نتنياهو يلوّح بالانتخابات رداً على دعاة إسقاطه

بعد انضمام نجل شارون إلى منتقديه وتصعيد شعار «ارحل»

جانب من مظاهرة مناهضة لنتنياهو وسياسته في التصدي لـ«كورونا» في تل أبيب (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرة مناهضة لنتنياهو وسياسته في التصدي لـ«كورونا» في تل أبيب (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو يلوّح بالانتخابات رداً على دعاة إسقاطه

جانب من مظاهرة مناهضة لنتنياهو وسياسته في التصدي لـ«كورونا» في تل أبيب (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرة مناهضة لنتنياهو وسياسته في التصدي لـ«كورونا» في تل أبيب (أ.ف.ب)

هدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بفرط التحالف مع حزب «كحول لفان» وتقريب موعد الانتخابات، وذلك في أعقاب انضمام نجل رئيس الوزراء الأسبق آرييل شارون إلى منتقديه وتصعيد الحملة الجماهيرية ضده شعار «ارحل».
وقال رئيس كتل الائتلاف البرلمانية، ميكي زوهر، إن «مسؤوليتنا الوطنية تمنعنا من التوجه لانتخابات في ظل أزمة (كورونا). لكن ما دامت الولايات المتحدة تجري انتخاباتها كالمعتاد في هذه الظروف، فيمكننا نحن أيضاً أن نقدم على انتخابات كهذه».
وأضاف زوهر، الذي يعد من أقرب المقربين من نتنياهو، أن الحملة التي تطالب نتنياهو بأن يرحل «تتجاهل أنه انتخب في انتخابات ديمقراطية عبر فيها أكثر من مليوني ناخب عن رغبتهم في رؤيته رئيس حكومة. إنهم يريدون إسقاطه من دون انتخابات. نحن نقبل بالتحدي ومستعدون لخوض الانتخابات فوراً، ليحسم الشعب رأيه». وأعرب زوهر عن قناعته بأن «نتنياهو رئيس حكومة ليس جيداً؛ بل ممتاز، وهو أفضل بعشرات الأضعاف ممن يطمحون إلى الحلول مكانه».
وكان جلعاد شارون، نجل رئيس الوزراء الأسبق، قد خرج بمقال يتهم فيه رفاقه في حزب «الليكود» بـ«الجبن والخنوع»، «لأنهم يعرفون أن نتنياهو رجل سيئ ولكنهم يخافون من مواجهته». وقال إن «(الليكود) أهم حزب ديمقراطي في إسرائيل. له تقاليد عريقة في الوطنية. قادته وضعوا دائماً مصلحة الوطن فوق مصلحة الحزب، ومصلحة الحزب فوق مصالحهم الشخصية. واليوم يوجد مفهوم مقلوب للقيادة. لدينا قائد يضع مصلحته الشخصية فوق مصلحة الوطن والحزب. والجميع يعرفون ذلك؛ ولكنهم يصمتون. الخوف يأكلهم؛ لأنه إذا تجرأ أحدهم وتفوه بكلمة، فسيتهمونه باليسارية والخيانة ويطردونه من صفوف الحزب. هذا وضع مأساوي يهدد ليس (الليكود) وحده؛ بل الحياة الديمقراطية برمتها».
وخرجت صحيفة «يديعوت أحرونوت» بمقال افتتاحي، نشرته بالنصف الأعلى من صفحتها الأولى، يتهم نتنياهو بالإهمال المفرط في معالجة «كورونا» وتداعياتها الاقتصادية، وقالت إن انتشار الفيروس يجري بسبب «فقدان الجمهور الثقة بالقيادة، وذلك بسبب نتنياهو وتفضيله مصلحته الشخصية على المصلحة الوطنية العليا».
وقرر قادة حملة «ارحل» تصعيدها، فوزّعوا مئات آلاف اللافتات التي تحمل كلمة واحدة: «ليخ (ارحل)»، على المتظاهرين في 340 نقطة بجميع أنحاء البلاد. ودعوا إلى الامتناع عن رفع أي شعار آخر، حتى يتم توحيد كل من يعارض نتنياهو بغض النظر عن الأسباب.
وبعد أن استقال وزير السياحة إساف زمير من الحكومة احتجاجاً على سياستها الفاشلة، كشف النقاب عن احتمال استقالة وزير آخر من قادة «كحول لفان»، هو وزير العلوم يزهار شاي، وذلك بعد أن سمع ينتقد نتنياهو بشدة ويقول: «لقد أقمنا حكومة وحدة مع (الليكود) في 17 مايو (أيار) الماضي، بكثير من الأمل والتفاؤل بتحقيق هدفها المركزي محاربة (كورونا).
وكان الجمهور جائعاً لقيادة مسؤولة ومتراصة الصفوف في ذروة وباء (كورونا) اللعين، آملين أن تخرج الدولة من أزمة هائلة ألمت بها. أقام نتنياهو وبيني غانتس حكومة متساوية من أجل الجمهور في إسرائيل. غير أن كل شيء بقي على الورق. بعد 5 أشهر من تشكيلها، يبدو أن الناس فقدوا الأمل بها. نتنياهو مشغول بقمع المظاهرات». ورد نجل نتنياهو، يائير، على هذه الأجواء قائلاً إن «الانتخابات باتت ضرورة حتمية. هم يرفعون شعار (ارحل) وعليهم أن يضيفوا عبارة أخرى: (اذهب إلى الانتخابات)، علينا أن نذكرهم بأننا دولة ديمقراطية الشعب فيها يقرر وليس الموظفون».
ومعروف أن نتنياهو كان متحمساً للانتخابات فور تشكيل الحكومة. وقد بدأ يتنكر لبنود الاتفاق الائتلافي من اللحظة الأولى، لكنه تراجع عن ذلك بسبب نتائج استطلاعات الرأي التي تبين أن شعبيته تتضاءل وأنه في حال إجراء الانتخابات اليوم فسيخسر 7 أو 8 مقاعد لصالح اتحاد أحزاب اليمين المتطرف «يمينا»، بقيادة نفتالي بنيت. ويقول مقربون منه إنه ما زال يفضل بيني غانتس شريكاً له في الحكم على أن يأخذ شريكا متعباً مثل بنيت. وهو يرى الفرق بينهما شاسعاً، ويسمي غانتس «الشريك المريح» مقابل تسمية بنيت «الشريك المتعب».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم