محتجون يغلقون ميناء بورتسودان اعتراضاً على اتفاق السلام

وزير الإعلام لـ «الشرق الأوسط»: نوازن بين حفظ الأمن والتفاوض

ميناء بورتسودان على البحر الأحمر (رويترز)
ميناء بورتسودان على البحر الأحمر (رويترز)
TT

محتجون يغلقون ميناء بورتسودان اعتراضاً على اتفاق السلام

ميناء بورتسودان على البحر الأحمر (رويترز)
ميناء بورتسودان على البحر الأحمر (رويترز)

في تصاعد خطير للأوضاع في شرق السودان، أغلق محتجون الميناء الرئيسي في بورتسودان، والطريق الرئيسي الذي يربط شرق السودان بالعاصمة الخرطوم، احتجاجاً على اتفاق السلام في الشرق الذي وقعته الحكومة الانتقالية مع فصيل من الإقليم. كما اغتيل ضابط شرطة بمدينة هيا من قبل مجموعة كانت تحاول اقتحام مقر إحدى شركات البترول بالمنطقة.
وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة السودانية وزير الإعلام والثقافة، فيصل محمد صالح، لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة تحاول حل المشكلة عبر الحوار والتفاوض، ولا تفضل اللجوء إلى أي وسائل أخرى. ومع ذلك، ستقوم بواجبها في حفظ الأمن، وحماية أرواح الناس والممتلكات العامة للدولة. وأوضح أن الحكومة أبلغت مكونات شرق السودان بأن ما تم الاتفاق عليه في جوبا لا يمثل كل الإقليم، وأنه سيتم عقد مؤتمر لشرق السودان، تدعو إليه القوى السياسية والمجتمعية وتعرض عليهم الاتفاق، وما إذا كان يحتاج إلى استكمال في بعض جوانبه.
وأكد صالح أن الحكومة لم تقل إن من شاركوا في المفاوضات التي جرت في منبر جوبا، عاصمة جنوب السودان، يمثلون كل شرق السودان، ولا هم يستطيعون ادعاء ذلك، مضيفاً سنعرض الاتفاق في المؤتمر الخاص بالشرق، لأخذ تحفظاتها على ما تم التوصل إليه في الاتفاق.
ومن جهة ثانية، قال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن أعداداً محدودة من المحتجين أغلقوا الجزأين الشمالي والجنوبي لميناء بورتسودان وميناء سواكن وميناء بشائر، مما أدى إلى شلل تام في حركة الصادر والوارد من وإلى البلاد. وذكر شهود العيان أن المجموعات تنتمي لقومية «البجا» التي تعد من القبائل الكبرى الممتدة بشرق السودان، وتعارض قيادتها الأهلية الاتفاق الموقع مع مجموعة أخرى تنتمي أيضاً للإقليم. وطالبت قيادات سياسية بالإقليم من قومية البجا الحكومة بإلغاء الاتفاق فوراً، والجلوس مع المكونات السياسية والمجتمعية لمناقشة قضايا شرق السودان مجتمعة.
كانت الحكومة الانتقالية في السودان قد وقعت، السبت الماضي، على اتفاق سلام نهائي، شمل مسار خاص بالسلام في إقليم شرق البلاد مع مجموعة تسمى «الجبهة الثورية بشرق السودان». وقالت مصادر بمدينة بورتسودان إن الحركة داخل المدينة عادية، وإن هنالك تبرماً وسط المواطنين من التصعيد الذي تسبب في تعطل العمل بالميناء.
وأشارت المصادر إلى أن المحتجين أغلقوا الموانئ والطريق الرئيسي الذي يربط شرق السودان بالعاصمة الخرطوم، بإشعال إطارات السيارات وإغلاق الطرق بالحجارة الكبيرة، إلا أن قوات الشرطة لم تتلقَ إذناً من الحكومة في الخرطوم بالتدخل.
وخلال الأشهر الماضية، شهدت مدينة بورتسودان صدامات ذات طابع قبلي بين المجموعات السكانية بالإقليم، استخدمت فيها الأسلحة النارية والبيضاء، وأوقعت عشرات القتلى والجرحى وخسائر في الممتلكات. وكانت الحكومة قد اتخذت إجراءات أمنية صارمة، بإرسال قوات مشتركة من الجيش وقوات الدعم السريع والشرطة، لضبط الأمن وملاحقة المتفلتين.
وشهدت مدينة كسلا بشرق السودان، الشهر الماضي، أعمال عنف واضطرابات أمنية واسعة، على خلفية رفض ناظر قبيلة «الهدندوة»، محمد الأمين، تعيين الحكومة حاكم لولاية كسلا ينتمي لقبيلة «البني عامر». وكانت السلطة الانتقالية في السودان، ممثلة في رئيسي مجلسي السيادة والوزراء، قد عقدت اجتماعات مكثفة مع قيادات الإدارة الأهلية بشرق السودان لتجاوز الخلافات حول تعيين الولاة، وملف مسار الشرق في المفاوضات، إلا أن المشاورات لم تفلح في تجاوز الخلافات.
ومن جانبه، قال رئيس حزب مؤتمر البجا القومي، شيبة ضرار، إن المجموعات الرافضة لاتفاق شرق السودان تطالب الحكومة بتجميده فوراً، وإقالة والي كسلا، ولوح بمواصلة التصعيد بالوسائل السلمية لحين استجابة الحكومة لمطالب أهل الشرق.
وأضاف أن المجموعة التي وقعت على اتفاق السلام باسم شرق السودان لا يمثلون إلا أنفسهم، وقطع بعدم السماح لهم بأن تطأ أقدامهم شرق السودان، وأشار إلى أنهم أغلقوا كل الموانئ، ولن يتراجعوا عن التصعيد إلى أن تجلس الحكومة في حوار مع أصحاب الحقوق بالإقليم، والأخذ برؤيتهم في القضايا والمشكلات التي تواجه شرق السودان.
ومن جهته، قال أحد قيادات شرق السودان، علي منيب، إن الاتفاق لا قيمة له، ولن يجد الاعتراف من أهل الإقليم، مضيفاً أن الحكومة تجاهلت مطالبهم، ووقعت اتفاق سلام مع مجموعة لا تملك تفويضاً لتمثل شرق السودان. وأشار إلى أن القيادات الأهلية بالإقليم ذهبوا إلى الخرطوم أكثر من مرة، والتقوا كل المسؤولين بالحكومة لبحث قضايا الإقليم، إلا أنهم لم يجدوا استجابة. وقال سنواصل التصعيد بكل الوسائل السلمية الممكنة، ولن نتراجع عن إغلاق الميناء إلى أن تلتفت الحكومة الاتحادية في الخرطوم لقضايا لشرق السودان.
وكان المجلس الأعلى لزعماء البجا قد عقد الأسبوع الماضي مؤتمراً، خرج بتوصية منح شرق السودان حق تقرير المصير بحدوده التاريخية. ووقعت الحكومة السودانية والجبهة الثورية المتحدة لشرق السودان، في فبراير (شباط) الماضي، على اتفاق مسار الشرق الذي نص على تخصيص 30 في المائة لكل من «مؤتمر البجا» المعارض و«الجبهة الشعبية» لتتمثلان على المستويين التشريعي والتنفيذي في ولايات الشرق الثلاث.
وشمل الاتفاق كذلك إنشاء صندوق إعمار يمول محلياً، وبنك أهلي يستقطب تمويلاً من الداخل والخارج، وإقامة مشروعات تنموية تزيل التهميش بالإقليم.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.