«فتح» تبحث مع فصائل فلسطينية في سوريا التفويض للانتخابات

الرجوب تحدث عن مساعٍ لتشكيل حكومة ائتلاف وطني بعد الاقتراع

فلسطينيات تظاهرن في غزة أمس دعماً لذويهن المسجونين لدى إسرائيل (أ.ف.ب)
فلسطينيات تظاهرن في غزة أمس دعماً لذويهن المسجونين لدى إسرائيل (أ.ف.ب)
TT

«فتح» تبحث مع فصائل فلسطينية في سوريا التفويض للانتخابات

فلسطينيات تظاهرن في غزة أمس دعماً لذويهن المسجونين لدى إسرائيل (أ.ف.ب)
فلسطينيات تظاهرن في غزة أمس دعماً لذويهن المسجونين لدى إسرائيل (أ.ف.ب)

وصل وفد من حركة «فتح» الفلسطينية إلى سوريا أمس، للقاء مسؤولين سوريين وممثلي 5 فصائل فلسطينية موجودة في سوريا، للاتفاق على آلية إجراء انتخابات في الأراضي الفلسطينية.
وقال أمين سر اللجنة المركزية لحركة «فتح» جبريل الرجوب الذي وصل إلى دمشق إلى جانب عضو اللجنة المركزية روحي فتوح، وانضم إليهما هناك عضو «المركزية» الآخر سمير الرفاعي، إن الوفد سيجري حوارات مع عدد من الفصائل الوطنية لاستكمال جهود إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية. وأضاف أن «الحوارات ستكون مع حركة (الجهاد الإسلامي)، و(الجبهة الشعبية- القيادة العامة)، و(الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين)، و(الجبهة الديمقراطية)، إضافة إلى (منظمة الصاعقة)». وأردف: «نريد إنضاج ظروف الدعوة إلى الانتخابات». وأكد الرفاعي أن الوفد سيلتقي أيضاً مسؤولين سوريين، بهدف بحث التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية والمصالحة كذلك.
وتسعى حركة «فتح» بعد اتفاقها الأخير مع حركة «حماس» إلى الحصول على تفويض واضح من كافة الفصائل الوطنية والإسلامية، للرئيس محمود عباس، من أجل إصدار مرسوم رئاسي بالدعوة إلى الانتخابات.
وكانت «فتح» و«حماس» قد اتفقتا في إسطنبول الأسبوع الماضي على إجراء انتخابات متدرجة في غضون 6 أشهر، ثم أقرت قيادة الحركتين هذا الاتفاق، على أن يجري اتفاق أوسع مع الفصائل الفلسطينية، من أجل إصدار مرسوم الانتخابات، يتلوه حوار وطني شامل في العاصمة المصرية القاهرة، لمناقشة «آليات وقانون ومرجعية الانتخابات».
وسيجري الفلسطينيون أولاً انتخابات تشريعية، تليها انتخابات رئاسية، ثم انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني التابع لمنظمة التحرير.
وقال الرجوب إن «فتح» أبلغت «حماس» رغبتها في تشكيل حكومة ائتلاف وطني بعد الانتخابات، مؤكداً أن قرار إنجاز الشراكة الوطنية هو قرار استراتيجي، كجزء من الالتزام تجاه مخرجات اجتماع الأمناء العامين، بما في ذلك بناء قيادة وطنية موحدة، والتمسك بمنظمة التحرير.
ولا يعتقد أن تجد «فتح» أو «حماس» معارضة من بقية الفصائل لإجراء الانتخابات؛ لكن ثمة عقبات تتعلق بالموقف الإسرائيلي من هذه الانتخابات، وإلى أي حد يمكن أن تتدخل إسرائيل لعرقلتها. وقال الرجوب إن واشنطن وتل أبيب تمارسان ضغوطاً لإفشال جهود تحقيق الوحدة الوطنية و«قتل أي أمل في حياتنا».
والعام الماضي رفضت إسرائيل السماح للفلسطينيين بإجراء انتخابات في القدس، على الرغم من الوساطات الكثيرة حول الأمر. ويصر الفلسطينيون على إجراء الانتخابات في القدس، على اعتبار أنها عاصمة الدولة الفلسطينية العتيدة، وليست عاصمة إسرائيل كما تقول تل أبيب وواشنطن.
وقال عضو المكتب السياسي لـ«حماس» حسام بدران، إن هناك توافقاً بين «فتح» و«حماس»، وكافة الفصائل، حول ضرورة إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني، في كافة المحافظات؛ خصوصاً في القدس، بهدف ترتيب البيت الفلسطيني، تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية، باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. وأضاف بدران في حديث لإذاعة «صوت فلسطين»، الرسمية، أمس، أن «هناك استحقاقات لا بد من العمل عليها لتوحيد المؤسسات الفلسطينية وإعطاء أمل حقيقي». وتابع: «إن شعبنا وحده من يختار قيادته وبرنامجه السياسي».
وأوضح أن اللقاءات والحوارات الثنائية بين «فتح» و«حماس»، ليست بديلة عن لقاءات كافة الفصائل، مؤكداً أن «حماس» تواصلت مع الفصائل في الوطن والخارج، بهدف الاتفاق على إنهاء الانقسام، وبحث سبل مواجهة «صفقة القرن» وانتهاكات الاحتلال والضم والتطبيع، وكافة التحديات التي تواجهها القضية الفلسطينية. 
وعن التحديات التي قد تهدد إجراء الانتخابات، قال بدران: «نحن موحدون في مواجهة الاحتلال الذي يهدد إتمام العملية الانتخابية؛ خصوصاً في القدس، من خلال التدخل أو الاعتقال أو حتى الحواجز، وإن وحدتنا هي الصخرة الوحيدة التي ستتكسر عليها كل المؤامرات وإجراءات الاحتلال».
يُذكر أن آخر انتخابات للمجلس التشريعي الفلسطيني أجريت في عام 2006، بعد انتخابات جرت في عام 1996، كما جرت انتخابات رئاسية في عام 2005، ثم توقف كل شيء بعد ذلك بسبب سيطرة «حماس» على قطاع غزة عام 2007.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.