احتجاز مسؤول في «الوفاق» عقاباً على خفض رواتب النيابة العسكرية

TT

احتجاز مسؤول في «الوفاق» عقاباً على خفض رواتب النيابة العسكرية

صعدّت النيابة العسكرية في العاصمة الليبية طرابلس، أمس، من رفضها للقرار السابق الذي اتخذه فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق» الليبي، بتطبيق قرار تخفيض الرواتب عليها، وأمرت باحتجاز أمين بوعبد الله، رئيس اللجنة الدائمة لترشيد المرتبات بوزارة المالية، ومعاقبته بحلق شعر رأسه.
وبعد ساعات من اختفاء بوعبد الله، كشف فرج بومطاري، وزير المالية بحكومة «الوفاق»، مساء أول من أمس، أن بوعبد الله تم توقيفه بأمر من وكيل النيابة بمكتب المدعي العسكري، وذلك على خلفية تخفيف الرواتب، في تصرف وصفه بـ«الاستفزازي» لمؤسسات الحكومة، ويستوجب «المساءلة القانونية».
وقال بومطاري إن وزارة المالية تستنكر واقعة احتجاز أحد مسؤوليها لعدم وجود أي ارتباط، أو علاقة وظيفية بين اللجنة التي يترأسها، ومكتب المدعي العسكري العام، مشيراً إلى أن رئيس اللجنة «موظف عام لا يحمل أي رتبة عسكرية، والواقعة التي يتم التحقيق معه فيها ليست جريمة من الجرائم التي ينطبق عليها القانون العسكري، ومن ثم فالقانون قد رسم وحدد آليات التحقيق مع الموظف العمومي». واستهجنت «المالية» طريقة تعامل عناصر جهاز (قوة الردع الخاصة)، التي اعتقلت بوعبد الله، «بعدما أقدمت على حلق شعر رأسه، مما كان له وقع نفسي سيئ جداً عليه، خاصة أنه لم يستلم مهام عمله برئاسة اللجنة إلا قبل بضعة أيام، وهذا أيضاً أثّر على زملائه كافة باللجنة والوزارة بمجرد علمهم بهذه الحادثة».\ وللعلم، فقد سبق للنيابة العسكرية في طرابلس أن اعتقلت في أبريل (نيسان) الماضي حسن الدعيسي، الرئيس السابق للجنة الدائمة لترشيد مرتبات الجهات العامة بوزارة المالية، وعرضته لممارسات خارج إطار القانون، على خلفية مطالبتها بمساواتها بأعضاء الهيئات القضائية.
وسبق لوزارة المالية القول على خلفية اعتقال الدعيسي إن «بعض أعضاء النيابة بمكتب المدعي العام العسكري تقدموا بطلبات إلى وزارة المالية، بهدف معاملتهم ماديا بنفس معاملة أعضاء الهيئات القضائية»، مبرزة أنها «عرضت الموضوع على اللجنة المالية الدائمة بالوزارة، التي انتهت إلى الاستجابة لمطالبهم، وفقاً للرأي القانوني الذي تضمنته فتوى إدارة القانون بالمجلس الأعلى للقضاء، على أن يتم إدراج مرتباتهم بالترتيبات المالية للعام المالي الحالي».
وقالت الوزارة في بيانها، أمس، إن الموضوع محل التحقيق «إجراء إداري يتعلق بمرتبات مكتب المدعي العام العسكري، وهذه المواضيع يتم التعاطي معها وفقاً للتسلسل الإداري المعمول به في هذا الشأن، وسبب التأخير في إتمام الإجراء ناجم عن تأخر وزارة الدفاع في مد اللجنة بالمستندات المؤيدة»، لافتة إلى أن «سير العمل الإداري يقع تحت طائلة ومتابعة الأجهزة الرقابية المختصة، وهذه التصرفات تعد مستفزة لمؤسسات الحكومة، وتجهض الجهود الساعية لبناء الدولة المدنية دولة المؤسسات والقانون».
وفيما طالبت «الجهات القضائية المعنية بالأمر بفتح تحقيق في هذه الواقعة»، أكدت على «تمسكها باللجوء إلى الطرق القانونية، التي تحفظ حق موظفيها وحمايتهم»، وشددت في الوقت ذاته على «احترام مؤسسة القضاء المدني والعسكري إعلاء للعدالة ودولة القانون».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».