الإثراء غير المشروع الذي أُقرّ «لا يسمح حتماً بمحاسبة رئيس الجمهورية الذي يتمتع بحصانة وفق المادة 60 من الدستور»، أمّا فيما خصّ الوزراء ورئيس الوزراء فالأمر وحسب الصيغة التي أُقرّ بها القانون «يحمل التأويل ولا سيما في ظلّ وجود المادة 70 من الدستور والتي تنصّ على أنّ محاسبة هؤلاء تتطلّب قرار اتهام بغالبية الثلثين من مجموع أعضاء المجلس النيابي وذلك عن ارتكابهم الخيانة العظمى أو بإخلالهم بالواجبات المترتبة عليهم».
واعتبر عدوان، وهو عضو تكتّل «الجمهورية القوية» (تضمّ نواب القوّات)، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنّه ولحسم الموضوع ومنع اللغط «يجب إمّا الذهاب إلى تعديل دستوري وهذا ليس سهلاً، وإما تعديل القانون المتعلّق بأصول المحاكمات أمام المجلس الأعلى للرؤساء والوزراء»، موضحاً أنّه «ومع إقرار القانون بات بالإمكان محاسبة أي موظف حتى ولو كان مديراً عاماً».
بدوره أكّد عضو كتلة «المستقبل» (تضم نواب «المستقبل» برئاسة سعد الحريري) النائب هادي حبيش، أنّ قانون الإثراء غير المشروع لم يشمل «رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء والنواب»، معتبراً في حديث مع «الشرق الأوسط» أنّ القانون الذي أُقر «لا يخدم الفكرة الأساسية التي من المفترض أنه أُقرّ من أجلها، أي محاسبة السلطة السياسية».
وفي حين استغرب حبيش إظهار القانون كانتصار في إطار محاسبة الفاسدين لفت إلى أن محاسبة السلطة السياسية «أمر غير ممكن إلا من خلال تعديل دستوري»، وتحديداً للمادة 60 التي تتحدث عن حصانة رئيس الجمهورية والمادة 40 التي تتحدث عن حصانة النواب والمادة 70 التي تحدد آلية محاسبة رئيس الوزراء والوزراء.
وكان عضو تكتّل «لبنان القوي» (يضمّ نواب التيار الوطني الحر برئاسة جبران باسيل) النائب إبراهيم كنعان، قد أكّد أنّ هذا القانون يسمح بملاحقة أي منصب من السلطات الدستورية أو منصب تشريعي أو تنفيذي أو قضائي أو عسكري أو إداري أو أمني.

القانون يسمح بمحاسبة الوزراء ولكن...!
أستاذة القانون في جامعة القديس يوسف في بيروت ميريام مهنا، رأت أنّ القانون الجديد يُتيح محاسبة الوزراء ورؤساء الوزراء فهو «أوضح إطار الحصانة الوزارية» التي نصّ عليها الدستور من خلال تحديده في المادة 70 آلية محاسبة رئيس الوزراء والوزراء بارتكابهم الخيانة العظمى أو بإخلالهم بالواجبات المترتبة عليهم عبر قرار اتهام يصدر بغالبية الثلثين من مجموع أعضاء المجلس، مشيرة في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أنّه وعلى الرغم من وضع محكمة التمييز في عام 2000 «تعريفاً حصرياً لما هو مقصود بمفهوم (الإخلال بالواجبات) المذكور في الدستور والتي ليس من ضمنها (الإثراء غير المشروع)، كان يتمّ استغلال هذه المادة في السابق في معرض أي ملاحقة للوزراء أو رئيس الوزراء بجرم الإثراء غير المشروع عبر القول إنهم يستفيدون من الحصانة الدستورية».
وتوضح مهنا، وهي باحثة قانونية في «المفكرة القانونية»، أنّ قانون الإثراء غير المشروع الذي أقرّه المجلس الأسبوع الماضي قال بوضوح في الفقرة «أ» من المادة 11 إنّ جرم الإثراء غير المشروع «خارج عن مفهوم الإخلال بالواجبات وخاضع لاختصاص القضاء العدلي، ما يعني أنّه بات يمكن لأي مواطن لديه معلومات تتعلّق بقضية فساد ضدّ رئيس الوزراء أو وزير أن يتقدّم بشكوى أو إخبار أمام القضاء من دون إمكانية ردّها بحجّة المادة 70 من الدستور.
وترى مهنّا أنّ قانون الإثراء غير المشروع الجديد ألغى الشروط «شبه التعجيزية التي كانت تفرض على من يرغب في تقديم شكوى مباشرة» سداد كفالة عالية قدرها 25 مليون ليرة لبنانية ودفع غرامة لا تقل عن 200 مليون ليرة في حال رد الدعوى، فالقانون الجديد «ألغى العقوبة المفروضة في حال خسارة الدعوى وخفّض الكفالة المصرفية لتصبح بقيمة 3 ملايين».
وإذا كان القانون الجديد أوضح أنّه لا حصانة لأي وزير أو رئيس وزراء في حال تعلّق الموضوع بالإثراء غير المشروع فإنّ الأمر ليس كذلك بالنسبة للنائب، فهو يتمتع حسب الدستور بحصانة مطلقة طوال دور انعقاد المجلس، إذ تنصّ المادة 40 من الدستور على أنه لا يجوز في أثناء دور انعقاد المجلس النيابي «اتخاذ إجراءات جزائية في حق أي عضو من أعضاء المجلس، أو إلقاء القبض عليه إذا اقترف جرماً جزائياً، إلا بإذن المجلس ما خلا حالة التلبّس بالجريمة، أي الجرم المشهود»، وهذا لا يمكن تغييره بقانون، بل يحتاج إلى تعديل دستوري، حسبما تؤكد مهنا.
وكذلك الحال بالنسبة إلى رئيس الجمهورية إذ تنصّ المادة 60 من الدستور على أنّه لا تبعة على رئيس الجمهورية حال قيامه بوظيفته إلا عند خرقه الدستور وفي حالة الخيانة العظمى.
أما التبعة فيما يختص بالجرائم العمومية فهي خاضعة للقوانين العامة ولا يمكن اتهامه بسبب هذه الجرائم ولعلَّتَي خرق الدستور والخيانة العظمى «إلا من قِبل مجلس النواب بموجب قرار يُصدره بغالبية ثلثي مجموع أعضائه، ولا تجوز محاكمته إلا أمام المجلس الأعلى المنصوص عليه في المادة الثمانين ويُعهد بوظيفة النيابة العامة لدى المجلس الأعلى إلى قاضيين تعيّنهما محكمة التمييز بهيئتها العمومية كل سنة».
ورغم إيجابيات القانون خصوصاً فيما يتعلّق بملاحقة الوزراء، أشارت مهنا إلى بعض الثغرات ومنها على سبيل المثال أنّه لم يلغِ سرّية التصاريح عن الذمة المالية؛ فهي تُعلَن فقط للجهات المعنية وليس للمواطن أو الصحافي، بالإضافة إلى عدم إقرار قانون استقلال القضاء حتى يتمّ ضمان الاستفادة بشكل أفضل من قانون الإثراء غير المشروع، إذ ترى مهنا أن تطبيق هذا «القانون سيبقى حتماً منقوصاً ما لم يترافق مع إصلاح للمؤسسات القضائية في اتجاه ضمان استقلالها وتحريرها من التبعية».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.