إيران تسجل رقماً قياسياً جديداً في الإصابات اليومية بـ{كوفيد ـ 19»

إيرانيون يرتدون كمامات يقطعون شارع «انقلاب» وسط طهران أول من أمس (إ.ب.أ)
إيرانيون يرتدون كمامات يقطعون شارع «انقلاب» وسط طهران أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

إيران تسجل رقماً قياسياً جديداً في الإصابات اليومية بـ{كوفيد ـ 19»

إيرانيون يرتدون كمامات يقطعون شارع «انقلاب» وسط طهران أول من أمس (إ.ب.أ)
إيرانيون يرتدون كمامات يقطعون شارع «انقلاب» وسط طهران أول من أمس (إ.ب.أ)

سجلت إيران رقماً قياسياً جديداً للإصابات اليومية باقترابها من 4 آلاف حالة أمس، وأعرب مسؤولون صحيون عن قلقهم من قفزة في عدد الحالات الحرجة، خصوصاً في العاصمة طهران، التي تبدأ فرض الكمامات في الشوارع مطلع الأسبوع المقبل.
ونقلت وكالة «إيسنا» الحكومية عن بيام طبرسي، رئيس قسم الأمراض الخاصة في مستشفى «مسيح دانشوري» بطهران، أمس، أن الجائحة «دخلت مراحل جديدة إلى حد أن نشاهد أعراضاً أكثر حدة من سابقاتها بين المصابين الجدد بفيروس (كورونا)»، مضيفاً أن «جميع وحدات العناية المركزة ممتلئة بالمرضى»، وقال أيضاً: «يزداد كل يوم عدد الحالات السيئة. لقد اقترب تفشي الفيروس من الخروج عن السيطرة».
وقال دانشوري إن الأوضاع الحالية لتفشي الفيروس «متأزمة»، لافتاً إلى أن الوضع الحالي كان متوقعاً «عقب خفض البروتوكولات الصحية والسلوك الخطير». وعدّ فرض مزيد من القيود لتحجيم فيروس «كورونا» أمراً «لا مناص منه».
بدوره، أفاد حاكم طهران، أنوشيروان محسني بندبي، في تصريحات للصحافيين بأن استخدام الكمامات سيكون إلزامياً بدءاً من السبت المقبل، مشيراً إلى رقابة في هذا الصدد، وأعاد الخطوة إلى زيادة في عدد الإصابات وحالات الدخول إلى المستشفيات، مشيراً إلى 4800 مريض يتلقون العلاج في مستشفيات طهران، حسب وكالة «إرنا» الرسمية.
وأعلنت المتحدثة باسم وزارة الصحة الإيرانية، سيما سادات لاري، عن تسجيل 3902 إصابة جديدة خلال 24 ساعة، ما رفع العدد الإجمالي للمصابين إلى 475 ألفاً و674 شخصاً، في رقم قياسي جديد، وهو ثالث رقم قياسي خلال أسبوعين.
وعلى صعيد الوفيات، فإنها عادلت عددها القياسي الأخير، بتسجيل 235 حالة إضافية، وارتفعت بذلك حصيلة الضحايا إلى 27 ألفاً و192 شخصاً، حسب الأرقام المعلنة منذ 19 فبراير (شباط) الماضي.
ومع ارتفاع عدد الوفيات والإصابات، أظهرت بيانات وزارة الصحة ارتفاع عدد الوافدين إلى المستشفيات؛ إذ بلغ 1902 شخصاً، وأبلغت الوزارة عن 4167 حالة حرجة في غرف العناية المركزة.
وحتى الآن أجرت المختبرات الصحية الإيرانية 4 ملايين و151 ألف فحص تشخيص وباء «كوفيد19». وتشير الإحصائية الرسمية إلى شفاء 392 ألفاً و293 شخصاً منذ تفشي الجائحة في أنحاء البلاد.
وهذه الأرقام تعرضت مرات عدة للطعن، بسبب تباينات في تصريحات المسؤولين، وتقارير مستقلة من الهيئات الطبية الداخلية والدولية.
وأعرب عضو بالفريق العلمي في «اللجنة الوطنية لمكافحة (كورونا)»، في مقال نشرته صحيفة «اعتماد» الإيرانية، أمس، عن اعتقاده بأن عدد الوفيات اليومية «من الممكن أن يكون أكثر بكثير من العدد المعلن»، مشيراً إلى أن بلاده قد تكون مضطرة إلى إقامة مستشفيات متنقلة خلال الأيام المقبلة.
ولم يتغير مسار حركة الفيروس كثيراً على صعيد المحافظات الإيرانية الـ31. وأبقت وزارة الصحة على 26 محافظة في «الوضع الأحمر»، و4 محافظات في «حالة الإنذار».
وحضت لاري الإيرانيين على التزام البروتوكولات الصحية وتثمين جهود الطاقم الصحي الذين وصفتهم بـ«المدافعين عن الصحة في البزات الطبية».
ونقلت وكالات إيرانية عن رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، أنه ينوي إثارة القضايا الخاصة بإدارة «كورونا» في اجتماع مقرر اليوم مع الرئيس حسن روحاني ورئيس القضاء إبراهيم رئيسي.
وقال قاليباف، خلال جولة تفقدية بأحد مستشفيات طهران، أمس: «الإشراف المهمة الأساسية للبرلمان؛ والإشراف الميداني أحد وجوهها… لقد قررت الاطلاع على المشكلات من قرب».
ومن المفترض أن يجتمع قاليباف مع كبار المسؤولين الصحيين الأربعاء، معرباً عن أمله في التوصل إلى إجماع حول إدارة «كورونا»، بعد اجتماع اليوم وغداً.
وتتولى الحكومة الإيرانية إدارة جائحة «كورونا» عبر «اللجنة الوطنية لمكافحة (كورونا)» منذ الأسابيع الأولى للجائحة. ودعم «المرشد» الإيراني علي خامنئي قرارات اللجنة التي يرأسها الرئيس الإيراني بشكل غير مباشر، مرات عدة، لكن إدارة جائحة «كورونا» أثارت انتقادات واسعة من الأوساط الطبية وجهات مسؤولة أخرى وهيئات طبية والخبراء.
ويرفض الرئيس الإيراني فرض الحجر الصحي التام، ولم توافق حكومته سوى على سلسلة قيود فرضت على مراحل، وتم تخفيفها على مراحل، خلال الموجتين الأولى والثانية.
ومطلع هذا الأسبوع، قررت الحكومة إعادة فرض القيود، بعد أسابيع من دخول البلاد في الموجة الثالثة.
وعدّ رئيس لجنة مكافحة «كورونا» في طهران، علي رضا زالي، إحدى المشكلات الرئيسية في إدارة وتحجيم أزمة «كورونا»؛ «التأخر في اتخاذ القرارات الخاصة بطهران».
ونقلت صحيفة «همشهري» عن النائب في مدينة طهران، محسن بيرهادي: «ننتظر أن تعمل الأجهزة المسؤولة بتنسيق في أوضاع الأزمة».



قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
TT

قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)

قال قائد قوات «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي إن سوريا تمثل «درساً مريراً لإيران» و«ليست مكاناً للتدخل الأجنبي»، متوعداً إسرائيل بـ«دفع ثمن باهظ»، وذلك في ثالث خطاب له منذ سقوط بشار الأسد وانسحاب قواته من سوريا.

ودعا سلامي إلى استخلاص العبر مما حدث في سوريا؛ في إشارة إلى الإطاحة بنظام الأسد على يد قوى المعارضة، وكذلك القصف الإسرائيلي الذي تعرضت له سوريا، وقال: «سوريا درس مرير لنا، ويجب أن نأخذ العبرة».

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم بشار الأسد خلال الحرب، ونشرت قوات «الحرس الثوري» في سوريا لإبقاء حليفها في السلطة منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011.

ودافع سلامي مرة أخرى، عن تدخل قواته في سوريا. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن سلامي قوله، في هذا الصدد، «رأى الجميع أنه عندما كنا هناك، كان الشعب السوري يعيش بكرامة؛ لأننا كنا نسعى لرفع عزتهم».

وصرح سلامي في مراسم تقديم جائزة قاسم سليماني: «لم نذهب لضم جزء من أراضي سوريا إلى أراضينا، ولم نذهب لنجعلها ميداناً لتحقيق مصالحنا الطموحة».

وتطرق إلى الهجمات الإسرائيلية التي طالت مواقع الجيش السوري في الأيام الأخيرة بعد سقوط نظام بشار الأسد، وقال: «حين سقط النظام السوري، رأينا ما يحدث من أحداث مؤسفة. الصهاينة أصبحوا قادرين على رؤية ما بداخل بيوت أهل دمشق من دون الحاجة إلى أسلحة؛ وهذا أمر لا يمكن تحمله».

وقال: «الآن ندرك أنه إذا لم يصمد الجيش ولم تقاوم القوات المسلحة، فإن البلاد بأكملها قد تُحتل في لحظة»، وأعرب عن اعتقاده بأن «الناس في دمشق يفهمون قيمة رجال المقاومة، ويدركون كم هم أعزاء عندما يكونون موجودين، وكيف ستكون الكارثة إذا غابوا».

وأشار سلامي إلى تصريحات المرشد علي خامنئي بشأن سوريا قبل أيام، وقال: «كما قال قائدنا، فإن سوريا ستحرر على يد شبابها الأبطال، وستدفع إسرائيل ثمناً باهظاً، وستدفن في هذه الأرض».

ورأى أن هذا الأمر «يتطلب وقتاً وصموداً عظيماً وعزماً راسخاً وإيماناً جميلاً»، عاداً ذلك من صفات من وصفهم بـ«الشباب المجاهدين في العالم الإسلامي».

وقال سلامي: «نحن ندافع بحزم عن أمننا واستقلالنا ونظامنا ومصالحنا وتاريخنا وديننا. هذه الأرض ليست أرضاً يمكن للغرباء أن ينظروا إليها بنظرة غير لائقة».

وتحدث سلامي الأسبوع الماضي مرتين إلى نواب البرلمان وقادة قواته. وكان أول ظهور لسلامي الثلاثاء أمام المشرعين الإيرانيين في جلسة مغلقة، لم يحضرها إسماعيل قاآني، مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، ونقل نواب إيرانيون قوله إن إيران «لم تضعف» إقليمياً.

أما الخميس، فقد تحدث سلامي أمام مجموعة من قادة قواته، وقال: «البعض يّروج لفكرة أنَّ النظام الإيراني قد فقد أذرعه الإقليمية، لكن هذا غير صحيح، النظام لم يفقد أذرعه». وأضاف: «الآن أيضاً، الطرق لدعم (جبهة المقاومة) مفتوحة. الدعم لا يقتصر على سوريا وحدها، وقد تأخذ الأوضاع هناك شكلاً جديداً تدريجياً».

وتباينت رواية سلامي مع رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، الذي تحدث بدوره الخميس، عن «الاختلال في العمق الاستراتيجي للقوى المرتبطة بالجمهورية الإسلامية»، رغم أنه توقع أن يتمكن «حزب الله» من التكيف مع الظروف الجديدة.

جاءت تصريحات سلامي، الأحد، في وقت ركزت وسائل إعلام «الحرس الثوري» على حملتها في تبرير الوجود الإيراني خلال الحرب الداخلية السورية، وكذلك سقوط نظام بشار الأسد وتداعياته على إيران وأذرعها الإقليمية.

بعد صمت دام أكثر من 48 ساعة من قبل الإعلام الإيراني إزاء الاحتفالات التي عمت سوريا، وخصوصاً دمشق، بسقوط النظام، كما لم تنشر أي من الصحف الإيرانية صوراً على صفحاتها الأولى من الاحتفالات، أبرزت عدد من الصحف في المقابل آثار القصف الإسرائيلي على مواقع عسكرية سورية، وصوراً من كبار المسؤولين في تركيا، والمعارضة السورية.

على المستوى الرسمي ألقت إيران منذ أولى لحظات سقوط الأسد، اللوم على الجيش السوري، وتركيا والولايات المتحدة وإسرائيل في سقوط حليفها.

قاآني خلال تشييع الجنرال عباس نيلفروشان في طهران 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)

خالي الوفاض

قال النائب إسماعيل كوثري، مسؤول الملف العسكري في لجنة الأمن القومي، إن «بشار الأسد كان خالي الوفاض ولم يتمكن من كسب رضا الجيش».

وصرح كوثري، وهو قيادي في «الحرس الثوري»، بأن بشار الأسد «فشل في كسب دعم الجيش بسبب افتقاره للموارد وضعف الدعم، ما أدى إلى انهيار الجيش». وأكد أن الاتصال مع إيران استمر حتى اللحظة الأخيرة، لكن بعض المحيطين بالأسد، مثل رئيس الوزراء وبعض قادة الجيش، عرقلوا هذا التواصل.

وأوضح كوثري أن سوريا كانت نقطة عبور وطريقاً مهماً لدعم «حزب الله»، ولكن بعد رفض الحكومة السورية السماح بالدخول، لم تتمكن إيران من التدخل بالقوة. وأضاف أنه خلال فترة «داعش»، دخلت إيران سوريا بناءً على طلب رسمي وساهمت في القضاء على التنظيم، ما حال دون تمدده نحو الحدود الإيرانية.

وتحدث عن الوضع الحالي، مشيراً إلى أن سوريا ما زالت تحت سيطرة «الكيان الصهيوني وأميركا وعملائهم». وبشأن المستقبل، توقع ظهور خلافات «بين القوى التي اجتمعت بأموال أميركية»، مما سيدفع الشعب السوري إلى إدراك الخداع والبحث عن جهات قادرة على تحقيق الأمن وتحسين الاقتصاد.

ملصقات تحمل صورة زاهدي ونائبه محمد هادي حاجي رحيمي خلال مجلس عزاء في السفارة الإيرانية بدمشق أبريل الماضي (أ.ف.ب)

خسائر «الحرس الثوري»

في سياق متصل، قال الجنرال مهدي فرجي، الذي شارك في الحرب السورية، في حديث لوكالة «فارس»، إن إيران بدأت في إرسال القوات «الاستشارية» منذ 2011، مشدداً على ضرورة «تفسير الأوضاع التي كانت في سوريا حينذاك».

وبرر فرجي وجود إيران بظهور تنظيم «داعش» ومنع وصولها إلى حدود إيران. وأشار إلى دور مسؤول العمليات الخارجية السابق قاسم سليماني، الذي قضى في ضربة أميركية مطلع 2020، وقال: «تنسيق الجيش السوري كان عملاً ذا قيمة كبيرة، حينها لم يكن الجيش السوري ملوثاً إلى هذا الحد، ولكن خلال هذه السنوات العشر، أصبح تأثير العدو على الجيش السوري كاملاً».

كما أشار فرجي إلى الدعم الذي قدمه الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد إلى طهران، في الحرب الإيرانية - العراقية في الثمانينات قرن الماضي. وقال: «لقد أرسلت ذخائر بناء على أمر حافظ الأسد»، ونقل عن بشار الأسد قوله: «حافظ الأسد أوصى ابنه بشار قائلاً: طالما أنكم مع إيران، فأنتم موجودون».

وقال فرجي إن الشباب تحت الـ30 شكلوا 90 في المائة من القوات الإيرانية، ونحو 10 في المائة من المحاربين القدامى في حرب الثمانينات؛ في إشارة إلى قادة «الحرس».

وقال إن «الشباب شكلوا أكثر من 90 في المائة من 540 قتيلاً في الدفاع عن الأضرحة».

وهذه أول مرة قيادي من «الحرس الثوري» يشير إلى مقتل أكثر 500 إيراني في الحرب السورية. وهي نسبة أقل بكثير مما أعلنه نائب إيراني الأسبوع الماضي عن مقتل أكثر من ستة آلاف.

وقال النائب محمد منان رئيسي، وهو مندوب مدينة قم، إن إيران خسرت 6000 من قواتها في الحرب الداخلية السورية. وهي أعلى إحصائية يكشف عنها مسؤول إيراني لعدد قتلى القوات التي أطلق عليها مسؤولون إيرانيون اسم «المدافعين عن الأضرحة».

وتعود أعلى إحصائية إلى 2017، عندما أعلن رئيس منظمة «الشهيد» الإيرانية محمد علي شهيدي، مقتل 2100 عنصر من القوات الإيرانية في سوريا والعراق.

ويرفض «الحرس الثوري» تقديم إحصائيات واضحة عن خسائره البشرية والمادية.